عدد الابيات : 52
سَنَحْمِي مَجْدَنَا مَهْمَا تَعَالَى
نَشِيجُ الْحُزْنِ فِي لَيْلِ الْوَسَّامَة
وَنَكْتُبُ فِي الدُّجَى أَمَلَ اللَّيَالِي
وَنَرْسُمُ فَجْرَنَا مَجْدَ الْأَيَّامَة
فَلَنْ تُطْفِئَ رِيَاحُ الْقَهْرِ نَارًا
وَقَّدَتْ فِينَا مَوَاقِدَ لِلْعَزَامَة
هُنَا قَدْ زُلْزِلَ التَّارِيخُ طَوْعًا
وَخَرَّ الْعُهْرُ مِنْ أَعْلَى الدَّهَامَة
دِمَشْقُ، وَقَدْ كَتَبْنَا فِي هَوَاهَا
عُهُودَ الصِّدْقِ بِالنَّارِ الْحِمَامَة
سَكَنَّا فِي لَظَى الْآهَاتِ صَبْرًا
وَمَا وَهَنَتْ عَزِيمَتُنَا بِإِقْدَامَة
وَسَرَّحْنَا عَلَى الْجُرْحِ الْبَوَاقِي
تُغَنِّي فِي الضُّلُوعِ مِنَ الْحَزَّامَة
فَمَا غَابَتْ دِمَشْقُ عَنِ التِّلَالِ
وَلَا خَمَدَتْ عَلَى الشَّفَةِ الْحَكَّامَة
نَقُومُ إِذَا اشْتَكَى التَّارِيخُ ظُلْمًا
وَنَكْسِرُ سَطْوَةَ الطُّغْيَانِ حَامَة
نَقَشْنَا فِي عُرُوقِ الدَّهْرِ وَعْدًا
بِأَنْ تَبْقَى لَنَا رَغْمَ الْأُمَامَة
صَبَرْنَا وَاللَّيَالِي لَا تُبَالِي
وَجَاهَدْنَا بِصَمْتٍ وَابْتِسَامَة
رَسَمْنَا الْمَجْدَ فِي وَجْهِ الْمِحَنِّ
وَمُذْ كَانَ الصَّدَى صِرْنَا الْخَتَّامَة
بِلَادُ الْعِزِّ يَا أَرْضَ الْبُطُولَاتِ
وَيَا شَمْسًا تُضِيءُ بِكُلِّ هَامَة
هُنَا الْأَحْرَارُ سَطَّرُوا الْمَعَالِي
بِأَنْفَاسِ الْجِهَادِ وَالشَّهَامَة
هُنَا أُمُّ الْمَجْدِ، الشَّامُ الْمُفَدَّى
هُنَا التَّارِيخُ مَذْبُوحُ الظَّلَامَة
أَيَا أُمِّي، إِذَا نَامَتْ جِرَاحُكِ
فَقُومِي أَنْتِ رَمْزٌ لِلْقِيَامَة
وَلَوْ طَافَتْ عَلَى جَنْبَيْكِ نَارٌ
فَمَا طَأْطَأْتِ رَأْسًا لِلنَّدَامَة
صُمُودُكِ فِي اللَّيَالِي كَانَ فَجْرًا
يَطُلُّ الْآنَ مِنْ فَمِ كُلِّ قَامَة
بِلَادِي، إِنَّ فِيكِ الْمَوْتُ يَحْيَا
وَفِيكِ تَعُودُ أَنْفَاسُ السَّلَامَة
فَكُونِي مِثْلَمَا كُنْتِ افْتِخَارًا
وَجُرْحُكِ سَوْفَ يُخْتَمُ الْوِسَامَة
لِأَنَّكِ يَا دِمَشْقُ نَبْعُ رُوحِي
وَفِيكِ عَزَفْتُ أَشْوَاقِي الدِّعَامَة
دُمُوعُكِ لَمْ تَكُنْ ضَعْفًا وَلَكِنْ
حِجَارَةَ جَمْرِ نَارٍ تَثُورُ بُرْكَانَة
وَآهُكِ لَمْ تَكُنْ شَكْوَى وَهَزْمًا
وَلَكِنْ صَرْخَةَ الْمَجْدِ الْيَتَامَة
تَنَامُ الشَّمْسُ فِي كَفَّيْكِ طِفْلًا
وَتَنْهَضُ فِي جَبِينِكِ كَالْكَرَامَة
إِذَا مَا الْحَرْبُ لَاحَتْ فِي الدَّيَاجِي
نَهَضْتِ لَهَا كَأَنَّكِ فِي الْإِمَامَة
دِمَشْقُ، وَفِي دُرُوبِكِ مَاتَ صَبْرِي
فَعُدْتُ إِلَيْكِ أَسْكُبُ الرَّحَّامَة
هَوَاكِ الرِّيحُ فِي صَدْرِي، وَنَبْضِي
يَدُقُّ عَلَى الْجِرَاحِ يَا لِلْحِزَامَة
وَمِنْ حَلَبٍ إِلَى دَرْعَا نِدَاءٌ
يُلَبَّى بِالدِّمَاءِ وَبِالْحُسَامَة
وَمِنْ إِدْلِبْ إِلَى الْحَسَكَةِ عِشْقٌ
يَضُمُّ تُرَابَنَا طُهْرَ النَّدَامَة
فَلِي قَمَرٌ بِصَدْرِكِ يَا بِلَادِي
يُضِيءُ إِذِ اخْتَفَتِ الْعَلَامَة
أَنَا سُورِيٌّ، لِي فِي الْأَرْضِ عَرْشٌ
وَإِنْ عَانَيْتُ الْقَهْرَ وَالْمَلَامَة
فَإِنِّي لَا أَبِيعُ هَوَاكِ يَوْمًا
وَقَطَّعُوا يَدَيَّ بِالصَّمْصَامَة
سَأَبْقَى فِي هَوَاكِ وَذَا فَخَارِي
أَنَا الْمَخْتُومُ بِالنُّورِ الْهِمَامَة
فَمَا أَوْهَتْ عَوَاصِفُهُمْ عَزُومِي
وَلَا خَابَتْ رُؤَايَ وَلَا كِلَامَة
أَنَا ابْنُ الشَّامِ إِنْ نَادَى الْمُنَادِي
لَبَّيْكِ، الشَّامُ تَاجُكِ بِالْعِمَامَة
وَإِنْ غَابَتْ حَضَارَاتٌ وَشُعُوبٌ
فَشَمْسُكِ لَا تَغِيبُ الزَّعَامَة
وَفِيكِ السَّيْفُ يَزْهُو بِالْبَيَارِقِ
وَفِيكِ الشِّعْرُ يَسْكُنُهَا الْفَخَامَة
دِمَشْقُ، إِلَيْكِ أَرْوَاحُ الْعُرُوبَةِ
تَهِيمُ عَلَى ثَرَاكِ بِكُلِّ غَرَامَة
فَكُونِي، يَا مَلِيكَةَ كُلِّ فَجْرٍ،
سِنَاءَ الْمَجْدِ فِي دَهْرِ الْغَمَامَة
وَعُودِي، أَنْتِ لِلْمَيْدَانِ نُورٌ
وَعَهْدُكِ لَا يَزُولُ، وَلَا اسْتِسْلَامَة
فَأَنْتِ الْمَجْدُ إِنْ ضَاقَتْ خُطَاهُ
وَأَنْتِ السَّطْرُ فِي سِفْرِ الشَّهَامَة
وَأَنْتِ الْجُرْحُ إِنْ لَاحَتْ رُؤَاهُ
يُعَلِّمُنَا الصُّمُودَ عَلَى الْكَرَامَة
نَقَشْتِ عَلَى الْجِرَاحِ حُرُوفَ فَخْرٍ
تُلَوِّنُ فِي الْمَدَى وَجْهَ الْحَمَامَة
كَأَنَّكِ فِي الدُّجَى بَدْرُ اللَّيَالِي
يُصَلِّي حَوْلَكِ الْفَجْرُ بِالْإِقَامَة
يُبَارِكُكِ الْإِبَاءُ بِكُلِّ أَرْضٍ
وَتَسْكُنُكِ الْبُطُولَةُ فِي الْوِسَامَة
فَكُلُّ الْحُلْمِ أَنْ نَبْقَى شُمُوسًا
تُزَيِّنُ فِي الدُّجَى تَاجَ الزَّعَامَة
نَشِيجُ الْحُزْنِ فِي لَيْلِ الْإِقَامَة
وَنَرْسُمُ فَجْرَنَا فَوْقَ الْخُزَّامَة
عُهُودَ الصِّدْقِ بِالنَّارِ الصَّمَامَة
148
قصيدة