عدد الابيات : 23
كِلِينِي لِشَوْقٍ يَا سُرَارَةُ مُتْعِبِ
يُذِيبُ فُؤَادِي بِاللَّيَالِي الْمُعْجَبِ
تَطَاوَلَ لَيْلِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّهَا
عُيُونُ رَقِيبٍ لَا تَنَامُ وَلَا تُغَارِبِ
وَصَدْرٌ كَئِيبٌ ضَاقَ حَتَّى كَأَنَّهُ
يُنَاجِي الْأَسَى بِالصَّدْرِ مُسْتَعْذِبِ
وَلَيْلٌ كَأَنَّ السَّيْفَ فِي كُلِّ نَاصِعٍ
يُسَافِرُ فِي جَوْفِ الظَّلَامِ الْمُرْهِبِ
فَإِنِّي أُحِبُّ الْحُسْنَ حُبًّا مُجَلْجِلًا
يُضِيءُ دُجَى الْقَلْبِ الْمُحِبِّ الْمُعَذَّبِ
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْهَا الْمَهَا وَالسِّحْرُ تَفَتُّنًا
يُعِيدُ سَنَا الشَّمْسِ الْمُضِيءِ الْمُذَهَّبِ
تُحَلِّقُ فِي عَيْنِي فَأُبْصِرُ جَنَّةً
يُحَلِّي نَدَاهَا الْحُلْمَ عَهْدِ الْمُطَيَّبِ
فَمُهَا الْعَسَلِيُّ الْمُسْتَضَاءُ كَأَنَّهُ
شُعَاعُ صَبَاحٍ فِي النُّسَيْمِ الْمُهَذَّبِ
وَوَجْهٌ كَذَاكَ الْبَدْرِ يُومِضُ بَاسِمًا
وَيَسْكُنُهُ سِحْرُ الْجَمَالِ الْمُرَحَّبِ
وَحُبُّكِ نَارٌ فِي الضُّلُوعِ تُؤَجَّجُ
وَيَأْبَى لَهَا الصَّبْرُ بِعَقْلٍ مُرَوَّبِ
أُجَافِي وَلَكِنِّي أُعَاوِدُ وَكَأَنَّنِي
طَرِيدُ الْغَرَامِ لَا يُطِيقُ التَّغَرُّبِ
فَهَلْ بِاللِّقَاءِ السِّحْرُ يَشْفِي مُتَيَّمًا
تَفَتَّتَ شَوْقًا بِالدُّمُوعِ الْمُذَيَّبِ
وَلَكِنْ تَذَكَّرْتُ الرِّجَالَ وَفَضْلَهُمْ
فَأَثْنَيْتُ فِي الْعِزِّ النَّبِيلِ الْمُعَرَّبِ
سُيُوفُهُمُ الْبِيضُ الْمُهَنَّدُ زُخْرُفٌ
تُحَلِّي صَفَائِحَهُ الدِّمَاءُ الْمُصَوَّبِ
يَسِيرُونَ فِي جَوْفِ الْوَغَى كَأَنَّهُمْ
أُسُودٌ تَلَاقَتْ فِي الطِّعَانِ الْمُجَلَّبِ
وَإِنْ قَالَ سَيِّدُ الْقَوْمِ إِنَّا نُفَاخِرٌ
تَبِعْنَاهُ فَخْرًا فِي الْمَدِيحِ الْمُرْهِبِ
وَلَا الْعَيْبُ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي حُرُوبِهِمْ
يَرَوْنَ الْمَنَايَا أَجْنِحًا لِلْمُهَذَّبِ
وَلَا الْعَيْبُ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي صَنِيعِهِمْ
كِرَامٌ يُطِيبُونَ الضَّعِيفَ الْمُتَعَبِ
يُجِيرُونَ جَارًا إِنْ أُصِيبَ بِجَوْرِهِ
وَيَحْمُونَ ضَعْفًا بِالسُّيُوفِ الْمُرَكَّبِ
هُمُ السُّؤْدَدُ الْعَالِي وَنُورُ جَلَالِهِمْ
يُضِيءُ الدُّجَى بِالْمُكْرُمَاتِ الْمُعَطَّبِ
إِذَا مَا دَعَتْهُمْ لِلْحُرُوبِ كَرَامَةٌ
رَأَيْتَ لَهُمْ فِي السَّيْفِ رَأْيَ الْمُقَرَّبِ
وَإِنْ شِئْتَ فَاسْأَلْ عَنْ مَآثِرِ فَضْلِهِمْ
تَجِدْهُمْ عَلَى الدَّهْرِ الْأَعَزَّ الْمُهَوَّبِ
فَدُومُوا عَلَى الْعَهْدِ الْمَكِينِ فَإِنَّكُمْ
بِكُمْ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِالنُّورِ الْمُشَهَّبِ
148
قصيدة