عدد الابيات : 101
طباعةقِفَا نَبْكِ لِذِكْرَى الْجَمَالِ الْمُجَلْجَلِ
فَمَا كُنْتُ إِلَّا سَاهِيًا فِي التَّمَثُّلِ
وَمَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُعَانِيَ فِتْنَةً
تُعَاشَى بِعَيْنِي دُونَ طَيْفٍ مُخَلْخَلِ
سَأَلْتُ الْهَوَى: هَلْ مِثْلُ سَارَةَ طَلْعَةٌ؟
فَقَالَ: أَلَا فَاخْشَ الْمَلَامَةَ وَاسْأَلِ
تَمَنَّعَتِ الْأَوْصَافُ قَبْلَ وُرُودِهَا
فَلَمْ تَبْقَ إِلَّا فِي فُؤَادِيَ مَنْزِلِي
تَأَنَّقَتِ الْأَلْفَاظُ حِينَ تَذَكَّرَتْ
مُحَيَّا سَنَاءٍ فِي الدُّجَى الْمُتَغَلْغِلِ
فَلَا الْحُسْنُ قَدْ أَضْحَى كِلَاهُ بِمُعْجِزٍ
وَلَا الشِّعْرُ قَدْ غَابَ عَنْ نَظْمِ مَنْزِلِي
وَلَكِنَّهَا سَارَةٌ، حِينَ أَقْبَلَتْ
تَكَادُ تُنَادِي بِالْبَهَاءِ الْمُنَزَّلِ
تَرَفَّقْ بِهَا، لَا تُكْثِرِ النَّظَرَ إِنَّهَا
مَلِيكَةُ مَعْنًى، لَا تُطَالُ بِمِرْجَلِ
تَسَامَتْ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ قَبْلُ إِنَّهَا
رُؤَى الْأَنْجُمِ الْعُلْيَا، وَنُورُ الْمُؤَمَّلِ
تُنَازِلُ كِبْرِيَاءَ النِّسَاءِ بِبَهْجَةٍ
وَبِطَرْفِهَا سَيْفٌ، وَالْحُسْنُ مِقْتَلِ
إِذَا مَا مَشَتْ، لَانَتِ الشَّمْسُ خَشْيَةً
وَغَالَتْ خُيُوطَ الْفَجْرِ دُونَ تَكَمُّلِ
كَأَنَّ اللَّيَالِي تَكْتَسِي مِنْ جَبِينِهَا
ضِيَاءً إِذَا مَا اسْتَيْقَظَ اللَّيْلُ مُسْدَلِ
وَإِنْ نَطَقَتْ، سَاحَتْ بَلَاغَةُ شَاعِرٍ
وَذَابَ الْمَعَانِي فِي الْحَنِينِ الْمُعَطَّلِ
فَلَا الْعَيْنُ تُدْنِيهَا وَلَا الْوَصْفُ يَحْوِي
بَهَاءَ احْتِمَالٍ فِي النُّفُوسِ الْمُخْمَلِ
تَفَرَّدَتِ الْأَيَّامُ بِاسْمِكِ سَارَةُ
كَأَنَّكِ فَجْرٌ فِي عُصُورٍ مُغَلْغَلِ
أُعْجِزْتَ يَا شِعْرُ؟ اسْتَفِقْ مِنْ خُمُولِكَ
فَفِي لَحْظِهَا نَارٌ، وَفِيهَا تَسَاهُلِ
إِذَا ابْتَسَمَتْ، رَقَّ الْجَمَالُ تَهَيُّبًا
كَأَنَّ ابْتِسَامَ الرُّوحِ مِنْ فِيهِ يُغْسَلِ
فَمَا كُلُّ مَنْ يُدْعَى بِجَمْلٍ جَمِيلٌ
وَلَا كُلُّ بَدْرٍ فِي السَّمَا لَيْسَ يُخْجَلِ
أَيَا سَارَةُ، إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ شَاعِرًا
أَهَابُكِ أَنْ أُبْدِيَ الْمَدِيحَ الْمُفَصَّلِ
وَلَكِنَّ حُبِّي صَادِقٌ دُونَ زِينَةٍ
وَأَشْوَاقِيَ بَيْضَاءَ تُصَلَّى وَتُبَجَّلِ
أُطَالِعُ وَجْهَ الْحُسْنِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
فَيَسْرِقُ مِنِّي الْقَلْبَ مِنْ دُونِ مُقْتَبَلِ
كَأَنِّي سَجِينُ الْحُسْنِ مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ
وَرَوْضُ الْمُنَى قُضْبَانُهُ وَالْمُغَلَّلِ
أَيَا سَارَةُ، اللَّيْلُ اشْتَكَى مِنْ سُهَادِنَا
وَفِي الْقَلْبِ نَارٌ لَا تُرَامُ بِمِشْعَلِ
فَلَوْ أَبْصَرَتْكِ الْعَيْنُ فِي لَحْظَةِ النَّوَى
تَقَطَّعَ قَلْبُ الْعَاشِقِ الْمُتَعَلِّلِ
أَحِنُّ إِلَيْكِ الْحُسْنُ فِي كُلِّ نَبْضَةٍ
وَتَسْكُنُ فِي رُوحِي بِغَيْرِ تَوَسُّلِ
فَأَنْتِ، وَإِنْ غَابَتْ رُؤَاكِ عَنِ الْمَدَى
تُقِيمِينَ فِي صَدْرِي مَقَامَ الْمُؤَصَّلِ
وَأَلْمَحُ طَيْفَكِ فِي الْمَرَايَا زَاهِيًا
كَأَنَّكِ سِرٌّ فِي الْمَرَايَا مُوَكَّلِ
وَقَدْ كُنْتُ أَزْهُو بِالْقَصَائِدِ شَاعِرًا
فَأَصْبَحْتُ فِي مِحْرَابِ حُبِّكِ أَجْهَلِ
أُنَادِمُ وِجْدَانِي، وَأَكْتُمُ لَوْعَةً
تَفِيضُ بِدَمْعٍ لَا يُرَى وَيُعَلْعِلِ
وَحِينَ تَمْشِينَ الْهُوَيْنَى، فَإِنَّمَا
تَمِيلُ بِكِ الْأَكْوَانُ مَيْلَ الْمُرَوَّلِ
كَأَنَّ الْحَيَا إِنْ حَلَّ فِي وَجْنَتَيْكِ
تَفَتَّقَ زَهْرُ الشِّعْرِ مِنْ نَبْعِ جَدْوَلِ
أَرَاكِ، فَأَغْدُو عَاشِقًا لَا يُفَارِقُ
خَيَالَاتِكِ الْبِكْرَ فِي الْفِكْرِ الْأَوَّلِ
وَإِنْ غِبْتِ، أُحَدِّقُ فِي سَقْفِ غُرْفَتِي
كَأَنِّي أَرَى وَجْهَكِ هُنَاكَ مُظَلَّلِ
أَتُوقُ إِلَى صَوْتٍ يُبَلِّلُ غُرْبَتِي
وَيَبْعَثُ فِي قَلْبِي رَجَاءَ الْمُوَصَّلِ
وَفِي لَحْظِكِ الْمَنْقُولِ لِنُورِ كَوْكَبٍ
تُطِلُّ رُؤَى الْجِنَّانِ، دُونَ تَمَثُّلِ
وَتَسْرِقُ أَنْفَاسِي خُطَاكِ إِذَا بَدَتْ
كَأَنَّكِ رَقْصُ الرُّوحِ فَوْقَ الْمُهَلَّلِ
فَمَا الْعِشْقُ إِلَّا خَشْيَةً بَيْنَ ضِلْعَتِي
وَمَا أَنْتِ إِلَّا الرُّؤَى بِالْحُلْمِ الْأَجْمَلِ
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى فِي الْهَوَى أَيَّ بُدَّلٍ
وَلَكِنَّكِ الْفُلْكُ الَّذِي لَا يُبَدَّلِ
فَدَعْنِي أَسِيرُ الْآنَ خَلْفَ جَمَالِكُمْ
أُقَلِّدُ شَمْسَ الرُّوحِ خَاتَمَ أَنْمُلِي
فَإِنْ شِئْتِ قَتْلِي، فَاسْكُنِي جَوَانِحِي
فَفِيكِ فَنَاءُ الْعَاشِقِ الْمُتَجَمِّلِ
أَضَعْتُ اللَّيَالِيَ فِي انْتِظَارِ الْمُوَصَّلِ
كَأَنَّ فُؤَادِي فِي شِتَاءِ الْمِحْبَلِ
تَمُرُّ الدُّجَى بِي وَهِيَ صُمٌّ، كَأَنَّهَا
جَحِيمٌ خَفِيٌّ فِي السُّكُونِ الْمُعْضِلِ
أَيَا سَارَةُ، الصَّبْرُ اسْتَقَالَ بِمُهْجَتِي
فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ يُرْتَجَى لِلْمُبْتَلِي؟
وَهَلْ مِنْ وَمِيضٍ فِي الدُّجَى يَتَسَرَّبُ
لِقَلْبِي الَّذِي يَهْوَى رُؤَاكِ وَيُقْبِلِ؟
أُحَدِّثُ ظِلِّي عَنْ هَوَاكِ، وَأَشْتَكِي
إِلَيْكِ مِنَ الْأَيَّامِ فِعْلَ الْمُهْمَلِ
وَقَدْ كُنْتُ إِنْ أَهْوَى، أُجَنُّ، وَلَكِنْ
جُنُونِيَ فِي حُبِّكِ فِكْرٌ مُؤَصَّلِ
أَرَاكِ، فَلَا عَقْلٌ يَفِي، لَا تَأَنُّقٌ
يُجَمِّلُ مَا بِالْقَلْبِ مِنْ لَظًى مُقْتَلِ
كَأَنَّكِ بَعْضُ الْحُلْمِ ضَاعَ بِلَمْحَةٍ
كَأَنَّكِ فَجْرٌ فِي الْمَدَى لَمْ يُشْعَلِ
أُطِيلُ انْتِظَارَ الشَّمْسِ دُونَ تَبَسُّمٍ
وَيَغْدُو الزَّمَانُ عَلَيَّ دَهْرًا مُعْوِلِ
إِذَا طَافَ ذِكْرُكِ فِي اللَّيَالِي، تَنَفَّسَتْ
جِرَاحٌ بِقَلْبِي مَا تَطِيبُ وَتَرْحَلِ
وَقَدْ يَئِسَتْ مِنِّي الْمَرَايَا، لِأَنَّنِي
أَرَاهَا، فَأَبْكِي صُورَةَ الْمُتَغَيِّلِ
وَلَوْ أَنَّنِي أَمْلِكُ وَجْهًا صَبُورَهُ
لَكَانَ شَقَائِي بِاسْمِ الْعَيْنِ أَجْمَلِ
أُعَانِقُ شَوْقِي كَالْمُسَافِرِ فِي الدُّجَى
يُغَالِبُهُ الشَّوْقُ الْعَنِيفُ الْمُذْهِلِ
تُرَاوِدُنِي الظُّنُونُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَتُقْصِينِي عَنْكِ النَّأْيُ بِوَجْهٍ مُقْفِلِ
أُقَبِّلُ أَوْرَاقَ الرَّسَائِلِ عَلَّهَا
تَبُوحُ بِمَا أُخْفِي، وَتُشْفَى بِأَسْمَلِ
وَأَسْأَلُ عَنْكِ الْغَيْمَ حِينَ تَلَبَّدَتْ
مَلَامِحُهُ بِالسُّهْدِ وَالدَّمْعِ الْمُنْزَلِ
فَمَنْ لِي بِمَرْآكِ الْجَلِيِّ، فَإِنَّنِي
كَسِيحُ التَّمَنِّي، سَاجِدٌ لِلْمُبْتَهَلِ
وَهَلْ تُبْصِرِينَ الْآنَ قَلْبِيَ فِي الدُّجَى
يُنَادِيكِ مِنْ عُمْقِ الْجَوَى الْمُسْتَمِلِ؟
فَإِنْ كُنْتِ صَمْتًا فِي اللَّيَالِيَ كُلِّهَا
فَصَوْتِيَ وَجْدٌ لَا يُقَيَّدُ بِالْمَحَلِّ
وَسَارَةُ، إِنَّ الشِّعْرَ يَذْرِفُ صَمْتَهُ
إِذَا لَمْ تَكُونِي فِيهِ طَيْفَ الْمُشَمِّلِ
تَسَامَيْتُ حَتَّى صِرْتُ طَيْفًا مُحَلِّقًا
وَجُزْتُ حُدُودَ الْحُسْنِ فِي الْمُتَأَمِّلِ
تَخَلَّيْتُ عَنْ ذَاتِي وَصِرْتُ تَبَتُّلًا
يُصَلِّي جَلَالَ الْحُسْنِ فِي الْمُتَقَبِّلِ
فَلَا أَنَا مِنْ لَحْمٍ، وَلَا أَنَا مِنْ هَوًى
وَلَكِنَّنِي فِيكِ ارْتَقَيْتُ لِمَنْزِلِ
أَرَاكِ إِذَا أَغْمَضْتُ عَيْنِيَ نَشْوَةً
وَأَلْمَحُكِ فِي رُوحِي كَنَجْمٍ مُكَلَّلِ
إِذَا نَطَقَتْ عَيْنَاكِ هَمْسًا، سَمِعْتُهُ
دُعَاءً مِنَ الْأَعْمَاقِ غَيْرَ مُحَوَّلِ
كَأَنَّ جَمَالِي مِنْكِ عَادَ إِلَى دَمِي
وَصِرْتُ أَنَا الْمِرْآةَ فِي الْمُتَحَوِّلِ
إِذَا كُنْتُ صَوْتًا، فَأَنْتِ نَشِيدِي
وَإِنْ كُنْتُ صَمْتًا، فَأَنْتِ التَّأَمُّلِ
تَمُرِّينَ بِي لَا مِثْلَ أُنْثَى مَرَرْنَ بِي
وَلَكِنَّكِ الْإِشْرَاقُ فِي الْمُتَجَمِّلِ
تَرَكْتِ فُؤَادِي لِيَسْكُنَ فِي يَدَيْكِ
فَمَا عَادَ مَنْسُوبًا إِلَى أَيِّ مَوْئِلِ
كَأَنِّي فَقِيرٌ فِي مَزَارٍ مِنَ الضُّحَى
يَذُوبُ بِأَفْيَاءِ الْجَمَالِ الْمُظَلَّلِ
وَلَا الْبَحْرُ يَجْرِي فِي هَوَاكِ بِمِثْلِهِ
وَلَا الشَّمْسُ تُهْدَى مِثْلَ دِفْءِ التَّبَسُّلِ
أَنَا الْآنَ لَا شَيْءَ، سِوَى وَهْجِ نَخْوَةٍ
تُرَدِّدُ أَنْفَاسَ عِطْرِ هَوَاكِ وَتُفَصِّلِ
جَمَالُكِ فِرْدَوْسُ الْخَيَالِ، وَسِرُّهُ
عَمِيقٌ كَبَحْرِ اللَّهِ، لَيْسَ بِمُنْزَلِ
وَهَلْ يُدْرِكُ الْعُشَّاقُ مَعْنَى لِقَائِكِ
إِذَا لَمْ يَذُوبُوا فِي حَنِينِ التَّنَهُّلِ؟
أَرَاكِ، وَفِي عَيْنِي رُؤًى غَيْرُ مَرْئِيَةٍ
كَأَنِّي أَرَانِي بَيْنَ نَارٍ وَجَدْوَلِ
جَمَالُكِ فَوْقَ الظَّنِّ، بَلْ هُوَ وَحْدَةٌ
تُسَافِرُ فِي الْأَرْوَاحِ دُونَ تَسَلُّلِ
سَكَنْتِ الْمَدَى كُلَّهُ، ثُمَّ خَيَّمْتِ
عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِالْحَنِينِ الْمُوَكَّلِ
فَمَا عَادَ فِي الدُّنْيَا سِوَى أَنْتِ فِكْرَةً
تَهِيمُ عَلَى الْأَكْوَانِ مِثْلَ الْمُوَشَّلِ
أَنَا الْآنَ ذَوْبٌ فِي جَلَالِكِ هَائِمٌ
أُقَبِّلُ أَرْوَاحَ الْوُجُودِ الْمُؤَمَّلِ
فَدَعْنِي أَكُنْ بَعْضَ السُّكُونِ بِقُرْبِكِ
فَفِيكِ خَلَاصُ الشِّعْرِ إِنْ لَمْ يُقَوَّلِ
هُنَا تَنْتَهِي الْأَقْوَالُ إِلَّا قَصِيدَتِي
فَمَا نُطِقَتْ إِلَّا لِتُبْقِي وَتَكْمُلِ
أَنَا شَاعِرُ الْعَصْرِ الَّذِي قَدْ تَمَزَّقَتْ
بِمُقْلَتِهِ أَوْتَارُ دَهْرٍ مُسَلْسَلِ
فَلَمَّا رَآكِ الْحُسْنُ قَامَ مُهَلِّلًا
وَقَالَ: إِلَيْكِ الْعَرْشُ مِنْ مُتَبَتِّلِ
أَقَامَكِ فِي مَجْلَى الْجَمَالِ مُؤَبَّدًا
وَجَمَّلَكِ التَّكْوِينُ فِي كُلِّ مِفْصَلِ
إِذَا قِيلَ: مَنْ تَاجُ الزَّمَانِ، وَمَنْ تُرَى
إِذَا قِيلَ: مَنْ سَارَةُ؟ يُقَالُ: الْمُكَمَّلِ
تَخَطَّتْ حُدُودَ الْحُسْنِ حَتَّى كَأَنَّهَا
هِيَ الْبَدْرُ فِي مِيلَادِ فَجْرٍ مُعَلَّلِ
تَجَاوَزْتِ حَدَّ الْوَصْفِ، بَلْ أَنْتِ فِكْرَةٌ
أَبَتْ أَنْ تُرَى إِلَّا بِوَهْجٍ مُفَصَّلِ
وَكُنْتُ إِذَا ضَاقَ الْبَلَاغُ، تَخَيَّلْتُ
بِكِ الشِّعْرَ مَوْلُودًا عَلَى بَابِ هَيْكَلِ
أَعَدْنَا بَهَاءَ الْحَرْفِ مِنْ قَبْرِ صَمْتِهِ
وَأَقَمْتُهُ مِنْ بَعْدِ طُولِ التَّوَسُّلِ
وَكَانَتْ يَدُ الشِّعْرِ الْمَعْطُوبَةُ ارْتَدَّتْ
إِذَا لَامَسَتْ جَبْهَتَكِ الْمُتَبَتَّلِ
فَمَا عَادَ لِوَحْيٍ سِوَى اسْمِكِ سَاطِعًا
كَأَنَّكِ نَجْمٌ فِي الضَّمِيرِ الْمُجَمَّلِ
وَإِنْ تَسْكُتِي، فَالْكَوْنُ يُنْشِدُ صَوْتَكِ
وَإِنْ تَهْمِسِي، تَرْنُو الْجِبَالُ لِمُنْزَلِ
فَمِنْكِ اسْتَقَى شِعْرُ الْمُعَلَّقَةِ الْعُلَى
وَمِنْكِ تَبَرَّأَ كُلُّ مَدْحٍ مُضَلَّلِ
أَيَا مَنْبَعَ الْإِلْهَامِ، إِنَّكِ أَمْجَادُ أُمَّةٍ
مِنَ الضَّوْءِ، لَا تُطْفَى، وَلَا تُتَبَدَّلِ
وَإِنْ قِيلَ: مَا الشِّعْرُ؟ قُلْتُ: ابْتِسَامَةٌ
لَهَا فِي مُحَيَّاكَِ ارْتِقَاءُ الْمُشْعِلِ
وَإِنْ قِيلَ: مَنْ أَحْيَا الْقَصَائِدَ بَعْدَمَا
غَفَتْ؟ قُلْتُ: طَلْعَتُكِ، وَقَلْبُ الْمُعَطَّلِ
فَيَا سَارَةُ، إِنِّي نَذَرْتُ قَصِيدَتِي
لِعَيْنَيْكِ عَهْدًا لَا يُخَانُ وَيُغْفَلِ
وَأَشْهَدُ أَنَّ الْحُسْنَ دُونَكِ سُخْفُهُ
كَظِلٍّ عَلَى جِدَارِ مَاضٍ مُهْمَلِ
لِذَا، أَكْتُبُ التَّارِيخَ فِيكِ، فَإِنَّنِي
رَأَيْتُكِ مَعْنَى الشِّعْرِ، لَا مُتَخَيَّلِ
وَهَذَا خِتَامُ الْقَوْلِ: أَنْتِ نُبُوءَتِي
وَأَنْتِ الدُّهُورُ، وَسِرُّ خَفْقِ الْمُرْسَلِ
148
قصيدة