عدد الابيات : 56
طباعةمَطَافُ الذِّكْرَيَاتِ بِالرُّبَى يَجُودُ
وَدَمْعُ الْمُقْلَتَيْنِ بِحُرْقَتِي يَسُودُ
هُنَا كَانَتْ سَارَةٌ، وَالْوَادِي وَرَاءَنَا
يَهُبُّ بِالنَّسِيمِ وَفَيْحُهُ مَوْرُودُ
وَمَا زَالَ رَسْمُ الْوَصْلِ بَيْنَ جَنَاحِهِ
يُحَدِّثُنِي الشَّوْقَ وَالْحَنِينَ شُهُودُ
أَلْمَحُ بَيَاضَ الْغَيْمِ فِي أُفُقِ الرُّؤَى
كَثَوْبِ الْوُدِّ إِذْ يَسْتَافُهُ الْمَوْعُودُ
وَسَارَةُ فِي الْبُعْدِ الْبَهِيِّ مَلَاحَةٌ
كَمَا انْهَلَّ مِنْ فَجْرِ الضِّيَاءِ وُرُودُ
أُحِبُّكِ، لَا زَالَ الْهَوَى فِي مَسَامِعِي
وَفِي كُلِّ طَيْفٍ لِلْوَصْلِ حَنِينٌ بُرُودُ
أَرَانِي إِذَا نَاجَيْتُكِ اللَّيْلَ خَافِقًا
وَإِنْ قِيلَ صَبْرٌ، قُلْتُ: لَيْسَ يُعِيدُ
أُحِبُّكِ، وَالْحُبُّ الْمُقِيمُ بِنَاظِرِي
يَجُوبُ الدُّنَا وَالْقَلْبُ فِيكِ شَدِيدُ
وَيَا سَارَةُ، إِنِّي بِالْهَوَى مُتَوَسِّدٌ
وَإِنِّي بِطُولِ الْمُشْتَهَى مَوْجُودُ
فَإِنْ غِبْتُ، فَالذِّكْرَى تَرُدُّ لِقَاءَنَا
وَإِنْ زَادَ بُعْدٌ، فَالْوِصَالُ عُهُودُ
أَلَمْ يَسْكُنِ الْوَجْدُ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا؟
وَهَلْ بِنُجُومِ الشَّوْقِ يَبْقَى خُمُودُ؟
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْعَاشِقِينَ تَجَافِيٌ
فَلَا يُبْعِدِ الْمَجْرَى وِدَادٌ وَدُودُ
سَأَبْكِي لِذِكْرَاكِ، وَالدَّمْعُ شَاهِدٌ
وَفِي كُلِّ زَفْرَاتِي هَوَاكِ يَسُودُ
فَلَا تَحْسَبِي أَنَّ الْغِيَابَ مُفَرِّقٌ
فَقَلْبِي عَلَى عَهْدِ الْمَحَبَّةِ عُودُ
سَكَنْتِ فُؤَادِي وَالْحَنِينُ مُوَقَّدٌ
وَكُلُّ فُؤَادٍ بِالْغَرَامِ وَقُودُ
وَمَا نَامَتِ الْأَشْوَاقُ يَوْمًا بِخَافِقِي
وَفِي خَلَدِي لِلذِّكْرِ مِنْكِ وُجُودُ
تَرَكْتِ بِأَضْلَاعِي رُسُومَ سَكِينَةٍ
وَكَيْفَ لِمَنْ يَهْوَاكِ أَنْ يَكُ جَحُودُ؟
تَنَفَّسَ فَجْرُ الْحُبِّ فِي صَدْرِ الْمُنَى
وَخَفْقَاتُهُ فِي لَيْلِنَا تَرْغُودُ
وَفِي صَوْتِكِ الْعَذْبِ الَّذِي تَسْكُبِينَ
رُقِيٌّ، وَفِي عَيْنَيْكِ سِرٌّ بَرُودُ
وَلَوْ خَانَنِي صَبْرِي وَمَالَ تَوَجُّعِي
فَفِيكِ وُجُودِي وَالْهَوَى مَقْصُودُ
أَذَاعَ اللَّيَالِي صَوْتُ نُطْقِكِ بَعْدَمَا
سَكَتَّ الرُّؤَى وَالْوَجْدُ فِيهَا شَهِيدُ
أَمُدُّ يَدِي لِلنَّجْمِ لَمَّا أَفْتَقِدْكِ
فَأَجِدُ السَّمَاءَ بِعِشْقِنَا سُعُودُ
تَهَيَّمَ قَلْبِي بِالرُّؤَى حِينَ أَبْصَرَتْ
خُيُوطَ هَوَاكِ، وَكُلُّهَا تَفْنِيدُ
فَيَا سَارَةُ، الْوَصْلُ الْجَمِيلُ تَعَلُّقٌ
وَلَوْ غَابَ صَوْتُكِ، فَالْمُنَى مَوْعُودُ
وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِ الزَّمَانِ تَقَلُّبٌ
فَحُبُّكِ فَوْقَ الْحَادِثَاتِ جَلِيدُ
وَإِنْ نَاءَتِ الدُّنْيَا عَلَيَّ بِبُعْدِهَا
فَفِي نَبْضِ ذِكْرَاكِ الْحَنَانُ يَزِيدُ
لَئِنْ خَانَنِي صَوْتُ الْمُدَامِعِ وَانْطَوَى
فَإِنِّي بِصَمْتِ الشَّوْقِ لَكْ مُنْشُودُ
يَمُرُّ نَسِيمُ الْوُدِّ فِي لَيْلِ مُهْجَتِي
فَيَرْتَجِفُ الْأَشْوَاقَ فِيهِ وُجُودُ
أَرَى طَيْفَكِ الْمَفْتُونَ يَسْرِي كَأَنَّهُ
صَلَاةُ سَكِينَاتٍ بِهَا أَتَعَبُّدُ
وَإِنْ نَسِيَ النَّاسُ الْهَوَى، فَفُؤَادُهُمْ
جَمِيعًا بِذِكْرَاكِ الْجَمِيلَ كَلِيدُ
تُغَنِّي الرِّيَاحُ اسْمَكْ، فَيَسْمُو سَمَاعُهَا
كَأَنَّ صَدَاهُ فِي السَّمَاءِ تَوْلِيدُ
سَأَكْتُبُكِ شِعْرًا فِي الصُّدُورِ مُخَلَّدًا
فَإِنِّي لِذِكْرَاكِ الْحَنُونِ جُنُودُ
أُرِيدُكِ نَبْعًا لِلْوَفَاءِ، فَكَيْفَ لَا
تَكُونِينَ فِي قَلْبِ الْغَرَامِ بُدُودُ؟
وَفِي كُلِّ لَحْنٍ تَسْتَبِينُ نَبِيضَةٌ
تُرَدِّدُ أَنَّ الْعِشْقَ فِيكِ وُرُودُ
فَكَيْفَ أُجَافِيكِ؟ وَإِنِّي بِقُرْبِكِ
عَرُوشُ الْهَوَى وَالْحُلْمُ فِيهَا يَقُودُ
وَأَشْرَعْتُ فِي وَجْهِ الْمَسَافَاتِ خُطْوَتِي
وَفِي نَفْسِهَا شَوْقِي إِلَيْكِ يَزِيدُ
أُقَلِّبُ فِي الذِّكْرَى جَنَاحَ تَفَكُّرِي
فَيَهْطُلُ فِي عَيْنِي الْحَنَانُ جُدُودُ
وَإِنِّي عَلَى قَهْرِ الْمَسَافَاتِ قَائِمٌ
لِأَسْقِي فُؤَادَ الْمُقْلَتَيْنِ وُرُودُ
وَفِيكِ جَمِيعُ الْحُسْنِ يَرْكَبُ نُورَهُ
كَأَنَّكِ فَوْقَ الْمُمْكِنَاتِ وُجُودُ
سَكَنْتِ بِوَجْدِي، وَالْكَلَامُ مُقَصِّرٌ
فَكَيْفَ يُفَسِّرُ حُبَّنَا الْمَحْدُودُ؟
وَإِنِّي إِذَا مَا كَانَ صَمْتِي رَائِحًا
فَصَوْتُ هَوَاكِ الْفَاتِنُ الْمَقْصُودُ
وَآهِ عَلَى صَبْرِي إِذَا مَا تَجَلَّدَتْ
خُطَايَ وَالْأَحْلَامُ فِيكِ جُمُودُ
تُرِيدِينَ نِسْيَانَ الْوِصَالِ؟ فَلَنْ يَكُونْ
فَفِي كُلِّ نَبْضٍ لِلْهَوَى تَأْبِيدُ
أَرَى اللَّيْلَ يُمْسِي وَالضِّيَاءُ مُرَجَّفٌ
كَأَنَّ السُّهَى لِلذِّكْرِ فِيكِ شُهُودُ
وَكُلَّمَا غَابَتْ عُيُونُكِ سَاهِيًا
أُفَتِّشُ عَنْهَا فِي الْمَدَى تَرْصِيدُ
أُرِيدُكِ وَالْأَكْوَانُ كُلُّ مَسَافِهَا
تُعِيدُكِ لِي وَالْوَقْتُ فِيكِ جُلُودُ
أُقَبِّلُ فِي الْغَيْبِ الْكَلَامَ الَّذِي سَرَى
وَفِيكِ مِنَ التَّأْوِيلِ حُسْنٌ مُرُودُ
أَمَامَكِ قَلْبِي كَالكِتَابِ، فَهَلْ تَرَى
تُرَتِّلُ فِيهِ النَّبْضَ وَهْوَ يَزِيدُ؟
تَعَالَيْ إِلَيَّ، فَفِي حَنَانِكِ مَسْكَنِي
وَفِي خَافِقِي لِلْمُقْلَتَيْكِ عُقُودُ
وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرِ اللِّقَاءِ تَعَثُّرٌ
فَفِي كُلِّ زَفْرَاتِي لَهُ تَمْهِيدُ
سَأَرْفَعُ لَكْ شِعْرِي، وَفِي كُلِّ قَافِيَةٍ
تَغَنَّى بِذِكْرَاكِ الْحَنُونِ نَشِيدُ
فَلَوْ سَارَتِ الْأَيَّامُ دُونَكِ صَامِتًا
فَفِيكِ لِكُلِّ الْأُغْنِيَاتِ عُهُودُ
أُرِيدُكِ حُلْمًا لَا يُفَسَّرُ مَعْنَفًا
وَلَا تَسْكُنُ الأَشْوَاقُ فِيهِ جُمُودُ
وَلَا يَسْأَلُ الْمِفْتُونُ فِيمَ تُحِبُّهَا؟
فَقَلْبُ الْهَوَى فِي ذِكْرِهَا مَوْؤُودُ
فَسَارَةُ نُورٌ فِي الحَيَاةِ وَإِنْ غَفَتْ
فَفِي قَلْبِ شَاعِرِهَا الهَوَى مَحْمُودُ
130
قصيدة