عدد الابيات : 29
وَإِنْ هَدَأَتْ نِيرَانُ غَضْبِي فَإِنَّهَا
كَمَوْجِ الْحُبِّ تُغْرِقُ الْأَرْوَاحَ
إِذَا مَا رَنَتْ عَيْنُ الْمَحَبَّةِ نَحْوَنَا
تَسَاقَطَ مِنْ جُنْحِ الْجَوَى تُفَّاحَ
فَكَمْ قَدْ سَقَتْنِي مِنْ هَوَاهَا نَشْوَةً
تُدَاوِي الْأَسَى، وَتَشُدُّ الْجَنَاحَ
وَتَنْثُرُ فِي لَيْلِ الْمُحِبِّ تَأَمُّلِي
نُجُومَ الْهَوَى، وَتُضِيءُ فِسَاحَ
وَتَأْتِي كَأَنَّ الصُّبْحَ زَفَّ قُدُومَهَا
فَيَسْكُنُ فِي أَضْلُوعِ قَلْبِيَ رَاحَ
تَعَالَيتُ عَنْ سِحْرِ الْعُيُونِ سِوَاهُمَا
فَلَا الْعَيْنُ بَعْدَ الْوَصْلِ تَرْتَاحَ
أُحِبُّكِ يَا نَبْضَ الْقَصَائِدِ إِنْ نَمَتْ
عَلَى ثَغْرِهَا الْأَشْوَاقُ وَالْأَفْرَاحَ
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَصْلُوبُ فِيكِ هَوًى
فَهَلْ لِقَلْبِيَ لِعِشْقِ الْعُيُونِ سِمَاحَ؟
إِذْ قُلْتِ: "هَيَّا"، انْسَابَ لِصَوْتِكِ النَّدَى
وَإِنْ قُلْتِ: "لَا"، رَنَّ الصَّدَى، فَانْزَاحَ
أَنَا مَنْ رَأَى فِيكِ الْوُجُودَ بِأَسْرِهِ
وَصَاغَكِ مِنْ وَرْدِ الْحَنِينِ وِشَاحَ
خُطَاكِ صَلَاةُ الْعَاشِقِينَ إِذَا مَشَوْا
كَأَنَّ الدُّجَى يَمْشِي ضَوْءَ مِصْبَاحَ
تَمُرِّينَ بِي وَالْكَوْنُ يَسْكُتُ هَيْبَةً
كَأَنَّ الزَّمَانَ تَقَطَّعَ هَوًى مُفْتَاحَ
وَشَوْقِي إِذَا هَمَسَتْ غَرَامًا شَفَتُهَا
يَذُوبُ، وَيَشْكُو مِنْ لَظَاهُ اجْتِيَاحَ
كَأَنَّكِ فِي حُلْمِي قَصِيدَةُ شَاعِرٍ
تَغَنَّى بِهَا الْعُشَّاقُ دُونَ صِرَاحَ
وَلِصَدْرِيَ الْمَصْلُوبِ بِاسْمِكِ رَغْبَةٌ
تُعَلِّمُ نَبْضِي كَيْفَ ذَاقَ الْجِرَاحَ
فَيَا زَهْرَةَ الْأَزْمَانِ مَا زِلْتُ عَاشِقًا
لِنَبْضِكِ، لَا أَغْفُو، وَلَا أَسْتَبَاحَ
وَيَا بَسْمَةَ الْأَيَّامِ هَلْ لِي وِصَالُكُمْ؟
فَقَلْبِي عَلَى أَبْوَابِكُمْ بِهِ سَمَاحَ
وَإِنِّي دَعَوتُ اللَّهَ يَسْقِيكِ رَفْرَفًا
مِنَ الْأَمْنِ، وَالْإِشْرَاقِ، كَرَمًا شَرَاحَ
فَإِنْ كُنْتِ تَقْرَئِينَ مَا بَيْنَ مُهْجَتِي
سَتَبْكِينَ مِنْ سِرِّي، وَمِنْ مَا بَاحَ
وَإِنْ غِبْتِ عَنِّي، فَادْخُلِي فِي دُعَائِهِ
فَتُرْوَى بِكِ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَرْوَاحَ
فَيَا طَيْفَهَا إِنْ مَرَّ بِي ذَاتَ لَيْلَةٍ
فَقَدْ طَابَ فِي لَيْلِ الْمُحِبِّينَ رَاحَ
وَقُلْتُ لِنَفْسِي حِينَ دَاعَبَ خَافِقِي:
أَمَا آنَ لِنَبْضِ الْعُشَّاقِ أَنْ يَسْتَرَاحَ؟
وَهَلْ بَعْدَ هَذَا النَّبْضِ يُؤْوَى لِغَيْرِهَا؟
وَهَلْ غَيْرُهَا فِي مُهْجَتِي قَدْ أَبَاحَ؟
أُحِبُّكِ، لَا أَخْشَى انْكِسَارَ خَوَاطِرِي
وَلَا أَنَّنِي بِالشَّوْقِ أَمْضِي سِيَاحَ
كَتَبْتُكِ بِالْأَهْدَابِ قَبْلَ مِدَادِهَا
وَكَانَتْ حُرُوفِي قَبْلَ حُبِّكِ سُمَاحَ
أَنَا الْآنَ أَنْقَى، وَالْمَحَبَّةُ زَادُنَا
فَهَلْ تُثْمِرُ الْأَشْوَاقُ بَعْدَ الْجِرَاحَ؟
عَزِيزَتُنَا، إِنْ كَانَ لِلْحُبِّ آيَةٌ
فَأَنْتِ الَّتِي تُتْلَى، وَتُرْوَى صَبَاحَ
وَإِنْ طَالَ لَيْلُ الْبُعْدِ فِينَا كَآبَةً
فَمَا مَاتَ مَنْ يَهْوَاكِ، بَلْ تَمَاحَ
وَفِي آخِرِ الْأَنْفَاسِ يُولَدُ ذِكْرُهَا
وَتُكْمِلُ رُوحِي فِي هَوَاهَا نِزَاحَ
148
قصيدة