عدد الابيات : 76
طباعةهَلْ فَاضَ قَلْبُ الزَّمَنِ المُتَنَغِّمِ؟
أَمْ خَانَهُ المَجْدُ فَلَمْ يَتَكَلَّمِ؟
يَا رُوحَ أَرْضٍ بِالفِخَارِ تُنَادِينِي
أَتُرْسِلِينَ النَّارَ أَمْ بِه تَسْتَسْلِمِ؟
وَقَفْتُ أَسْأَلُ صَمْتَكِ العَتِيدَ بِمَا
يَفْضِي إِلَى مَعْنًى بِغَيرِ تَهَزُّمِ
هَجَروكِ مِثْلَ شُعَاعٍ قَدْ تَنَاثَرَ فِي
جُرْحِ الرُّبُوعِ وَأَعْيَا كُلَّ مُبْرَمِ
يَا دَارَ كُلِّ مُحَالٍ قَدْ تَجَلَّى لِي
أَنَّ الزَّمَانَ حَكَايَةُ عِشْقٍ مُتَنَدِّمِ
أَتَرْفُضِينَ الحَقَّ بِنَا أَمْ تُرِيدِينِي
أَصْبَحُ فِي عَالَمٍ مِثْلِ التَّوَهُّمِ؟
أَبْكِي عَلَى مَاضٍ تَصَدَّعَ مِثْلَمَا
تَبْكِي السَّمَاءُ عَلَى أَطْلَالِ مُعْصِمِ
كُلُّ البُيُوتِ تُجَادِلُنِي بِأَنَّنِي
ظِلٌّ يُجَادِلُ فِي المَمَرِّ الأَقْدَمِ
لَمْ أَتْرُكِ الحِكْمَةَ إِلَّا رَاحَ يَطْلُبُهَا
قَلْبٌ تَعَذَّبَ فِي سُجُونِ التَّكَلُّمِ
أَيُّ الحُدُودِ تُحِيطُ بِعِشْقِ قُلُوبِنَا؟
أَمْ كُلُّنَا فِي دَوَامَةِ المُتَنَغِّمِ؟
أَتَسْأَلِينَ: أَيْنَ مَجْدِيَ؟ قُلْتِ: انْدَثَرْ
وَالْمَجْدُ لَيْسَ أَحْلَامَ مُتَوَهَّمِ
وَالْأَرْضُ تَبْكِي مَا فَاتَتْ كَأَنَّ بِهَا
قَلْبًا يَئِنُّ لِطِلَالِ مَنْ لَمْ يُكَلَّمِ
لَمْ أَرْكَعِ الْيَوْمَ لِلْأَسْمَاءِ وَأَمْجَادِهَا
إِنَّ الرِّمَاحَ سَرَابٌ فِي يَدِ المُجَرِّمِ
أَنَا الَّذِي يَسْكُبُ الأَسْئِلَةَ فِي دَمِي
وَالْحَرْفُ يَعْبُرُ أَسْرَارِي بِغَيرِ تَأَمُّمِ
مَا ضَاقَتِ الأَرْضُ إِلَّا حِينَ تَمْشِي عَلَى
أَجْسَادِ مَنْ حَطَّمُوا أَحْلَامَهُمْ مُخَضَّمِ
يَا مَنْ تُرِيدُ سُؤَالًا عَنْ أَحْوَالِنَا
هَلْ كَانَ مَجْدُكُمُ إِلَّا دَمًا مُتَرَاكِمِ؟
خُذْتُمْ رِيَاشَ الحُرُوبِ الخَالِدَاتِ وَمَا
عَرَفْتُمُ أَنَّهَا أَشْبَاحُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمِ
لَوْ كَانَ نَصْرُكُمُ فِي حَزْمِ سَاعَةِ قِتَالٍ
فَالنَّصْرُ جُرْحٌ يُغَنِّي فَوْقَ كَفِّ مُنَاجِمِ
أَنَا الكَلَامُ الَّذِي لَا يَخْشَى مَوْتَكُمُ
فَالْحَرْفُ يَبْقَى وَأَنْتُمُ تَمْضُوا كَالْعَنَاصِمِ
سَأَمْضِي أَرْوِي حَدِيثَ الأَرْضِ عَنْ أَسَاطِيرٍ
تُخْفِي حَقِيقَةَ مَجْدٍ فِي جَوَانِبِ أَطْهَمِ
هَلْ تَعْرِفِينَ الجَمَالَ المُوحِشَ بِهِ
جَمَعْتُ بَيْنَ دَمِ الوَرْدِ وَالأَسْئِلَةِ التُّهَمِ
لَا تَطْلُبِي مِنْ جَبِينِ اللَّيْلِ أَنْ يُجِيبَكِ
فَاللَّيْلُ يَخْشَى حَدِيثِي أَنَا وَالبَرَاقِمِ
أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ الأَسْطُرَ كَالنِّسْرِ فَوْقَ
آفَاقِ مَجْهُولَةٍ تَبْكِي لِتَبْسِمَ فِي دَمِي
وَالْكَلِمَاتُ إِذَا مَا انْسَابَتْ عَلَى لِسَانِي
تَسْقُطُ أَمْوَاجُهَا فِي قَلْبِ كُلِّ مُتَرَمِّمِ
يَا عَنْتَرَ الحَرْبِ، هَلْ تَدْرِي مَآلَ بِلاَدِنَا؟
أَتَبْنِي مَجْداً وَأَسْفَارُ الفِنَاءِ مَدُومِ؟
أَتَعْصِفُ الأَرْضَ بِالسَّيْفِ الَّذِي رَاعَهَا
وَالْمَوْتُ يُنْشِدُ أَشْعَاراً لِمُسْتَسْلِمِ؟
أَنَا لَسْتُ أَرْضَى بِدَمْعِ الغَيْثِ يَسْكُبُهُ
سَيْفٌ يُجَرْجِرُ أَحْلاماً عَلَى أَجْسُمِ
لَوْ كَانَ نَصْرُكَ فِي إِرْهَاقِ مُضْطَهَدٍ
فَالنَّصْرُ جُرْحٌ يُغَنِّي فَوْقَ مُنْهَزِمِ
أَتَرْكَبُ الخَيْلَ تَبْغِي العِزَّ فِي وَهْمِهِ
وَالْعِزُّ يَسْكُنُ فِي قَلْبِ المُتَسَمِي
أَنَا الْحُرُوبُ الَّتِي تَمْضِي بِغَيْرِ دَمٍ
وَأَقْتُلُ جَهْلَكَ بِالفِكْرِ المُتَقَدِّمِ
لَا تَطْمَئِنَّ لِصَوْتِ السَّيْفِ يَنْدُبُهُ
شِعْرٌ يُرَوِّجُ لِلأَوْهَامِ وَالْخَدَمِ
أَنَا الَّذِي يَسْأَلُ الأَسْطُرَ: هَلْ تَكْفِيَكُمْ
أَلْفَاظُكُمْ أَمْ حُرُوفِي تَبْكِي عَلَى الرَّمِمِ؟
يَا مَنْ يُجَسِّدُ مَجْدَ القَهْرِ فِي قَلَمٍ
أَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَنَّ الحَقَّ لَمْ يُظْلَمِ؟
سَأَظَلُّ أَحْمِلُ فِي أَحْيَائِي سُؤَالَهُ:
هَلْ كَانَ عَنْتِرَ إِلَّا صَوْتُ مُضْطَرِمِ؟
يَا عَنْتَرَ الْحِقْدِ مَا الْحَرْبُ الَّتِي تَزْعُمُهَا
إِلَّا خِيَاطَةُ جُرْحٍ فِي جَبِينِ الْأُمَمِ
أَتَقْتُلُ الْأَرْضَ لِكَيْ تَبْقَى عَلَى عَرْشِهَا
وَالْعِرْشُ صَارَ خُرَافَاتٍ لِمَنْ يَتَوَهَّمِ
أَنَا الْحُرُوبُ الَّتِي لَا تَرْتَوِي بِدَمٍ
بَلْ بِكَلِمَاتٍ تَمُوجُ فِي يَدِ الْمُتَكَلِّمِ
سَأَسْحَقُ الْجَهْلَ بِالْحِكْمَةِ لَا بِحُسَامٍ
فَالْعَقْلُ يَبْنِي وَيَهْدِمُ السَّيْفُ وَالْقَمَقَمِ
يَا مَنْ تُرِيدُ جَمَالَ الْقَهْرِ، هَلْ جَمَالُهُ
إِلَّا وَرُودٌ تَنَامُ فَوْقَ جَبْهَةِ مُجْرِمِ؟
أَنَا الَّذِي أَحْيَا بِأَسْطُرِي مَنَاكِبَ الْأَرْضِ
وَأُعِيدُ رُوحَ الْمَعَانِي فِي فَمِ الْمُتَرَنِّمِ
لَوْ كَانَ فَخْرُكَ فِي أَسْمَاءِ مَنْ قَتَلْتَهُمْ
فَالْفَخْرُ أَسْقَطُ مِمَّا قَدْ حَكَاهُ الْأَقَامِ
أَتَبْنِي مَجْدًا وَتَرْمِي الْحَقَّ فِي مُنْحَدَرٍ
وَالْحَقُّ يَبْقَى كَنَارٍ فِي يَدِ الْمُتَضَرِّمِ
سَأَرْفُضُ التَّارِيخَ إِنْ كَانَتْ رِوَايَتُهُ
دَمًا يُغَنِّي لِأَسْيَافٍ وَقَلْبٍ مُنْفَطِمِ
أَنَا الَّذِي أَكْتُبُ التَّارِيخَ بِالْحُرُوفِ لَا
بِالدَّمِ أَوْ بِخُيُوطِ الْغِشِّ وَالتَّلَزُّمِ
يَا عَنْتَرَ، قَدْ مَضَى زَمْنُ الْوُعُولِ وَالْقَنَا
وَالْعِزُّ لَيْسَ بِسَاقٍ تَحْتَ ظِلِّ مُعَلَّمِ
أَنَا الْجَدِيدُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى حُدُودِكُمْ
وَأُحَطِّمُ الْأَسْرَ فِي قَفْصِ الْقَوَافِي الْقَدَمِ
لَنْ تَكْتُبَ الْحُرِّيَّةَ السَّيْفُ إِنْ كَتَبْتَهَا
فَالْحُرُّ مَنْ يَكْتُبُهَا بِالْفِكْرِ وَالْقَلَمِ
سَأَرْفَعُ الصَّوْتَ فِي أُفْقِ الزَّمَانِ: كَفَى
أَنْ نَعْبُدَ الْمَوْتَ بِأَسْمَاءِ مَنْ لَمْ يُسْلِمِ
وَسَأَمُوتُ عَلَى أَسْطُرِي إِذَا انْكَسَرَتْ
لَكِنَّنِي لَنْ أَمُوتَ الْيَوْمَ فِي مُعْتَصَمِ
يَا شَاعِرَ الحَرْبِ، هَذَا الزَّمَنُ قَدْ نَثَرَ
أَسْئِلَةً تَخْتَزِلُ الأَبْطَالَ وَالْقِيَمِ
أَتَرْكَبُ التَّارِيخَ مِثْلَ الجَوَادِ وَتَنْدُبُ
أُمَّةً صَارَتْ ظِلالاً فَوْقَ مُعْلَسَمِ
أَنَا الَّذِي أَكْتُبُ التَّارِيخَ بِالضَّوْءِ وَالْكَلِمَاتُ
تَنْهَضُ مِثْلَ الصُّبْحِ مُبْتَسِمِ
لَنْ تَكْتَسِبَ المَجْدَ إِلَّا إِذَا رَفَضْتَ
أَنْ تَكْتَسِيَ بِجِلْدِ المَاضِي المُتَقَزِّمِ
يَا مَنْ تَرَاكَمَ فِي أَحْيَائِهِ غَضَبٌ
أَلْفَاظُكَ النَّارُ لَمْ تَبْقَ سِوَى أَدَمِ
أَنَا الْكَلَامُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى حَرِيفٍ
يَقْطَعُ أَسْبَابَ جَهْلٍ فِي لَظَى الْعَلَمِ
سَأَظَلُّ أَرْفُضُ أَنْ تَبْقَى الحُرُوبُ دِمَاً
وَالْفِكْرُ يَبْنِي سُرًى فَوْقَ التَّهَاوِيمِ
يَا عَنْتَرَ، قَدْ صَارَتِ الأَرْضُ الَّتِي تَدَّعِي
فِي كَفِّ طِفْلٍ يَسِيرُ الْيَوْمَ بِالْحُلُمِ
لَا تَفْخَرَنْ بِحُسَامٍ قَدْ شَرَعْتَ بِهِ
صَدْرَ الرَّدَى، فَالرَّدَى مِثْلُ التَّنَاغُمِ
أَنَا الْجَمَالُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى حُروفٍ
تَبْكِي لِتَبْسِمَ فِي رُبَّا مِهْادِ التَّكَرُّمِ
سَأَمْضِي أَكْتُبُ فِي أَفْقِ الزَّمَانِ بِلاَ
خَوْفٍ: "أَنَا الْحَقُّ لَمْ أَخْشَ سِوَى الْحِكَمِ"
يَا عَنْتَرَ، قَدْ شَيَّعَتْ أُمَّتُكُمْ ظِلَّهَا
وَصَارَ مَجْدُكُمُ أَشْبَاحَ مَنْ يَتَوَهَّمِ
أَنَا الْحَدِيثُ الَّذِي يَخْترِقُ الْجُدُودَ وَيَمْ
ضِي كَالنَّهْرِ يُغَنِّي فَوْقَ كَفِّ مُنْعَطِمِ
لَا تَطْلُبِ الْفَخْرَ فِي أَسْمَاءِ مَنْ سَلَبْتَهُمْ
فَالْفَخْرُ يَبْنِي بِهِ قَلْبٌ بِغَيْرِ تَأَثُّمِ
سَأَرْفُضُ التَّقْلِيدَ إِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ دَمًا
يَسْكُبُهُ الْجَاهِلُونَ فِي كَفِّ مُنْتَقِمِ
أَنَا الَّذِي أَحْيَا بِكَلِمَاتِي جَمَالَ الْأَرْضِ
وَأَسْحَقُ الْجَهْلَ كَمْ أَسْحَقْتُ كُلَّ مُجَرَّمِ
يَا مَنْ تَرَى نَصْرَهُ فِي سَطْوَةِ الْأَسَدِ
أَنَّى لِسَطْوَتِكَ أَنْ تَبْقَى عَلَى مُعْلَنَمِ؟
لَوْ كَانَ مَوْتُكَ فِي مِيثَاقِ مَجْدِكَ لَمْ
تَعِشْ إِلَى الْيَوْمَ إِلَّا صَوتَ مُتَضَرِّمِ
أَنَا الَّذِي أَكْتُبُ الْأَحْيَاءَ بِالْحُرُوفِ وَأَ
قْتُلُ جُنُونَكَ فِي أَسْطُرِ كُلِّ مُنْظَّمِ
سَأَمْضِي أَرْسُمُ فِي الْأَفْقِ الْجَدِيدِ رِسَالَةً
تَبْكِي عَلَى مَنْ مَضَى فِي غَفْلَةِ الْمُتَهَضِّمِ
يَا عَنْتَرَ، قَدْ رَحَلْنَاكَ إِلَى مَا مَضَى
وَصَارَ فَخْرُكَ نُكْتَةً فِي فَمِ الْمُتَهَكِّمِ
أَنَا الْجَدِيدُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى جَمْرِكُمْ
وَأَخْطُو بِالْحَقِّ فِي زَمَنٍ مِنَ الْمُتَرَمْلِمِ
لَنْ تَكْتَسِبَ الْعِزَّ إِلَّا إِذَا رَفَضْتَ
أَنْ تَكْتَسِبَهُ بِسَيْفٍ أَوْ بِقَلْبٍ مُنْهَزِمِ
أَنَا الَّذِي أَرْفُضُ التَّارِيخَ إِنْ كُتِبَ
بِالدَّمِ أَوْ بِحُرُوفِ الْجَهْلِ وَالتَّلَوُّمِ
سَأَبْقَى أَكْتُبُ فِي أَفْقِ الزَّمَانِ: كَفَى
أَنْ نَعْبُدَ الْمَجْدَ لِأَسْمَاءِ مَنْ لَمْ يُسْلِمِ
وَسَأَمُوتُ عَلَى كَلِمَاتِي إِذَا انْكَسَرَتْ
لَكِنَّنِي لَنْ أَمُوتَ الْيَوْمَ غَرْبَ مُتَلَثِّمِ
148
قصيدة