عدد الابيات : 28
أَلَا قِفُوا بِي كَيْ أُعِيدَ صِبَابَتِي
فَالْوَجْدُ يَشْتَعِلُ الْوِدَادَ وَشَجْبُهُ
سَلْقِينُ، يَا عِطْرَ الرُّؤَى وَمَقَامَتِي
أَنَّى رَحَلْتُ فَالْقَلْبُ يَسْكُنُ قُرْبَهُ
يَا مَهْدَ أَيَّامِي وَأَحْلَى نَبْضَةٍ
فِيهَا الْعُيُونُ تُغَرِّدُ الْحُسْنَ صَحْبُهُ
هَلْ تَذْكُرِينَ جُنُونَ طِفْلِي فِي مَنَازِلٍ
وَالشَّمْسُ تَرْقُصُ فِي الرُّبَا وَسَحْبُهُ
فِي جَبَلٍ يَتَسَامَى، فَخْرُ شَاهِقَةٍ
وَالزَّهْرُ يَكْسُو الْوَادِيَ الْعَذْبَ طَرْبُهُ
يَا دَارَ أَجْدَادِي وَمَجْدَ حِكَايَةٍ
تَتْلُو الْحُقُولُ مَسِيرَةً تَعْلُو لِرُكْبُّهُ
فِي كُلِّ غُصْنٍ قِصَّةٌ عَنْ عَاشِقٍ
لِلْهَوَى مَطْرُوحٍ كَمَنْ ذَاقَ عَذْبَهُ
أَوَاهُ يَا سَلْقِينُ، يَا عِزَّ أُسْطُورَةٍ
مَاضٍ تَفَجَّرَ مِنْ جَمَالِكِ سَكْبُهُ
يَا أَرْضِي الَّتِي أَشْتَاقُهَا فِي غُرْبَتِي
يَا أُمَّ حُبٍّ فِي الضُّلُوعِ يَكْتُبُهُ
مَنْ ذَا يُنَازِعُنِي الْهَوَى فِي بَوْحِهَا؟
أَوْ يَجْرُؤُ الشُّعَرَاءُ أَنْ يُدْرِكُوا حُبَّهُ
هَلْ يُنْكِرُ الْقَيْسُ اشْتِيَاقَ مَنَازِلٍ؟
هَلْ تَخْشَعُ الْخَنْسَاءُ عِنْدَ حَطْبُّهُ؟
إِنِّي نَذَرْتُ الشِّعْرَ فِيكِ قُرُنْفُلًا
وَاللَّيْلُ يُهْدِي النَّجْمَ فِي طِيبِ تُرْبَّهُ
يَا وَرْدَةَ الْأَوْطَانِ، يَا حُلُمَ السَّنَا
إِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْكِ زَادَ زَهْوَ مُوَاظِبِّهُ
يَا مَوْطِنَ الْعُشَّاقِ، أَنْتِ حَنِينُنَا
وَأَنْتِ يَا سَلْقِينُ سِرُّ أَمْجَادِ كِتَابَّهُ
يَا أُمَّ أَجْدَادِي وَمَجْدَ سُؤْدَدٍ
فِيهِ الْوَفَا يَحْمِي الرِّفَاقَ وَشَذْبَّهُ
يَا شَمْسَ أَيَّامِي وَمِسْكَ حِكَايَةٍ
فِيهَا الْحُقُولُ تَغَفَّتِ الْوَرْدَ لِرَبِّهُ
فَهَلْ يَعُودُ اللَّيْلُ يَحْضُنُ أَهْلَهُ؟
هَلْ يَبْتَسِمُ الْفَجْرُ إِذْ عُدْتُ كَوْكَبَّهُ؟
سَلْقِينُ يَا حُلْمَ الطُّفُولَةِ فِي دَمِي
وَسِرُّ هَذَا الْقَلْبِ أَنَّكِ نَبْضُ طَلَبَّهُ
فِي كُلِّ دَرْبٍ كُنْتِ بَدْرَ مَنَارَةٍ
وَالنَّجْمُ يُحْيِي كُلَّ لَيْلٍ حُبَّهُ
هَذِهِ الْحُقُولُ تَغَارُ مِنْ أَسْرَارِهَا
إِنْ أَوْرَقَ الزَّيْتُونُ هَامَتْ رُطَبَّهُ
يَا سَلْقَةَ الْأَزْمَانِ يَا دُرَرَ الثَّرَى
فَخْرُ السَّمَاءِ بَدَتْ كَمَا لَوْ سُحْبَّهُ
كَمْ طَافَ شِعْرِي فِي الْمَفَاوِزِ
خَاشِعًا إِلَّا لِرَوْضٍ كَانَ أَنْتِ سَبَبَّهُ
يَا أُمَّ أَطْيَافِ السَّلَامِ تَبَارَكَتْ
خُطُوَاتُ أَرْضٍ كَانَ يُغَنِّي غُرْبَّهُ
فِي كُلِّ قَلْبٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَجْدُنَا
تَحْيَا الْجُذُورُ وَفِي السَّمَاءِ مَآبَّهُ
فَهَلْ يَجِيءُ الْعُمْرُ فِي ظِلٍّ رَطِيبٍ؟
أَمْ يَحْتَفِي فَجْرِي بِمَا لَيْسَ عَجَبَّهُ؟
تَبْقَى مَقَامَ الرُّوحِ يَا سَلْقِينُ لِي
يَا كَعْبَةَ الْأَوْطَانِ أَنْتِ وَحَسْبَّهُ
سَلْقِينُ.. لَوْ تَدْرِينَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْكِ
لَعَلِمْتِ أَنَّ الْحُبَّ فِي الرُّوحِ صُلْبَّهُ
سَلْقِينُ.. لَوْ تَنْطِقُ بِالْأَحْرَارِ أَرْضٌ
لَكَانَ صَدَى حُبِّكِ بالدُّنْيَا أَرق طَرْبَّهُ
148
قصيدة