عدد الابيات : 26
يَا مَنْ تُضِيئِينَ الْمَدَى بِجَمَالِكِ
وَتُذِيبِينَ الْحَرْفَ بِالْأَقْوَالِ
إِنِّي أَتَيْتُكِ شَاعِرًا مُتَبَتِّلًا
أَنْسُجْ هَوَاكِ بِسِحْرِ كُلِّ مَقَالِ
فَامْنَحِينِي مِنْ رُؤَاكِ تَبَسُّمًا
يُحْيِي الْفُؤَادَ وَيُوقِظُ الْآمَالِ
لَمَّا الْتَقَتْ عَيْنِي بِعَيْنَيْكِ لَوْهْلَةٍ
أَدْرَكْتُ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ جَمَالِي
يَا مَنْ سَكَنْتِ الْقَلْبَ دُونَ تَرَدُّدٍ
وَغَزَوْتِنِي بِالشَّوْقِ وَالْأَنْفَالِ
أَهْوَاكِ إِنْ طَافَتْ خَيَالَاتُ الْمُنَى
أَوْ جَفَّ دَمْعُ الْعَاشِقِ الْمِتْوَالِ
وَجْهٌ كَصُبْحِ الْفَجْرِ لَمَّا أَقْبَلَتْ
أَنْقَذْتِ رُوحِي مِنْ لَظَى الْأَهْوَالِ
قَدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقَائِكِ الْمُتَأَدِّبِ
صَبًّا يَتِيهُ بِوَهْمِهِ الْمُخْتَالِ
حَتَّى بَدَتْ فِي مُقْلَتَيْكِ بَشَائِرُ
مِنْهَا اسْتَنَارَ اللَّيْلُ بِالْأَوْصَالِ
وَسَمِعْتُ مِنْ شَفَتَيْكِ لَحْنَ مَحَبَّةٍ
أَحْيَا السُّكُونَ وَمَاتَ كُلُّ جِدَالِ
وَسَقَيْتِنِي كَأْسَ الْهَوَى مُتَرَقْرِقًا
فَارْتَاحَ صَدْرِي مِنْ لَظَى الْإِهْمَالِ
يَا زَهْرَةً بَيْضَاءَ فِي أَرْضِ الدُّجَى
يَا بَسْمَةً تُحْيِي الرَّجَاءَ الْخَالِي
أَنَا مَا عَشِقْتُ سِوَاكِ، يَا قِبْلَ الْمُنَى
وَحَيَاةُ قَلْبِي بَيْنَ نُورِكِ سَالِ
هَلْ تَعْلَمِينَ بِأَنَّ فِيكِ هِدَايَتِي
وَبِأَنَّ حُبَّكِ مُنْتَهَى الْآمَالِي؟
كَمْ قَدْ صَبَرْتُ عَلَى الْجَفَاءِ تَكَبُّرًا
حَتَّى غَدَوْتُ الْحَالِمَ الْمُتَعَالِي
لَكِنَّ عَيْنِي حِينَ سَافَرَتَا إِلَى
عَيْنَيْكِ خَرَّتْ فِي هَوَاكِ مَقَالِي
أَنَا مُنْذُ أَوَّلِ لَمْسَةٍ لَكِ صِرْتُهَا
جَسَدًا يُذِيبُ الشَّوْقَ بِالْأَوْصَالِ
يَا لَيْلَهَا كَمْ مَرَّ بِي دُونَ الرُّؤَى
فَإِذَا بِهَا، كَالْبَدْرِ فَوْقَ جِبَالِي
مَا إِنْ نَطَقْتِ، تَخَثَّرَتْ أَنْفَاسِيَ
وَتَكَسَّرَتْ أَنْفَاسُهَا بِأَهْوَالِي
وَإِذَا خَطَوْتِ، تَرَاقَصَتْ كُلُّ الرُّبَى
وَغَفَا النَّسِيمُ عَلَى خُطَى الْمُتَلَالِي
وَكَأَنَّ كُلَّ الْكَوْنِ قَامَ مُبْتَهِلًا
لِجَمَالِكِ السَّامِي، وَدُونَ جِدَالِ
حُورِيَّةٌ، أَمْ أَنْتِ آيَةُ سَاحِرٍ؟
أَمْ أَنَّ سِحْرَكِ آيَةُ الْإِنْزَالِ؟
يَا لَيْتَنِي شَمَمٌ عَلَى جِيدِ الْهَوَى
أَبْقَى بِقُرْبِكِ، دُونَ أَيِّ زَوَالِ
فَإِذَا خَتَمْتُ حُرُوفِيَ الْمُتَرَنِّمَة
فَالْعُذْرُ إِنْ خَانَتْ يَدِي أَفْعَالِي
فَالْحُبُّ أَعْظَمُ مِنْ قُيُودِ قَصَائِدِي
وَأَجَلُّ مِنْ نَظْمٍ وَمِنْ أَثْقَالِي
لَكِنْ رَجَائِي أَنْ تَقُولِي مَرَّةً:
"قَدْ كُنْتَ بَيْتَ الشِّعْرِ فِي أَحْوَالِي"
148
قصيدة