عدد الابيات : 27
تَمْشِي الْحَيَاةُ وَفِي طَيَّاتِهَا أَمَلُ
يُهَدْهِدُ الرُّوحَ إِنْ ضَاقَتْ بِهَا السُّبُلُ
وَالدَّهْرُ مَسْرَحُ مَنْ يَرْجُو النُّهَى، فَكَمَا
يَجْنِي الْحَصِيفُ، يَرَى مَا زَرَعَهُ يَصِلُ
وَالنَّفْسُ تُرْهِقُهَا الْأَيَّامُ مُنْهَكَةً
فَصَبْرُهَا زَادُ مَنْ فِي الدَّرْبِ يَرْتَحِلُ
وَالْحُكْمُ لِلَّهِ فِي الْأَقْدَارِ مُنْفَرِدٌ
مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ يَخْذُلُ
فَاعْقِلْ قَضَاءَ الْإِلَهِ، وَارْتَضِ قِسَمًا
فَكَمْ تَجَلَّى نُهًى فِي الصَّفْحِ يَكْتَمِلُ
وَاحْمِلْ هُمُومَكَ فِي صَبْرٍ وَفِي أَمَلٍ
فَالصَّبْرُ مِفْتَاحُ مَا أَغْلَقْتَ مِنْ سُبُلُ
وَإِنْ رَمَاكَ الزَّمَانُ بِالشَّدَائِدِ، فَاصْبِرَنَّ
وَاذْكُرْ إِلَى اللهِ دُعَاءً بِالضَّرَاءِ يَكْتَمِلُ
فَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ نَزَلَتْ
بِهِ اللَّيَالِي، يُغِثْهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُنْزِلُ
وَاتْرُكْ هُمُومَ الرِّزْقِ، فَالرِّزْقُ قَدْ قُسِمَتْ
أَقْدَارُهُ بِيَدِ الرَّحْمَانِ الْوَاحِدُ الْكَمَلُ
وَإِنْ ضَاقَتِ الْأَرْضُ، فَارْحَلْ سَاعِيًا أَمَلًا
فَأَرْضُهُ وَاسِعَةٌ تَحْكِي رَحَابَ الْأَطْلَلُ
وَارْعَ الْأَمَانَةَ، وَاجْتَنِبْ مَسَالِكَهَا كُلُّ
الَّذِينَ خَانُوا فِي الْمَآثِرِ قَلَّ مَا وَصَلُوا
فَكَمْ حَرَمَتْهُمُ الدُّنْيَا بِنَارِ نِقْمَتِهَا
وَغَادَرَتْهُم بِطَغْيَانٍ مَا هَادُوا وَ أَمِلُوا
وَاحْذَرْ دُعَاءَ مُهَانٍ، فَالدُّعَاءُ سَهْمٌ
يُصِيبُ مِنْ أُولِي الْإِسْرَاءِ إِذَا ظُلِمُوا
وَاصْبِرْ عَلَى كُلِّ بَأْسٍ، فَالْبَلَاءُ لَهُ
حِكْمَاتُ رَبٍّ بِسِرِّ الْغَيْبِ تَنْفَصِلُ
فَكَمْ تَجَلَّتْ وُجُوهٌ فِي الْمَصَائِبِ
لَمْ تَزِدْهَا إِلَّا رُقِيًّا حِينَ تَكْتَمِلُ
وَاتْرُكْ مَذَاقَ الْخِيَانَاتِ الَّتِي سَقَطُوا
فِي جُرْحِهَا، لَا يُرَجَّى فِيهِمُ عَدَلُ
وَانْهَضْ بِقَلْبٍ عَلَى التَّوْكِيلِ مُؤْتَمِنٍ
لِلَّهِ، يَرْفَعُ عَنْكَ الْبُؤْسَ وَالْوَجَلُ
فَاللَّهُ لَا يَغْفَلُ الْعَبْدَ الَّذِي ثَبَتَتْ
خُطَاهُ فِي اللَّيْلِ وَالْأَنْفَاسُ تَشْتَعِلُ
وَاحْذَرْ مَظَالِمَ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ سُبُلٌ
فَالظُّلْمُ مَهْلَكُ مَنْ فِي الْأَرْضِ مُشْتَغِلُ
وَكَمْ دُعَاءُ كَئِيبٍ فِي الدُّجَى سُئِلَتْ
لَهُ السَّمَاءُ، فَجَاءَ النَّصْرُ يَتَّصِلُ
فَلَا تَظُنَّ بِأَنَّ الرِّزْقَ يَنْقَطِعُ
مَا دُمْتَ تَسْعَى وَبَابُ اللهِ مُقْتَبَلُ
وَالْأَرْضُ مَا ضَاقَتِ الرُّؤْيَا عَلَى رَجُلٍ
إِلَّا وَفِي أُفُقِ الرَّحْمَانِ مُتَّطَوِّلُ
هَذِي الْوُصُوفُ دُرُوسٌ لِلْفُؤَادِ، فَلَا
تَنْسَاهَا إِنْ هَبَّ مِنْ أَيَّامِكَ الْخَجَلُ
وَاجْعَلْهَا نُورَ عَيْنٍ فِي الْمَسِيرَةِ، إِذْ
تَحْتَاجُ وَصْفًا لِدَرْبٍ دُونَهُ الْأَجَلُ
وَاصْدَحْ بِهَا فِي الرُّبَى، لِلْخَلْقِ تَسْمَعُهَا
فَالشِّعْرُ يَسْمُو إِذَا فِيهِ الْهُدَى نُقِلُوا
وَالنُّورُ يَسْكُنُ فِي الْأَلْفَاظِ إِنْ كُتِبَتْ
يَدُ الْمَحَبَّةِ وَالْإِيمَانُ يَكْتَمِلُ
فَاخْتِمْ كَلَامَكَ ذِكْرًا، فَالصَّفَا عِطَرٌ
يُرْجَى لِقَلْبٍ إِذَا فِي النُّورِ يَشْتَعِلُ
148
قصيدة