الديوان » العصر العثماني » معروف النودهي » تحيات إجلال عن الحصر جلت

عدد الابيات : 81

طباعة

تحيّات إجلال عن الحصر جلَّت

أضاءت كشمس للقلوب تجلَّت

وأثنيةٌ في الخافقين تأرَّجت

كأوعيةٍ عن نافح المسك حلَّت

إلى حضرة السُّلطان غرَّة دهره

وراقي ذرى طود الكمال وعزَّة

وغوث بلاد المسلمين وغيثها

وناصر دين الله، حامي الحقيقة

هو الملك المشغوف بالفتح والوغى

وساقي جيوش الكفر كأس المنية

وسلم مواليه وحرب عدوِّه

(سليمٌ) سليم الصَّدر صافي السَّجَّية

أحصِّنه بالله من شرِّ حاسدٍ

ومن مدلهمّات الخطوب الملمَّة

ووالده السُّلطان ذو المجد (مصطفى)

مآثره لاحت كشمس الظَّهيرة

و (أحمد) سلطان الممالك جدُّه

وهازم جند الكافرين بسطوة

سقت سحب الرِّضوان طيب ثراهما

كوطفاء في عهد الرَّبيع استهلَّت

هنيئاً لكم يا آل عثمان، كلُّكم

ملوكٌ كرامٌ، أهل مجدٍ ونجدة

ممالك إسلامٍ قد تمهَّدت

وأنتم ظهير الملَّة النَّبويَّة

نصرتم على حزب النَّصارى كأنَّكم

من الله جاءتكم جنودٌ لنصرة

كسوتم لدى الهيجاء عن سطوتكم

بني أصفر أثواب خزيٍ وذلَّة

وأخر جتموه عنوةً عن بلادهم

أخذتم قراهم قريةً بعد قرية

فخلُّوا لكم أوطانهم وتقلَّصوا

جميعاً إلى أقصى صيّاصٍ قصيَّة

مصانعهم أسكنتموها جنودكم

وما شيَّدوها من حصونٍ منيعة

فمزَّقتم الكفّار كلَّ ممزَّقٍ

بقتلٍ وأسرٍ والفتوح الكثيرة

ولم تتَّفق تلك الفتوح لغيركم

من النّاس حتّى في العصور القديمة

وآثاركم يروى صحيح حديثها

وتبقى بقاء النَّس على وجه البسيطة

مدارس علمٍ عمِّرت بعطائكم

ومن جودكم تجهيز حجٍ ] وعمرة

سعدتم بما ساعدتم الحرمين مذ

قرونٍ خوالٍ بالعطايا الغزيرة

وفي كلِّ عامٍ كم بعثتم إليهما

عطايا قناطير النُّضار وفضَّة

معايس أهل البلدتين مدارها

على ما سمحتم من مواهب جمَّة

فيافي سبل الحجِّ سهَّل خوضها

مساعدةٌ منكم وجيشٍ وعدَّة

فلولاكم ما زار طيبة زائرٌ

ولا سار نوقٌ بالحجيج لمكَّة

وكم أجورٍ في صفائحكم جرت

مناقبكم شتّى عن الحصر جلَّت

جزاكم إله العرش خير جزائه

وأسكنكم فضلاً بحابح جنَّة

وخوَّله ما لم ينله سواكم

وحوَّل عنكم شرَّ كلِّ رزيَّة

وأوعزكم خيراً وأفزع ضدَّكم

ومتَّعكم دهراً بملك ودولة

فيا أيُّها السُّلطان خاقان عصره

ومن حفَّه الباري بأسبغ نعمة

وقامع أهل الشِّرك مصطلم العدى

وجامع شمل النَّاس بعد تشتُّت

ومن كفُّه بحرٌ وديدنه العطا

ومن دينه بعث البعوث لغزوة

حباك بما يرضاه ربُّك من منى

وحيَّاك في الدّارين خير تحيَّة

وخصَّك بالفتح المبين ونصره

وإنزال جندٍ منه في كلِّ وقعة

وزادك ألطافاً وفتح أماكن

لغيرك لم تفتح ولا لخليفة

وعافاك من ريب الزَّمان وصرفه

ومن شرِّ شيطانٍ وإنسٍ وجنَّة

وهذا دعائي لست منه ببارحٍ

مدى عمري في كلِّ يومٍ وليلة

وكم دعوةٍ ألحقت فيها تقبُّلت

وما خاب سؤلي وابتهالي ورغبتي

وبين يدي نجواك قدَّمت دعوةً

وأثنيةً تحكي أزاهير ربوة

وقد آن لي أن أبوح بحاجتي

لعلَّك تقضها وتكشف كربتي

وفي أربي سرٌ يدقُّ عن النُّهى

هو القصد من ارسال هذي القصيدة

وذلك أنِّي من صعاليك آل من

على فترةٍ جاء بالكتاب وسنَّة

ومن ظهرت أياته وتواترت

وسنَّته الغراء خير محجَّة

ومن آله فرضٌ على النّاس حبُّهم

عليه صلاة الله في كلِّ لحظة

ولو أنَّني ألَّفت ألف مجلَّدٍ

بنثرٍ ونظمٍ كالدَّراري المنيرة

لما كملت لي نبذةٌ من ثنائه

فما بال ما أملي؟! وما بال مدحتي؟!

ومسقط رأسي أرض كردٍ وربعها

وقد كان منها نشأتي ثمَّ نشوتي

ولكنَّني قد عفت فيها إقامة

فإني عفت فيها رسوم مسرَّتي

ولم يبق من روحٍ وصفوٍ وراحةٍ

بأوطان كردٍ أو سرورٍ وبهجة

مرابع لا يحلو بها عيش قاطنٍ

ولو أنَّه يأوي إلى رأس قلَّه

بلادٌ بها قرن الشَّياطين طالعٌ

وكم فتنةٍ فيها مساعر فتنةِ

وكم بدعٍ فيها فشت ومحارمٍ

قد أنتهكت من أهل بغيٍ وشرطةِ

وآمل فيضٍ من جهام سراتها

كراجي شرابٍ من سرابٍ بقيعة

ففيها لأرباب البصائر عبرةٌ

وقد حقَّ أن يبكي عليها بعبرة

فأكنانها ضاقت عليَّ برحبها

يضيق على اللَّهفان وجه البسيطة

فما دمت فيها لا أزال مكابداً

تفاقم أشجانٍ وكثرة حسرة

وأحوالنا أحوى لنا إذ تغيَّرت

وأفعالنا أفعى لنا بالضَّرورة

وربَّ عناً عانيته وملمَّة

وكم غيرٍ عاينت شيَّبن لمَّتي

فآونةً أسعى وأركد تارةً

وطوراً إلى خفضٍ وطوراً لرفعة

تخلَّفت عن صحبي وأمشي وراءهم

على مهلٍ من بعد إدلاج رفقتي

وكم قاطع دربٍ بسمرٍ وبارق

وكم حال دوني من مسالك وعرة

قصرت وحالي فوق ما قد بثثته

كمن خاض بحراً راكباً في سفينة

فهاج بها أمواجه فتصدَّعت

وظلَّ فريداً فوق لوحٍ بلجَّة

وليس بأرض الله مثل بلادنا

فساداً وضيماً فهي أفظع بقعة

فيا ليتها أضحت بلاقع لم يبت

بها أحدٌ من أهل بدوٍ وبلدةِ

وقد وجبت عيناً على علمائها

وسادتها أهل النُّهى والرَّعيَّة

مهاجرةٌ عنها فأنَّ جلاءهم

فرارٌ بدين من غوائل فتنة

ولي برهةٌ أزمعت غير مناكثٍ

رحيلاً ولو بأهلي وحبيتي

وأمنيتي، بل نيَّتي ظعنٌ إلى

مهاجر إبراهيم قبل منيَّتي

فقد وردت فيه أحاديث جمَّةٌ

وكم بركاتٍ فيه فاضت جزيلةٍ

ولكنَّني قد ثبطتني عوائقٌ

وأعوزني أسباب ظعنٍ ورحلة

وكيف على الأسفار يقدر من له

عيالٌ وقد أعياه أعباء عيلة

ولو تاح لي يوماً ثواءٌ بأيليا

فأقصى منى قلبي وغاية بغيتي

ومن لي بأن أحظى ببيت مقدسٍ

وأنجو من دار الهوان ومحنة

يسيرٌ على السُّلطان إن كان يعتني

بشأني إنجاحي وإنجاز منيتي

وتجهيز ترحالي واقطاع علقةٍ

لأهلي بشامٍ أو بقدسٍ وبلغة

ومن ذا الَّذي قد جاءه وهو آملٌ

لديه عطاءً ثم آب بخيبة

فبالله يا سلطان أهل زمانه

أغثني وأدركني بتفريج غمَّتي

وخذ بيدي للقدس لا زلت فائزاً

بأسعاف آمال وأرغد عيشة

أصلي على خير الأنام وآله

وأصحابه في بكرةٍ وعشيَّة

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن معروف النودهي

avatar

معروف النودهي

العصر العثماني

poet-Maruf-al‑Nudhi@

40

قصيدة

3

الاقتباسات

0

متابعين

معروف النودهي (1166 هـ - 1254 هـ / 1753م - 1838م) هو محمد معروف بن مصطفى بن أحمد النودهي الشهرزوري البرزنجي الشافعي، ويُعرف بالشيخ معروف النودهي، وأحيانًا بالبرزنجي. متصوّف وباحث، ينتمي ...

المزيد عن معروف النودهي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة