عدد الابيات : 57
أُحِبُّكِ جِدًّا… فَمَاذَا بِقَلْبِي يُقَالُ؟
وَمَا فِي دَمِي مِنْ خُيُولِ الْجَمَالِ؟
أُحِبُّكِ حُبَّ اشْتِعَالِ اللَّيَالِي
كَأَنِّي خُلِقْتُ لِدِفْءِ الْوِصَالِ
كَأَنَّ الْهَوَى فِي دَمِي مُنْقَشٌ
عَلَى رَاحَتَيْكِ، عَلَى الظِّلِّ، لِلْمِحْمَالِ
كَأَنِّي إِذَا غِبْتِ، تُطْفَأُ شَمْسٌ
وَتَغْدُو الْكَوَاكِبُ فِي الْيَمِّ كَالتِّمْثَالِ
أَنَا مُذْ عَرَفْتُكِ… صِرْتُ أُقِيمُ عَلَى
طَرَفِ شَوْقٍ، وَنَبْضِي رَحَالِ
أَنَا مُذْ سَكَنْتِ شَرَايِينِيَ… مَا عُدْتُ
أَعْرِفُ كَيْفَ النَّجَاةُ، وَمَنْ ذَا يُبَالِي؟
تَغَرْغَرْتُ حُبًّا… كَأَنَّ الْحُرُوفَ تَصِيرُ
بِحَضْرَتِكِ الْمِسْكَ فِي السِّرْدَالِ
فَأَنْتِ النَّدَى، وَالصَّبَاحُ الْبَعِيدُ…
وَأَنْتِ اخْتِصَارُ قَصِيدِي، وَبَيْتُ سُؤَالِي
إِذَا مَرَّ طَيْفُكِ فَوْقَ الْمَدَى…
تَنَفَّسَ قَلْبِي عَبِيرَ الْخَيَالِ
وَإِنْ هَمَسَ اللَّيْلُ بِاسْمِكِ يَوْمًا…
تُفَتَّحَ وَرْدٌ عَلَى كُلِّ جَالِ
رَأَيْتُكِ حُلْمِي، وَكُنْتِ اتِّسَاعِي…
فَصِرْتُ أَقِيسُ الزَّمَانَ بِحَالِي
وَكُنْتِ بِعَيْنِي ضِيَاءَ الْقَصِيدَةِ…
فَلَا تَذْهَبِي وَتَتْرُكِيهَا تَعَالِي
أَنَا مِنْكِ أَحْيَا… كَأَنَّ فُؤَادِي
يَفِيضُ بِذِكْرِكِ فِي كُلِّ جَالِ
وَفِي كُلِّ دَرْبٍ… خُطَاكِ مَنَارٌ
وَيَهْدِيكِ دَمْعِي، وَيَمْحُو انْفِعَالِي
أَحِنُّ إِلَيْكِ… كَمَا يُشْتَهَى الْمَطَرُ
الْعَذْبُ فِي حَرِّ آبٍ الْغَوَالِي
وَأَشْرَبُ حُبَّكِ… كَأْسًا بِكَأْسٍ
وَلَا يَرْتَوِي الْقَلْبُ رَغْمَ احْتِمَالِي
تَوَشَّحْتُ فِيكِ ارْتِعَاشَ الْحُرُوفِ…
وَصِرْتُ الْبَيَانَ، وَصَارَتْ سُؤَالِي
فَيَا مَنْ سَكَبْتِ النَّقَاءَ بِصَدْرِي…
تَرَيَّثِي، فَالْهَوَى لَا يُبَالِي
وَمَا كُنْتُ أَرْنُو لِغَيْرِكِ يَوْمًا…
وَمَا خُضْتُ حُبًّا بِغَيْرِ الْآمَالِي
وَإِنِّي صَبَرْتُ كَأَنِّي نَبِيٌّ
يُكَفِّنُ سِرَّ الْعَذَابِ بِبَالِي
وَمَا زِلْتُ أُغْرِي الْقَصَائِدَ كَيْمَا…
تُبُوحُ بِحُبِّكِ فَوْقَ الرِّمَالِ
فَمِنْكِ الْبِدَاءَةُ، فِيكِ خِتَامِي…
وَبَيْنَ يَدَيْكِ ارْتِقَاءُ انْفِعَالِي
أَيَا نَجْمَةً مِنْ نَدَى الْوَرْدِ جَاءَتْ…
تُغَنِّي وَتُسْكِنُ لَيْلَ الْجِبَالِ
وَيَا وَمْضَ نَهْرٍ… إِذَا مَا أَضَاءَ
جُفُونِي، يُعِيدُ اتِّسَاقَ الْمَجَالِي
أَحِنُّ إِلَيْكِ… كَأَنَّ الطُّفُولَةَ
تَسْكُنُ فِيَّ بِظِلِّ الْخَيَالِ
وَتَسْكُنُ نَبْضِي هَمُوسًا نَدِيًّا
كَأَنَّكِ مُوسِيقَى ضَوْءِ الْهِلَالِ
أَتَيْتُكِ رَغْمَ الشُّجُونِ الْعَتِيقَةِ
كَأَنَّكِ فَجْرِي، وَكَأَنِّي اللَّيَالِي
أُحِبُّكِ… لَا تَسْأَلِي عَنْ حُدُودِي
فَحَدُّ الْجُنُونِ فَسِيحُ الْمَجَالِي
إِذَا مَا انْتَهَيْنَا… فَحُبُّكِ يَبْقَى
يُغَنِّي بِقَلْبِي بِغَيْرِ الْمَآلِي
وَتَبْقَيْنَ أُنْشُودَةً لَا تَمُوتُ…
كَأَنَّكِ فِي الْعُمْرِ سِرُّ الْجَلَالِ
سَأَبْقَى أُصَلِّي لِدِفْءِ يَدَيْكِ…
كَأَنَّكِ فِي رَاحَتَيَّ الْكَمَالِ
سَأَبْقَى أُرَدِّدُ أَنِّي فِدَاكِ…
وَأَنَّكِ فِي الْأَرْضِ أَغْلَى الْمَعَالِي
فَلَوْ تَقْرَئِينِي شُعُورَ الْمَسَاءِ…
تُقِيمِينَ فِي مُهْجَتِي كَالظِّلَالِ
وَلَوْ تَسْكُنِينَ دُرُوبَ انْكِسَارِي…
تُعِيدِينَنِي مِنْ رَمَادِ انْفِعَالِي
أَيَا مَنْ نَشَرْتِ النَّقَاءَ بِحُلْمِي…
وَصُغْتِ الزَّمَانَ بِأَهْدَابِ غَالِي
دَعِينِي أُحِبُّكِ مَا دَامَ فِيَّ
حَنِينٌ، وَمَا دَامَ فِي الصَّدْرِ صَالِ
فَأَنْتِ الَّتِي تُسْكِنِينَ اللُّغَاتِ…
وَتَغْزِلُ فِي صَمْتِكِ الْمُسْتَحَالِ
أُحِبُّكِ جِدًّا… كَأَنَّ الْقَصِيدَةَ
تُوْلَدُ فِيكِ… وَتُنْسَى اللَّيَالِي
سَأَبْقَى أُحِبُّكِ… لَوْ قُطِّعَتْنِي
الدُّرُوبُ، وَصَادَرَنِي زَيْفُ هَذَا الْمَجَالِي
وَلَوْ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكِ مَوْتًا…
سَأَعْبُرُهُ بِخُطَى عَاشِقٍ مُغْتَالِ
سَأَبْقَى أُحِبُّكِ… إِنْ شِئْتِ دَهْرًا
وَإِنْ شِئْتِ صَمْتًا، وَإِنْ شِئْتِ أَقْفَالِي
فَحُبُّكِ دِينٌ… يُصَلِّي الْفُؤَادُ
لَهُ كُلَّ حِينٍ، وَيَخْشَعُ بِالْأَذَانِ الْمُحَالِ
أَنَا لَسْتُ أُتْقِنُ هَذَا الْفِرَاقَ…
فَدَرْبِي إِلَيْكِ، يَحِنُّ لِظِلِّكِ مَا يَزَالِ
فَكُونِي كَمَا أَنْتِ… رُؤْيَايَ دَوْمًا
وَظِلِّي عَلَى جُرْحِيَ الْمِنْهَالِ
وَلَا تَتْرُكِي مُهْجَتِي لِلشَّتَاتِ…
كَأَنِّي سَرَابٌ عَلَى الرَّمْلِ فِي التَّرْحَالِ
أُحِبُّكِ جِدًّا… وَلَوْ عَادَ دَهْرِي،
لَقُلْتُ الْهَوَى دِينِي، وَذَاكَ احْتِمَالِي
جِئْتُ الْقَصِيدَ، وَفِي يَدِي قِنْدِيلُهُ
أُشْعِلْتُهُ، فَاهْتَزَّ فِيهِ جَمَالُ
سِرْتُ الْهَوَى، وَاللَّفْظُ مِنْ أَنْفَاسِهِ
وَسَكَبْتُ مِنْ وَجْدِ الْمَعَانِي صَالُ
أَهْدَيْتُ لِلْغِيدِ الْحُرُوفَ، فَصَاغَهَا
طَيْفُ الْجَمَالِ، وَعَانَقَ التِّمْثَالُ
لَمَّا رَسَمْتُكِ بِالشَّذَى، تَنَفَّسَتْ
كَفُّ الْقَصِيدَةِ، وَانْتَحَى الْإِهْمَالُ
كُلُّ الَّذِي قَدْ قِيلَ فِيكِ كَأَنَّهُ
قَبَسٌ يُضِيءُ، وَشِعْرُهُمْ ظِلَالُ
جَفَّتْ مَحَابِرُ مَنْ سِوَايَ، وَحَرْفُنَا
نَبْضٌ، وَذَاكَ النَّبْضُ فِيهِ كَمَالُ
أُهْدِيكِ مِنْ قَلْبِ الْمَجَازِ قَوَافِلًا
وَبِكُلِّ بَيْتٍ لِلْحُسْنِ احْتِفَالُ
وَلِكُلِّ حَرْفٍ مِنْكِ طَلْعَةُ رَاهِبٍ
سَجَدَ الْجَمَالُ، وَخَافَهُ الْإِخْلَالُ
هَذَا الْهَوَى، مَا عَادَ يُخْفَى صَوْتُهُ
فِي كُلِّ نَبْضٍ، أَوْ دُمُوعٍ سَالُوا
فَاسْمَعْ قَصِيدَ الْعَاشِقِينَ، فَإِنَّهُ
نَبَأُ الْجَمَالِ، وَسِرُّهُ الْمِيثَالُ
385
قصيدة