الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » عَرُوسُ الْغِيرَةِ

عدد الابيات : 52

طباعة

أُحِبُّكِ حُبًّا مَا رَوَتْهُ الْمَدَامِعُ

وَلَا فَاضَ فِي سِرِّ الدُّجَى السَّمَاءِ

وَأَهْوَاكِ حَتَّى ظَنَّ قَلْبِي بِأَنَّهُ

سَيَذْوِي إِذَا مَا غِبْتِ مِثْلَ الْغَمَاءِ

رَأَيْتُكِ بَيْنَ الْحُسْنِ طَيْفًا مُهَيْمِنًا

كَأَنَّكِ فِي عَرْشِ الْجَمَالِ عَلْيَاءُ

وَمَا كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ حُبَّكِ فِتْنَةٌ

تُحَرِّكُ فِي الْأَعْمَاقِ نَارَ الْوِجْدَاءِ

أُحِبُّكِ، لَا عِلْمَ الْهَوَى قَبْلَكِ اهْتَدَى

وَلَا كَانَ وَجْدِي بِالْحَشَا النُّدَمَاءِ

إِذَا ضَحِكَتْ عَيْنَاكِ، سَادَتْ جَوَارِحِي

وَصَارَ فُؤَادِي فِي يَدَيْكِ الْهُبَاءِ

فَإِنْ مِتُّ، مِتُّ عَلَى يَدَيْكِ غَرَامَ مَنْ

يُجَنُّ، وَيُخْفِي الشَّوْقَ عَنِ الْغُرَبَاءِ

وَإِنْ قُلْتِ: مَا لِي؟ قُلْتُ: مَا لَكِ كُلُّ مَا

تُرِيدِينَ، رُوحِي، بِالرَّجَاءِ، وَدَعْدَاءِ

تَخَالِينَنِي صَخْرًا؟ أَنَا الْعِطْرُ إِنْ مَسَّ

يَوْمًا جَبِينَكِ، وَالشُّعُورُ بِالرَّخَاءِ

إِذَا مَرَّ طَيْفُكِ، سَالَتْ بِي مُرْهَفَاتُ

الْحَنِينِ، وَذَابَ الْحَرْفُ فِي الْأَنْحَاءِ

تَمُرِّينَ، لَا أَدْرِي: أَسِحْرٌ؟ أَمِ الرُّؤَى؟

أَمِ الشِّعْرُ يَمْشِي حَوْلَ نُورِكِ بَهَاءِ؟

فَصِرْتُ إِذَا مَرَّ النَّسِيمُ بِذِكْرِكِ

أَغَارُ عَلَى رُوحِي مِنَ الضِّحْكَاءِ

أَيَا طَلْعَةً فِي الْحُسْنِ كَانَتْ يَتِيمَةً

كَأَنَّكِ بَيْتُ الشِّعْرِ فِي الْعَذْبِ رَاءِ

إِذَا خِلْتُ يَوْمًا أَنَّ قَلْبِي تَجَلَّدَا

ذَكَرْتُكِ، فَانْهَارَتْ قِلَاعُ الذَّكَاءِ

وَلَوْ قِيلَ لِي: "مَاذَا تُرِيدُ؟" لَقُلْتُهَا:

يَدَاكِ... وَعَيْنَاكِ... وَبَعْضُ الدُّعَاءِ

فَكَيْفَ أَكُونُ الرَّاضِيَ الْغَضَّ طَرْفَهُ

وَكُلُّ الْوَرَى مِنْ حُسْنِكِ فِي اكْتِفَاءِ؟

كَأَنِّي غَرِيبٌ فِي هَوَاكِ مُقَطَّعٌ

يُنَادِي حُرُوفَكِ... لَا يُجِيدُ النِّدَاءِ

فَلَا تَلُومِي قَلْبَ عَاشِقِكِ الَّذِي

تَخَطَّى حُدُودَ الْعَقْلِ وَالِافْتِرَاءِ

فَإِنِّي، وَإِنْ أَغْضَبْتُ دَهْرِي بِغَيْرَتِي

أَبِيتُ رَقِيقًا فِي هَوَاكِ عَفْوَاءِ

أَغَارُ كَأَنِّي قَدْ خُلِقْتُ لِغَيْرَةٍ

تُفَتِّتُ قَلْبِي فِي عَذَابِ الْوَلَاءِ

أَغَارُ، وَلَكِنِّي أُحِبُّكِ طَائِعًا

كَأَنِّيَ عَبْدٌ فِي هَوَاكِ الْوَلَاءِ

فَإِنْ سِرْتِ، فَالْبُعْدُ نَارٌ، وَإِنْ نَظَرُوا

إِلَيْكِ، تَوَلَّى صَبْرِي حُبَّ الْبَرَاءِ

أُرَاقِبُهَا وَاللَّيْلُ يَسْرِي بِهَمْسِهِ

كَأَنِّيَ طِفْلٌ تَاهَ فِي الضَّوْءِ كَرَّاءِ

أَغَارُ إِذَا دَاعَبَتْهَا نَسْمَةُ الصَّبَا

كَأَنِّي غَيُورُ الْحُبِّ، لِنَقْشِ حِنَّاءِ

وَأَغَارُ عَلَى الْكَأْسِ الَّذِي قَدْ شَرِبْتَهُ

إِذَا مَسَّ شَفَتَيْكِ، صَارَ عَدُوَّ النِّدَاءِ

وَأَغَارُ عَلَى ثَوْبٍ يُلَامِسُ جِسْمَهَا

وَعِطْرٍ سَرَى فِي مَفْرِقَيْهَا السَّرَاءِ

وَأَغَارُ عَلَى ضَوْءِ النُّجُومِ إِذَا بَدَتْ

كَأَنَّ هَوَاهَا فِي النُّجُومِ دُعَائِي

وَأَغَارُ مِنَ النَّسْمَةِ الرُّطْبِ إِنْ دَنَتْ

وَأَنْفَاسِهَا فِي صُبْحِهَا الْوَضَّاءِ

وَأَغَارُ مِنَ النَّجْمِ الْبَعِيدِ إِذَا بَدَا

يُحَدِّثُ طَرْفَكِ عَنْ جَمَالِ الضِّيَاءِ

وَأَغَارُ عَلَيْكِ مِنَ الضُّحَى حِينَ يُقْبِلُ

وَمِنْ كُلِّ صُبْحٍ لَاحَ فِيكِ بِالْبَهَاءِ

وَأَغَارُ مِنَ الْخَلْخَالِ لَمَّا تَدُقُّهُ

خُطَاكِ، كَأَنَّ الرُّوحَ فِيهِ رَجَاءُ

وَأَغَارُ إِذَا حَاكَى ثَنَايَاكِ ضَاحِكٌ

فَيَا وَيْلَ قَلْبِي مِنْ دُعَابِ الثَّنَاءِ

وَأَغَارُ مِنَ الظِّلِّ الَّذِي قَدْ غَشَاكِ إِنْ

أَمَالَ خُدُودَكِ فِي رَقِيقِ الْغِطَاءِ

وَأَغَارُ عَلَى طَيْفِكِ إِذَا جَاءَ غَافِلًا

فَأُشْعِلُ شَوْقِي فِي رُؤَى الْكِبْرِيَاءِ

وَأَغَارُ مِنَ الْأَهْدَابِ تُغْرِي بِعَيْنِهَا

وَمِنْ كُلِّ سِحْرٍ فِي جُفُونِ الْمَسَاءِ

وَأَغَارُ عَلَيْكِ مِنَ النَّسِيمِ إِذَا جَرَى

وَمِنْ هَمْسِ ثَوْبٍ، وَخُطَاهَا الْوَضَّاءِ

وَمِنْ وَرْدَةٍ نَامَتْ عَلَى جِيدِ زَهْرِكِ

وَمِنْ كُحْلِ عَيْنَيْكِ السَّخِيِّ النِّدَاءِ

يُعَاتِبُنِي قَلْبِي عَلَيْكِ، وَكَأَنَّهُ

طِفْلٌ، حُرِمْتُ يَدَيْهِ بَعْضَ الْعَنَاءِ

وَيَسْأَلُنِي النَّاسُ: "أَجُنِنْتَ؟" فَأَضْحَكُ

وَأَنْسَى صَوَابِي، مَا دَهَاهُ شِفَائِي

كَأَنَّكِ وَحْيٌ جَاءَ مِنْ زَمَنِ النَّدَى

فَحُقَّ لِيَ الْغِيرَةُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ

كَأَنَّكِ فِي صَمْتِ الْمَسَاءِ تَسَاؤُلٌ

يُحَدِّثُ نَبْضِي عَنْ هَوَاكِ الْخَفَاءِ

إِذَا قُلْتِ: "أَمْضِي"، ظَلَّ قَلْبِي مُعَلَّقًا

بِظِلِّ عَبِيرٍ مِنْ نَقَاءِ الْعَطَاءِ

وَإِنْ جِئْتِ، ضَاءَ اللَّيْلُ فِي مُقْلَتَيَّ، وَانْـ

ـثَنَى الْوَقْتُ طِفْلًا نَائِمًا فِي الرَّخَاءِ

وَإِنْ لَاحَ بَرْقٌ فِي الدُّجَى قُلْتُ: رُبَّمَا

يَرَى طَرْفُهُ نُورًا عَلَى الْكِبْرِيَاءِ

وَإِنْ خَطَرَتْ يَوْمًا عَلَى طَرَفِ خَاطِرِي

تَنَهَّدْتُ: مَنْ ذَا فِي هَوَاهَا يُسَائِي؟

فَدَعْنِي، فَبَعْضُ الْحُبِّ يُخْفِي نِيرَانَهُ

لِيَحْيَا كَرِيحِ الطِّيبِ فِي الْخُفَاءِ

فَمَا الْغِيرَةُ إِلَّا دَلِيلُ مَحَبَّةٍ

وَلَكِنَّهَا تُطْفَى بِرُشْدِ الْأَوْفِيَاءِ

فَكُفِّي، حَبِيبَ الرُّوحِ، عَنْ لَوْمِ غِيرَتِي

فَغِيرَتُهَا نَارٌ، وَحُبُّكِ مَائِي

وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ الْغَيُورَ، فَإِنَّنِي

أُعَاذِرُ قَلْبًا فِي هَوَاكِ بِالْبَلَاءِ

رَأَيْتُكِ نُورًا لَا يُضَاهِيهِ كَوْكَبٌ

فَخِفْتُ اخْتِطَافَ النُّورِ مِنْ ظَلْمَاءِ

فَدَعِينِي، فَمَا أَنَا بِالَّذِي يُتْقِنُ الصَّدَى

وَلَا بِالَّذِي يَرْضَى بِفُتَاتِ رِضَائِي

سَأَسْكُنُ حُبًّا لَا يُقَالُ، وَلَا يُرَى

وَلَكِنَّهُ فِي الْقَلْبِ حَيُّ الدُّعَاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

385

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة