الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » أَحْرُفُ اللَّهَبِ

عدد الابيات : 52

طباعة

يَا مَوْطِنَ الْحُرِّ، فِي أَحْشَائِكَ الْقَدَرُ

وَفِي ضُلُوعِكَ صَوْتُ الْحَقِّ يُزْدَارِي

هَذِي الْقَصِيدَةُ مِنْ صَوْتِي وَمِنْ دَمِي

وَمِنْ حَرَائِقِ أَيَّامِي وَإِصْرَارِي

أَكْتُبْهَا لِلَّذِي فِي الْجُرْحِ يُشْعِلُنِي

وَلِلَّذِي خَذَلَ الْأَحْلَامَ بِالْغَارِ

فَانْهَضْ قَصِيدَتِي الْكُبْرَى وَكُونِي لَهُ

نَصْلًا يُقَاتِلُ فِي صَمْتٍ وَإِكْبَارِ

مَا كُلُّ مَنْ حَمَلَ الْحُسَامَ مُهَنَّدٌ

إِنَّ الْجَمَالَ لِدَاهِيَةٍ مِغْوَاري

تَمْضِي الْعُيُونُ، وَلِلَحْظِ الْجَمَالِ سُمٌّ

مَا أَنْبَلَ الْمَوْتَ إِنْ أَهْدَتْهُ أَنْظَاري

أَفَاعِلٌ بِي فِعَالَ الْحَاقِدِ الضَّارِي

وَفِي يَدَيْهِ فُؤَادِي دُونَ أَسْتَارِي

يَمْضِي كَأَنَّ اللَّيَالِي كُلَّهَا غَضِبَتْ

وَلَا يَرَى غَيْرَ تَجْرِيحِي وَإِضْمَارِي

سَلْنِي، فَإِنِّي إِذَا مَا قَالَ مُعْتَذِرٌ

"مَا كُنْتُ أَعْلَمُ"، قُلْتُ: الْجُرْمُ أَعْذَارِي

وَالدَّهْرُ أَدْرَى بِمَنْ قَدْ خِفْتُ بَأْسَهُ

كَمَنْ يُهَادِنُ خَصْمًا لَا بِإِنْذَارِي

قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مِنْ نَأْيٍ وَمِنْ صَدٍّ

فَجَاءَ صَدُّكَ لِي كَالسُّمِّ فِي الْكَارِي

وَكُنْتُ أَرْجُو مِنَ الْأَيَّامِ مَوْعِظَةً

لَكِنَّهَا هَزِئَتْ بِي هُزْءَ سِمْسَارِي

مَا كُنْتُ أَهْوَى سِوَى صِدْقِ الْمَوَدَّةِ

فِي كَفٍّ نَقِيَّةٍ كَالْأَطْهَارِ أَبْرَارِي

فَإِنْ سَقَطْتُ فَمِنْ وَجْدٍ وَمِنْ شَجَنٍ

لَا مِنْ خُطَى الذُّلِّ أَوْ وَسْوَاسِ أَفْكَارِي

أَمْشِي عَلَى جَمْرَةٍ لَا مَاءَ يُطْفِئُهَا

وَلَا يُعِينُ بِهَا صَبْرٌ لِأَشْعَارِي

مَا ضَرَّنِي صَخْرُ قَوْمٍ لَوْ تَحَمَّلَهُ

صَبْرُ الْجِبَالِ لَمَا نَاجَاهُ إِصْبَارِي

فَكَمْ تَجَمَّلْتُ وَالْأَحْزَانُ تَسْكُنُنِي

وَالنَّاسُ تَحْسَبُ أَنَّ الْبَسْمَةَ أَسْحَارِي

مَا كَانَ ذَنْبِي سِوَى أَنِّي أُصَادِقُهُمْ

وَأَرْفَعُ الْوُدَّ حَتَّى فَوْقَ مِقْدَارِي

وَكَيْفَ أَشْكُو وَقَلْبِي لَا يُجَامِلُنِي

وَفِي جُرُوحِ الْهَوَى تَجْرِي مَجَارِي

فَهَذِهِ النَّفْسُ لَوْ بَاحَتْ بِمَا احْتَمَلَتْ

لَرَاقَ دَمْعُ السَّمَا وَارْتَجَّ مِحْرَارِي

أُقِيمُ صَرْحَ الرُّجُولَاتِ الْعَظِيمَةِ فِي

زَمَانِ غَدْرٍ يُغَنِّي فَوْقَ أَشْوَارِي

وَأَخْتُمُ الْقَوْلَ لَا أَشْكُو وَلَا أَجْزَعُ

لِلَّهِ أَمْرُنَا مَا شَاءَ فِي الْجَارِي

إِنِّي وَإِنْ مَزَّقُوا وَجْدِي بِمِخْلَبِهِمْ

مَا زِلْتُ أَحْمِلُهُ فَوْقَ الْمِقْدِارِي

لَا يُخْجِلُ الْحَقَّ إِلَّا صَمْتُ أَلْسِنَةٍ

إِذْ يَسْتَبِيحُ الْخَطَا أَرْضَ الْمِنْوِارِي

يَا مَنْ خَذَلْتَ وُفُودَ الْوُدِّ فِي طَرَبِي

لَا تَرْتَجِي بَعْدَهَا صَفْوَ الدَّوَاوِيرِ

لَيْسَ الْجَمَالُ وُجُودًا فِي مَظَاهِرِهِ

إِنْ لَمْ يُنِرْ قَلْبُهُ أَخْلَاقُ تَكْوِيرِي

مَا كُلُّ مَنْ ضَحِكَتْ أَيْنَاثُهُ وَفَمُهُ

يَسْقِي الْفُؤَادَ كَمَا تَسْقِيهِ أَزْهَارِي

كَمْ شَاخَ فِي نَظَرِي حُسْنٌ مُجَرَّدُهُ

مِنْ نُبْلِ مِيزَانِهِ فَافْتَرَّ مِعْيَارِي

وَكَمْ سَقَيْتُ جُرُوحَ الْقَلْبِ أُغْنِيَتِي

فَأَخْرَسَتْنِي وَمَا أَخْمَدْنَ النَّاري

فَلْيَشْهَدِ الْحُرُّ إِنِّي لَا أُمَارِقُهُمْ

وَإِنَّنِي صَامِدٌ حَتَّى بِأَوْتَّارِي

مَا كَانَ وَجْدِي هَوًى يُرْجَى تَقَلُّبُهُ

بَلْ كَانَ شَمْسًا تُبَاهِي فَوْقَ أَقْمَارِي

إِنِّي رَضِيتُ بِمَا قَسَّمْتَهُ زَمَنِي

وَلَمْ أُبَالِ بِمَطْعُونٍ وَمُجْحَارِ

ويَسْقُطُ السَّيْفُ مِنْ كَفِّ الَّذِي ثَقُلَتْ

أَحْمَالُهُ وَيُعَافِي جُرْحَهُ الضَّارِي

وَالْحُرُّ يَبْقَى وَإِنْ بَلَّتْهُ أَعْيُنُهُ

مَا انْحَنَى يَوْمَهُ فِي وَقْفَةِ الْحَارِي

مَا كُلُّ دَمْعٍ يُرَاقُ الْيَوْمَ أَعْرِفُهُ

فَالدَّمْعُ أَشْرَفُهُ مِمَّا عَلَى الْغَارِي

يَا مَنْ غَدَرْتَ، أَتَدْرِي كَيْفَ أَلْبَسَنِي

جُرْحُ الْفِرَاقِ نِزَاعَاتِ الْمَسَامِيرِ؟

سَأَحْتَسِي غُصَّتِي كَالصَّبْرِ مُبْتَسِمًا

وَأَرْفَعُ الرَّأْسَ حَتَّى فَوْقَ مِشْوَارِي

فَكَمْ جَرَحْتَ وَلَكِنْ كَانَ سَيْفُكُمُ

مِنْ صُنْعِ غِشٍّ وَكَانَ السِّحْرُ دِثَارِي

مَا ضَرَّنِي خَذْلُ الْأَيَّامِ فِي زَمَنٍ

يَغْدُو الْوَفَاءُ بِهِ صَوْتًا بِإِذْكَارِي

فَإِنْ سَقَطْتُ فَمَا كَانَ انْهِزَامَ رُؤًى

بَلْ كَانَ عَزْمًا يُرَابِطُ فِي الْمَحَارِ

قُلْ لِلَّذِي خَانَ مَوْثُوقَ الضُّمُورِ بِنَا

مَا ضَاعَ صَبْرٌ، وَمَا مَاتَتْ مَنَارِي

قَدْ كَانَ ظِلُّكَ فِي الْوُدِّ الَّذِي سَقَطَتْ

أَحْلَامُهُ خَنْجَرًا يُخْفِي بِإِكْفَارِ

وَالْآنَ أَجْنِي مِنَ الْخِذْلَانِ عَاصِفَةً

وَأَنْزِفُ الصِّدْقَ مِمَّا كَانَ أَوْكَارِي

مَا عُدْتُ أَثْقُبُ فِي جُرْحِي مَرَامِيَهُ

وَلَا أُسَامِرُ لَيْلَ الصَّمْتِ بِإِسْهَارِي

كُنْتَ الْبَدِيلَ لِكُلِّ الْوَقْتِ أَحْفَظُهُ

فَصِرْتَ وَقْتًا يَرُدُّ الْحُبَّ بِإِعْوَارِ

فَامْضِ إِذَا شِئْتَ، مَا أَبْقَيْتَ لِي طَمَعًا

فِي مَنْ يُبِيعُ وُفُودَ الْوُدِّ لِلتَّارِي

قَدْ يَصْطَفِي الرَّبُّ قَلْبًا لَا يُكَافِئُهُمْ

وَيَصْطَبِرُ فَوْقَ جَمْرِ الشَّكْوَى وَإِصْرَارِي

يَا وَجْدُ، كَمْ قَاسَمَتْنِي اللَّيْلَ أَنْجُمُهُ

وَكَمْ نَزَفْتُكَ أَشْلَاءً بِأَشْعَارِي

هَذِي سَنَابِلُ صَمْتِي نَبْتُهَا قَسَمٌ

مَا خَانَ قَلْبِي وَلَا خَفَّتْ مُخْبَّارِيَّ

فَانْقُشْ عَلَى اللَّوْحِ، إِنِّي كُنْتُ فِي زَمَنٍ

فِيهِ الْوَفَاءُ يُرَامُ الْخُسْرَ بِإِجْوَّارِي

لَكِنْ بَقِيتُ كَمَا تَشْهَدُ مَآثِرُنَا

صَوْتَ الْكَرَامَةِ مَحْمُولًا عَلَى النَّارِ

فَارْحَلْ وَخُذْ غَدْرَكَ الْمَمْقُوتَ مِنْ دَمِنَا

وَدَعْ لَنَا الْمَجْدَ يَزْهُو فِي قَرَّارِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

186

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة