عدد الابيات : 15
تَسَلَّلَ الحُزنُ الجَمِيلُ بخَافِقي
كأَنِينِهِ في الصَّدرِ يَنقُشُ بالأَثَرْ
سَكَنَ الدُّجَى، وغَفَتْ خُطَانَا فَجْأَةً
وبَقِيتَ فِينَا مِثلَ إِشرَاقَةِ القَمَرْ
يَا مَن رَحَلتَ ولَم تَزَلْ كَلِمَاتُنَا
تَشْدُو بِكَ الذِّكرَى وتَبكِيكَ الصُّوَرْ
هُنَا رَجُلٌ غَابَ الجَسَدُ وبَقِيَتْ
مَآثِرُهُ تَهدِي كَأَنفَاسِ الزَّهرِ والعِطْرْ
مَاتَ الجَمَالُ بِصَوتِهِ، لَكِنَّهُ
أَحيَا القُلُوبَ بِنَبضِهِ طُولَ العُمرْ
تَرَكَ الحَيَاةَ وعَينُهُ في وَجهِنَا
تُصغِي لِدَمعِ اليُتمِ لِليلِ السَّهَرْ
يَا سَائِلًا عَن طَيفِهِ هُوَ بِالمَدَى
يَمشِي مَعَ الأَروَاحِ في صَمتِ القَدَرْ
يَبكِي الزَّمَانُ إِذَا تَذَكَّرَ ضَحكَةً
كَانَتْ تُضِيءُ الوَردَ في قَلبِ الحَجَرْ
والأَرضُ تَبكِيهِ، وتَسأَلُ غَيمَةً
أَن تُمتِرَ الذِّكرَى وتُحيي مَا اندَثَرْ
كَمْ قَامَةٍ طَأطَأَتْ لِأَجلِهِ الرُّبَى
وكَمِ ابتَسَمْنَا حِينَ كَانَ هُوَ السَّمَرْ
فَمَضَى، ولَكِنَّ المَكَانَ كَأَنَّهُ
لَمْ يَحتَمِلْ وَجَعَ المُفَارَقَةِ الكُبَرْ
فَنَمْ بِسَلَامٍ، أَيُّهَا الحُلْمُ الَّذِي
لَمْ تُطفِئِ الأَيَّامُ نُورَهُ المُنتَشِرْ
ونَظَلُّ نُقسِمُ أَنَّ حُبَّكَ شُعلَةٌ
مَا فَارَقَتْنَا رَغمَ أَنفِ المُنتَظِرْ
وإِذَا تَنَفَّسْنَا الحَيَاةَ، فَإِنَّمَا
مِن وَهَجِ ذِكرَاكَ، يَا نَجمَ البَشَرْ
178
قصيدة