عدد الابيات : 40
أَلَا هُبِّي بِعَيْنَيْكِ الْجَمَالَا وَاسْقِينَا
فَمَا لِلْحُسْنِ إِلَّا أَنْتِ، مَا نَحْنُ وَاصْفَيْنَا
كَأَنَّكِ مِنْ نِسَاءِ الْجِنِّ تُخْلَقُ صُورَةً
فَفِيكِ تَهَاوَى الْوَصْفُ وَانْهَدَّ تَبْيِينَا
رَأَيْتُكِ فَاسْتَحَى الْقَمَرُ الْمُجَلَّى نُورُهُ
وَخَانَ اللَّيْلَ بَرْقُ الثَّغْرِ لَمَّا تَبَيَّنَا
إِذَا افْتَخَرَتْ نِسَاءُ الْحَيِّ زُورًا زُخْرُفًا
فَفِيكِ تَجَلَّى الْحَقُّ، فَاخْضَرَّ مُعْتَيْنَا
كَأَنَّكِ وَالرَّبِيعُ يَطُوفُ فِي أَرْدَانِهِ
غَزَالُ سِحْرٍ عَلَى وَرْدٍ يُرَاوِغُ عَيْنَيْنَا
وَمَا سَارَةُ إِلَّا الشَّمْسُ حِينَ تَأَلَّقَتْ
تُغَشِّي عُيُونَ الْقَوْمِ، تَسْحَرُ نَحْوَيْنَا
تَمَنَّعْتِ... لَا خَفَرٌ وَلَا رِقَّةُ بَارِدَةٌ
وَلَكِنْ عِزُّ النَّفْسِ، مَجْدٌ تُبَكِّينَا
إِذَا صَارَتْ بَنَاتُ الْحَيِّ كُتُبًا فَارِغَاتٍ
فَإِنَّكِ دِيوَانٌ عَلَى الدَّهْرِ يُحْيِينَا
فَدَعْنِي مِنْ مَدِيحِ الْقَوْمِ، إِنِّي شَاعِرٌ
لِمَنْ حُسْنُهُ يُبْقِي الْقَصَائِدَ دَيْنَيْنَا
أَقُولُ لِمَنْ يَزُورُ الْوَهْمَ: مَهْلًا، إِنَّمَا
تُرَى فِي سَارَةَ الْأَرْوَاحُ تَسْتَبِينَا
تَغَنَّى الشِّعْرُ فِي لَيْلَى وَسُعْدَى قَبْلَهَا
وَلَكِنْ لِسَارَةَ مَا نَفِدْنَا أَغَانِينَا
يُحَاوِلُ قَلْبِيَ الْمَكْلُومُ كِتْمَانَ الْهَوَى
فَيَسْبِقُهُ لِلذِّكْرَى سُكُونٌ يُدَمِّينَا
فَيَا سَارَةَ الْحُسْنِ الَّذِي لَا يُشْتَرَى
كَأَنَّكِ نَبْعُ فَجْرٍ يُضَلِّلُ أَضْوَاغِينَا
إِذَا ذُكِرَتْ، تَمَادَى النُّورُ فِي عَيْنَيْ فَتًى
وَخَرَّ عَلَى عَتَبِ الْجَمَالِ مُصَلِّينَا
غَدَتْ كُلُّ النِّسَاءِ سَرَابَ وَهْمٍ عَابِرٍ
وَحِينَ أَتَيْتِ، صَارَ السِّرُّ يَقْظَانَ فِينَا
لَئِنْ مَدَحْتُكِ يَوْمًا، فَالْبَلَاغَةُ عَاجِزَةٌ
عَنِ الْحُسْنِ إِذْ يَعْلُو وَيَقْهَرُ أَلْاحِينَا
وَفِيكِ مِنَ التَّمَنُّعِ كِبْرِيَاءٌ ظَاهِرٌ
وَفِيكِ مِنَ اللُّطْفِ الرَّقِيقِ تُقَابِلِينَا
أَنَا مَا مَدَحْتُ سِوَى الَّتِي إِنْ غَابَتْ
تَأَبَّتِ الشَّمْسُ أَنْ تُشْرِقْ، تُعَادِينَا
وَأَقْسَمْتُ أَنِّي لَنْ أُذَلَّ بِدَمْعَتِي
وَلَكِنِّي بِذِكْرِكِ، يَا سُرَارُ، تُبْكِّينَا
أَيَا شِعْرُ، خُذْ عَنِّي قَوَافِينَا، فَمَا
سَارَةُ تُرْوَى... بَلْ هِيَ الْوَحْيُ يُحْيِينَا
تَاللَّهِ مَا سَارَتْ عَلَى الْأَرْضِ الْحُسْنُ
إِلَّا وَسَارَةُ فَوْقَهُنَّ أَقْمَارُ سَنِينَا
إِنْ قِيلَ إِنَّ الْبَدْرَ ضَاءَ بِوَجْنَةٍ
قُلْتُ: اسْتَحَالَتْ بِهَوَاهَا الظُّنُونَا
مَا عُدْتُ أَمْدَحُ مَنْ تُرَى بِعُيُونِنَا
لَكِنَّنِي أَرْثِي لِمَا لِسِحْرِهَا يُفْتَنُونَا
هِيَ فِي التَّمَنُّعِ سِحْرُ حَوْرَاءَ خَفَتْ
فَتَكَاتُهَا، لَكِنَّهَا بِالْقُبَلِ تُسْتَكِينَا
تُغْضِي، فَيُغْشَى اللَّيْلُ عَيْنَ مُتَيَّمٍ
وَيُضِيءُ مِنْ جَفْنِ الْجَمَالِ جُنُونَا
يُسْقَى الْمُعَلَّقُ مِنْ بَيَانِكِ مَنْهَلًا
وَتَبِيتُ مِنْكِ تَقَاصُرًا الْمَتْنُونَا
فَاسْتَكْبِرِي، يَا بِنْتَ سُنْدُسِ طَلْعَةٍ
فِيكِ احْتَدَمْتُ، وَفِيكِ لَا أَسْتَهِينَا
مَا زَادَنِي صَدُّ الْجَمِيلِ تَرَدُّدًا
لَكِنْ سَحَرْتِ، وَسِحْرُكِ لَا يُهِينَا
أَقْسَمْتُ لَا قُبْلٌ وَلَا هَمْسُ الْهَوَى
إِلَّا وَأَنْتِ هَوَايَ وَالْحُبُّ ورَوَّابِيْنَّا
إِنْ جِئْتُ أَزْجُرُنِي الْجَلَالُ، وَإِنْ
مَضَيْتُ أَحْنَيْتُ رَأْسِي، وَانْثَنَيْتُ حَزِينَا
مَا كُلُّ حَسْنَاءَ تُجَارِي سَارَةً
بَعْضُ الْجَمَالِ لَهُ نُبُوغٌ شَجُونَا
هِيَ وَحْدَهَا صَاغَ الزَّمَانُ خُيُوطَهَا
أُسْطُورَةٌ مِنْ نَجْمَةٍ عُلْوِيَّةٍ لَا تَهَوْنَا
فَتَنَ الْجَمَالُ بَنِي الْغِوَايَةِ قَبْلَهَا
لَكِنَّهَا فَتَنَتِ الْقَلْبَ، وَلَمْ تَسْتَكِينَا
تَتَمَنَّعُ، الْعَذْرَاءُ فِيهَا شَامِخَةٌ
كَالْمَوْتِ فِي نَفَسِ السُّيُوفِ حَنِينَا
وَإِذَا نَظَرْتُ، وَجَدْتُ وَجْهًا سَاجِدًا
فِيهِ التَّجَلِّي، وَالْبَهَاءُ، وَفُتُونَا
مَاذَا تَقُولُ الشِّعْرُ عَنْكِ؟ أَضَعْتِهِ
أَمْ أَنَّ فِيكِ تَكَسَّرَ التَّبْيِينَا؟
أَعْطَيْتُ قَلْبِي فِي هَوَاكِ رِمَاحَهُمْ
فَسِهَامُهُمْ فِي مُهْجَتِي سَكَاكِينَا
يَا مَنْ تَفِيضِينَ الْجَمَالَ تَأَلُّقًا
قَدْ جِئْتُ أُعْذَرُ إِنْ دَنَا الْمَجْنُونَا
سَارَةُ، وَلِي فِيكِ انْحِنَاءُ قَصَائِدِي
لَا لَسْتُ أَمْلِكُ غَيْرَ مَا يُسْتَدِينَا
فَارْحَمِي فَتًى مَا زَالَ يَسْأَلُ دَهْشَةً:
أَفِيكِ خُلِقْتِ؟ أَمْ خُلِقْتِ الْفُنُونَا؟
179
قصيدة