عدد الابيات : 30
وَمَا الْحَقُّ إِلَّا نُورُ عَقْلٍ سَاطِعٍ
يُمَيِّزُ مَنْ عَاشَ الْحَيَاةَ بُنْيَانَا
وَمَا الْمَجْدُ إِلَّا فِي فُؤَادٍ تَشَرَّفَتْ
خُطَاهُ، فَأَحْيَتْ فِي الدُّجَى مِيزَانَا
إِذَا فَاضَ عِلْمُ الْمَرْءِ خَطَّ بِالدُّنَا
مِنَ الْعَدْلِ وَالْإِيمَانِ مَا قَدْ كَانَا
تَجَرَّدْتُ مِنْ زَيْفِ الْمَظَاهِرِ سَائِلًا
عَنِ الْحَقِّ، لَا عَنْ زِينَةٍ وَبُهْتَانَا
فَمَا كُلُّ مَنْ لَبَّى النِّدَاءَ بِعَاقِلٍ
وَمَا كُلُّ مَنْ صَلَّى أَقَامَ آذَانَا
إِذَا كَانَ مِيزَانُ الْقُلُوبِ هِدَايَةً
فَلِلرُّوحِ فِي دَرْبِ الصَّوَابِ إِيمَانَا
رَأَيْتُ الَّذِي يَهْوَى الْغُرُورَ مُخَادِعًا
فَلَمْ يُنْصِفِ الْإِنْسَانَ أَوْ مِيزَانَا
وَكَمْ غَافِلٍ إِنْ ضَيَّعَ الْعَقْلَ انْحَنَى
لِأَصْنَامِ زَيْفٍ وَاسْتَوَى خُسْرَانَا
وَكَمْ مِنْ لَبِيبٍ بِالْهُدَى سَمَتْ بِهِ
جِرَاحُ الزَّمَانِ، فَصَارَ عِزَّ كِيَانَا
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِكْرُ الْفَتَى مُسْتَنِيرًا
غَدَى سَعْيُهُ فِي عُمْرِهِ هَذَيَانَا
وَإِنْ كُنْتَ حُرًّا فَالْعُقُولُ سِلَاحُنَا
بِهِ نَرْتَقِي دَرْبَ الْعُلَا سُلْطَانَا
فَدَعْ عَنْكَ كُلَّ الْغَافِلِينَ فَإِنَّهُمْ
عِجَافُ الرُّؤَى، مَا عَانَقُوا إِحْسَانَا
لَنَا فِي رُبَى الْأَخْلَاقِ مَجْدٌ مُؤَصَّلٌ
وَفِي صِدْقِنَا نَبْنِي الْعُلَا أَرْكَانَا
فَمَنْ يَرْتَضِي بِالزَّيْفِ دَرْبًا فَقَدْ هَوَى
وَمَنْ يَهْتَدِ الْبُصَرَ يَكُونُ مَصَانَا
فَكُنْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ حُرًّا بِفِكْرِهِ
وَلَا تَتَّبِعِ الْأَهْوَاءَ بِالنَّمِّ وَالْقِدْحَانَا
وَمَهْمَا أَتَى بِالدَّهْرِ مِنْ فِتَنِ الرُّؤَى
فَلَا تَجْعَلِ الرَّيْبَ الثَّقِيلَ مَكَانَا
تَسَلَّحْ بِعَقْلٍ لَا تَمِيلُ سُطُورُهُ
وَكُنْ لِلْمُنَى وَالْعَزْمِ فِيهِ لِسَانَا
وَإِنْ ضَاقَ دَرْبُ الْعَدْلِ فَاخْتَرْ سَبِيلَهُ
وَلَا تَخْشَ فِي الْأَزْمَانِ أَنْ تُهَانَا
فَبِالْحَقِّ تُبْنَى أُمَمٌ وَدِيَارُهَا
وَبِالْبَاطِلِ يُغْتَالُ النُّهَى بُنْيَانَا
فَيَا رَبَّنَا ارْزُقْ فُؤَادًا وَاعِيًا
يُحِبُّ الْهُدَى وَيَعْشَقُ الْإِيمَانَا
فَيَا رَبَّ إِنِّي قَدْ كَتَبْتُ مَشَاعِرِي
وَسَطَّرْتُهَا بِالدَّمْعِ وَالْأَلْحَانَا
رَجَوْتُكَ نُورًا فِي الدُّجَى يَتَقَدَّمُ
لِيَكْشِفَ دَرْبًا مَا اهْتَدَى إِنْسَانَا
دُعَائِي كَنَسْغِ الْوَرْدِ فِي جِذْرِ التُّقَى
يُغَذِّي فُؤَادِي، لَا يُرِيدُ هَوَانَا
إِلَهِي، إِذَا ضَاقَتْ عَلَيَّ مَلَامِحٌ
فَكُنْ لِي سَنَا، وَابْعَثْ مَعِي غُفْرَانَا
أَنَا الْعَبْدُ إِنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ تَعَثُّرًا
تَوَسَّلَ عَفْوًا، وَابْتَغَى رِضْوَانَا
وَمَا فِي الْوَرَى قَلْبٌ أَحَبَّكَ مِثْلَمَا
أَحْبَبْتُ نُورَكَ، سَيِّدَ الْأَكْوَانَا
فَلَا تَحْرِمَنِّي مِنْ رَجَاءٍ وَوَعَدْتَنِي
بِهِ يَوْمَ أَدْعُو بِالْغَدَاةِ عِيَانَا
وَإِنْ خَانَنِي ضَعْفِي، فَصَبْرُكَ وَاسِعٌ
وَإِنْ جِئْتُ أَرْجُوكَ، اسْتَجَبْتَ دُعَانَا
وَمَا لِي سِوَى بَابِ الْكِرَامِ وَسِيلَةٌ
إِذَا ضَاقَ بِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ شَانَا
خِتَامًا، رَضِيتُ بِكُلِّ مَا أَنْتَ كَاتِبٌ
فَأَنْتَ الْحَكِيمُ، وَأَنْتَ مَنْ وَالَانَا
176
قصيدة