الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » قصيدة: بيانُ الألوانِ.. وسوريا تُزهِر في مديح الفنانة السورية بيان خليلو

عدد الابيات : 51

طباعة

في زمانٍ صارت الألوان فيه حزينة،

وصرنا نرسم على جدران القلب بدل اللوحات،

جاءت “بيان” كغيمةٍ تمطر الفنّ،

وتمسح عن جبين سوريا دمعها…

فأيّةُ امرأةٍ هذي، تُحاكي ضوء الفجر،

وتصنع من الحبر نشيدًا وطنيًّا،

تُعلّق على سماء الحنين لوحةً…

 فيها كلُّ ما نسيناه من الجمال؟

بِيَانُ… يَا سَاحِرَةَ الْأَلْوَانِ فِي وَطَنٍ

مِنْ جُرْحِهِ يُولَدُ الإِبْدَاعُ وَالْفِكَرُ

يَا لَوْحَةً فِي يَدِ التَّارِيخِ مُزْدَهِرَةً

تُضِيءُ وَجْهَكِ فِي عَيْنِ الزَّمَانِ دُرَرُ

مَنْ قَالَ إِنَّ اللُّغَاتِ الْحُسْنَ تَكْتُبُهَا

قُلْنَا: بَيَانٌ، وَمَا أَجْمَلْ بِمَنْ ذَكَرُوا

تَرْسُمِينَ الوَجَعَ النَّابِضَ فِي وَطَنٍ

وَفِي المَدَامِعِ لَهْفَاتٌ لَهَّا تُقَدَّرُ

كُلُّ الرُّسُومِ الَّتِي فِي الكَوْنِ بَاهِيَةٌ

تَحْنُو إِلَيْكِ، فَأَنْتِ الْبَدْرُ وَالسَّحَرُ

تَجْعَلِينَ مِنَ الرُّمَادِ اللَّيْلِ مُقْتَبَسًا

وَتَغْزِلِينَ مِنَ الأَحْلَامِ مَا عَبَرُوا

فِي كُلِّ لَوْحَةِ وَجْهُ الشَّامِ يَبْتَسِمُ

وَفِي خُيُوطِكِ إِشْرَاقٌ لِمَا ذَكَرُوا

أَنْتِ الشَّمُوسُ الَّتِي لَا تُطْفِئُ اللُّغَةُ

وَلَا يُقِيمُ لَهَا قَيْدٌ وَلَا حَذَرُ

هَذِي سُورِيَا تَفْتَخِرُ الآنَ مُبْتَهِجَةً

فِيكِ، وَالنَّبْضُ مِنْ أَلْوَانِكِ انفَجَرُوا

يَا لَوْحَةً فِي فَمِ الإِحْسَاسِ مُنْشِدَةً

وَفِي خَيَالِكِ أَبْجَدْنَا الَّذِي سَطَرُوا

مَا بَيْنَ لَمْسَتِكِ الْأُنْثَى وَمِفْرَقِهَا

تَرْتِيلُ حُبٍّ، وَفِي الأَلْوَانِ مُنْتَظَرُ

تَمْشِينَ فِي الصَّبْرِ مِثْلَ الْوَرْدِ مُنْفَتِحًا

وَالْحُلْمُ مِنْكِ، كَمَنْ فِي صَمْتِهِ عَذَرُوا

قَارَبْتِ فِي رَسْمِكِ الْمَعْنَى، وَهُنْدَسَةَ

ذِكْرَاكِ تَخْتَصِرُ الدُّنْيَا لِمَنْ نَظَرُوا

مَا فَاضَ حِسُّكِ إِلَّا قَالَ مُبْتَهِلٌ

سَجَّلْتِ نُورًا، وَفِي إِشْرَاقِهِ ازْدَهَرُوا

فَاذْكُرْ بَيَانًا إِذَا الْأَنْدَاءُ سَاءَلَتِ

مَنْ زَيَّنَ الصَّوْتَ، وَالرُّؤْيَا لَهَا سَفَرُوا

إِنِّي رَأَيْتُ بِعَيْنِ الرُّوحِ مَلْحَمَةً

فِي لَوْحَةٍ مِنْكِ، فَالأَسْرَارُ تَفْتَخِرُ

مَا بَيْنَ نَبْضِكِ وَالأَلْوَانِ أَغْنِيَةٌ

تَفُوقُ مَا قَالَهُ الْمِهْرَاجُ وَالسَّمَرُ

قَدْ رَاقَنِي فِيكِ أَنْ تَبْقِي لَنَا قَمَرًا

يَهْدِي السُّرُوجَ، وَفِي فَجْرِ النُّهَى قَطَرُوا

لَوْ سَافَرَتْ كُلُّ أَقْوَالِ الْبَهَاءِ فَمَا

تَسْتَطِيعُ بَيَانًا فِي الْبَهَاءِ تَسُرُّ

حَتَّى التَّرَابُ إِذَا مَا جِئْتِ تَلْمُسُهُ

صَارَ الْجَلِيلَ الَّذِي تَسْجُدْ لَهُ زُمَرُ

وَأَنْتِ فِي النَّبْضِ مِثْلُ الْوَشْمِ فِي دَمِنَا

وَأَنْتِ فِي الرُّوحِ أَسْرَارٌ لَهَا سِتَرُ

لَوْ قِيلَ: مَنْ أَنْتِ؟ قُلْنَا: رَوْحُ أُمَّتِنَا

بَيَانُ فِي الْخَيْرِ، مِفْتَاحٌ لِمَنْ ذَكَرُوا

فَاحْفَظْ إِلَيْهَا طُيُوبَ الْمَدْحِ مُتَّقِدًا

فَمِثْلُهَا فِي دُجَى التَّارِيخِ لا كَثَرُوا

خَتَمْتُهَا وَفُؤَادِي فِيهِ يَرْسُمُهَا

كَمَنْ عَلَى خَيْطِ وَجْدٍ أَوْشَكَتْ أَوَرُوا

وَإِنْ ذَكَرْنَا الجَمَالَ الْمُبْهِرَ اتَّسَقَتْ

فِيهِ الحُرُوفُ وَمِنْ إِبْدَاعِكِ انْبَثَرُوا

وَفِي عُيُونِكِ حُلْمُ الأُمَّةِ اتَّقَدَتْ

وَفِي يَدَيْكِ نُجُومُ اللَّوْنِ تَفْتَخِرُ

أَنْتِ الفَنَانَةُ الإِيقُونَةُ الغَسَقُ

إِذَا رَأَيْنَاكِ خَرَّ الكَوْنُ وَانْبَهَرُوا

يَا مَنْ رَسَمْتِ دِمَشْقَ الطِّيبِ فِي شَغَفٍ

وَرُوحُهَا فِي يَدَيْكِ الْآنَ تَنْتَصِرُ

مَا مِنْ مِرَاسٍ سِوَى فَنٍّ تُجِيدُ بِهِ

سِوَى بَيَانٍ، وَمَنْ يَحْتَارُ يَعْتَذِرُ

تَرْسُمِينَ السَّمَا، وَالأَرْضُ مُبْتَهِجَةٌ

وَالْحُرُّ يُقْسِمُ: إِنَّ الشِّعْرَ مُفْتَخِرُ

قَدْ أَوْرَثَتْنَا مِنَ الأَجْدَادِ رِيشَتَهُمْ

فِي وَجْدِهَا نَزَلَ التَّارِيخُ وَاسْتَقَرُّوا

مَا زَالَ فِي لَفْظِهَا وَالرَّسْمِ سِيرَتُنَا

تُقَاتِلُ القُبْحَ، حَتَّى الظُّلْمُ يَنْدَحِرُ

لَا تُقْسِمُوا بِالْقَوَافِي وَالنَّقِيضِ، فَفِي

بَيَانَ صَوْتُكُمُ الْمَذْهُولُ مُنْكَسِرُ

وَفِي انْتِبَاهِ الدُّنَا مِنْ ضَوْئِ رِيشَتِهَا

تَقُولُ: مَنْ هَذِهِ؟ قُلْنَا: هِيَ الْقَدَرُ

يَا زَاخِرَةً بِدُمُوعِ النَّاسِ وَالْفَرَحِ

يَا لَوْحَةً فِيهَا وَجْهُ الشَّامِ مُزْدَهِرُ

حِينَ ارْتَقَيْتِ سَمَا الإِبْدَاعِ مُنْفَرِدَةً

خَفَتَتْ نُجُومٌ، وَبَاتَ النُّورُ يُعْتَذَرُ

فِي كُلِّ رَمْشٍ لَكِ الإِحْسَاسُ مُعْتَكِفٌ

وَفِي الأَكُفِّ نَبِيٌّ خَافَ وَانْتَظَرُوا

هَذِي السُّرُوجُ إِلَيْكِ الْيَوْمَ مُنْطَلِقَةٌ

وَهَذِهِ الدَّوْلَةُ الحُسْنَاءُ تَسْتَبِرُ

سُورِيَّةٌ… فِي رُؤَاكِ الْفَجْرُ يَرْتَقِي

وَفِي خَيَالِكِ أَجْدَادٌ لَهُمْ أَثَرُ

وَالْفَنْتَزِيَا الَّتِي فِي رُوحِكِ انْبَعَثَتْ

كَمَا السُّحُبْ، فَوْقَهَا الأَشْوَاقُ تَسْتَعِرُ

كُلُّ الَّذِينَ بِمَوْهِبَةٍ تَفَاخَرَتْ

خَفَتُوا بَيَانًا، وَقَالُوا: النُّورُ يَسْتَقِرُّ

نَحْنُ الْمُدِينَةُ، وَالإِبْدَاعُ قِبْلَتُنَا

وَفِي يَدَيْكِ جُمَالُ الحَقِّ يُفْتَخَرُ

وَلَا نُجَازِيكِ حَتَّى لَوْ نَظَمْنَ دَمًا

فَكُلُّ مَا نَذْرُهُ فِي الْحُبِّ يَنْحَسِرُ

فَسِيرِي يَا فَخْرَ سُورِيَا وَمَلْهَمَةً

وَلْيَرْسُمِ الكَوْنُ فِي عَيْنَيْكِ مَنْ عَبَرُوا

لا أحد يرسم سوريا كما ترسمها “بيان”…

لا أحد يجعل اللوحة وطنًا… واللون ترنيمة… والريشة حنجرة.

في فَنّها بوصلةٌ لأرواحنا التائهة،

وفي صمتها رسالةٌ أعلى من كلّ الهتافات.

في كلّ بيتٍ قلناه… كانت دمشق تبكي من جمالٍ يشبهها.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

176

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة