عدد الابيات : 37

طباعة

طَيفٌ لشاميّةٍ قُدسيّةٍ طَرَقَا

سَرى فَعَمَّ سَنَاهُ الأرضَ والأُفُقَا

سَرى فشَوّقني شوقًا وأرّقني

ولا ملامَ، على المُشتاقِ أن أرقَا

أنّى اهتديتِ إلى أرضِ الحجازِ على

وعورةِ الدّربِ، جُزتِ البيدَ والطُّرُقَا

حتى طرقتِ رقيقًا قلبَه شَفَقٌ

يَصبو إليك خفوقًا شائقًا عَشَقَا

عليكَ مني سلامُ اللهِ منهمرٌ

ما نائحٌ ناحَ أو ما وادِقٌ وَدَقَا

ما كان أزيَنَهُ طيفًا وأحسنهُ

ضيفًا يؤنسني لو أنّه صَدَقَا

وطارقٌ بعدما نام الأنامُ، وقد

أطفأتُ نوري وارخاني الكرى، طَرَقَا

في ليلةٍ من ليالي القَرِّ ماطرةٍ

ظلماءَ لا ضوءَ إلا البرقُ إنْ بَرَقَا

تصطكُّ أسنانُه للقر مُرتَعِدًا 

ويَقشعِرُّ لعصفِ الريحِ مُنتَشِقَا

فَفَتحتُ بابي فلم يملكْ مدامعَهُ

فقلتُ لا تبكِ جئتَ الأسمحَ الغَدقَا

حيّاك بيّاك بيتي لن تُردَّ هنا

ما كان بيتي على الطرّاقِ مُنغَلَقَا

بيتٌ رحيبٌ وصدرٌ أرحبٌ، وقِرًى

للضيفِ عُدَّت أعصرًا جاء أو فَلَقَا

كسيته من ثيابِ البيتِ أدفأَها

صوفًا، وأمنتُه خوفًا فما قَلِقَا

طبختُ لحمًا بَقى، ما كادَ يبقَ له

من فرطِ جودي لضيفٍ قبلَهُ سَبَقَا

فلذّ باللحمِ حتى كادَ يُسكرهُ

وهام يأكلهُ حتى إذا شَرقَا

أتيتُ بالخمرِ، خمرًا طابَ منهَلُها

للناهِلين، وطابت للحزينِ سُقَى

سقيتُه فَتَغنّى رانمًا هَزِجًا:

"إنّ الخليطَ أجدَّ البَين فانفَرَقَا"

للحزنِ طاردةٌ، للأنسِ جالبةٌ

تُنسي الهمومَ، وتُسلي الهائمَ الوَمَقَا

آليتُ إلا نَبيتَ الليلَ نَشربُها

حتى نرى الصبحَ أو حتى نرى الشَّفَقَا

وقلتُ: هذا سريري، نَمْ به، فأبَى

فقلتُ: كلّا، وإلّا، نَمْ به غَفقَا

فنام فوقَ سريري دافئًا غَفقَا

وبِتُّ فوقَ حصيري باردًا أَرقَا

يا أمَّ عامر كفّي اللومَ، ما أنا بالـ

بخيلِ إنْ غادني ضيفٌ وإن طَرَقَا

ما أنا إلا كأجدادي، أجودُ وقد

يورِّثُ الجَدُّ جودَ النفسِ والخُلُقَا

يا أمَّ عامر ما الأموالُ باقيةٌ

لنا، ولا نحنُ نبقى، من رأيتَ بَقَى؟

فجامعُ المالِ يَهنا فيه وارثُهُ

وصاحبُ المالِ يُنسى ميتًا خلقَا

يا أمَّ عامر لو أنّي سألتُ ولم

يكن معي ما يريدُ السائلونَ لُقى

لأسرِقنّ، وأكفيهم حوائجَهم

وإنّ مثلي معذورٌ إذا سَرَقَا

يا أمَّ عامر لومي كيف شئتِ، فلن

أكفَّ عن كرمي ما خافقي خَفَقَا

وقَحبَةٍ قد دعتني للزنا غَسَقَا

عَففتُ عنها، ولم أَفسُقْ كمَن فَسَقَا

وما عَففتُ لخوفِ اللهِ أو لتُقى

لكنْ لأصلٍ وفصلٍ في الذُّرَى عَتَقَا

أصلي إلى عبدِ شمسِ ابنِ الهميسعِ، ما

في الناسِ أكرمُ من أصلي، ولو سَمَقَا

أهلَكتُ مالي، فلم أندمْ على كَرَمي

وصُنتُ عرضي، فلم يُعلَمْ بغيرِ نَقَا

وحكمةٍ قالها جدّي، شَقِيتُ بها

إنّي لأشقى على إثرِ الجُدُودِ شقَا

"كن أفهمَ الناسِ إِسماعًا إذا نَطَقُوا

وأحكمَ الناسِ أقوالًا إذا نَطَقَا"

"وانظرْ إلى رُفقاءِ المرءِ تَعرِفُهُ

فالمرءُ يُعرفُ بالأصحابِ والرُّفَقَا"

"لا تصبرنّ على الإِملاقِ واسعَ على الـ

أرزاقِ تلقَ من الرزاقِ مُرتفَقَا"

واصبِرْ على الدهرِ لا تجزعْ لطارقةٍ

فلستَ أولَ مَفجوعٍ بما طَرَقَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عنتر الفحل اليافعي

عنتر الفحل اليافعي

8

قصيدة

أنا شاعرٌ شاب، لا أكتب الشعر ترفًا، بل لأن في داخلي شيئًا لا يهدأ إلا حين ينسكب حبرًا على الورق. بدأت رحلتي مع الكلمة حين شعرت أن الحروف قادرة على أن تحمِل ما تعجز عن قوله الوجوه، وأن القصيدة

المزيد عن عنتر الفحل اليافعي

أضف شرح او معلومة