عدد الابيات : 38
يَا أَيُّهَا الطَّاغِي، أَلَا تَخْشَى الرَّدَى؟
فَالنَّارُ تَحْتَكَ، وَالسَّمَاءُ عِصْيَانِ
أَطْغَى مِنَ الْجُهَّالِ أَمْ كُنْتَ أَجْهَلَا؟
وَالشَّرُّ فِيكَ كَفَيَضَانِ الطُّوفَانِ
يَا مَنْ تَدَثَّرَ بِالدِّمَاءِ وَأَحْرَقَتْ
نِيرَانُ ظُلْمِكَ أُمَّةَ الْإِيمَانِ
يَا ظَالِمًا جَفَّتْ بِهِ الْأَرْضُ الَّتِي
كَانَتْ غِرَاسًا لِلْحَيَاةِ بِالرَّيْحَانِ
يَا نَجْلَ خِزْيٍ فِي الْمَدَى مُتَجَذِّرٍ
سُبْحَانَ مَنْ مَنَحَ الْجَهُولَ لِسَانِ
أَتُبِيدُ شَعْبًا كَيْ تُقَالَ: عَظِيمُنَا؟
وَيْلٌ لِقَوْمٍ مِنْ هَوَى السُّلْطَانِ
مَنْ ذَا يَصُدُّكَ حِينَ تَنْهَارُ الْقُرَى؟
وَتَفِيضُ شُطْآنُ الدُّمُوعِ حَنَانِ
تَغْتَالُ أَرْوَاحَ الْبَرَاءَةِ مِثْلَمَا
ذِئْبٌ غَدَا كَالِحًا عَلَى الْأَغْصَانِ
قَدْ كُنْتَ بِالْأَمْسِ الْجَبَانَ بِعَيْنِهِ
وَالْيَوْمَ تَرْقَى سُلَّمَ الْخِذْلَانِ
فَأَقِمْ مَقَامَكَ، فَالزَّوَالُ يُحِيطُهُ
حُكْمُ الْقَضَاءِ وَنِقْمَةُ الدَّيَّانِ
يَا مَنْ تَسَاقَى بِالْكُؤُوسِ دَمَارَنَا
هَلْ كُنْتَ تَجْهَلُ حِكْمَةَ الْأَزْمَانِ؟
إِنَّ الطُّغَاةَ وَإِنْ سَدُّوا وَتَجَبَّرُوا
ذُلُّوا أَمَامَ دَعَائِمِ الْإِحْسَانِ
سَلْ فِرْعَوْنَ كَيْفَ كَانَتْ خَاتِمَتُهُ
لَمَّا تَحَدَّى خَالِقَ الْأَكْوَانِ
وَاسْأَلْ النُّمْرُودَ الَّذِي أَذَلَّهُ الْهَوَى
حِينَ اسْتَبَدَّ بِعَرْشِهِ الشَّيْطَانِ
أَيَّامُكَ السَّوْدَاءُ قُرْبَ نِهَايَةٍ
وَالنَّصْرُ آتٍ فَوْقَ كُلِّ هَوَانِ
سَنُعِيدُ مَجْدًا لَا يُدَاسُ عَرِينُهُ
وَسَنَرْسُمُ الْغَدَ فِي رُؤَى الْأَوْطَانِ
يَا أَيُّهَا الطَّاغِي، خِتَامُكَ خِزْيُنَا
وَالشَّعْبُ يَنْهَضُ رَغْمَ كَيْدِ جَبَانِ
فَامْضِ إِلَى حَتْفٍ، فَلَيْسَ لِطُغْمَةٍ
فِي حُكْمِ أَحْرَارِ الشُّعُوبِ مَكَانِ
يَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الَّذِي مَا هَانَ يَوْمًا
مَهْمَا تَفَاقَمَ فِي الدُّرُوبِ دُخَانِ
جُدْرَانُ طُغْيَانِ الطُّغَاةِ وَإِنْ عَلَتْ
لَا تَصْمُدَنَّ أَمَامَ نَارِ بَنَانِ
كَمْ مِنْ جُيُوشٍ قَدْ طَغَتْ فِي أَرْضِنَا
وَالنَّصْرُ يُولَدُ مِنْ رَمَادِ حِصَانِ
أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ الَّذِينَ تَجَبَّرُوا؟
وَأَيْنَ مَنْ نَصَبُوا الْمَدَى قُرْبَانِ؟
تَاهُوا بِأَحْلَامِ الْجَبَابِرِ سَاعَةً
وَالدَّهْرُ أَقْسَمَ أَنْ يُذِلَّ جَبَانِ
يَا شَامُ، صَبْرُكِ بِالْمَدَى أُسْطُورَةٌ
يَحْكِي الزَّمَانُ بِهَا كَمَالَ مَعَانِ
لِلَّهِ شَعْبٌ لَا يُذَلُّ وَإِنْ غَوَى
حَاكِمُهُ وَسَعَى لِطُولِ هَوَانِ
الْأَرْضُ تَعْرِفُ سَاكِنِيهَا، كُلَّمَا
حَطَّتْ خُطَاهُمْ زَادَ فَيْضُ حَنَانِ
فَلْتَشْهَدِ الْأَجْيَالُ أَنَّكَ صَامِدٌ
مَا زَالَ يَرْوِي صَبْرُكَ الْأَغْصَانِ
وَيْحَ الطُّغَاةِ إِذَا اسْتَفَاقَتْ أُمَّةٌ
كَالنَّارِ تَصْفَعُ وَجْهَ كُلِّ وَثَانِ
أَلْمَحْ رُؤُوسَ الظَّالِمِينَ تَهَاوَتِ
وَالْحَقُّ يَمْضِي فَوْقَهُمْ بِلِسَانِ
كَمْ مِنْ بَشَّارٍ قَدْ تَمَادَى حِقْدُهُ
فَطَوَاهُ شَعْبٌ فِي ظِلَالِ بَنَانِ
يَا قَارِئَ التَّارِيخِ، خُذْ مِنْ دَرْسِهِ
إِنَّ الظَّلَامَ يُبَدِّدُهُ الْإِيمَانِ
سَلْ عَنْ صَلَاحِ الدِّينِ كَيْفَ تَحَرَّكَتْ
خُطُوَاتُهُ تُرْسِي أُصُولَ أَمَانِ
وَاقْرَأْ بِأَرْضِ اللَّهِ يَوْمًا آيَةً
فِي "ذَاتِ أَبْرَهَةٍ" وَفِي "فِيلَانِ"
كِسْرَى تَمَادَى، فَانْقَضَتْ أَرْكَانُهُ
بِيَدِ الْقَضَاءِ وَخَافِقِ الْمِيزَانِ
لَا يَرْتَقِي فَوْقَ الْجُمُوعِ ظَلُومُهَا
فَالشَّعْبُ نَارٌ فِي عُرُوقِ دُخَانِ
يَا أَيُّهَا الطَّاغِي، كَفَى! فَالظُّلْمُ
أَفْنَى الْمَدَى وَأَهَانَ كُلَّ مَكَانِ
غَدًا سَتَرَى نَصْرَ الشُّعُوبِ كَأَنَّهُ
شَمْسٌ تُنِيرُ الْأَرْضَ بَعْدَ هَوَانِ
إِنَّ الشُّعُوبَ إِذَا اسْتَفَاقَتْ مَرَّةً
فَلْيُدْفَنِ الطَّاغُوتُ تَحْتَ جَبَانِ
371
قصيدة