الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » عَبَثُ الوَدَاعِ... وَقَلبٌ لَا يَنَامُ

عدد الابيات : 102

طباعة

أَنبَأَتنَا بِفِرَاقِهَا سَارَاءُ

فَعَلَامَ تَهجُرُ وَالهَوَى إِغرَاءُ؟

خَلَّتْ دِيَارًا ثُمَّ غَابَتْ بَعدَهَا

يَا وَيحَ قَلبٍ مَا عَلَيهِ عَزَاءُ

كَانَتْ بِبَرقَةِ شَامَةٍ فِي مَربَعٍ

وَاليَومَ أَقفَرَ حَولَهَا العُليَاءُ

مَرَّتْ عَلَى "مَحيَاةَ"، ثُمَّ تَعَرَّجَتْ

فِي "غَاذِبٍ" حَيثُ انسَدَلَتْ أَفيَاءُ

فَرِيَاضُهَا الخَضرَاءُ صَارَتْ جَدبَةً

لَا السَّربُ سَارَ، وَلَا القَطَا رُعَدَاءُ

مَا فِي الدِّيَارِ سِوَى الحَنِينِ مُجَدِّدًا

يَستَنزِفُ الآمَالَ وَالبُكَاءُ

وَبِعَينِكَ الحَيرَانِ أَوقَدَتِ الهَوَى

سَلقٌ، وَفِي الأَحشَاءِ ذَا الإِعلَاءُ

أَضرَمَتْ نَارًا فِي "العَقِيقِ" وَ"شَخصِهَا"

بِالعُودِ، وَاِنكَشَفَتْ بِهَا الأَضوَاءُ

فَتَلَمَّحتُ الضَّوءَ مِن بَعدِ النَّوَى

وَهَفَا الفُؤَادُ، وَشَاقَنِي الإِيحَاءُ

لَكِنَّنِي أَرنُو لِحَلٍّ سَاطِعٍ

إِنْ ضَاقَ بِي، فَالخَيلُ وَالأَنضَاءُ

مُذْ زَفَّتِ الهُوجَاءُ أَسعَدَ خَفُّهَا

مِثلَ الرِّئَالِ، أَذَاهُ مُستَعرَاءُ

هَزَّتْ رُؤُوسَ الرَّملِ حَتَّى رُعبَهَا

سَربُ القُنُوصِ، وَجَفَّ مِنهَا المَاءُ

أَبصَرتُ خَلفَ خَطَا القَوَائِمِ رَجعَهَا

وَالمَوجَ يَركُضُ تَحتَهَا الإِهبَاءُ

يَتَعَاقَبْنَ عَلَى الرِّمَالِ، كَأنَّمَا

سَقَطَتْ عَلَيهِنَّ الهُبُوبُ هِجَاءُ

أَلهُو بِهَا عَن كُربَةٍ عَميَاءَ إِذْ

ضَاقَتْ قُلُوبُ النَّاسِ وَالأَرجَاءُ

أَنذَرَتْنَا بِفِرَاقِهَا سَارَّاءُ

فَاستَطَارَ الحَشَا وَضَاقَ الرَّجَاءُ

ثُمَّ وَلَّتْ، كَأَنَّ وَعدَ تَمَادِيـ

ـهَا سَرَابٌ، وَمَركَبٌ جَفَّ مَاءُ

بَعدَ عَهدٍ لَهَا بِبُرقَةِ شَمَّا

حَيثُ رُكنُ الهَوَى، وَحَيثُ العَشَاءُ

فَالمُحَيَّى، فَالسُّفُوحُ، فَأَعلَا

مِن ذُرَى الفَتقِ، فَالغُدَافِ، الوَفَاءُ

فَرِيَاضُ القَطَا، فَوَادِي الشُّرُبِ

فَالشُّعبَتَانِ، فَالمَجَالُ الوِعَاءُ

مَا رَأَيتُ الَّذِينَ كَانُوا بِهَا، وَالـ

ـدَّهرُ يَمضِي، وَلَا يُفِيدُ البُكَاءُ

وَبِعَينَيكِ أَوقَدَتْ نَارُ سَارٍ

فَرَأَينَا بِهَا يَلُوحُ الضِّيَاءُ

أَوقَدَتهَا بِشَاطِئِ العَقِيقَينِ

بِعُودٍ يَسُوقُهُ النَّأْيُ دَاءُ

فَتَنَوَّرتُ نَارَهَا مِن بَعِيدٍ

وَمَضَى الحُلمُ وَانطَوَى الإِيمَاءُ

غَيرَ أَنِّي أَستَعِينُ عَلَى الهَـمِّ

بِنَجَاءٍ إِنْ هَبَّتِ الأَنوَاءُ

بِجَفُولٍ كَأَنَّهَا هِقلَةُ الوَحـ

ـشِ أُمٌّ سُقَامُهَا الغَبرَاءُ

أَنسَتِ النَّبأَةَ، وَرَاعَ سَمَاعًا

قَاصِفُ الصَّوتِ حِينَ زَالَ الضِّيَاءُ

فَرَأَيتُ الرَّجعَ مِن خَلفِ خَطوٍ

مَنِينًا كَأَنَّهُ الإِهبَاءُ

وَطِرَاقًا كَأَنَّهُ زَفَرَاتٌ

تَتَوَالَى، وَالصَّحرَاءُ خَلَاءُ

أَتَلَهَّى بِهَا الهَوَاجِرُ إِذْ كُلُّ

مُعَنًّى بِحَملِهِ اِبتِلَاءُ

وَأَتَانَا عَنِ الأَرَاقِمِ وَعـدٌ

وَمَقَالٌ يُرعِي الحَشَا الأَنبَاءُ

أَنَّ أَقوَامَنَا تَجَاوَزَ قَولًا

ظَالِمًا فِيهِمُ الهَوَى وَالعَدَاءُ

يَخلِطُونَ الصَّفوَ بِالزَّبَدِ الجَارِحِ

لَا يُفِيدُ النُّزُهَ الخَلَاءُ

زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن مَسَّ عِيرًا

فَهُوَ مَولَى، وَأَنَّنَا الوَلَاءُ

جَمَعُوا أَمرَهُم بِسِرٍّ فَلَمَّا

أَصبَحَ الفَجرُ ضَجَّتِ الأَنبَاءُ

مَن نَذِيرٍ يُنَادِي، وَمِن مُجِيبٍ

بِصَهِيلٍ تَشُقُّهُ الجَرزَاءُ

يَا مُفَوَّهْ، تُسَائِلُ القَومَ عَنَّا

عِندَ حَاتِمٍ، وَهَل يَدُومُ العَفَاءُ؟

لَا تَظنَنَّ أَنَّا غُرٌّ، فَإِنَّا

قَبلَ وَشيِ الوُشَاةِ فِينَا اعتِلَاءُ

قَد كَفَينَا عُدَاتَنَا حِينَ لَاقُوا

حِصنَ عِزٍّ يُرتَقَى لَا يُشَاءُ

قَبلَ أَن يَشرُقَ النَّهَارُ بِعَينٍ

لِأَعَادِي، بِهَا الغُرُورُ وَعَجَاءُ

وَكَأَنَّ المَنُونَ تَسحَبُ خُطَاهَا

فِي فَلَاةٍ يَذُوبُ مِنهَا الجَلَاءُ

مُكفَهِرٌّ مَدَى الزَّمَانِ، إِذَا مَا

زَمجَرَتْ بِالخُطُوبِ، فَهِيَ العَوَاءُ

فَأَيُّ مَا خُطَّةٍ أَردتُم إِلَينَا

جَاءَتِ الأَلسُنُ الرُّسُلُ بِهَا السُّعَدَاءُ

إِن نَبَشتُم مِن مِلحَةَ فَالقُبُورُ

شَاهِدَاتٌ، فِيهَا الطُّغَاةُ وَالبَرَاءُ

أَو نَقَشتُم، فَالنَّقشُ لَا يَستَطِيعُهُ

إِلَّا ذُو البَأسِ، وَالفُهُومِ الذَّكَاءُ

أَو سَكَتمْ عَنَّا، فَمِثلُ نَبَاةٍ

أَغمَضَتْ جَفنَهَا وَفِيهَا العَمَاءُ

أَو بَخِلتُم، فَمَا لَكُم أَن تُعِزُّوا

مَن وَهَبنَاهُ مَجدَنَا وَالعَلَاءُ

هَل عَلِمتُم أَيَّامَ كَانَت بِيُوتٌ

تُنهَبُ النَّاسُ فِيهَا وَالجُبَنَاءُ

حِينَ سِرنَا الجِمَالَ مِن سَعفِ البَحـ

ـرَينِ نُدنِي بِهَا المَدَى وَالعَنَاءُ

ثُمَّ مَالَتْ عَلَينَا تَمِيمٌ فَأَضحَى

بَيتُهَا فِي الرُّبَا لَهُ اِستِيحَاءُ

لَا يُقِيمُ العَزِيزُ فِي سَهلِ أَرضٍ

يُبعِدُ الذُّلُّ مَن بِهِ اِستِحيَاءُ

لَيسَ يُجدِي الحَذَرُ إِذَا مَا تَلَاقَى

رَأسُ طَودٍ، وَمَيسَمٌ رَجلَاءُ

فَمَلَكنَا الخَلَائِقَ الغُرَّ حَتَّى

سَارَ فِينَا المُلوكُ وَالعُظَمَاءُ

فَإِذَا المُنذِرُ بنُ مَاءِ سَمَاءٍ

عَزَّ فِي حُكمِهِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ

وَهُوَ الرَّبُّ المُرتَجَى فِي نِزَالٍ

وَبِهِ يُحتَذَى إِذَا البَلَاءُ بَلَاءُ

مَلِكٌ لَا يُجَارُ فِيهِ، وَلَا يُو

جَدُ فِي الخَلقِ مَن لَهُ أَندَاءُ

فَانْبِذُوا البَغيَ وَاعتَزِلُوا سُبُلَ الـ

ـغَيِّ، إِنَّ البَغيَ فِي النَّاسِ دَاءُ

وَارْعَوُوا لِلعُهُودِ يَومَ بَنَينَا

حِلفَ مُجَزَّاةَ، فَالعُلَى أَكفَاءُ

قَد كَفَلنَا الذِّمَامَ عَهدًا مُحِيـ

ـطًا، فَهَل تُخفَرُ العُهُودُ هَوَاءُ؟

وَاعلَمُوا أَنَّ بَينَنَا وَبِكُم مَا

جَاءَ فِي حُكمِ العُقُودِ السَّوَاءُ

أَفَعَلَينَا إِذَا أَتَانَا بَنُو كِنـ

ـدَةَ غَزوٌ؟ وَهَل لَنَا الجَزَاءُ؟

أَم عَلَينَا جَرَائِرٌ مِن حَنِيـ

ـفَةَ، أَم مَا لَفَّهَا الغَبرَاءُ؟

أَم جُنَايَا بَنِي عَتِيقٍ، وَإِنَّا

عَن قِتَالِ الغُدرِ فِيهِم بُرَاءُ؟

أَم عَلَينَا جِنَايَةُ العِبَادِ،

كَاهتِزَازِ الحِملِ إِذَا الإِكفَاءُ؟

أَم عَلَينَا جِنَايَةٌ مِن قُضَاعَـ

ـةَ؟ كَلَّا، فَمَا لَهَا أَندَاءُ

لَسْنَا مِن جَندَلٍ وَلَا قَيسَ طَرفًا

وَلَا الحِدَاءُ لَنَا وَلَا الإِغرَاءُ

أَم عَلَينَا حَملُ إِيَادٍ كَمَا قَا

لُوا، وَهَل يُنسَبُ العَلَاءُ العَفَاءُ؟

غَنِمُوا مَا غَنِمُوا بِغَيرِ كِتَابٍ

ظُلمُ قَومٍ مَا أَنصَفُوا الأَحيَاءُ

وَثَمَانُونَ مِن تَمِيمٍ دُعَاةٌ

فِيهِمُ المَوتُ، وَالرَّدَى إِيمَاءُ

لَم يُخَلُّوا بَنِي رِزَاحٍ، وَفِي الـ

ـنِّطَاعِ الحَربُ، وَالسُّيُوفُ دُعَاءُ

فَتَرَكنَاهُمُ حَيَارَى خِمَاصًا

وَاِنبَرَى نَهبُهُم لَهُ الإِعيَاءُ

ثُمَّ أَتَوا، فَلَم يُرَدُّوا بِشَيءٍ

غَيرَ دَمعٍ يَسِيلُ مِنهُ الجَنَاءُ

ثُمَّ آبُوا بِقَاصِمَاتِ اللَّيَالِي

لَا يُجَارِيهَا شُحبُهُم وَالبَلَاءُ

ثُمَّ خَيلٌ تَقَادَحَتْ مِن غُسَاقٍ

لَا رَأفٌ فِيهَا، وَلَا إِرجَاءُ

مَا أَصَابُوا مِن تَغَلَّبَ طَيشًا

عَادَ ظِلُّ الضَّغَائِنِ اِستِعلَاءُ

كَم تُلَاقِينَا مِثلَهَا فِي زَمَانٍ

جَاءَ فِيهِ المُنذِرُ البَيدَاءُ

هَل نَكُونُ لِابنِ الهُمَامِ وِلَاءً

وَنُقَاسِي كَمَا تُقَاسِي الإِمَاءُ؟

يَا بَنِي الضَّادِ وَالمَآثِرِ، إِنَّا

قَد سَقَينَا مِنَ العُلَى جُرَعَاءُ

فَازدَرُوا مَن بَغَى وَطَغَى، فَإِنَّا

قَد مَلَكنَا العُقُولَ وَالأَهوَاءُ

وَاذكُرُوا عَهدَنَا القَدِيمَ، فَفِيهِ

مُوَثَّقٌ مَا تَخُونُهُ النَّكبَاءُ

قَد سَقَاهَا الزَّمَانُ حِلفًا وَوَفِيًّا

حَفِظَتهُ العُهُودُ وَالكُفَلَاءُ

لَيسَ يُنقَضُ مَا خَطَّتِ الكَفُّ إِلَّا

أَن يُعَادِيَ الضَّمِيرَ الأَهوَاءُ

نَحنُ فِي الشَّرطِ مِثلُكُم، وَلَكُم فِي

مَا اِشتَرَطنَاهُ عَدلُنَا السَّوَاءُ

أَلَعَلِّي أُجَازِيَ اللَّائِمَ الغَا

زِيَ عَن كِندَةَ، وَذَلِكَ دَاءُ

أَم نُحَاسِبْ عَن جَرِيرَةِ قَومٍ

جَمَعُوا كَيدَهُم، فَغَابَ الرُّوَاءُ

أَم بِجُرمِ العَتِيقِ تُرمَى نُحُورٌ

لَم تُدَنَّسْ، وَلَم تُتَّخَذْ مَاءُ

أَم عَلَينَا جَرِيرَةٌ مِن عَبِيدٍ

مِثلُ حِملٍ أُنِيطَ بِالحُوبَاءُ

أَم قُضَاعَةَ، وَقَد جَنَتْ، فَأَمسَى

ذَنبُهَا فِي دِيَارِنَا وَلَغَاءُ

لَا وَلَا نَحنُ مِن مُضَرَ وَلَا قَيـ

ـسٍ، وَلَا نَعبُدُ الطُّغَاةَ الوَبَاءُ

أَم عَلَينَا وِزرُ إِيَادٍ، وَقَد قِيلَ

لِطَسمٍ: أَخُوكُمُ الآبَاءُ

قَد غَنِمتُم بِنَا، وَظُلمٌ مُبِينٌ

مِثلُ مَا تُستَبَاحُ مِنهُ الظِّبَاءُ

وَثَمَانُونَ مِن تَمِيمٍ، رِمَاحٌ

صَدرُهَا فِي الخِصَامِ هُوَ البَلَاءُ

لَم يُخَلُّوا بَنِي رِزَاحٍ بِبَرقَا

ءٍ، إِلَّا وَقَد دَعَاهُم نِدَاءُ

فَغَدَوا بِالنَّهبِ الَّذِي يُعمِي السَّمعَ

وَفِيهِ الحُدَاءُ لَا يُلَاءُ

وَطَلَبتُم رَدَّ الغَنَائِمِ، لَكِنْ

مَا رَجَعتُم وَلَا أَتَى الإِرجَاءُ

وَلَقِينَـاكُم بِقَاصِمَةِ الظَّهرِ

فَلَا ظِلٌّ يُرتَجَى أَو رُوَاءُ

ثُمَّ جَرَّتْ عَلَيكُمُ الخَيلُ ضَبـ

ـحًا لَا تُبَالِي، وَلَيسَ فِيهَا رِثَاءُ

مَا أَخَذنَا مِن تَغلَبَ قَد أَطَالُوا

سَومَنَا، حِينَ عَزَّ فِيهِمُ العَفَاءُ

كَم تَكَالِيفُ قَومِنَا، حِينَ وَلَّى

مُنذِرٌ، هَل لِابنِ هِندٍ رِعَاءُ؟

إِذ أَحَلَّ العُلَاةَ، شُمَّ العَوَالِي

وَجَعَافِيرُ سُوقَةٌ عُميَاءُ

فَاستَغَاثَتْ لَهُم قُرَاضِبَةُ القَومِ

كَأَنَّهُم فِي الحُرُوبِ أَهوَاءُ

فَهَدَاهُم بِأُسدَينِ، وَأَمرُ

اللَّهِ يَمضِي، إِذَا أَرَادَ اِبتِلَاءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

220

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة