عدد الابيات : 27
أَيَا طَيفَهَا، هَبَّ النَّسِيمُ يُدَاعِبُ الْـ
خَيَالَ، فَأَبكَيْتُ الجُفُونَ تَسَهُّدَا
وَقَفتُ عَلَى الأَعتَابِ أَرنُو بِحُرقَةٍ
كَأنِّي أُنَاجِي ظِلَّ عِشقٍ تُبَدِّدَا
تَهَدَّجَ صَوتُ القَلبِ لِصَمتِ مُهجَتِي
يُنَادِي حَبِيبًا قَد مَضَى وَتَبَعَّدَا
تَوَسَّدتُ ذِكرَى فِي فُؤَادِيَ نَازِفٍ
فَطَافَت بِأَوجَاعِي، وَعَادَت تُجَدِّدَا
أَيَا طَيفَهَا، هَل مَرَّ فِي الحُلمِ بُرهَةً
يُدَاعِبُ شَوقِي، ثُمَّ يُلقِي التَّوَدُّدَا؟
تَسَاقَطَ مِن عَينَيَّ دَمعُ مُحَبَّتِي
كَأنِّي بِهِ أَروِي الفُؤَادَ المُجَلَّدَا
إِذَا مَا سَكَنتُ اللَّيلَ صَارَت وِسَادَتِي
لَهِيبَ الأَسَى، وَالحُزنَ فِيهَا تَوَطَّدَا
كَأنِّي غَرِيبٌ فِي الدُّنَا، مَا لَهُ مُنًى
سِوَى أَن يَرَى طَيفَ الهَوَى مُتَجَسِّدَا
تُغَالِبُنِي ذِكرَاكِ عِندَ تَذَكُّرِي
مَلَامِحَ وَجهٍ بِالبَهَاءِ التَّجَوَّدَا
وَإِن طَافَتِ الأَيَّامُ بِي فِي مَشَارِقٍ
فَنَبضِي إِلَى عَينَيكِ دَومًا تَقَلَّدَا
أُرَاوِغُ وَجدِي، عَلَّهُ يَستَكِينُ بِي
وَلَكِنَّ نَارَ الشَّوقِ زَادَت تَوَقُّدَا
خُيُولُ المَدَى لَم تَستَطِعْ أَن تُطفِئَ الْـ
جَحِيمَ، وَلَا سَيفُ الزَّمَانِ تَجَرَّدَا
أُسَافِرُ فِي ذِكرَاكِ مِن دُونِ مَركَبٍ
وَأَبحَرُ فِي دَمعِي، وَأَغدُو مُهَدَّدَا
أُحَدِّثُ نَفسِي كُلَّمَا عَزَّ لُقيَا
وَأُقسِمُ أَنِّي لَن أَكُونَ مُرَدَّدَا
فَإِن جَفَّ نَبعُ الوَصلِ يَومًا، فَإِنَّنِي
سَأُبقِي هَوَاهَا فِي الضُّلُوعِ مُخَلَّدَا
كَأنَّ الحَنِينَ اليَومَ صَارَ مَمَالِكًا
تُنَادِي فُؤَادِي أَن يَثُورَ وَيُجلِدَا
وَمَا كُنتُ مِمَّن يُتقِنُ الصَّبرَ إِنَّمَا
تَعَلَّمتُ مِن وَجدِي صِدقًا مُسَرَّدَا
تَمُرُّ اللَّيَالِي وَالحَنِينُ يُكَبِّلُ الْـ
فُؤَادَ، وَيُبقِي الحُزنَ فِيَّ مُقَيَّدَا
أُحِبُّكِ رَغمَ البُعدِ شَوقًا مَدَامِعِي
كَأنِّي بِهَا أُبقِي الغَرَامَ مُؤَبَّدَا
فَإِن خَانَنِي صَبرِي، فَشِعرِي شَاهِدِي
بِأنِّي وَفِيٌّ، لَا أَخُونُ وَلَا أَهْدَى
سَأَبقَى أَسِيرَ الحُبِّ، مَا دَامَ خَافِقِي
يُرَدِّدُ عِشقًا لَا يُرَى أَو يُفَنَّدَا
وَلَو أَنَّنِي أَملِكُ وَجهًا لِوَجهِهَا
لَقُلتُ لَهُ: عُدْ، لَا تَكُنْ مُتَبَعِّدَا
فَمَا الحُبُّ إِلَّا أَن تَذُوبَ مِنَ الأَسَى
وَتَبقَى عَلَى العَهدِ الجَمِيلِ مُقَيَّدَا
وَإِن سَأَلُونِي: هَل تُحِبُّ؟ فَقُل لَهُم
أَنَا العَاشِقُ المَكسُورُ، لَا أَتَرَدَّدَا
فَوَدَاعًا سُهَادَ اللَّيلِ، آنَ وَدَاعُنَا
كَأنَّ الضِّيَاءَ اِنحَازَ دَمعًا مُبَدَّدَا
أَعُودُ وَفِي قَلبِي رَمَادُ مُحَبَّةٍ
تَنَاثَرَ كَالوَرْدِ الذَّبِيحِ وَأُزهَدَا
وَلَكِنَّنِي مَا زِلتُ أُقسِمُ إِنَّنِي
عَلَى عَهدِهَا بَاقٍ، أَمِينًا مُعَاهَدَا
192
قصيدة