الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » عِندَ خُطَاكِ يَغفُو النَّسِيمُ

عدد الابيات : 35

طباعة

أَلَا لَيتَ لَيلَ الاِنتِظَارِ قَصِيرُ

فَقَد طَالَ حَتَّى كَلَّ مِنهُ الشُّعُورُ

وَكَادَت نُجُومُ اللَّيلِ تَبرُقُ حَسرَةً

كَأَنَّ الدُّجَى ثَكلَى يُهَدُّ الضَّمِيرُ

أُرَاقِبُ دَربَ الوَصلِ عَلِّي أَرَاهَا

فَتُشفِي جِرَاحَ القَلبِ وَهِيَ نُذُورُ

فَيَا دَارَهَا، هَل مِن صَدًى يُنبِئُ المُنَى؟

أَمِ الوَعدُ أَضغَاثٌ وَغَابَ البَشِيرُ؟

سَأَلتُ الصِّبَا، هَل مَرَّ طَيفٌ لِنَاقَةٍ

تَحمِلُ وَعدًا أَم سُدًى مَا أَسِيرُ؟

فَقَالَ نَسِيمُ الفَجرِ: جَفَّت سَحَائِبٌ

وَأَنَّى لِعَينِ الصَّبِّ تَسقِي غَدِيرُ؟

فَيَا وَيحَ قَلبٍ بَاتَ يَشكُو تَوَقُّدًا

وَيَحمِلُ مِن شَوقِ الحَبِيبَةِ سُورُ

كَأَنِّي غَرِيبٌ بَينَ قَومٍ، وَإِنَّنِي

أُحَادِثُ وَجدًا صَامِتًا لَا يُجِيرُ

إِذَا قِيلَ: مَا بِكَ؟ قُلتُ صَبرِي تَحَطَّمَا

وَفِي كُلِّ جُزءٍ مِن فُؤَادِي زَفِيرُ

وَكَم قُلتُ: صَبرًا يَا فُؤَادِي، فَإِنَّهَا

سَتَأتِي، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ غَدُورُ

وَلَو جَادَ لِي الدَّهرُ بِوَصلِ مُهَفهَفٍ

يُخَفِّفُ عَنِّي الدَّمعَ وَهوَ غَزِيرُ

لَمَا ظَلَّ دَمعِي فِي الخُدُودِ كَسِحرَةٍ

تَفِيضُ بِهَا الأَنهَارُ وَهِيَ بُحُورُ

أَيَا لَيتَ شِعرِي، هَل تُرَى الدَّهرُ جَامِعٌ

شَتَاتَ الفُؤَادِ أَم يَزِيدُ فُطُورُ؟

وَهَل لِي إِلَى عَهدِ الوِصَالِ رُجُوعُهُ

أَمِ العَيشُ قَفرٌ وَاللَّيَالِي قُبُورُ؟

وَمَا كُنتُ أَخشَى مِن نَوًى أَو تَفَرُّقٍ

وَلَكِنَّ صَدًّا جَاوَزَتهُ القُدُورُ

فَإِن قِيلَ: هَل تَهوِى؟ أَجَبتُ بِمُقلَةٍ

تُفِيضُ الجَوَى وَالعَينُ فِيهَا نُذُورُ

فَصَدَّتْ، وَقَالَت: لَستُ أَدرِي صَبَابَتِي

وَأَينَ الجَوَى مِمَّن يُبَاحُ أُمُورُ

فَقُلتُ: اِسأَلِي القَلبَ الَّذِي صِرتِ مَالِكَهُ

فَإِنَّ الهَوَى فِيهِ وَشَوقِي نُذُورُ

فَإِن شِئتِ رُدِّيهِ كَمَا كَانَ مُترَفًا

وَإِن شِئتِ أُبقِيهِ وَهوَ كَسِيرُ

وَلَستُ أُطِيقُ العَيشَ بَعدَكِ سَاعَةً

فَقَد ضَاقَ صَبرِي وَالمُنَى تَغُورُ

وَكَيفَ أُطِيقُ الصَّبرَ عَنكِ وَفِي يَدِي

كِتَابُكِ وَعدٌ وَالوَفَاءُ جُسُورُ

أَمَا آنَ أَن تَأتِي رِيَاحُكِ بِاللِّقَا

وَتُسقِي ظِمَاءَ القَلبِ وَهوَ حَرُورُ؟

وَهَل تُدرِكُ الأَيَّامُ صَبرًا تَوَلَّى

فَتُرجِعُ أَيَّامَ الوِصَالِ نُذُورُ؟

فَيَا أَيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ تَرَفَّقْ

فَقَد بَاتَ صَبرِي فِيكَ وَهوَ قَصِيرُ

وَيَا شَمسُ، لَا تُطِلِ المَقَامَ فَإِنَّنِي

أُرِيدُ لَيَالِيَ فِي الوِصَالِ تَدُورُ

إِذَا جِئتُهَا يَومًا أُجَاذِبُ سِحرَهَا

تَعَرَّضَ مَنفُوضُ اليَدَينِ فَخُورُ

كَأَنَّ الهَوَى فِي رَاحَتَيهِ شَرَارَةٌ

يُحَاذِرُ أَن تَمضِي إِلَيهِ فُتُورُ

فَصَرَّمتُهَا خَوفًا، كَأَنِّي مُجَانِبٌ

وَإِنِّي إِذَا هَبَّ اللِّقَاءُ صَبُورُ

وَلَو تُبصِرِينَ القَلبَ فِي سَاعَةِ الجَوَى

رَأَيتِ بِحَارًا لِلغَرَامِ تَفُورُ

أُعَلِّلُ نَفسِي، وَالهَوَى لَيسَ يُرتَجَى

وَلَكِنَّ بَعضَ الوَهمِ فِيهِ سُرُورُ

أَلَا لَيتَ أَيَّامِي الَّتِي قَد مَضَتْ بِنَا

تُعِيدُ لَنَا الأَحلَامَ وَهِيَ عَبِيرُ

وَإِن فَرَّقَتنَا الحَادِثَاتُ فَلَم يَزَل

لِعَينَيكِ عَهدٌ فِي الفُؤَادِ نُذُورُ

فَلَا تَنسِ أَنِّي فِي هَوَاكِ مُتَيَّمٌ

وَإِن زَادَ صَدُّكِ، فَاللِّقَاءُ قَدِيرُ

فَإِن طَالَ هَذَا الهَجرُ مِنكِ فَإِنَّنِي

كَرِيمٌ، وَعُذرُ العَاشِقِينَ يَسِيرُ

وَلَكِنَّنِي إِن مُتُّ شَوقًا فَلَا تُرَ

عَلَى قَبرِي إِلَّا الدَّمعُ وَهوَ غَزِيرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

187

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة