عدد الابيات : 81
طباعةأَلَا فَانْتِظَارِي فِي الْغَرَامِ فَرِيدُ
وَفِي الصَّبْرِ شَوْقٌ لِلْعِنَاقِ شَدِيدُ
مَتَى يَا ابْنَةَ الْأَضْوَاءِ تَأْتِينَ وَعْدَنَا
وَقَدْ ضَاقَ بِي صَبْرِي وَطَالَ الْوَعِيدُ
أَمَا آنَ أَنْ تَجْلُوَ السَّحَائِبُ بَيْنَنَا
فَإِنِّي لَهِيبُ شَوْقٍ وَالرَّجَاءُ جَلِيدُ
تَرَدَّدْتُ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالشَّوْقِ تَائِهًا
فَمَا لِيَ فِي دُنْيَا الْهَوَى مَنْ يَقُودُ
وَقَلْبِي عَلَى نَارٍ، وَلَيْلُ فِرَاقِنَا
طَوِيلٌ، وَمَا لَيْلُ الْهَوَى بِسُجُودُ
أَمَا آنَ أَنْ تُلْقِيَ الْجَوَابَ بِنَظْرَةٍ
فَقَدْ هَامَ قَلْبِي، وَالْجَوَانِحُ سُودُ
تَوَاعَدْتُ وَالْأَقْدَارُ كَانَتْ خَصِيمَةً
وَجَادَتْ بِآلَامِ فِرَاقٍ، وَصَدُّكِ جُودُ
سَأَلْتُكِ، هَلْ صَخْرٌ هَوَاكِ فَأَرْتَجِي
رِضَاكِ؟ فَمَا لِيَ فِي الْفِرَاقِ خُلُودُ
وَقُلْتُ: إِلَى كَمْ ذَا الْجَفَاءُ؟ فَقُلْتُمَا:
إِلَى أَنْ يَجِيءَ الْعُمْرُ وَهُوَ جَدِيدُ
فَلَيْتَكِ لَوْ تُدْنِينَ قُرْبَكِ سَاعَةً
فَإِنَّ انْتِظَارَ الْوَعْدِ وَهْمٌ بَلِيدُ
أَمَا وَالْهَوَى، لَوْلَا الرَّجَاءُ بِذِكْرِكُمْ
لَمَا قَامَ فِي الدُّنْيَا الْعَلِيلُ الْعَمِيدُ
أَأَبْقَى كَطَيْفٍ لَا يُرَى غَيْرَ أَنَّنِي
أَحِنُّ لِدَارِ حُبٍّ وَطَيْفُهَا لَا يَعُودُ؟
أَمَا آنَ أَنْ تَصْحُوَ اللَّيَالِي لِعَاشِقٍ
غَرِيقٍ بِهِ الْأَشْوَاقُ وَهِيَ حُشُودُ؟
فَلَا تَسْأَلِي هَلْ فِي الْفُؤَادِ مَكَانُكُمْ
فَذَاكَ يَقِينُ حُبٍّ، وَالْيَقِينُ شَهِيدُ
وَإِنْ شِئْتِ، فَانْظُرِي إِلَى جَمْرِ أَدْمُعِي
فَإِنِّي بِهَا أَشْكُو وَجْدًا، وَهُنَّ شُهُودُ
أَلَمَّتْ بِيَ الْآهَاتُ حَتَّى حَسِبْتُنِي
أَطُوفُ بِبَابِ الْوَصْلِ وَهُوَ بَعِيدُ
إِذَا لَاحَ طَيْفٌ مِنْكِ أَشْرَقَ لَيْلُنَا
وَإِنْ غَابَ فَالْأَيَّامُ وَهَوًى يَبِيدُ
وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا أَنْ نَكُونَ كَمَا مَضَى
زَمَانٌ بِهِ الْوَصْلُ الزَّكِيُّ فَرِيدُ
أَمَا وَالَّذِي سَوَّى الْقُلُوبَ عَلَى الْهَوَى
لَعَهْدُكِ عِنْدِي طَاهِرٌ وَعُهُودُ
وَإِنِّي لَأَخْشَى أَنْ تَطُولَ مَلَامَتِي
وَأَنْ تُبْتَلَى رُوحِي بِجُرْحٍ جَدِيدُ
إِذَا أَقْبَلَ الْعُذَّالُ قُلْتُ بِأَنَّنِي
رَهِينُ الْهَوَى، وَالْقَلْبُ فِيهِ قَعِيدُ
أَمَا وَالَّذِي أَمْضَى السِّنِينَ بِأَسْرِهَا
بِحُبِّكِ لَا أَسْلُو، وَأَنْتِ بَعِيدُ
فَكَيْفَ أُلَامُ الْآنَ، مَا كُنْتُ تَائِبًا
وَلَا كَانَ لِي غَيْرَ الْغَرَامِ مُعِيدُ
فَإِنْ شِئْتِ أَنْ تُدْنِيَ الْفُؤَادَ فَهِبْتِهِ
وَإِنْ شِئْتِ أَنْ تَنْئِي فَذَاكَ وَلِيدُ
وَلَكِنَّنِي أَبْقَى بِعَهْدِي مُؤْمِنًا
وَلَوْ صَبَّ دَهْرُ الْبُعْدِ فِيهِ جَلِيدُ
فَإِنْ غِبْتِ عَنِّي فَالْهَوَى لَكِ حَافِظٌ
وَإِنْ جِئْتِ، فَالْقَلْبُ الْوَفِيُّ مُعِيدُ
فَإِنْ غَابَ عَنِّي الْوَصْلُ يَوْمًا فَإِنَّنِي
عَلَى عَهْدِهِ لَا زِلْتُ صَبًّا أُعِيدُ
وَإِنْ طَالَ لَيْلُ الْيَأْسِ حَتَّى تَوَحَّشَتْ
نُجُومُ الرَّجَاءِ، الْقَلْبُ فِيهِ مُرْشِدُ
أُحَدِّثُ نَفْسِي كُلَّ يَوْمٍ بِأَنَّنِي
سَأَلْقَى مُنَى الْقَلْبِ الْعَلِيلِ الْبَعِيدِ
وَأَبْنِي مِنَ الْأَحْلَامِ صَرْحًا مُرَصَّعًا
فَلَا يَهْدِمُ الْأَيَّامُ مَا أَنَا أُشِيدُ
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تُبَدِّدُ غُصَّتِي
رِيَاضُ اللِّقَا، أَمْ يَظَلُّ الْجُمُودُ؟
وَهَلْ تُزْهِرُ الْآمَالُ بَعْدَ ذُبُولِهَا؟
وَيُبْعَثُ مِنْ بَيْنِ الرَّدَى مَا يُرِيدُ؟
إِذَا كُنْتِ تَدْرِينَ الْهَوَى فَاجْعَلِي لَنَا
نَصِيبًا مِنَ الْعَطْفِ الَّذِي بِهِ وُعُودُ
وَلَا تَتْرُكِينِي فِي الْمُنَى مُسْتَغِيثًا
كَرِيمٌ، وَلَكِنْ لَا يَجُودُ الْجُحُودُ
لَقَدْ عِشْتُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْحُبِّ وَاقِفًا
فَمَاتَ بِيَ الصَّبْرُ الْحَزِينُ الْعَنِيدُ
فَمَا لِي سِوَى صَمْتٍ يُغَالِبُ حُرْقَتِي
إِذَا زُلْزِلَتْ رُوحِي وَأُلْقَى النَّشِيدُ
أَمَا آنَ لِلْوَعْدِ الَّذِي قَدْ وَعَدْتِنِي؟
أَمَا آنَ لِلْعَهْدِ الَّذِي لَا يَجُودُ؟
أَيَا وَيْحَ دَمْعِي كَيْفَ أَغْرَقْتُ مُقْلَتِي
وَأَنْتِ الَّتِي أَبْكَيْتِنِي وَتَزِيدُ؟
تَمَادَى الْجَفَا حَتَّى تَصَدَّعَ صَبْرِي
فَأَيْنَ الْمُنَى؟ هَلْ عَادَ وُدٌّ جَدِيدُ؟
إِذَا كُنْتِ لَا تُصْغِينَ قَوْلِي فَإِنَّنِي
سَأَرْوِي عَلَى الْأَيَّامِ مَا لَا تُرِيدُ
وَلَكِنَّنِي يَا سُرَارَةُ عَاشِقٌ
صَبُورٌ، وَإِنْ جَارَ الزَّمَانُ جَلُودُ
فَإِنْ عَادَ طَيْفُ الْوَصْلِ يَوْمًا فَإِنَّنِي
سَأُقَبِّلُهُ وَالشَّوْقُ نَارٌ تُعِيدُ
وَإِنْ كُنْتُ أَرْوِي فِي الْهَوَى كُلَّ لَوْعَةٍ
فَقَدْ غَضَّهَا صَبْرٌ عَلَيَّ شَدِيدُ
وَإِنْ كَانَ وَعْدُ الْحُبِّ غَيْضًا لِمُهْجَتِي
فَقَدْ نَالَنِي فِي الْحُبِّ مَا لَا يُجِيدُ
أَلَا لَيْتَ صَوْتَ الْعَاذِلِينَ يُفَارِقُ
فَمَا عَادَ يُجْدِي الْعَذْلُ وَهُوَ عَتِيدُ
وَكَيْفَ يُلَامُ الْقَلْبُ فِي حُبِّ غَادِرٍ؟
أَلَيْسَ لِجَمْرِ الْعِشْقِ فِيهِ وُقُودُ؟
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَكْلُومُ صَبْرِي تَلَفَّتَتْ
عَلَيْهِ الدُّنَا، وَالْوَجْدُ عَنْهُ شُهُودُ
فَإِنْ قِيلَ لِي: صَبْرٌ! فَذَاكَ مُمَزَّقٌ
وَإِنْ قِيلَ لِي: نَسْيٌ! فَكَيْفَ أُرِيدُ؟
أَأُخْمِدُ فِي قَلْبِي اشْتِعَالَ لَهِيبِهِ؟
وَعَيْنَايَ فِيهَا الدَّمْعُ، وَهُوَ حَصِيدُ؟
وَيَا لَيْتَهَا إِذْ خَانَتِ الْوَعْدَ أَرْسَلَتْ
كِتَابًا، فَفِي الْأَوْهَامِ غَرْبٌ بَلِيدُ
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُكَفِّرُ ذَنْبَهَا؟
فَمَا لِي سِوَى الْعَفْوِ الْوَفِيِّ عُهُودُ
وَهَلْ تَرْجِعُ الْأَيَّامُ يَوْمًا مُبَشِّرًا
فَمَا فِي يَدَيَّ الْآنَ إِلَّا وُعُودُ
وَيَا مَنْ خَلَتْنِي فِي الْجَفَاءِ وَحِيدَةً
أَمَا آنَ لِلْعَهْدِ الْغَرِيرِ يَعُودُ؟
فَسَلْ قَلْبَكَ الْمَأْسُورَ كَيْفَ تَهَاوَتْ
عَلَى سُورِهِ آمَالُهُ وَتَبِيدُ
وَكَيْفَ انْتَظَرْتُ الشَّمْسَ وَغَدَتْ دُجًى
فَغَابَتْ، وَمَا ضَاءَ الضِّيَاءُ الْمُفِيدُ
وَكَيْفَ اسْتَظَلَّ الصَّبْرُ حَتَّى أَضَاءَهُ
غُبَارُ الْأَسَى، وَالْعُمْرُ فِيهِ يَسُودُ
أَنَا الْآنَ لَا أَرْجُو لِوَعْدٍ وَلَا أُرَى
أَسِيرًا لِعَهْدٍ بِالْكَذُوبِ يَسُودُ
وَلَكِنَّنِي أَدْعُو الْمَلِيكَ بِنَظْرَةٍ
تُعِيدُ إِلَى الدُّنْيَا الْوَفَاءَ يَعُودُ
وَإِنْ كَانَ دَمْعِي قَدْ جَرَى فِي مَحَاجِرِي
فَمِثْلِيَ صَبٌّ بِالْعَذَابِ سَعِيدُ
أَلَا لَيْتَ وَعْدَ الْوَصْلِ يَوْمًا يَعُودُ
وَقَدْ آنَ لِلنَّأْيِ الْبَعِيدِ حُدُودُ
وَهَلْ يَسْمَحُ الدَّهْرُ الْعَنُودُ بِوَصْلِنَا
كَمَا كَانَ فِي مَاضٍ تَلِيدٍ مَحِيدُ؟
تَعِدْنِي فَأُلْقِي مِنْ أَمَانِيَّ ظِلَّهَا
وَأَبْنِي عَلَى الْوَعْدِ الْمُعَلَّقِ عُودُ
فَلَا الصَّبْرُ يَسْلُو مَا تُجَدِّدُ حُزْنَهُ
وَلَا الْقَلْبُ عَنْ ذَاكَ الْهَوَى يَحِيدُ
أَنَا الْمُبْتَلَى وَالْوَجْدُ بَحْرٌ مُؤَجَّجٌ
يُطَالِعُنِي دَمْعِي بِهِ وَيَزِيدُ
أُخَبِّئُهُ فِي الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ فَاضِحَتْ
بُكَائِيَ حِينًا، وَالْحَنِينَ الشَّدِيدُ
كَأَنِّي وَقَدْ طَالَ انْتِظَارِيَ هَائِمٌ
غَرِيبٌ لَهُ فِي كُلِّ أَرْضٍ بُدُودُ
أَلَا لَيْتَ عَيْنِي لَمْ تَرُقْ يَوْمَ وَدَّعَتْ
فَلَيْسَ يُفِيدُ الدَّمْعُ وَهُوَ جُمُودُ
أَلَا لَيْتَ سَمْعِي مَا سَمِعَ يَوْمَ أَقْسَمَتْ
فَلَيْسَ لِحَبْلِ الْعَهْدِ مِنْهَا عُقُودُ
إِذَا مَا هَفَتْ نَفْسِي إِلَيْهَا تَذَكَّرَتْ
بِأَنَّ النَّوَى حَتْمٌ، وَأَنَّ الصُّدُودُ
كَأَنِّي أُزَجِّي الْعُمْرَ نَحْوَ مَهَلَّةٍ
أُؤَمِّلُهَا، وَالْوَعْدُ مِنْهَا جَلِيدُ
فَإِنْ وَصَلَتْ يَوْمًا، فَفِي الْقَلْبِ بَهْجَةٌ
وَإِنْ نَكَثَتْ، فَالصَّبْرُ صَعْبٌ حَدِيدُ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُفِيءُ بِوَعْدِهَا؟
أَمِ الْوَعْدُ دَيْنٌ ضَائِعٌ لَا يُرَدُّ؟
إِذَا اللَّيْلُ يَرْمِي بِالْبُكَاءِ نُجُومَهُ
فَأَعْلَمُ أَنِّي بِالْفِرَاقِ وَحِيدُ
وَإِنْ طَافَ طَيْفٌ فِي الْكَرَى زَائِرًا
فَذَاكَ هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي لَا يُعِيدُ
كَأَنَّ زَمَانَ الْوَصْلِ قَطْعٌ لِمُهْجَتِي
وَكَأَنَّ جِرَاحَ الْبُعْدِ مِنْهَا وُلُودُ
وَهَلْ تُرْجِعُ الْأَيَّامُ مَا قَدْ تَصَرَّمَتْ
وَتَمْنَحُنَا دَهْرًا نَدِيًّا مُدِيدُ؟
وَيَا لَيْتَهَا تَجْفُو الْوُشَاةَ وَتَسْتَفِيقُ
عَلَى قَلْبِ صَبٍّ بِالْهَوَى مُسْتَبِيدُ
أَلَا يَا مَنْ مَنَّتْنِي بِالنَّعِيمِ وَلَمْ أَجِدْ
سِوَى غُصَّةٍ فِي مُهْجَتِي وُقُودُ
فَإِنْ كُنْتُ فِيهَا عَاشِقًا مُتَفَرِّدًا
فَقَدْ كَانَ وَعْدُ الْحُبِّ أَبْهَى فَرِيدُ
وَإِنْ كُنْتُ فِيهَا صَابِرًا مُتَجَلِّدًا
فَإِنِّي بِلَيْلِ الِانْتِظَارِ عَمُودُ
وَإِنِّي إِذَا بَاحَتْ بِرُوحِي لِغَيْرِهَا
صَبُورٌ، وَلَكِنْ لَا يُفِيدُ الصُّمُودُ
186
قصيدة