الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » أَشْوَاقٌ فِي لَيْلِ الْهَجْرِ

عدد الابيات : 115

طباعة

أَأَبْدَأُ وَالْأَنْوَاءُ تَحْفِرُ صَدْرَهَا

وَتَرْجِفُ فِي صَوْتِ الصَّبَاحِ الْأَرَاحِلِ؟

أَمِ الشِّعْرُ مَا عَادَتْ تُبَارِكُهُ السَّنَا

وَمَا عَادَ فِي كَفِّ الزَّمَانِ الْمَنْهَلِ؟

وَلَكِنْ بِنَارِ اللَّوْعَةِ اشْتَدَّ وَقْدُهُ

وَعَادَ جَامِحًا فِي الْفُؤَادِ الْمُشَعْلِ

رَكِبْتُ هَوَانَا، لَيْتَ نَفْسِي طَوَاعَةٌ

وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ لِحُبِّكَ مُقْتَلِي

وَكُنْتُ أَسْقِي الْحَرْفَ صَبْرَ مَشَاعِرِي

فَجَاءَ كَسَيْلٍ جَارِفٍ مُتَفَضَّلِ

أَقُدُّ بِأَلْسُنِ مَنْطِقِي وَشَجَايَةٍ

وَأَخُطُّ بِالذِّكْرَى سُطُورَ الْمُنْزِلِ

فَهَذِي الْمُعَلَّقَةُ الَّتِي خَطَّ لَحْنَهَا

جَوَادٌ مِنَ الْأَحْلَامِ لَمْ يَتَعَثَّلِ

وَسَيْرٌ عَلَى سِجِّيلِ شِعْرٍ مُبَجَّلٍ

يُقَبِّلُهُ التَّارِيخُ فِي كُلِّ مَحْفِلِ

فَإِنْ سَأَلُوا: مَا هَذِهِ الطُّهْرُ؟ قُلْتُهُمْ:

مُعَلَّقَةٌ تُدْعَى بِفَجْرِ الْمُرَجَّلِ

تَرَكْنَا بِهَا لِلْعَرْبِ وَقْعًا مُهَيْبَةً

وَأَسْكَنَّاها فِي السَّمَاءِ الْأَوَّلِ

وَأُبْدِئُ شِعْرِي وَاللَّيَالِي كَوَاسِرٌ

وَقَلْبِيَ فِي جَوْفِ الصُّدُورِ مُعَلْعِلِ؟

وَتَسْأَلُنِي نَفْسِي: أَتَبْكِي جَلِيلَةً؟

فَقُلْتُ: وَكَيْفَ الدَّمْعُ يَخْذِلُ مُرْسِلِي؟

وَفِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْ ثَرَى اللَّوْعَةِ

الَّذِي يُؤَرِّقُنِي، بَابٌ لِمِثْلِيَ مُقْفَلِ

فَهَذِي قَصِيدِي، لَا تَخَافِي شِرَاعَهَا

تُهَادِي السُّرَى فِي اللَّيْلِ لَمْ تَتَعَثَّلِ

نَزَلْتُ بِوَادِ الْحَرْفِ وَالنُّورُ مُنْهَمِرٌ

وَسَاقَطَ مِنْ أَقْدَارِهِ كُلُّ مَنْهَلِ

وَشَدَّدْتُ أَزْرِي فِي الْمَعَانِيَ فَارِسًا

وَمَا كَانَ رَكْبِي فِي الْحُرُوفِ بِمُستَهِلِ

فَإِنْ كَانَتِ الْأَيَّامُ تُخْفِي ضِيَاءَهَا

فَفِي قَصَبَاتِ الشِّعْرِ لِي مَا يُجَلْجِلِ

تَمَنَّيْتُ لَوْ كَانَ الزَّمَانُ يُنَادِيَنِي

لِأَسْقِيهِ مِمَّا فِي فُؤَادِيَ يَنْهَلِي

وَلَوْ شَهِدَتْ لِلشِّعْرِ دَارٌ بِعِزَّةٍ

لَكَانَتْ هَذِه الْمُعَلَّقَةَ الْمُتَنَزَّلِ

فَخُذْهَا، وَفِي أَعْطَافِهَا أَلْفُ سَيْفِهِ

وَفِي لَفْظِهَا خَيْلٌ، وَفِي الْبَأْسِ مُسْبُلِ

أُقَاسِي سُهَادَ اللَّيْلِ وَالنَّجْمُ شَاهِدٌ

وَدَمْعِي كَنَهْرٍ فِي الْحَنَايَا مُسَلْسَلِ

أُرَاجِعُ أَيَّامَ الْوِصَالِ وَذِكْرَهَا

فَتَهْتَزُّ أَوْجَاعِي بِنَبْضٍ مُؤَكَّلِ

وَأَسْتَحْضِرُ الْأَيَّامَ حِينَ تَجَمَّعَتْ

قُلُوبُنَا فِي الْحُبِّ وَالْوُدِّ الْمُفَصَّلِ

فَأَيْنَ تِلْكَ الْأَيَّامُ؟ أَيْنَ نَعِيمُهَا؟

وَكَيْفَ تَبَدَّلَتْ بِالْهَجْرِ الْمُبَجَّلِ؟

فَهَلْ لِيَ فِي الْأَحْلَامِ مَا يُسْعِدُ فُؤَادِيَا؟

أَمْ أَنَّ الْحُبَّ قَدْ صَارَ حُلْمًا مُؤَجَّلِ؟

فَإِنْ كَانَ الْحُبُّ قَدْ رَحَلَ وَتَبَدَّدَ

فَإِنِّي سَأَظَلُّ أُحِبُّهُ بِقَلْبٍ مُؤَصَّلِ

وَسَأَظَلُّ أَكْتُبُ الشِّعْرَ فِيهِ وَعَنْهُ

حَتَّى يَفْنَى الْقَلَمُ وَالْحِبْرُ الْمُسَجَّلِ

فَهَذِهِ قَصِيدَتِي، وَهَذَا حِبرُ قَلَمِي

يَشْهَدُ لِيَ الْوَقْتُ وَالْعَصْرُ الْمُتَغَفِّلِ

فَإِنْ كَانَ فِي الشِّعْرِ مَا يُسْعِدُ الْقُلُوبَ

فَإِنِّي قَدْ بَلَغْتُ الْمُنْتَهَى الْمُتَكَمِّلِ

وَإِنْ كَانَ فِي الشِّعْرِ مَا يُسْعِدُ الْأَرْوَاحَ

فَإِنِّي قَدْ نَجَحْتُ فِي الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ

فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كَأَنَّ نُجُومَهُ

بِكُلِّ مُغَارِ الْفَتْلِ شُدَّتْ بِأَسْفُلِ

كَأَنِّي فِي رَكْبٍ يُسَاقُ بِمُهْمِلٍ

عَلَى كَاهِلٍ مِنْهُ الْحَدِيدُ مُثَقَّلِ

أُجَرِّدُ سَيْفَ الشِّعْرِ فَوْقَ صَبَابَتِي

وَأَخْطُو كَمَنْ فِي الْجَمْرِ يَمْشِي بِمِرْجَلِ

فَلَا اللَّيْلُ يُغْرِينِي بِسِرٍّ مُؤَرَّقٍ

وَلَا الْفَجْرُ يُنْسِينِي هَوَاهَا الْمُخَيِّلِ

وَإِنِّي إِذَا مَا أَرْسَلَتْهَا زَفِيرَةً

تَنَفَّسْتُهَا حَتَّى كَأَنِّي بِمِقْتَلِ

وَأَشْرَبُ كَأْسَ الْوَجْدِ صِرْفًا وَإِنْ دَمَتْ

شِفَاهُ الْمَنَايَا مِنْ مَذَاقِ الْمُنَغَّلِ

وَأَرْكَبُ وَهْمِي فِي سَبَاسِبَ غُرَّةٍ

كَأَنِّي جَنَاحٌ فِي سَمَاءِ الْمُعَطَّلِ

وَأَضْرِبُ فِي صَمْتِ الزَّمَانِ بِقَافِيَةٍ

تُفَجِّرُ أَسْرَارَ الْقُدَمَاءِ الْأَوَائِلِ

وَأَسْرِجُ أَحْلَامِي وَأَجْعَلُهَا نُدًى

يُعَطِّرُ وَجْهَ الْفَجْرِ بِالْعِطْرِ الْأَفْضَلِ

فَمَا الشِّعْرُ إِلَّا سِحْرُ قَوْمٍ تَفَجَّرَتْ

بِهِ الصَّخْرَةُ الصَّمَّاءُ بالْعَهْدِ الْأَوَّلِ

وَمَا الْبَحْرُ إِلَّا مِنْ جَوَانِحِ نَارِنَا

إِذَا سَكَبَتْهُ الرُّوحُ فِي النَّظْمِ الْمُثَقَّلِ

وَفِي النَّفْسِ وَجْدٌ لَوْ تَنَزَّلَ فِي الدُّنَى

لَأَشْعَلَ أَرْضَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَنْزِلِ

وَإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ إِذَا الشِّعْرُ عَانَقُوا

أَجَازُوا الْمَعَالِي فِي الصُّعُودِ الْأَجَمَّلِ

فَلَا تَسْأَلُوا عَنِّي إِذَا الْمَجْدُ ذَاعَنِي

فَإِنِّي صَدًى لِلْخَالِدِينَ الْأَجَزْلِ

هُمُ الْقَوْمُ، إِنْ عَدَّ الزَّمَانُ فَوَارِسًا

فَلَنْ يَجِدَ الْأَيَّامَ إِلَّا بِمِثْلِهِمْ بأجْمَلِ

وَنَحْنُ لَنَا فِي كُلِّ قَافِيَةٍ نَدًى

يُنِيرُ ظَلَامَ الْجَهْلِ كَالدَّرِّ مُذَّهَلِ

وَهَا أَنَا مِنْ جُنْدِ الْقَوَافِي جَحَافِلٌ

أُفَجِّرُ مَعْنَى الْحُرِّ فِي اللَّفْظِ الْمُقْبِلِ

أُقِيمُ بِنَاءَ الْفَخْرِ فَوْقَ مَفَاخِرٍ

تَنُوءُ بِهَا الْأَيَّامُ فِي الطَّوْلِ وَالْأَجَلِ

وَأَسْقِي رُبَى الْأَلْفَاظِ مِنْ نَبْعِ مُهْجَتِي

فَيَخْضَرُ حَرْفِي فِي الرُّبَا كَالنَّوَافِلِ

وَأَشْهَدُ نُورَ الشِّعْرِ يَسْطَعُ فِي الدُّنَى

كَنَجْمٍ تَهَادَتْ فَوْقَهُ يَدُ زُحَلِ

أُغَازِلُ نَبْضَ اللَّيْلِ فِي نَشْوَةِ الدُّجَى

وَأَعْزِفُ وَجْدَ الرُّوحِ فِي كُلِّ مَنْزِلِ

فَإِنْ قَالَ "قَيْسٌ": إِنَّ فِي الشِّعْرِ مَلْعَبِي

فَقُلْتُ: وَفِي صَدْرِي لَهُ فَوْقَ عَائِّلِ

وَإِنْ قِيلَ: هَذَا حُسْنُ قَوْلٍ مُعَلَّقٌ

قُلْنَا: وَهَذَا الْحُسْنُ فِي اللَّفْظِ مُنْزَلِ

وَإِنِّي لَفِي وَجْدِ الْبَيَانِ مُجَلْجِلٌ

كَرَعْدٍ دَوَتْ فِيهِ السَّنَابِكُ فِي الطَّلَلِ

وَأَرْقَى بِهِ الْأَيَّامَ حَتَّى كَأَنَّهُ

يُنَادِي بَنِي الْفَصْحَى: أَلَا يَا مُفَصَّلِي

فَهَذَا لِسَانُ الْعَرْبِ يَزْهُو جَلَالُهُ

وَيَفْتَحُ أَبْوَابَ الْمَعَانِي لِمُرْسِلِ

فَيَا دُرَرَ الْأَشْعَارِ زِيدِي تَأَلُّقًا

فَإِنِّي عَلَى نَارِ الْفَصَاحَةِ مَشْعَّلي

وَيَا كَلِمَاتِ الْعِزِّ، طِيرِي بِمَوْكِبِي

وَهُبِّي عَلَى أَهْدَافِنَا كَالْمُنَاضِلِ

أُحَارِبُ أَيَّامَ الذُّلِّ فِي جَيْشِ مَعْرِفٍ

وَأَبْنِي لِأَهْلِ الْحَقِّ صَرْحًا مُؤَصَّلِ

فَمَنْ لِي بِمِثْلِ الْعَرْبِ لَوْ كُنْتُ سَائِلًا؟

هُمُ الْمَجْدُ فِي أَسْمَاهُ مَوْطِنِ نَزْلِي

أُجَدِّلُ شَعْرَ الْمَجْدِ فِي غُرَّةِ الدُّنَى

وَأَنْسُجُ مِنْ صَفْوِ الْبَيَانِ الْمُفَصَّلِ

وَأُقْبِلُ كَاللَّيْثِ الْهُمَامِ إِذَا وَغَى

يُهَدْهِدُ وَجْهَ الظُّلْمِ صَوْتٌ مُزَلْزِلِ

أُرَجِّعُ لِلْأَيَّامِ لَحْنَ كَرَامَتِي

وَأَكْسُو جِرَاحَ الْعُرْبِ بِالثَّوْبِ مُكْمَلِ

وَأَصْهَرُ مَعْنَى الضَّادِ فِي قِدْرِ مُهْجَتِي

فَيُورِقُ فِي الدُّنْيَا رُبًى كَالزَّمَارِلِ

أُفَجِّرُ مِنْ صَدْرِ الْجَبَاهِ عَقَائِدًا

تُزَلْزِلُ أَرْكَانَ الْجُحُودِ الْمُبَلْبِلِ

وَأَبْنِي عَلَى الْأَمْجَادِ صَرْحًا كَأَنَّهُ

بُرُوجُ الثُّرَيَّا فِي الْمَدَى الْمُتَجَمِّلِ

وَأَسْقِي دِمَاءَ النَّبْضِ مِنْ كَبِدِ الذُّرَى

فَيَشْرَبُ مِنِّي الْمَجْدُ رَيًّا مُفَصَّلِ

أُرَاعِدُ أَكْنَافَ الزَّمَانِ بِقَافِيَةٍ

تُسَابِقُ فَوْقَ الْغَيْمِ خَيْلَ الْمُنَازِلِ

وَأَغْرِسُ فِي أَعْمَاقِ كُلِّ مُعَانِقٍ

لِحُرِّيَّةِ الْأَفْهَامِ وَجْدَ الْمُنَاضِلِ

فَيَا نَازِفَ الْأَلْحَانِ، هَبْنِي جُمَاحَهَا

لِأُرْسِلَ مِنْ شِعْرِي مَدًى كَالسَّنَابِلِ

وَيَا مُرْهِفَ الْأَحْرُفِ، زِدْنِي سَفَائِرًا

أُطَوِّفُ فِيهَا فِي صُعُودٍ مُكَمَّلِ

أُطَهِّرُ أَوْرَاقَ اللُّغَاتِ بِمِدْحَفِي

وَأَجْعَلُهَا تَسْقُو دِمَاءَ التَّأَمُّلِ

فَلَا تَسْأَلُوا الشُّعَرَاءَ عَمَّنْ يُنَافِسُ

فَإِنِّي لِهَذَا السِّبْقِ فِي الْمَجْدِ مِثْقَلِ

أُعَانِقُ نُورَ الْحَرْفِ وَاللَّفْظُ عَزْفُهُ

وَنَارِيَ وَقُودٌ لِلْعُلَا وَالتَّأَهُّلِ

هَيَّا نُكَابِدُ فِي السُّطُورِ عُبَابَهَا

وَنَخُوضُ غَمْرَ الْفِكْرِ بِالْخَطْوِ الْأَجَلِّ

نَسْقِي جُدُودَ الْحَرْفِ نَفْحَةَ سُؤْدُدٍ

وَنُعَلِّقُ الْآفَاقَ بِالنُّورِ الْأَوَّلِ

نَشُقُّ دُجَى الْمَجْهُولِ سَيْلَ قَرِيحَةٍ

يُطَهِّرُ سَمْعَ الْمُسْتَفِيضِ الْمُعَلِّلِ

وَكُلَّ فَتًى فِي الْحَرْفِ يَسْبَحُ خَافِقًا

يَلُوذُ بِشِعْرٍ مِنْ فُؤَادِي مُخَلْخَلِ

فَإِنِّي إِذَا نَادَتْ جِبَالُ عُلُوِّهَا

لَبَّيْتُهَا مِنْ نَبْرَةِ الْعِزِّ الْأَوْسَلِ

وَصُغْتُ بِحِبْرِ الْعِزِّ مِسْكَ قَوَافِيٍ

تَفُوحُ عَلَى وَجْهِ الزَّمَانِ الْمُخَضَّلِ

وَحَارَبْتُ أَوْهَامَ التَّبَذُّلِ وَالْخَنَا

بِرُمْحِ جَنَانٍ لَا يَلِينُ وَلَا يَكِلِي

وَرَاقَبْتُ لَيْلَ الْقَوْمِ حَتَّى غَدَوْا عَلَى

ضِيَائِيَ كَالْأَقْمَارِ تَهْوِي لِمَشْعَلِي

أُسَابِقُ حَتَّى الشَّهْبَ فِي خَطْوِ عِزَّةٍ

وَأَجْعَلُ نَفْسِي فِي الْعُلَى كَالْمُنَزَّلِ

وَأَنْهَلُ مِنْ نَبْعِ الْجَلِيلِ بَيَانَهُ

فَيَسْكُبُ لُغْزَ السِّرِّ فِي الْجَذْلِ الْمُهَلْهَلِ

وَأُوقِدُ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ قَلْبِ مُهْجَتِي

مَصَابِيحَ مَجْدٍ لَا تَبِيدُ وَلَا تَخِلي

فَإِنْ كَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ جَاءَ مُفَاخِرًا

فَقَدْ جِئْتُ مِثْلَ الرَّعْدِ بالْوَقْعِ الْأَثِيلِ

أُنَازِلُهُ فِي الْحَرْفِ وَاللَّفْظِ قَافِيًا

وَأَصْعَدُ حَتَّى يَنْثَنِي غَيْرُ مُقْبِلِ

فَهَاتِ، وَقُودَ الْعِزِّ إِنْ كُنْتَ تَابِعِي

فَقَلْبِيَ مِقْدَامٌ، وَمِدَادِيَ مُرْسِلِ

نَعَمْ، يَا قَرِينَ الْحَرْفِ وَالسِّحْرِ الْبَدِيعْ،

تَعَالَ نُشِيدُ الْمَجْدَ مِنْ خَمْرِ الطَّلَلِ

نُرَقِّشُ دُرًّا مِنْ عُيُونِ بَلَاغَةٍ

كَأَنَّا جِبَالُ الشِّعْرِ فِي ثَوْبِ مُهَلَّلِ

كَأَنَّا سُيُوفُ الْعَرَبِ لَفْظًا وَصَوْلَةً

إِذ احْتَدَّ حَرْفُ الْوَصْفِ لِلطَّعْنِ وَالْجَلَلِ

نُعَانِقُ بِالْمَيْمُونِ مِثْقَالَ قَافِنَا

وَنَنْسُجُ مِنْ نَفْسِ الْقُدَمَاءِ بِمَنْزِلِ

فَإِنِّي أَنَا الْمَوْعُودُ مِنْ نَبْعِ خَالِقِي

أُبَارِزُ بِالْأَشْعَارِ فَحْلًا وَمِرْحَلِ

أُفَجِّرُ مِنْ صَدْرِي نُجُومَ قَرِيحَتِي

فَتَهْوِي كَسَيْلٍ مِنْ رُبَابٍ مُخَضَّلِ

وَأَنْفُثُ مِنْ نَارِي سِهَامَ قَصَائِدِي

فَتَخْضَعُ لِي الْأَزْمَانُ مِنْ كَوْنٍ إِلَى زُحَلِ

وَإِنِّي إِذَا أَبْحَرْتُ فِي اللُّجِّ نَظْمَهَا

أُقِيمُ الْقَوَافِي فِي الْمَدَى غَيْرَ مَائِلِ

وَلَوْلَا جُنُونِي فِي الْهَوَى وَاصْطِبَارِي

لَمَا كَانَ فَجْرُ الشِّعْرِ طَوْعَ التَّوَسُّلِ

وَلَوْ كَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَرْنُو لِمَوْطِنِي

لَأَقْفَلَ بَابَ الْفَخْرِ خَجْلًا مِنَ الْأَزَلِ

أَنَا ابْنُ الْهَجِيرِ الصَّلْدِ، وَالنَّارُ أُخْتَنِي

وَآيَاتُ قَلْبِي فِي الْحُرُوفِ كَمَنْزِلِ

إِذَا سَطَّرَتْ أَنْفَاسِيَ الْحُكْمَ خَاشِعًا

تَبَارَكَ مِنْهُ الدَّهْرُ فِي كُلِّ مَحْفِلِ

وَإِنْ أَنْشَدَتْ أَضْلَاعُ صَدْرِي قَوَافِيًا

تَكَسَّرَ مِنْهَا اللَّحْنُ فِي السَّمْعِ وَالْعِلَلِ

فَمَهْلًا قَوَافِي الشِّعْرِ لَا تَسْتَكِينِي

سَنَبْنِي مَجَرَّاتِ الْبَيَانِ بِأَكْمَلِ

وَنَبْعَثُ مِنْ بَيْدَاءِ دَهْرٍ خُرَافَةً

تُغَنَّى عَلَى جَفْنِ الزَّمَانِ الْمُكَبَّلِ

هَيَّا نُتَابِعُ، وَالشِّعْرُ الْغَضُّ يَسْتَعِرُ

وَالْفِكْرُ فِي كَبِدِي كَالنَّارِ فِي الْفَتَلِ

نَسْرِي عَلَى وَهَجِ الْقَوَافِي مُدْلِجِينَ

وَأَخَذَتْ بِخِنَاقِ اللَّيْلِ نَفْسٌ بِمُقْتَبَلِ

أُنْشِدُ الدَّهْرَ أَشْطَارًا مُهَنْدَسَةً

كَأَنَّهَا النَّجْمُ فِي أَفْلَاكِهِ مُوَّصِلِ

فَلَا تَسَلْ عَنْ صَلِيلِ الشِّعْرِ إِنْ نَزَلَتْ

أَبْيَاتُنَا وَحْيًا عَلَى الْوَرَقِ الْمُقَلِّلِ

وَلَا تَظُنَّ الْقَوَافِي خِلْسَةً عَرَضَتْ

بَلْ هُنَّ عَزْمٌ لَهُ فِي الْقَلْبِ مُعْتَزِلِ

إِذَا ارْتَقَى حَرْفُنَا فَالسَّحْبُ مِئْذَنَةٌ

تُؤَذِّنُ الْمَجْدَ أَنْ هَيَّا إِلَى الْقُبَلِ

وَإِنِّيَ إِنْ قُلْتُ قَوْلًا مَاجَ مَوْضِعُهُ

حَتَّى تَهَوَّتْ رُبَى الْأَلْفَاظِ فِي شُلَلِ

يَا صَاحِ! إِنِّي بِنَارِ الْقَوْلِ مُلْتَهِبٌ

تَغْلِي فَصَاحَتُهَا فِي اللَّفْظِ كَالْعَسَلِ

كَأَنَّهَا سُبُلٌ تُقْرَى عَلَى فَهَمٍ

تَسْقِي الْعُقُولَ وَتُدْنِي الْبُعْدَ مِنْ أَمَلِ

فَدُونَكَ الْمَجْدُ مَنْسُوجًا عَلَى وَتَرٍ

مُطَرَّزٍ بِبَهَاءِ الرُّوحِ وَالْجُمَلِ

قَدْ قُلْتُهَا وَسُيُوفُ اللَّفْظِ شَاهِدَةٌ

وَالرُّمْحُ مِنْ عَزَمِي وَالدِّرْعُ مِنْ خَصَلِي

وَمَا أَهَابُ فُحُولَ الشِّعْرِ إِنْ نَزَلُوا

سَاحَاتِنَا، نَحْنُ أَرْبَابُ الْعُلَا الْأُوَلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

333

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة