عدد الابيات : 26
الْخِيَانَةُ دَاءٌ لَا يَبْرَأُ مَنْ جَرِبَهْ
تَخَالُهُ وِدًّا وَفِي قَلْبِهِ شَهْبَهْ
يُرِيكَ ابْتِسَامًا مِنْ وَجْهِهِ مُشْرِقًا
وَخَافِقَ الْقَلْبِ يَمْشِي بِنَارِ لَهِبَهْ
إِذَا مَا وَثِقْتَ بِصَاحِبٍ أَوْ حَبِيبٍ
فَلَا تَسْلَمَنَّ مِنْ غَدْرِهِ وَسَبَبَهْ
يُرَاكَ عَزِيزًا وَيَسْعَى لِوِدِّكَ كَاذِبًا
وَصَمْتٌ يَطْعَنُكَ مِنْ ظَهْرِهِ حَدَبَهْ
إِذَا مَا تَمَادَى فِي فِعْلِ الْخِيَانَةِ
فَإِنَّ الْمَآسِي سَتَأْتِي لَهُ بِعُقَبَهْ
وَفِي سَاعَةِ الْحَقِّ يُكْشَفُ سِتَارُهُ
وَيُسْقَى بِكَأْسٍ قَدْ سَقَاكَ بِشَرَبَهْ
فَلَا تَحْسَبَنَّ أَنَّ الْغَدْرَ يَنَالُ
مَكَانًا بِنَفْسِي، وَلَا يُصْلِحُ ما أَوْهَبَهْ
فَالْعَهْدُ عِنْدِي لَهُ شَأْنٌ كَبِيرٌ
وَمَنْ خَانَ عَهْدِي خَابَ مَذْهَبَهْ
وَمَنْ يَبْنِ مَجْدَهُ عَلَى دَمْعِ مُخْلِصٍ
فَإِنَّ الزَّمَانَ سَيَرْوِيهِ مَا كَتَبَهْ
وَإِنْ تَكُ مِنْ أَهْلِ الْوَفَاءِ فَإِنَّنِي
أَرَى فِي جَبِينِ الصَّادِقِينَ ضِيَاءَهُ
سَلِيمُ الْفِطْرَةِ مَنْ عَاشَ بِإِخْلَاصِهِ
وَمَنْ حَافَظَ الْعُرْفَ لَمْ يَذْقُمْ عَذَابَهْ
فَكُنْ كَالْجَبَلِ الرَّاسِخِ الْمُتْرَابِطِ
وَإِلَّا فَإِنَّ الدَّهْرَ يَفْنَى وَيَذْهَبَهْ
وَلَا تَغْتَرِرْ بِالْعُمْرِ إِنَّ زَمَانَهُ
يُرِيكَ الْبَقَاءَ وَفِي الْحَقِيقَةِ يَنْهَبَهْ
فَمَا كُلُّ مَنْ تَدْعُوهُ صَاحِبَ قَلْبِهِ
يَلِيقُ بِوَصْفِ الصَّاحِبِ الْمُتَقَرَّبَهْ
وَإِنْ جَارَ دَهْرٌ بِالْوَفَاءِ فَإِنَّمَا
يُعَاضِدُ فِي حُكْمِ الزَّمَانِ وَيُجْرِبَهْ
فَلَا تَخْشَ مِنْ دَهْرٍ يُقَاسِي بُعْدَهُ
فَإِنَّ الْوَفَاءَ سَيَبْقَى وَيَطْلُبَهْ
سَلِيمُ الْقَلْبِ مَنْ عَاشَ بِوَفَائِهِ
وَمَنْ حَافَظَ الْعَهْدَ لَمْ يُذْقَمْ نُصْبَهْ
فَكُنْ صَادِقَ الْوُدِّ تَنَلْ مُلْكَ الْقُلُوبِ
وَإِلَّا فَإِنَّ الْخِذْلَانَ قَدْ يَكْتَسِبَهْ
وَلَوْ أَنَّ صَفْوَ الْوُدِّ يَبْقَى بِخِلَّةٍ
لَمَا اخْضَرَّ فِي أَرْضِ الْغَدِيرِ سَبَسبَهْ
وَلَكِنَّ دُنْيَا الْغِشِّ تَبْنِي قُصُورَهَا
عَلَى مَاءِ أَحْلَامِ الْوُفَاةِ فَتَذْهَبَهْ
أَرَاكَ تُظْهِرُ حُبًّا غَيْرَ مَخْبُوءٍ
وَلَكِنَّ فِي أَحْشَائِكَ الدَّاءَ أَعْجَبَهْ
فَيَا غَدْرُ مَا أَبْقَيْتَ مِنْ قَلْبِ صَاحِبٍ
إِذَا مَا نَظَرْتَ إِلَى الْوِدَادِ وَأَدْهَبَهْ
سَتُبْدِي الزَّمَانِ لَكَ الْأَيَّامُ سِرَّهَا
وَتَرْوِي لَكَ الْأَقْوَامُ مَا كُنْتَ تَكْتُمَهْ
فَلَا تَغْتَرِرْ بِالْعُمْرِ إِنَّ زَمَانَهُ
هَذِهِ الْخِيَانَةُ.. نَارٌ فِي الْقُلُوبِ
وَفِي الْوُجُودِ لَهَا الْعَارُ الْمُنَكَّبُهْ
فَاقْرَؤُوهَا بِعُيُونِ الْحِكْمَةِ وَالتُّقَى
وَدَعُوا الْغَدَارَةَ كَالسَّحَابَةِ تَذْهَبُهْ
374
قصيدة