عدد الابيات : 29
أيا قلبُ، رُفْقًا، إنّ سُرّارةَ الضُّحى
تُناجي سكونَ الليلِ في الحُلمِ الأجملُ
تضيءُ الليالي، حين تغفو على المُنى
وتنثرُ في الأرواحِ طِيبًا مُخضّلُ
قِفِي يَا سُرَارَةُ فِي الدُّجَى وَتَأَمَّلِي
فَإِنِّي بِطُولِ اللَّيْلِ وَجْدِي مُعَذَّلُ
تَطَاوَلَ حَتَّى قُلْتُ مَا الْفَجْرُ طَالِعٌ
وَلَا كَوْكَبُ الْوَضَّاحُ يَبْقَى وَيَذْهَلُ
بِهِ هَمُّ قَلْبِي فِي غَيَاهِبِ لَوْعَةٍ
كَأَنِّي أَسِيرٌ فِي الْقُيُودِ مُتَذَلَّلُ
سُرَارَةُ أَيَا نُورَ الْمُحَيَّا تَفَتَّحَتْ
بِكِ الْأَرْضُ زَهْرًا وَالضِّيَا مُتَسَرْبِلُ
وَوَجْهُكِ مِصْبَاحٌ أَضَاءَ ظَلَامَهُ
وَكَأَنَّكِ بَدْرٌ فِي الْغَمَامِ مُؤَمَّلُ
لَكِ الْعِزُّ، لَا مِثْلٌ لِحُسْنِكِ فِي الْوَرَى
وَلَا رَوْضَةٌ زَهْرَاءُ يُدْنَى وَيُمَثَّلُ
عَلَى ثَغْرِكِ الْعَسْلِيِّ سِحْرٌ مُؤَثِّرٌ
وَفِي وَجْهِكِ الْوَضَّاحِ حُسْنٌ مُكَمَّلُ
وَفِي مُقْلَتَيْكِ السَّحْرُ يَخْطِفُ لُبَّنَا
فَيَا وَيْحَ قَلْبٍ فِي هَوَاكِ مُعَلَّلُ
فَيَا رَبِّ لَا تَحْرِمْ فُؤَادِي قُرْبَهَا
وَلَا تَجْعَلِ الْأَيَّامَ تَفْنَى وَتَرْحَلُ
فَإِنِّي بِلَيْلِ الشَّوْقِ وَجْدِي مُمَزَّقٌ
وَفِي الصَّدْرِ نَارٌ لَا تُحَسُّ وَتَشْتَعِلُ
وَمَهْمَا تَنَاءَتْ فِي مَسَافَاتِ دَارِهَا
فَإِنِّي بِحُبِّي لَا أَزَالُ لِشَوْقٍ مُوَصَّلُ
وَأَشْرَبُ مِنْ كَفِّ الْعَذَابِ وَرِيقِهَا
كَأَنِّي مِنَ السُّكْرِ الْعَذِيبِ مُبَلْبَلُ
فَلَا تَحْرِمِينِي مِنْ لِقَاءٍ مُؤَمَّلٍ
فَإِنِّي بِعَيْنَيْكِ يَا نُوَارُ أَجْمَلُ
وَهَلْ تَذْكُرِينَ الْعَهْدَ يَوْمَ تَوَاعَدْنَا
فَجُدْتِ عَلَيَّ بِالْوِصَالِ الْمُكَمَّلِ
فَلَا زِلْتِ فِي الدُّنْيَا مَلَاذًا لِعَاشِقٍ
وَلَا زِلْتِ بَدْرَ الْحُسْنِ يَعْلُو وَيُقْبِلُ
هَوَاكِ جَنَانٌ لا يُقاسُ بِحُسْنِهِ
وَفِكْرِي بِوَصْفِ الحُبِّ فِيكِ مُثَقَّلُ
تُقَلِّبُنِي الذِّكْرَى كَأَنِّي وَرْدَةٌ
بِأَحْدَاقِ نَارٍ فِي الهَوَى تَتَمَثَّلُ
تَهَادَيْتِ نَحْوَ الرُّوحِ سِرًّا كَنَجْمَةٍ
تُبَارِكُ لِلْأَيَّامِ حُبًّا مُبَجَّلُ
وَصَوْتُكِ لَحْنٌ فِي الزَّمَانِ مُؤَرْجَحٌ
كَمَا زَغْرَدَاتُ الطَّيْرِ فِي الأَصْبَحِ الْجَمْلُ
تَمَادَيْتِ فِي جَذْبِ الْقُلُوبِ بِرِقَّةٍ
فَمَا خَلْقُكِ الْفَتَّانُ يُنسَى وَيُهْمَلُ
لَكِ الْحُبُّ يَبْكِي فِي الْقُلُوبِ وَيَرْتَجِي
وَبَيْنَ الضُّلُوعِ الْمُرْهَقَاتِ يُرَسْلِلُ
أَمَانِيَّ أَضْحَتْ فِي طَرِيقِكِ زَاهِرًا
تَنَاغَتْ مَعَ الْأَحْلَامِ فِي اللَّيْلِ تَشْعَلُ
وَعَيْنَاكِ لَيْسَتْ كَالْعُيُونِ فَسِحْرُهَا
يَسُوقُ إِلَى أَوْجَاعِ قَلْبِي وَيَنْتَلِي
كَمَا شَمْسُ أَيَّارٍ تُبَاهِي بِنُورِهَا
تُذِيبُ جَلِيدَ الْبُعْدِ وَالصَّبْرِ يُقْتَلُ
بِكِ الْعُمْرُ يَحْلُو وَالرَّجَاءُ مُوَشَّحٌ
بِزَهْرِ الْوِصَالِ الْمُرْتَجَى وَالْمُبَجَّلِ
سُرَارَةُ، إِنِّي فِي الهَوَى مُسْتَهَامُهُ
وَبَيْنَ يَدَيْكِ الْعُمْرُ يُغْفِرُ وَيَعْدِلُ
فَهَلْ تُقْبِلِينَ الْوَعْدَ فِي لَيْلِ نَجْوَتِي
فَإِنَّكِ أَجْمَلُ مَا يُقَالُ وَيُرْسَلُ
374
قصيدة