عدد الابيات : 33
أَيَا قَلْبُ نَادِ الْحُبَّ فِي اللَّيْلِ نَازِحَا
وَغَنِّ لِسَارَةَ وَاهْتَفِ مَا يُسْتَبَاحُ
فَهَذِي أَبَاتُ الرُّوحِ فِي نُورِ طَيْفِهَا
وَهَذِي رِيَاحُ الشَّوْقِ تَهْفُو جِرَاحُ
لِسَارَةَ يَشْدُو الْقَلْبُ وَالْحُبُّ وَاضِحُ
وَيَسْرِي كَمَوْجِ الْبَحْرِ وَهْوَ جَوَانِحُ
رَآهَا فَفَاضَ الشَّوْقُ مِنِّي كَأَنَّهُ
سَحَابٌ بِأَمْطَارِ الْغَرَامِ يُمَازِحُ
عَلَى وَجْنَتَيْهَا نُورُ شَمْسٍ تَأَلَّقَتْ
وَفِي وَصْفِهَا فَيْحُ الْجَمَالِ وَرَائِحُ
فَإِنْ كُنْتِ بَدْرًا فَالْبَهَاءُ لَكِ اكْتَسَى
وَإِنْ كُنْتِ زَهْرًا فَالْعُطُورُ تُبَارِحُ
وَعَيْنَاكِ كَالسِّحْرِ الْعَذِيبِ يَسُوقُنِي
إِلَى الْحُبِّ عَبْدًا بِالْخُضُوعِ يُسَافِحُ
إِذَا مَا تَكَلَّمْتِ الْغَمَامُ تَبَسَّمَتْ
وَأَهْدَتْ رَبِيعَ الْحُسْنِ وَهْوَ مُتَائِحُ
أَرَاكِ فَأَنْسَى كُلَّ أَمْرٍ سِوَاكِ لَهُ
وَيَغْدُو هَوَاكِ الْفَيْحَ وَهْوَ فَوَائِحُ
أَرَى الْبُعْدَ صَعْبًا وَالرَّحِيلَ مُصِيبَةً
فَكَيْفَ فِرَاقُ الْعَيْنِ وَالشَّوْقُ ذَائِحُ
أَطُوفُ بِطَيْفِكِ فِي الدُّجَى وَعُيُونُهُ
كَشَمْسٍ بِلَيْلٍ بَدْرُهُ مُسْتَسَارِحُ
فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ يَجْمَعُ الرُّوحَ بَعْدَمَا
تَبَدَّدَ مِنِّي الصَّبْرُ وَالصَّبْرُ كَادِحُ
سَأَلْقَاكِ يَوْمًا وَالْفُؤَادُ يُبَشِّرُ بِوَعْدٍ
كَمَا يُرْوَى الرُّبَى وَهْوَ سَارِحُ
فَلَا تَذْكُرِي صَرْمًا فَإِنِّي مُتَيَّمٌ
بِحُبِّكِ، بَلْ كُلُّ الْحَيَاةِ مَصَالِحُ
وَذِكْرَاكِ فِي وَجْدِي كَنَبْرَسِ نَافِذٍ
يُضِيءُ ظَلَامَ اللَّيْلِ وَالْحُلْمُ بَارِحُ
أُرَتِّلُ فِي سِرِّي دُعَاءَ مُحِبِّكِ
كَأَنِّي رَهِينُ الْوَجْدِ وَالدَّمْعُ فَاضِحُ
وَكَمْ سَاهَرَتْنِي الْأَمَانِي بِقُرْبِكِ
وَقَلْبِي بِأَنْفَاسِ الرَّجَاءِ يُنَافِحُ
أَمُرُّ عَلَى صَوْتِكْ فَيَخْضَرُّ دَرْبُنَا
وَيَزْهُو الزَّمَانُ الْيَابِسُ الْمُتَصَادِحُ
تَغَارُ النُّجُومُ السَّاهِرَاتُ لِسِحْرِكِ
وَيَخْشَى الْقَمَرُ الْبَدْرُ أَنْ يَتَفَاصَحُ
وَإِنْ غِبْتِ عَنِّي، كَانَ دَرْبِيَ مُقْفِرًا
وَفِي كُلِّ حُلْمٍ وَجْدُكِ الْمُتَفَاتِحُ
أَسِيرُ عَلَى وَجْنٍ كَأَنِّي سَكِيرُهُ
وَيَهْتِفُ فِي صَمْتِي هَوَاكِ الْفَوَاتِحُ
إِذَا رُمْتُ نِسْيَانًا، يَعُودُ خَيَالُكِ
وَيَبْكِي ضُلُوعِي فِي الْهَوَى وَيُفَاتِحُ
فَهَلْ تَشْفَعُ الذِّكْرَى إِذَا ضَاقَ صَدْرُنَا
وَهَلْ يَسْكُنُ الْمَوْجُ الَّذِي هُوَ صَارِحُ؟
تَعَالَيْ، فَقَلْبِي لَا يَحِنُّ لِغَيْرِكِ
وَلَا يَعْرِفُ الْوُدَّ الْمُجَرَّدَ جَانِحُ
لَكِ الْعُمْرُ إِنِّي قَدْ بَذَلْتُ صِبَابَتِي
وَكُلُّ أَمَانِيَّ الْقَدِيمَةُ صَالِحُ
فَلَوْ أَنْتِ فِي الْبُعْدِ السَّحَابُ وَمَطَرُهُ
فَفِي قُرْبِكِ الْأَرْضُ الزَّهِيَّةُ فَاتِحُ
تُرَتِّلُ أَيَّامِي بِوَصْلِكِ مَرْحَبًا
وَتَغْفُو جِرَاحِي، وَالدُّجَى يَسْتَبَاحُ
أُحِبُّكِ، لَا وَاللَّهِ مَا فِي مَحَبَّتِي
سِوَى نُورِ عَيْنٍ لِلْوُفَاءِ سَبَاحُ
تَنَفَّسْتُ عِطْرَكِ فِي رُبَى الذِّكْرِ شَاهِقًا
وَعَادَ إِلَيَّ الْوَقْتُ وَهْوَ مُفَاتِحُ
تَدَاعَتْ عَلَى شَفَتَيَّ كُلُّ حُرُوفِكِ
وَكُلُّ وُجُودِي لِلْهَوَى مُتَفَائِحُ
وَفِي خَافِقِي قُبْلَاكِ زَادٌ لِرِحْلَتِي
وَكُلُّ خُطًى فِي الْحُبِّ لَكْ تَتَرَاوَحُ
وَيَا سَارَةُ الْمَجْدِ الْجَمِيلُ حُرُوفُهُ
بِقَلْبِي عَلَى صَفْحَاتِ وَدِّكِ بَارِحُ
سَأَكْتُبُ فِي التَّارِيخِ أَنَّكِ نَجْمَتِي
وَفِي خَافِقِي حُبٌّ لِعَيْنِكِ جَامِحُ
374
قصيدة