عدد الابيات : 27
لَعَمْرِي، سَأُبْدِي مَا يُحَيِّرُ قَوْلَهُ
وَأُسْمِعُ دَهْرَ الشِّعْرِ كَيْفَ الْمَلَاحِمُ
فَيَا شُعَرَاءَ الْعَصْرِ، هَلْ مِنْ بَيَانِكُمْ
تُجَارِي سَنَاءَ الْوَصْفِ، أَمْ تَسْتَسْلِمُوا؟
سَأَرْوِي كَمَنْ يُبْدِي النُّجُومَ بِلَيْلِهَا
وَكَمَنْ يُذِيبُ الْبَحْرَ حِينَ يُتَرْجَمُ
سَارَةُ، حُسَامُ الْحُسْنِ، نُورٌ لِرُوحِهِ
وَسِرٌّ إِذَا بَانَ السَّرَابُ تَكَتَّمُوا
تَرَى الْوَجْهَ كَالْبَدْرِ الَّذِي يَسْتَضِؤُهُ
وَتَغَارُ نُجُومُ اللَّيْلِ حِينَ تُبَسَّمُ
عُيُونٌ كَبَحْرَيْنِ، بِهِ السِّرُّ مَغْرَقٌ
وَفِي جَفْنِهَا سِحْرُ رِقَّةٍ بِهِ تُرَسَّمُ
شُعُورٌ كَلَيْلِ الْحُبِّ، مِسْكٌ مُنَسَّقٌ
تُعَانِقُهُ أَنْسَامُ عِطْرِ فَجْرٍ تُنَسِّمُ
وَصَوْتٌ كَعَزْفِ الْقَلْبِ، فِيهِ سُبُلُنَا
إِذَا ضَلَّتِ الدُّنْيَا، عَلَيْهِ نُقَسِّمُ
فَيَا مَنْ يُنَازِعُنِي الْبَيَانَ وَوَصْفَهَا
لَهُ الْوَيْلُ، إِنْ كَانَتْ قَصِيدَتُهُ عَدَمُ
هَلِ السَّبْعُ تُجَارِي مُعْجِزَاتِي بَيَانَهُ
وَهَلْ لَبِيدٌ يَرْوِي السَّبِيلَ إِذَا غَرِمُ؟
سَارَةُ، أَمَانُ الْعِشْقِ، سِرٌّ مَلَائِكِي
وَمَلِكَةُ الْأَوْصَافِ، تَاجٌ بِهِ الْقِيَمُ
إِذَا مَرَّتِ الْأَرْضُ، تَنَفَّسَتِ النَّدَى
وَشَعَّتْ، كَأَنَّ الشَّمْسَ لِلضَّوْءِ تَتَّهِمُ
يَدَاهَا تُلَامِسُ مَا تَشَاءُ كَسَاحِرٍ
وَتَبْعَثُ فِي الرُّوحِ الْحَيَاةَ إِذَا يَبْسِمُ
كَأَنَّ الْقَصَائِدَ فِي صَفَائِحِ كَفِّهَا
تُسَبِّحُ، تَنْسَى غَيْرَهَا، مَا الضَّرَمُ؟
فَيَا مَنْ تَحَدَّيْتُمْ مَدِيحًا بَيَانُهُ
تَوَقَّفْتُمُ، وَالشِّعْرُ أَضْحَى لَكُمْ عَدَمُ
لِسَارَةَ، فِي قَوْلِ الْحَقِيقَةِ مُعْجِزٌ
إِذَا قَالَتِ الدُّنْيَا: قَدِ احْتَمَلَتْ سَمَمُ
وَمَنْ قَدْ رَآهَا، قَدْ رَأَى الْحُسْنَ كُلَّهُ
وَفِي حُسْنِهَا لِلْعَاشِقِينَ تَكَرُّمُ
فَلَوْ كَانَ يُدْرِكُنِي الزَّمَانُ بِشِعْرِهَا
لَقُلْتُ: بَقَاءُ الْحُبِّ فِيهَا مُخَيَّمُ
وَإِنِّي وَإِنْ جَارَ الزَّمَانُ بِوَجْهِهَا
فَإِنِّي عَلَى وَعْدِ الْغَرَامِ مُتَيَّمُ
وَمَنْ لِيَ إِلَّا سَارَةٌ فِي جَمَالِهَا؟
بِهَا يُعْرَفُ التَّشْبِيهُ إِنْ يَتَقَدَّمُ
تُغَنِّي النُّهَى إِنْ نَطَقَتْ، وَيُصَاحِبُهَا
صَمْتٌ بِهِ كُلُّ الْبَلَاغَةِ تَفْهَمُ
وَتَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ الْهَوَانَا كَأَنَّهَا
رُؤَى الْحُورِ إِنْ كَانَ الْحَنَانُ مُقَيَّمُ
فَيَا طَيْرَ شِعْرِي، رُحْ لِسَارَةَ وَاحْمِلِ
جَنَاحَ الْهَوَى، وَالرُّوحَ فِيهِ تُقَدِّمُ
وَقُلْ لِلَّذِي يَرْجُو الْقَصِيدَةَ بَعْدَهَا:
عَلَيْكَ السَّلَامُ، الشِّعْرُ مِنْ بَعْدِهَا يُتَّمُ
فَلَوْ كَانَ شِعْرِي سَيْفَ عَزٍّ مُهَنَّدٍ
فَإِنَّ مَدَاهُ اللَّيْلُ حِينَ يُهَيِّمُ
سَأُخْتِمُ بَعْدَ السِّحْرِ عَهْدًا نُوَادِرَا
وَنَرْوِي لِصَمْتِ الْقَلْبِ مَوْلَاهُ كَمُ
فَيَا مَنْ تَظُنُّونَ الْقَصَائِدَ خَالِدَةً
قَصِيدَتُهَا الْإِعْجَازُ، تَرْقَى بِهِ الْقِمَمُ
333
قصيدة