عدد الابيات : 51
يَا سَائِلِي عَنْ جُرْحِ قَلْبٍ نَازِفٍ
هَامَ فِي حُبٍّ جَلِيلٍ أَدْهُرُ
ذَاكَ قَلْبِي، وَالسُّرَى فِي دَرْبِهِ
سَارَةُ، وَالْحُبُّ فِيهَا يُؤْثَرُ
سَارَةُ الْغَيْدَاءِ بَدْرٌ زَاهِرُ
فِي دُجَى لَيْلٍ بَهِيمٍ مُسْفِرُ
وَجْهُهَا نُورٌ وَلَيْلُ شَعْرِهَا
جَنَّةٌ فِيهَا الْقُلُوبُ تُسْحَرُ
ثَادِي الصَّدْرَيْنِ عَذْبٌ نَاهِدٌ
فِيهِ سِرُّ الْحُسْنِ لَا يَتَنَكَّرُ
مُقْلَةٌ فِيهَا السِّهَامُ مَقْوَسَةٌ
تَرْمِقُ الْقَلْبَ فِيهِ تُقَرِّرُ
عَذْبَةُ اللَّفْظِ إِذَا مَا نَاغَتِ
نَطَقَ الْفَجْرُ الْمُضِيءُ الْأَزْهَرُ
خَصْرُهَا اللَّدْنُ يُدَارِي طَيْفَهُ
كَغُصُونٍ فِي الْهَوَاءِ تُزْهِرُ
إِنْ تَبَسَّمَتْ تَلَأْلَأَ بَرْقُهَا
فَوْقَ مُزْنٍ نَاثِرٍ يَتَفَجَّرُ
لَا تُفَارِقُهَا الرُّبَى مُذْ أَقْبَلَتْ
فَهْيَ زَهْرَاءٌ وَهْيَ الْعَنْبَرُ
لَا تَزَالُ الْأَرْضُ تَزْهَى إِنْ مَشَتْ
فَوْقَ سَهْلٍ نَاعِمٍ يَتَبَخْتَرُ
أَيُغَادِرُ الْبَدْرُ فُلْكَ الْحُسْنِ وَقَدْ
كَانَ فِيهِ الْمُلْكُ لَا يَتَكَرَّرُ؟
قَدْ سَبَاهَا الدَّهْرُ عَنِّي فَاغْتَدَتْ
فِي ظِلَالِ الْأَمْسِ طَيْفًا يُذْكَرُ
كُلُّ شَيْءٍ يَفْنَى إِلَّا وَجْهَهَا
فِي فُؤَادِي سِرُّهُ لَا يُنْكَرُ
كُنْتُ أَهْوَى أَنْ يَدُومَ وِصَالُهَا
غَيْرَ أَنَّ الدَّهْرَ غَدَّارٌ مُكَرَّرُ
يَا لَهَا مِنْ حُبِّ قَلْبٍ مَا بَرِحَ
يَشْقَى فِيهِ وَيَتَحَسَّرُ
لَا تَظُنُّوا أَنَّ قَلْبِي يَنْثَنِي
لَوْ أَنِّي فِي النَّارِ ظَلْتُ أُسْعَرُ
إِنَّمَا الْحُبُّ رُكْنٌ صُلْبُهُ
لَا يُغَيِّرُهُ الْمَدَى أَوْ يُنْكِرُ
إِنْ يَمُتْ هَذَا الْهَوَى فَتَيَقَّنُوا
أَنَّنِي مَيْتٌ وَهَذَا مَحْشَرُ
كَيْفَ أَسْلُو مَنْ بِهَا قَدْ أَزْهَرَتْ
أَيَّامُ عُمْرِي وَالْهَوَى يُزْهِرُ؟
كَيْفَ أَنْسَى وَالْمَنَايَا بَيْنَنَا
وَأَنَا فِي الْحُبِّ نَبْضٌ يُؤْثَرُ؟
كُلُّ مَا فِيهَا يُنَادِي مُقْلَتِي
فَأَرَاهُ الْحُسْنَ فِيهِ يُصْغَرُ
نَغَمَاتُ الْحُبِّ فِي تَنْهِيدِهَا
فَوْقَ وِتْرِ الشَّوْقِ تَبْتَهِلُ السُّرُرُ
كَيْفَ تَغْفُو وَالضِّيَاءُ مُقَامُهَا؟
وَبِهَا يَسْتَأْنِسُ الْمُسْتَبْصِرُ
كُلُّ مَا فِيهَا يُغَنِّي سِحْرَهُ
كَأَنَّهُ فِي قَلْبِيَ الْمُسْتَنْشَرُ
هَلْ تَرَكْنِي فِي الظُّلَى أَسْتَنْزِفُ
وَهْيَ فِي جَنَّاتِهَا تَسْتَغْفِرُ؟
جَرَتْ فِي الْعَيْنِ دَمْعَاتُ الْهَوَى
وَسِوَى عَيْنِي فَمَا يَسْهَرُ؟
لَيْسَ لِي إِلَّا دُعَاءٌ خَافِقٌ
فِيهِ ذِكْرَاهَا، وَقَلْبٌ يُؤْجَرُ
آهِ يَا مَنْ كَانَ فِي حُبٍّ نَقِيٍّ
مِثْلَ نَبْضِ الطُّهْرِ فِيهِ يُكْبَرُ
لَوْ دَنَتْ مِنِّي رَمَادًا أَقْبَلَتْ
كَانَ فِي صَمْتِيَ شَوْقٌ يُنْشَرُ
كَيْفَ أَنْسَاكِ وَفِي أَحْلَامِنَا
كُلُّ نَبْضٍ فِيكِ كَانَ يُزْهِرُ؟
كُلُّ هَمْسٍ مِنْكِ يُحْيِي مَيِّتِي
وَالدُّنَا لَوْ جَارَتِ، أَسْتَغْفِرُ
لَا تَلُومُوا عَاشِقًا مُتَفَجِّعًا
فِي هَوَاهُ الْعُذْرُ فِيهِ يُؤْثَرُ
لَا تُفَرِّقْنِي اللَّيَالِي وَالْهَوَى
فِي يَدِي قَسَمٌ عَلَيْهَا يُنْذَرُ
قَدْ تَسَامَيْتُ بِحُبٍّ عَابِرٍ
فِي مَدَى عَيْنَيْكِ حُبِّي يُبْصِرُ
لَا أَرَى فِي النَّاسِ مِثْلَكِ بَدْرَةً
فِي الدُّجَى، أَوْ بَلَلًا يُنْطَرُ
مَنْ يُجَارِيكِ جَمَالًا؟ كَيْفَ لَا؟
وَكِتَابُ الْحُسْنِ فِيكِ يُقْرَرُ
أَنْتِ فِي عَيْنِي أَمَانِيٌّ غَلَتْ
فِي دِمَائِي سِرُّهَا يَسْتَعْبِرُ
قَدْ رَأَيْتُ الْحُبَّ دَارًا فِي الرُّبَى
وَأَرَاهُ الْيَوْمَ فِيكِ يُسْتَرُ
فَإِذَا مَا غِبْتِ، صَارَتْ أَنْفُسِي
رَهْنَ ذِكْرَاكِ، وَقَلْبِي يَحْضُرُ
قَدْ بَكَتْ عَيْنِي لِهَجْرٍ فَاجِرٍ
فِي نَوَى الْعُشَّاقِ دَمْعٌ أَكْثَرُ
كَيْفَ أُخْفِي الدَّمْعَ؟ فَاضَتْ دِمًى
فَوْقَ خَدٍّ بِالْأَسَى يَتَسَتَّرُ
فِي فُؤَادِي نَارُ شَوْقٍ حَارِقٍ
كُلَّمَا زَادَ الْهَوَى يَسْتَشْعِرُ
آهِ يَا قَلْبِي، أَتُطْفِئُ نَارَهُ
وَالْهَوَى فِيهِ وَفَاءٌ يُنْذِرُ؟
لَا تُنَادُوهُ هَوًى مُتَكَلِّفٌ
فَإِنَّهُ فِي الْقُرْبِ يُؤْجَرُ
كَيْفَ أَحْيَا وَالْهَوَى غَابَ عَنِّي
وَالدُّجَى فِي الْعَيْنِ صَبْحٌ أَكْثَرُ
كُلَّمَا مَاتَتْ أَمَانِيَّ اتَّقَدَتْ
فِي جُرُوحِي نَارُهَا تَسْتَعْبِرُ
سَارَةٌ يَا أَجْمَلَ الْأَسْمَاءِ فِي
قَلْبِ مَنْ فِي الْحُبِّ لَا يَتَغَيَّرُ
أَنْتِ نُورِي فِي دُجَى أَحْزَانِهِ
فِي رُبَى الشَّوْقِ وَذِكْرَاكِ أَظْهَرُ
هَذِهِ شَكْوَايَ قِرْطَاسُ الْهَوَى
نَزَفَتْهَا الرُّوحُ وَالدَّمْعُ الْحَرُّ
فَاقْرَؤُوا فِي كُلِّ بَيْتٍ قِصَّةً
عَاشِقٍ يَبْكِي، وَمَا يَتَحَسَّرُ
333
قصيدة