الديوان » لبنان » عمر تقي الدين الرافعي » أهيل العبا رفقا بمن ليله ليل

عدد الابيات : 49

طباعة

أهيلَ العبا رِفقاً بِمَن لَيلُهُ لَيلُ

وَما زالَ مشغوفاً بكم شُغلُهُ شغلُ

سَقاه الهَوى نَهلاً وَعَلا بحبّكم

فَغَيّب منهُ حسّه النَهلُ وَالعَلُّ

وَأَلقاهُ في لَيل دجى ببعادكم

أَما للّقا صبحٌ فَيُجلى بهِ اللَيلُ

يَقول وَطيبُ الوَصل أكبر همِّهِ

أَما منكم وَصلٌ أَما يُرتَجى الوَصلُ

صِلوني عَلى ما بي فَإِنّي لوصلكُم

إِذا لَم أَكن أَهلاً فَأَنتُم لهُ أَهلُ

صلوني فَقُربُ القربِ حينَ أَراكُم

صِلوني فَجمع الجَمعِ إِذ يُجمَعُ الشَملُ

صِلوني فَأنسُ الأنس في حضرَةِ الرِضى

صِلوني فَوَصلُ الوَصلِ أَن لا يُرى فَصلُ

صِلوني بِمحض الفَضل وَصلاً يلذّ لي

شُهودي بِهِ الأَفضال يا حبّذا الفَضلُ

صِلوني وَلَو سرّاً إِذ السرّ يَنجَلي

بِحَضرَةِ قدسٍ منكُم سِرُّها يَجلو

تَرَيَّضت وَالعشاق في رَوضِ حبّكم

وَلِلَّهِ رَوضٌ قَد جَنى زَهرَهُ النَحلُ

وَجاوَزتُ حدّ العقد وَالحلّ في الوَرى

شُهوداً لِمَعنى من له العقد والحَلُّ

وَهمتُ هياماً بِالّذي وَطئَ الثَرى

بِنَعلٍ كَما فَوقَ السَماء له نعلُ

وَكَحَّلتُ عيني في ثراه بِإثمدٍ

وَموطئُ نعلِ المُصطَفى الإِثمدُ الكحلُ

وَقمتُ بِظِلٍّ وارفٍ منه أجتَدي

إِذ الأَصل طه وَالوُجودُ لَهُ ظِلُّ

وَقدَّمتُ لِلمَقصودِ شِعراً مُسَلسَلاً

بِعَذب بَيانٍ وَهو مُمتَنِعٌ سَهلُ

أُرجّي به نَيل القبول تكرّماً

وَيَشهَدُ لي في صِدقِهِ القَولُ وَالفِعلُ

هو الشعر يَحلو في المَسامِعِ وَقعُهُ

فَلا غَروَ أن يَحلُ بِمَن ذِكرُهُ يَحلو

فَيا سَعد أَسِعدني بِمَدح محمّدٍ

وَأَهلِ العَبا ما مِثلهُم في العُلى مِثلُ

محمّدُ سِرُّ السرّ في كلّ كائِنٍ

محمّدُ في كلّ الوُجودِ هو الأَصلُ

نَبِيَّ الهُدى هل لِلفُتوحِ وَسيلَةٌ

سِوى الحُبِّ وَالمِفتاحُ عندَكَ وَالقِفلُ

فَلَم أَرَ مِثلَ الحبّ وَهو وَسيلَتي

إِلَيكَ بِما أَرجو شَفيعاً لَه دَخلُ

عَلى أنَّني أنمى لِعُلياكَ سيّدي

بكلّ سَبيل إِن تَفَرَّقتِ السُبلُ

فَسَل خالِقي الفَتّاحَ فَتحاً لِسائِل

وَسيلَتُهُ طه الحَبيبُ هو السُؤلُ

فَلا شَيخ في هذا الزَمان مكمَّل

تصدَّرَ لِلإِرشادِ لَيسَ بِهِ جهلُ

وَلا عالم فينا بِعِلمِهِ عامِلٌ

يفيدُ بِما يقضي بهِ العَقلُ وَالنَقلُ

تشعَّبت الأَهواءُ من كُلّ وجهةٍ

فكلٌّ عَلى لَيلاهُ يُنشد يا لَيلُ

وَيَزعم أَنّ الحقّ ما هو قائِمٌ

به دون خلق اللَهِ لَيسَ به بطلُ

وَذلِكَ من تَلبيس إبليس في الوَرى

عَلى عُلماءِ اليَوم إذ أَنَّهُم غُفلُ

وَحَسبُك يا مَولايَ نصحي الَّذي بهِ

تَقَدَّمتُ لِلشَيخِ الَّذي غِلُّهُ غلُّ

أَردتُ لهُ الخَير العَميم بِحِكمَةٍ

يُلازِمُها كَالفَرض ما دونَهُ نَفلُ

وَلكِن أرادَ الشرّ لا الخَيرَ حُمقُهُ

فَراشَنيَ السَهمَ الَّذي نَصلُهُ نَصلُ

فَبِتُّ صَريعاً مِنهُ وَاللَه موجعاً

كَظيماً لِغَيظي منهُ وَالصَدرُ معتلُّ

مرضتُ وَأيمُ اللَهِ من حُمق أَحمقٍ

وَصلتُ بِهِ حَبلي فَلا كان ذا الحَبلُ

وَها أَنا مَصدور بِبابِك أرتَمي

وَما لي سِوى عُلياكَ إن هالَني الهَولُ

لَجَأتُ إلى علياكَ فَاِمنُن بِنَفحَةٍ

وَأَنتَ طَبيبُ الكلّ إذ يَشهَد الكلُّ

وَعُدني كما عَوَّدتَني وَاِشفِ مُهجَتي

فَعادَتك الحسنى جَديرٌ بِها النَسلُ

وَلا تلو عنّي الجيدَ تَأبى إجابَتي

وَقد ذُقتُ بعد العِزِّ ما طَعمَهُ الذلُّ

وَكَم من عَزيزٍ نابَهُ الذلّ في الهَوى

فَنالَ المُنى بِالصَبرِ وَالصَبرُ قَد يَحلو

فَها أَنا يا مَولايَ ما زِلتُ صابِراً

لِصُحبَةٍ أَشياخٍ عليَّ لهم فضلُ

رجوتُ بِهِم فَتحاً وَما الفَتحُ كائِنٌ

عَلى ما أَرى حتّى مَلَلت كَما مَلّوا

فَهَل لِرَسولِ اللَهِ أَكرم خلقِه

عَطاءٌ وَتَنويلٌ يلذّ به الوَصلُ

وَإطلاق قيدٍ عاقَني اليَوم حملُهُ

وَناهيكَ بِالقَيدِ الَّذي تحمِل الرِجلُ

عَسى أَن أَشدّ الرحلَ شَرقاً وَمَغرِباً

لخدمَة دين اللَهِ لا يوضع الرَحلُ

وَآوي إلى دار الحَبيب بطيبَةٍ

فَأَخلو إِذا شاءَ الحَبيبُ به أَخلو

أَبثّ إِلَيهِ كامِل الشَوقِ مُنعماً

بِطيب اللّقا منهُ وَدَمعِيَ مُنهلُّ

وَلا أَبرحُ الدار الَّتي قَد لزِمتُها

وَلَيسَ بِها إِلّا إلى جنَّة نَقلُ

فَكلّ المُنى عندي لِقاء أَحبّتي

أُهيلِ العبا إذ أَنَّني لهم نَجلُ

وَلا سيّما المُختار في الروضَةِ الَّتي

تَطوفُ بِها أَهلُ السَماواتِ وَالرُسلُ

عَلَيهِ وَآلِ البَيتِ وَالصَحبِ سَرمَداً

صَلاةٌ من المَولى الَّذي فَضلُهُ الفَضلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمر تقي الدين الرافعي

avatar

عمر تقي الدين الرافعي

لبنان

poet-Omar-Taqi-al-Din-Al-Rifai@

329

قصيدة

10

الاقتباسات

3

متابعين

عمر تقي الدين بن عبد الغني بن أحمد الرّافعي الطرابلسي (1882 - 1964) م. فقيه وقاضٍ، متصوف نقشبندي، أديب وشاعر لبناني، وُلد في مدينة صنعاء بولاية اليمن العثمانية في 17 أغسطس ...

المزيد عن عمر تقي الدين الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة