الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » قصيدة الانتظار والصبر

عدد الابيات : 63

طباعة

يا مَن نَظَمتَ الحُسنَ لأحرف الهوى

وسَكَبتَ وجدَك في دروبِي بُكاءُ

أتيتُ أُكملُ نغمةً قد أشرقت

منك البديعة في الجلالِ نِداءُ

أَمَا لِلْفُؤَادِ الْمُسْتَهَامِ فَنَاءُ؟

أَمَا لِلظَّمَا فِي خَافِقِي إِرْوَاءُ؟

أَمَا لِلْفِرَاقِ الْمُدْلَهِمِّ نِهَايَةٌ؟

أَمَا لِوَصْلِ الْعَاشِقِينَ وَفَاءُ؟

وَقَفْتُ، وَفَاءُ الْوَعْدِ فِي رَاحَتَيْهَا

فَلَمْ تَأْتِ، وَالْفَجْرُ الْبَعِيدُ جَفَاءُ

فَكَمْ لَيْلَةٍ سَهَّدَتْ جُفُونَ مُقْلَتِي

وَكَمْ أَسْهَرَتْ دَمْعِي لَدَيْكَ سَمَاءُ

فَصَفْرَاءُ كَأْسِ الصَّبْرِ بُحْتُ طَعْمَهَا

وَفَجْرُ التَّمَنِّي الْحُلْوِ فِيهِ شَقَاءُ

فَلَا الرِّيحُ تَأْتِي بِالْمَوَاعِيدِ صَادِقَةً

وَلَا الْوَصْلُ، لَا، فَالزَّيْفُ فِيهِ كِسَاءُ

فَكَمْ جِئْتُ أَشْكُو لِلْمَسَاءِ تَأَوُّهِي

فَكَمْ بِتُّ أَهْفُو أَنْ يَكُونَ بِهِ لِقَاءُ

فَلَا غُصْنُ أَحْلَامِي تَفَتَّحَ زَهْرُهُ

وَلَا رَاحَ عَصْفُ الْبَيْنِ فَهْوَ رَخَاءُ

فَهَذِي اللَّيَالِي بَيْنَ قَلْبِي وَعَيْنِهَا

تُرَاوِغُ، لَا عَهْدٌ بِهَا، وَ لَا صَفَاءُ

فَهَلْ أَطْرُقُ الْأَبْوَابَ أَرْجُو وِصَالَهَا

وَهَلْ فِي رُبَى الْآمَالِ يُرْجَى النِّدَاءُ

فَلَا صَوْتَ إِلَّا الرِّيحُ تَشْكُو جِرَاحَهَا

وَلَا ظِلَّ إِلَّا طَيْفُهَا… وَهُوَ جَاءُ

فَأَحْبَابُهَا شَطُّوا، وَمَا لِيَ بَيْنَهُمْ

سِوَى حُرْقَةٍ، وَالْوَجْدُ فِيهِ بَلَاءُ

فَكَيْفَ أُدَاوِي جُرْحَ قَلْبِي وَحُبُّهَا

فَطِينُ الْمُنَى، يَا لَيْتَ فِيهِ شِفَاءُ

فَيَا طَيْفَهَا، إِنْ جِئْتَ بِالْوَعْدِ صَادِقًا

فَفِي مُقْلَتَيَّ الْآنَ دَمْعٌ وَ صَفَاءُ

فَمَا الْعُمْرُ إِلَّا نَجْمَةٌ، فَإِذَا هَوَتْ

فَلَا غُصْنَ، لَا ظِلٌّ، وَلَا أَضْوَاءُ

بِلَا زِحَافٍ، بِلَا عَيْبٍ يَشِينُ بَيَانَهَا

تَبَارَى فُحُولَ الشِّعْرِ، فَهِيَ بَهَاءُ

بَقَايَا هَوَاهَا فِي الضُّلُوعِ جُمُوعُهَا

كَأَنَّ بِهَا مِمَّا أُكَابِدُ رَجْفَاءُ

وَإِنِّي لَقَسْرًا فِي الْهَوَى مُتَمَسِّكٌ

وَلَا حِيلَ لِلْعُشَّاقِ حِينَ شَقَاءُ

يَطُوفُ بِيَ الذِّكْرَى كَسَاقِي مُدَامَةٍ

فَيَحْتَارُ فِي كَأْسِ الْمُنَى الْإِغْفَاءُ

أُرَاوِدُ صَبْرِي أَنْ يَكُونَ مُجَمِّلًا

وَلَكِنَّهُ فِي لَوْعَتِي وَهَنَاءُ

وَإِنِّي وَإِنْ طَالَ الْبِلَى مُتَيَمِّمٌ

بِمَوْطِنِهَا… فِي صَوْتِهَا الْأَصْدَّاءُ

تُرَاوِغُنِي الظُّنُونُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ

فَيَهْزِمُنِي بَيْنَ الرُّؤَى الْإِيفَاءُ

وَإِنِّي وَإِنْ أَخْفَيْتُ وَجْدِي تَحَسُّبًا

تُبِيحُ نَبِيضَ الصَّدْرِ لِي الْأَجْفَاءُ

أَذُوبُ كَمَا يَذُوبُ نُورُ سَرَاجِهِمْ

إِذَا مَا عَصَفْنَا لَيْلَةٌ عَمْيَاءُ

تَنَاثَرَ عُمْرِي فِي الدُّجَى مُنْهَكًا

وَمَا فَازَ مِثْلِي بِالْهَوَى الْعُقَمَاءِ

فَمِنْ مَهْجَةٍ بَيْنَ التَّمَزُّقِ خَافِقٌ

وَمِنْ نَظْرَةٍ فِيهَا اللُّظَى وَالْعَفَاءُ

تَرَكْتِ هَوَانَا وَالْحَنَانُ رُؤُوفُهُ

فَكَيْفَ جَنَيْنَا مَا لَهُ أَسْمَاءُ؟

وَكَيْفَ تَنَاءَيْنَا وَقَدْ كُنْتِ قُرْبَنَا؟

وَفِي شَفَتَيْنَا قُبْلَةٌ وَرَجَاءُ؟

أَلَمْ نَكُ مِثْلَ الضَّوْءِ فِي طَلْعَةِ الضُّحَى؟

فَأَيْنَ جَمَالُ الْعَهْدِ؟ أَيْنَ الْبَهَاءُ؟

بُحَيْرَةُ دَمْعِي لَا تَجِفُّ إِذَا بَكَتْ

ذِكَاكِ قَلُوبٌ مِنْهُ وَالْأَنْدَاءُ

أُرَاقِبُ ظِلَّكِ فِي النُّجُومِ وَمَهْدَهَا

وَأَجْهَشُ فِي السَّرِّ الَّذِي أَخْفَاءُ

أُسَافِرُ فِي سَهْوِ الْخَيَالِ وَوَجْدِهِ

وَفِي رُوحِهِ طَيْفٌ لَهُ اسْتِحْيَاءُ

فَإِنْ جِئْتِ يَوْمًا، وَالْوُجُودُ مُضَمَّخٌ

بِرُوحِكِ، كَانَ الْقَلْبُ فِيكِ رِثَاءُ

وَإِنْ لَمْ تَجِيئِي، فَاسْكُنِي فِي تَفَاصِحِي

فَفِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْكِ لِي إِيمَاءُ

فَأَنْتِ سُرَايَا الْحُبِّ، أَنْتِ سَرَائِرِي

وَأَنْتِ الَّتِي إِنْ غِبْتِ، فِيَّ بَقَاءُ

فَلَمْ يَبْقَ فِي الْكَوْنِ الْفَسِيحِ سِوَاكِ لِي

وَلَمْ يَبْقَ لِي يَا سَارَةُ الْإِغْفَاءُ

سَكَنْتِ جَنَانِي كَيْفَ أَنْسَاكِ وَالْهَوَى

لَدَيْكِ قَدِيمٌ، صَادِقٌ، وَنَقَاءُ

أُمَجِّدُ حُبًّا لَو رَأَتْهُ قَبَائِلٌ

لَقَالُوا: هُنَا الشِّعْرُ الَّذِي يُتْلَى، هُنَاءُ

سَأَظَلُّ أَهْوَاكِ، فِي دَمْعِي وَ رُؤَايَ

وَلَا شَمْسَ إِلَّا أَنْتِ فِي الْأَضْوَاءِ

هُنَا يَنْثَنِي قَلَمُ الهَوَى فِي مَحْبَرَاتِهِ

فَقَدْ قِيلَ فِي وُجْدِي كَفَى وَكِفَاءُ

فَإِنْ جَاءَ طَيْفُكِ فَاسْكُنِي مُهْجَتِي

فَفِيكِ وَرَبِّ العَاشِقِينَ بَقَاءُ

يَمُرُّ نَسِيمُ البُعدِ فِيكِ، فَيَنتَهي

إِلَيَّ بِهِ وَجْدٌ، لَهُ وَعْثَاءُ

وَفِي غَيبَةِ الآهَاتِ كُنتِ غَمامَةً

فَفَارَقَنِي لِلصَّبْرِ فِيكِ رَجَاءُ

تَغَنَّى بِكِ العُشَّاقُ حِينَ تَفَجَّرَتْ

عُيُونُهُمُ… فَالدَّمْعُ فِيهِ نِدَاءُ

فَإِنْ سَاءَلُوكِ: مَنْ يُحِبُّكِ صَادِقًا؟

فَقُولِي: لَهُ عَيْنٌ، وَفِيهِ بَكَاءُ

تَرَكْتِ يَدِي، لَكِنَّ قَلْبِي عَالِقٌ

بِطَيْفِكِ، وَالدُّنْيَا عَلَيْهِ عَنَاءُ

وَصَوْتُكِ إِنْ جَاءَ الْمَسَامِعَ هَامِسًا

تَرَامَتْ عَلَى أَحْضَانِهِ الأَنْدَاءُ

تَجَلَّى هَوَاكِ النَّاضِرُ المتَمَائِلُ

كَنَبْتِ الرُّبَى… فِيهِ النَّدَى وَحَيَاءُ

وَكَيْفَ أُسَاوِي فِي الحَدِيثِ جَمَالَكُمْ

وَقَافِيَتِي تُخْفِي، وَفِيهَا دَهَاءُ

فَإِنْ صَادَفَتْنِي فِي الحَنَايَا ذِكْرُكُمْ

تَحَاوَلَ دَمْعِي أَنْ يَكُونَ خَفَاءُ

وَإِنِّي بِأَشْلَاءِ الْغِيَابِ مُقَيَّدٌ

يُطَالِبُنِي صَدْرِي بِكُمْ وَانْطِوَاءُ

وَمَا كَانَ صَمْتِي عَجْزَ حُبٍّ، إِنَّمَا

هُوَ الْعِشْقُ إِذْ يَسْكُنْهُ اسْتِحْيَاءُ

سَكَنْتِ خَلَايَايَ، فَهَلْ مِنْ خَلَاصِهَا؟

وَهَلْ لِلْهَوَى فِي خَافِقِي إِفْلَاءُ؟

تَغَافَلْتِ، لَا، بَلْ كُنْتِ تَعْلَمُ كَيْفَنَا

وَمَا بَيْنَنَا قَدْ كَانَ فِيهِ وَفَاءُ

أُحِبُّكِ، لَا وَاللَّهِ، مَا كُنتُ عَابِثًا

فَفِي كُلِّ نَفْسٍ مِنْ هَوَايَ فِدَاءُ

تَنَاهَيْتُ عَنْ ذِكْرَاكِ، لَكِنَّ لَوْعَتِي

تَسُوقُ إِلَيَّ الدَّمْعَ، فِيهِ قِرَاءُ

وَكَمْ مِنْ نَدًى قَدْ كُنْتِ تُهْدِيهِ لِي

و أَخَذْتِهُ، فَالمَوْعِدُ ابْتِلَاءُ

فَصُبْرِي بَقَايَا نَظْرَةٍ مِنْكِ خَاتِلٍ

وَحُبِّي بِهِ فِي الدَّهْرِ لَا إِفْنَاءُ

وَإِنْ خَانَنِي قَلْبِي فَيَوْمًا، فَذِكْرُكِ

يُرَتِّقُ مَا أَوْهَاهُ فِيهِ بَلَاءُ

فَسَارَةُ، يَا أَنْشُودَةَ الْعُمْرِ كُلِّهِ،

أَتَيْتُ، وَمِفْتَاحُ الضُّلُوعِ دُعَاءُ

هُنَا أَخْتِمُ الْأَشْوَاقَ وَهْيَ تُنَادِينِي

فَيَا رَبُّ، فِيهَا لِلْهَوَى إِبْقَاءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

333

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة