عدد الابيات : 29
"هُمُ الثَّابتون"
مَرَّ يَومٌ عَليّنا كأنّا نراهُ دَهْرًا مَسْوَدًا
وأَبْيَضَّ فِيهِ السَّوَادُ، وَانْحَنَى الحَاجِبَانِ
مِنْ فَرْطِ مَا اسْوَدَّتْ وُجُوهٌ تَخُونُنَا،
وَتَنْقُضُ عَهْدَ الدِّينِ، وَالعَهْدِ، وَالمَذْهَبِ
قَوْمٌ بَيْنَنَا، وَاللهُ فِيهِمْ قَدْ وَصَّى،
وَفِي القُرْآنِ ذِكْرُهُمُ بِالعَدْلِ وَالمِحْرَابِ
تَنَزَّلَ فِي أَرْضِهِمْ وَحْيُ السَّمَاءِ، كَمَا
تَنَزَّلَتِ الآيَاتُ فِي الزَّمَنِ المُغَيَّبِ
أَسْوَدٌ أَهْلُهَا، كِرَامُ الطِّبَاعِ، وَقَدْ
سَمَوا بِخُلُقٍ، مَا خَانُوا، وَمَا كَذَبُوا
مَا بَاعُوا الأَرْضَ، لا خَانُوا الرِّبَاطَ، وَلا
خَفُّوا لِطَامِعِهَا، وَمَا انْحَنَوْا لِمُغْتَصِبِ
وَوَيْلٌ لِمَنْ بَاعَهُمْ بِالدِّرْهِمِ الْوَضِيعِ،
وَفِضَّةٍ نَجَّسَتْ يَدَ الغَادِرِ الْمُخْتَلِبِ
وَالآنَ، حُلْمُهُمُ قَدْ ثَارَ، يَجْرِي لِرَغْيَفٍ،
أَسْوَدَ اللَّوْنِ، مِنْ جُوعٍ، وَمِنْ نَكَبَاتِ النَّكَبِ
ضَاقَتْ بِهِمْ أَرْضُهُمْ، وَالدَّهْرُ يُحْصِي خُطَاهُمُ،
مَعْزُولُونَ، يُقْتَلُونَ، وَلَيْسَ لَهُمْ سَبَبِ
إِلَّا أَنَّهُمْ مَا أَنْحَنَوْا لِغَيْرِ رَبِّهِمُ،
وَمَا رَكعوا لِدُنْيَا، وَمَا خَفَضُوا الرُّؤُوسَ
تَآمَرَتْ عَلَيْهِمْ ضِبَاعٌ وَكِلَابُ زَمَانِهِمْ،
تَنْهَشُ مِنْ لُحُومِهِمْ، آلَةُ الحَرْبِ وَالطَّوْقُ
فَكَمْ خُنتُمُ الآيَاتِ، وَاغْتَصَبَتْكُمُ،
خَطَايَاكُمُ، وَالدَّمْعُ فِي العُيُونِ يُكْتَبُ
وَكَمْ كَسَرُوا ظِلِّي، وَمَا كَسَرُوا الرُّؤَى،
فَفِي صَدْرِيَ المَكْلُومِ أَلْفُ مَذَاهِبِ
سَأَمْضِي، وَإِنْ نَاءَتْ خُطَايَ، وَإِنْ بَكَى،
عَلَى الرَّمْلِ ظِلِّي، فَالهُدَى فِي المَذَاهِبِ
وَإِنْ خَذَلَ الإِنْسَانُ أخاهُ، فَإِنْ
إِلَهِي لَمْ يَخِبْ، وهو الذي يرعانا ويستجِب
سَتَبْقَى السُّيُوفُ، إِنِ انْكَسَرْنَا، حَادَّةً،
وَيَبْقَى الحَقُّ، إِنْ غَابَتْ وُجُوهٌ وَمَذْهَبُ
وَيَبْقَى السَّوَادُ، إِنِ اسْتَبَاحُوهُ، أَرْوَعَ الـ
خَلائِقِ خُلُقًا، وَالهُدى فِي الخَطْبِ وَالتَّقَلُّب
ماهر كمال خليل
(جميع الحقوق محفوظة – لا يجوز النسخ أو الاقتباس دون إذن الكاتب)
21
قصيدة