عدد الابيات : 34
هُمُ الْأَحِبَّةُ إِنْ جَارُوا وَإِنْ عَدَلُوا
فَلَسْتُ عَنْهُمْ وَلَوْ جَارُوا مُنْفَصِلُ
وَكُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُمْ لِي بِهِ عِوَضٌ
لَكِنَّهُمْ فِي فُؤَادِي لَيْسَ يُحْتَمَلُ
إِنِّي وَإِنْ فَتَكَتْ نِيرَانُهُمْ كَبِدِي
صَبَرْتُ صَبْرَ اللَّيَالِي وَالْهَوَى شُعَلُ
شَرِبْتُ كَأْسَ الْهَوَى الْعُذْرِيَّ فِي ظَمَأٍ
فَسَاغَ لِي حُلُوَهُ وَالذُّلُّ وَالْعَسَلُ
وَيَا لَشَوْقِي إِذَا فَارَقْتُ جُنَّتَهُمْ
فَالدَّرْبُ مُوحِشُ وَالْآمَالُ تَرْتَحِلُ
يَا ظَاعِنِينَ بِقَلْبِي أَيْنَمَا ظَعَنُوا
وَيَا نُزُولَ حَشَايَا الشَّوْقِ أَيْنَمَا نَزَلُوا
تَمَهَّلُوا بِفُؤَادٍ ضَاعَ فِي سُبُلٍ
رَاحَتْ بِهِ يَوْمَ رَاحَتْ بِالْهَوَى الْإِبِلُ
فَوَالَّذِي حَجَّتِ الزُّوَّارُ كَعْبَتَهُ
وَمَنْ بِهِ يُرْفَعُ الدَّاعِي وَيَبْتَهِلُ
لَقَدْ جَرَى حُبُّكُمْ فِي الدَّمِ فَانْسَكَبَتْ
رُوحِي عَلَيْكُمْ وَأَشْوَاقِي لَكُمْ طَلَلُ
لَمْ أَنْسَ لَيْلَةَ فَارَقْتُ الْأَحِبَّةَ إِذْ
أَضْحَوْا وَقَلْبُ الْمُعَنَّى بِالْهَوَى خَبِلُ
لَمَّا تَرَاءَتْ لَهُمْ نَارٌ بِذِي سَلَمٍ
سَارُوا، فَمُنْقَطِعٌ عَنْهُمْ وَمُتَّصِلُ
لَا دَرَّ دَرُّ الْمَطَايَا إِنْ مَضَتْ بِهِمُ
وَلَمْ تَحُطْ عِنْدَ دَارٍ لِحُبِّهَا وَصْلُ
فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْخُلْدِ قَدْ نَزَلُوا
حَيْثُ الضِّيَاءُ وَحَيْثُ النُّورُ مُكْتَمِلُ
وَحَيْثُ سُرَادِقُ نُورِ اللَّهِ مَنْشُورٌ
يُضِيءُ مِنْ هَيْبَةِ التَّوْحِيدِ وَالرُّسُلُ
حَيْثُ النَّبِيُّ الَّذِي فَاقَ الْوَرَى شَرَفًا
فَلَا يُقَاسُ بِهِ النَّجْمُ وَلَا الْجَبَلُ
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الْأَكْوَانِ فِي أَزَلٍ
وَسِرُّ فَضْلٍ بِهِ الْأَكْوَانُ تَكْتَمِلُ
تُثْنِي عَلَيْهِ الْمَثَانِي كُلَّمَا سَطَعَتْ
أَنْوَارُ الذِّكْرِ بِهِ الْآفَاقُ تَبْتَهِلُ
بَحْرٌ تُمَاوِجُهُ الْأَفْضَالُ فِي مَدَدٍ
بَدْرٌ عَلَى فَلَكِ الْعَلْيَاءِ مُرْتَحِلُ
مَا زَالَ بِالنُّورِ مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ
حَتَّى اسْتَوَى بِالْعُلَى طِفْلًا وَمُكْتَهِلُ
فَكَانَ فِي الْكَوْنِ فَرْدًا لَا نَظِيرَ لَهُ
وَلَا عَلَى مِثْلِهِ الْأَزْمَانُ تَشْتَمِلُ
بِهِ اسْتَقَامَتْ طَرِيقُ الدِّينِ وَانْتَشَرَتْ
أَنْوَارُهُ فَانْجَلَى الْإِلْحَادُ وَالرَّزَلُ
وَمِنْهُ ظِلُّ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَشْمَلُنَا
إِذَا الْعُصَاةُ غَدَتْ بِالنَّارِ تَشْتَعِلُ
وَإِنَّهُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي نَسَخَتْ
بِدِينِ مِلَّتِهِ الْأَدْيَانُ وَالْمِلَلُ
يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالطِّيبِ أَعْظُمُهُ
فَطَابَ مِنْهَا الثَّرَى وَالسَّهْلُ وَالْأَجَلُ
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ
فِيهِ الْهُدَى وَالنَّدَى وَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ
أَنْتَ الْحَبِيبُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
عِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا مَا ضَاقَتِ الوسَلُ
نَرْجُو شَفَاعَتَكَ الْعُظْمَى لِمُذْنِبِنَا
بِجَاهِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنَّا يُرْفَعُ الزَّلَلُ
يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِي
إِنِّي ضَعِيفٌ وَهَذَا الْقَلْبُ مُشْتَعِلُ
قَالُوا نَزِيلُكَ لَا يُشْقَى فَهَا أَنَا ذَا
رُوحِي فِدَاكَ وَدَمْعِي دُونَهُ هَمَلُ
هَذَا الْمُسَمَّى بِكَ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِهِ
فَارْحَمْ فُؤَادًا كَسِيرًا بِالْأَسَى ثَمِلُ
وَحُلَّ عُقْدَةَ هَمٍّ عَنْهُ مَا بَرِحَتْ
وَاشْرَحْ بِهِ صَدْرَ أُمٍّ قَلْبُهَا وَجِلُ
وَصِلْ بِرَحْمَتِكَ الْعَبْدَ الضَّعِيفَ وَمَنْ
وَالَاهُ، فَالظَّنُّ فِيكَ الْحُسْنُ وَالْأَمَلُ
صَلَّى عَلَيْكَ إِلَهُ الْعَرْشِ مَا هَتَفَتْ
وَرْقَاءُ، أَوْ أَشْرَقَتْ بِالشَّمْسِ أَطْلُلُ
وَالْآلُ وَالصَّحْبُ أَهْلُ الْمَجْدِ قَاطِبَةً
مَا غَنَّتِ الطَّيْرُ أَوْ نَاحَتْ بِهَا السُّبُلُ
374
قصيدة