عدد الابيات : 19
وَلَمَّا بَدَتْ لِي كَالْبُدُورِ تَأَلَّقَتْ
وَفَاحَتْ كَمِسْكِ الْعُودِ وَالْوَرْدُ أَذْرَفُ
وَسَارَتْ كَغُصْنِ الْبَانِ يَحْمِلُ نَضْرَةً
يُرَاوِحُهُ نَسْمٌ مِنَ الشَّرْقِ يَعْصِفُ
لَهَا حُسْنُ بَدْرِ اللَّيْلِ يُغْشِي ظَلَامَهُ
وَإِنْ أَقْبَلَتْ كَالصُّبْحِ فَالضَّوْءُ مُذْعِفُ
يُغَنِّي لَهَا الطَّيْرُ الْمُسَرْبَلُ بِالْهَوَى
فَتَصْغُو إِلَيْهِ وَالْفُؤَادُ مُكَلَّفُ
وَمَا لَاحَ وَجْهُ الشَّمْسِ فِي الصُّبْحِ بَاهِيًا
كَإِشْرَاقِ خَدَّيْهَا إِذَا الْوَجْهُ يُطْرَفُ
وَمَا ضَاءَ بَرْقٌ فِي السَّمَاءِ مُنَوِّرًا
كَحُسْنِ عُيُونٍ فِي الْمَحَبَّةِ تَعْرِفُ
إِذَا مَرَّ طَيْفُهَا بِقَلْبِي أَرَاقَنِي
فَكَيْفَ إِذَا مَرَّتْ وَكَيْفَ التَّصَرُّفُ
لَهَا شَفَتَانِ كَالْوَرِيدِ جَرَتْ بِهِ
رَحِيقُ الْمُنَى وَالسُّكْرُ فِيهَا مُكَلَّفُ
وَأَمَّا قَوَامُ الْبَانِ فِي لِينِ خَصْرِهَا
فَأَسْحَرَ مِنْ وَعْدِ الْمُغَنَّى وَأَشْنَفُ
وَمَهْمَا أَقُولُ الشِّعْرَ فِي وَصْفِ حُسْنِهَا
فَإِنِّي أَمَامَ الْعَاشِقِينَ مُضَعَّفُ
تُغَالِبُنِي نَفْسِي إِلَى الْبَوْحِ بِالْهَوَى
فَأَسْكُتُ حِينًا ثُمَّ أُفْصِحُ أَعْزِفُ
فَيَا لَيْتَ أَنِّي فِي ظِلَالِ عُيُونِهَا
أَبِيتُ وَأَصْبُو وَالْقَلِيبُ مُشَرَّفُ
وَيَا لَيْتَ كَفِّي ارْتَجَتْ فِي يَدَيْهَا
وَضُمَّ خَلِيلٌ لِلطِّبَاعِ يُؤَلِّفُ
وَيَا لَيْتَنِي فِي وَرْدَةٍ كَانَ عِطْرُهَا
يُرَشُّ عَلَى خَدَّيْهَا فَيَزْدَانُ وَيَرِفُ
وَيَا لَيْتَ صَوْتِي فِي هَمَسَاتِ جُفُونِهَا
يُدَاعِبُهَا حُلْوًا وَيَزْدَادُ يَرْعِفُ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ يَشُقُّ جِبَالَهُ بِالْهَوَى
لَأَصْبَحَ صَمُّ الصَّخْرِ بِالْحُبِّ يَعْطِفُ
وَلَوْ كَانَ لِلْبَحْرِ الْفَسِيحِ مَحَبَّتِي
لَغَاضَتْ بِهِ الْأَمْوَاجُ وَالْمَاءُ يَنْحَفُ
وَإِنْ قِيلَ هَلْ فِي الْعِشْقِ دَاءٌ أُصَابَكَ
فَقُلْ فِي هَوَاهَا الْقَلْبُ دَاءٌ مُكَلَّفُ
سَأَبْقَى عَلَى الْعَهْدِ الْقَدِيمِ مُتَيَّمًا
وَحَسْبِي بِأَنِّي فِي الْمَحَبَّةِ أَشْرَفُ
374
قصيدة