عدد الابيات : 22
إِلَهِي إِلَيْكَ الْقَلْبُ يَشْكُو غَرَامَهُ
وَفَيْضَ الْأَسَى مِنْ مُهْجَةٍ تَتَضَوَّرُ
مَلَأْتُ بِحُبِّي الْأَرْضَ طُهْرًا وَسُؤْدَدًا
فَكَانَ الْهَوَى عَهْدًا عَظِيمًا مُوَقَّرُ
حَبِيبَتِي، يَا رُوحِيَ وَسِحْرَ مُقْلَةٍ
بِهَا كَانَ قَلْبِي فِي الْحَيَاةِ يُبَشَّرُ
إِذَا غِبْتُ عَنْهَا فَالسَّمَاوَاتُ أَدْمَعَتْ
وَحَنَتْ إِلَيَّ الْأَرْضُ وَهْيَ تُكْسَّرُ
فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحُبُّ ذَنْبًا فَإِنَّنِي
بِعَيْنِكَ رَبِّي مُذْنِبٌ لَا يُكَفَّرُ
أَمَا وَالَّذِي سَوَّى الْقُلُوبَ بِحِكْمَةٍ
وَجَمَّلَهَا بِالْوَجْدِ وَالرُّوحِ تَسْحَرُ
لَقَدْ كُنْتُ فِيهَا تَائِهًا ثُمَّ إِنَّهَا
هَدَتْنِي إِلَى دَرْبِ الْيَقِينِ فَأُبْصِرُ
وَفِي كُلِّ فَجْرٍ كُنْتُ أَبْكِي لِذِكْرِهَا
فَتُشْرِقُ رُوحِي إِذْ تُنَادِي وَتَذْكُرُ
فَإِنْ مُتُّ، فَاذْكُرْهَا إِلَهِي بِرَحْمَةٍ
لِتَلْقَانِي يَوْمًا وَهْيَ طُهْرٌ وَأَنْوَرُ
إِذَا مَا غَدَا جِسْمِي رَهِينَ مَضَاجِعِي
فَلَا تَسْأَلُوا عَنِّي فَقَدْ كُنْتُ أُقْبَرُ
سَأَبْكِي دُمُوعَ الْمُقْلَتَيْنِ لِفُرْقَتِي
وَفِي الْقَلْبِ نَارٌ بِالْحَيَاةِ تُسْعَرُ
فَيَا دَهْرُ حَسْبُ الْمَرْءِ دَمْعٌ يَفِيضُهُ
إِذَا بَاتَ يَشْكُو وَالزَّمَانُ يُدَمِّرُ
وَكَيْفَ يَعِيشُ الْعَاشِقُ الدَّهْرَ وَاحِدًا
وَقَدْ كَانَ بِالْأَمْسِ الْحَبِيبُ يُؤَازِرُ
إِلَهِي، وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ مَذَاهِبٌ
وَأَوْشَكَ هَذَا الْعَبْدُ أَنْ يَتَعَثَّرُ
أَتَيْتُكَ أَرْجُو الْعَفْوَ يَا خَالِقِي وَقَدْ
دَنَتْ مِنِّي الْآجَالُ وَالْمَوْتُ يَزْأَرُ
وَأَسْأَلُكَ اللُّقْيَا بِحُورٍ مُنَعَّمٍ
هُنَاكَ، حَيْثُ الْحُبُّ يُزْهِرُ أَخْضَرُ
حَبِيبَتِي، يَا رَبِّ، لَا تُبْقِ بَعْدَهَا
فَإِنِّي بِهَا أَحْيَا وَأَحْيَا وَأَكْبَرُ
وَهَبْنِي لِقَاءً فِي الْجِنَانِ مُخَلَّدًا
فَإِنِّي بِهَا، لَا فِي سِوَاهَا، مُقَدَّرُ
إِذَا كُنْتَ يَا رَبِّي الْكَرِيمُ مُغِيثَنَا
فَهَبْنِي مِنَ الْعَفْوِ الْجَزِيلِ وَأَجْبُرُ
وَخُذْنِي إِلَيْهَا فِي نَعِيمٍ وَرَحْمَةٍ
فَقَدْ طَالَ هَذَا الشَّوْقُ، يَا رَبِّ، يُهْدَرُ
وَفِي رَوْضَةِ الْفِرْدَوْسِ إِنْ كُنْتُ وَافِيًا
سَتَبْقَى دُمُوعِي بَيْنَ كَفَّيْكَ تُكَفَّرُ
فَأَنْتَ الَّذِي تَرْجُو الْقُلُوبُ نَوَالَهُ
وَأَنْتَ الْغَفُورُ الْمُسْتَعَانُ الْمُقَدَّرُ
374
قصيدة