عدد الابيات : 31
مُعَذِّبَةَ الْفُؤَادِ بِجَوْرِ هَجْرِهَا
مَا بَالُهَا تَرْتَضِي الْعَذَابَ لِقَلْبِهَا؟
تَجَاهُلُهَا يَسْقِينِي كَأْسَ أَحْزَانِي
وَكُلُّ نَظْرَةٍ تَزِيدُ الْوَجْدَ فِي كِتْمِهَا
قَالَتْ: "إِنِّي بِسِجْنِ الزَّوَاجِ مَأْسُورَةٌ
وَقَلْبِي لِغَيْرِ مَنْ أَحْبَبْتُ، لَيْسَ لَهَا"
أَنَا الْمَلَاكُ الْعَفِيفَةُ، رُوحِي مُؤَمَّلَةٌ
وَلَكِنَّ أَيَّامِي تَتَوَقَّدُ مِنْ نِيرَانِهَا
إِنْ رَأَيْتُهَا، قَلْبِي يَذُوبُ شَوْقًا وَلَوْعَةً
وَلَكِنْ أَعْلَمُ أَنَّهَا تَتَأَلَّمُ فِي صَبْرِهَا
لِأَجْلِكِ سَأُضَحِّي بِحَيَاتِي، حَتَّى
تَكُونِي سَعِيدَةً، فِي ظِلِّ عَطَائِهَا
لَوْ كَانَ قَلْبِي يَفْهَمُ مَعَانِي الْكَرْبِ
لَأَدْرَكْتُ كَمْ أُحِبُّكِ فِي خَفَائِهَا
يَا مَنْ تَعِيشُ فِي قَلْبِي وَمُهْجَتِي
لَا تَحْزَنِي لِفُرْقَتِي، فِدَاءً لِعَيْنِهَا
سَأَبْقَى أُحِبُّكِ حَتَّى يَأْتِي الْفِرَاقُ
وَتُدْرِكِينَ أَنَّ سَعَادَتِي فِي هَنَّائِهَا
يَا مَنْ لَهَا قَلْبِي، إِنْ جَاءَتِ السَّاعَةُ
لَا تَحْزَنِي عَلَى رَحِيلِي بِاخْتِيَارِهَا
قَدَّرْتُ لِفِرَاقِي عُذْرَ قَلْبِي عِشْقَهَا
وَأَتَمَنَّى لَهَا السَّعَادَةَ فِي ظُرُوفِهَا
يَا مَنْ أَحْبَبْتُكِ، إِذَا كَانَتِ الْأَحْزَانُ
تُعَذِّبُكِ، فَسَأَرْتَاحُ فِي غِيَابِي لِأَجْلِهَا
فِي صَفْحَةِ الرَّبِّ سَأَجِدُ سُرُورِي
وَفِي الْجَنَّةِ نَفْتَحُ أَفْرَاحَ نَعِيمِهَا
سَأَشْكُرُ الرَّبَّ عَلَى كُلِّ قَسْمَةٍ
وَأَتَمَنَّى لَكِ بَرَكَةَ عَطَاءِ رَبِّهَا
إِذَا رَأَتْنِي فِي الْجَنَّةِ، سَتَكُونُ
سَعِيدَةً، وَتَشْعُرُ بِحُبِّي فِي سِرِّهَا
يَا أَسَفِي عَلَى حُبٍّ يُعَذِّبُنِي
وَفِي تَفَارِيقِهِ تَذُوقُ قَسْوَةَ عَذَابِهَا
سَأَحْتَسِي سُمًّا مِنْ شُرْبِ آلَامِي
وَأُصْبِحُ مِثْلَ الْغَبْرَاءِ فِي سُرُوهَا
لَوْ قَدَّرَ اللَّهُ لَنَا لِقَاءً آخَرَ بَعْدَ مَوْتِي
فِي الْجَنَّةِ، فَسَأَنْتَظِرُ فِي بَهَائِهَا
سَأُحِبُّكِ حُبًّا يَفُوقُ كُلَّ مَشُوقٍ
وَسَأَبْقَى عَلَى صَدْرِي قَلْبِي قَلْبُهَا
يَا مَنْ جَعَلْتِ الْحُبَّ زَادًا لِلرُّوحِ
فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكِ جَنَّةُ أَغْمَارِهَا
لَا تَحْسِبِي أَنَّ الْفِرَاقَ يُبَاعِدُنَا
فَالرُّوحُ تَحْيَا قَرِيبَةً فِي دُنُوِّهَا
فَلْيَأْتِ الْمَوْتُ؛ فَفِي الْفِرَاقِ رَاحَتُهَا
وَلَا أَكُونُ سَبَبَ الْحُزْنِ فِي عُمْرِهَا
أُحِبُّهَا حُبًّا يَفُوقُ كُلَّ تَخَيُّلٍ
وَسَأَبْقَى، لِأَرَى ضِحْكَاتِهَا تَحْيَا بِهَا
لَوْ كَانَ بِيَدِي لَفَدَيْتُهَا بِحَيَاتِي
وَالْآنَ أَنَا أَمُوتُ، كَمَدًا عَلَى ذِكْرِهَا
إِنْ رَأَيْتُهَا تَبْكِي، قَلْبِي يَنْزِفُ دَمْعًا
وَإِنْ غَابَتْ، أَحْيَا عَلَى ذِكْرَى طَيْفِهَا
يَا مَنْ تُعَذِّبُنِي، إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا
تَعِيشُ فِي صِرَاعٍ بَيْنَ حُبِّي وَوَفَائِهَا
لَا تَحْزَنِي يَا حَبِيبَتِي، فَسَوْفَ أَرْحَلُ
وَسَأَطْلُبُ فِي جِنَانِ الْخُلْدِ رُؤْيَتَهَا
سَأَدْعُو إِلَى الرَّحْمَنِ يَجْمَعُنَا سَكِينَةً
فِي عَلْيَائِهِ، نَحْيَا زَوْجَيْنِ فِي جَنَّتِهَا
يَا حُورِيَّتِي، صَبْرًا، سَنَلْتَقِي غَدًا
وَنَنْعَمُ فِي نَعِيمِ اللُّقْيَا بَيْنَ أَفْيَائِهَا
لَوْ قَدَّرَ اللَّهُ فِي الْمَآلِ لِقَاءً بَيْنَنَا
فِي الْجَنَّةِ، أَرْتَجِي دَوَامَ عِشْرَتِهَا
إِذَا رَأَتْنِي هُنَاكَ، سَتَكُونُ سَعِيدَةً
وَتَشْعُرُ بِحُبِّي دَوْمًا فِي أَعْمَاقِهَا
374
قصيدة