عدد الابيات : 70
طباعةأَعَاذِلَتِي عُوجَا عَلَى رَسْمِ دَارِسِ
بِسَارَةَ قَدْ خَفَّ السَّحَابُ الْمُدَانِ
وَقِفْنَ وَقُلْنَ الدَّمْعُ أَشْفَى مَآقِيَا
فَفَاضَتْ جُفُونٌ كَالسَّحَابِ دَوَانِ
أَلَا يَا رُبُوعَ الْحَيِّ وَيْحَكِ أَخْبِرِي
مَتَى غَادَرَتْ سَارَةُ نَحْوَ الْأَمَانِ؟
أَتَبْكِيكِ عَيْنَايَ الْجَوَانِحُ لَوْعَةً
أَمِ الْقَلْبُ يَشْكُو ظُلْمَةَ الْحَدَثَانِ؟
تَرَكْتِ فُؤَادِي وَهْوَ طِفْلٌ وَلِيدُهُ
يُسَائِلُ عَنْ سَارَةَ رَكْبَ المَّعانِ
فَلَا طَيْفُهَا يَحْنُو عَلَيَّ بِزَوْرَةٍ
وَلَا بَرْقُ وَصْلٍ لَاحَ فَوْقَ جَنَانِ
كَأَنِّي أُنَاجِي اللَّيْلَ وَهْوَ مُكَابِرٌ
وَيَأْبَى حَنِينِي غَيْرَ قَهْرٍ وَجَانِ
بَكَيْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ حَتَّى كَأَنَّهَا
تُجَاوِبُ دَمْعِي مِثْلَ رَجْعِ الْمَثَانِ
وَكُنْتُ إِذَا لَاحَتْ سَحَابَتُهَا لَنَا
سَكَبْتُ لَهَا رُوحًا كَخَمْرِ الدِّنَانِ
هِيَ الْبَدْرُ إِنْ غَابَ النَّهَارُ بِجَفْنِهِ
وَ السَّيْفُ إِنْ سَالَتْ دُمُوعُ الْعِيَانِ
أُحِبُّكِ يَا سَارَةُ حُبًّا مُقَدَّسًا
وَشَوْقًا يُظَلِّلُنِي فِي غِبْطَةٍ وَهَوَانِ
أَيَا سَارَةَ الْحُسْنِ الرَّقِيقِ فُؤَادِيَ الـ
ـذِي قَدْ تَهَاوَى بَيْنَ كَفٍّ وَبَانِ
رَعَى اللَّهُ وَجْهًا فِي الْمِلَاحِ كَأَنَّهُ
صَبَاحٌ شُقُوقُ الْوَرْدِ فِيهِ تُدَانِ
وَثَغْرًا إِذَا ضَحِكَتْ بِهِ الشَّمْسُ
خِلْتَهُ سُلَافَةَ كَأْسٍ زَانَهَا النَّعْسَانِ
أَيَا دَارَ سَارَةَ أَيْنَ أَيْنَ أَحِبَّتِي؟
وَأَيْنَ حَدِيثُ الرُّوحِ بَعْدَ الْأَمَانِ؟
أَبُثُّ الرِّيَاحَ الشَّوْقَ عَلِّي أَلْقَيَا
جَوَابًا وَلَكِنَّ الْهَوَى كَالْجُفَانِ
أَقُولُ وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ لَيَالِيَّ
أَمَا لَكِ يَا شَوْقُ انْجِلَاءٌ أَبَانِ؟
فَيَا سَارَةَ الْعَلْيَاءِ طُوبَى لِعَيْنِ مَنْ
رَأَى وَجْهَكِ النَّضْرَ الْوَضِيءَ الْقَوَانِ
لَكِ الْمَجْدُ وَالْعَلْيَاءُ وَالطُّهْرُ وَالْعُلَا
وَالْعِزُّ وَكَفُّكِ بَيْضَاءُ كَغُصْنِ لُبَانِ
وَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ الْحَمَامَ مُسَافِرًا
فَأَحْظَى بِلَثْمِ الْخَدِّ فَوْقَ جَنَانِ
تَمَلَّكَنِي عِشْقٌ كَمَوْجِ بِحَارِهِ
عَاصِفٌ إِذَا مَا هَفَا أَغْرَقَ الضِّفَّتَانِ
وَمَا كَانَ قَلْبِي قَبْلَ حُبِّكِ عَارِفًا
طَرِيقَ الْهَوَى، حَتَّى رَمَتْهُ يَدَانِ
فَصَبْرًا جَمِيلًا إِنَّنِي مُتَعَلِّقٌ
بِأَهْدَابِ حُلْمٍ مَا لَهُ مِنْ مَكَانِ
أُؤَمِّلُ أَنْ يَأْتِي الزَّمَانُ بِمَكْرُمَةٍ
تُعِيدُكِ لَنَا أَيَّامَ تِلْكَ الْحِسَانِ
أَلَا يَا صَبَا نَجْدٍ أَمَا مِنْ رِسَالَةٍ
حُبٍ تُبَلِّغُ سَارَةَ الْقَلْبِ بِالْعِرْفَانِ
وَقَفْتُ بِأَطْلَالِ الْغَرَامِ عَاشِقاً
مُفَجَّعًا أَبُثُّ رِيَاحَ الشَّوْقِ لِلْأَرْكَانِ
فَمَا خَفَقَتْ رُوحِي بِأَرْضٍ كَأَرْضِهَا
وَلَا ضَمَّنِي سَهْلٌ كَمَا الْوُدْيَانِ
وَيَا دَارَ سَارَةَ قَدْ تَجَرَّعْتُ عَبْرَتِي
وَأَبْكَيْتُ دَمْعِي فَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
أَطُوفُ بِذِكْرَاكِ اشْتِيَاقًا وَلَوْعَةً
وَأَسْأَلُ رَكْبَ الْبَيْنِ عَنْ تِبْيَانِ
أَلَا حَبَّذَا أَيَّامُ وَصْلٍ تَضُمُّنَا
فَيَا حُسْنَهَا مِنْ صَفْحَةِ الْأَزْمَانِ
فَيَا سَارَةَ الْآمَالِ إِنَّكِ غَايَةٌ
لِمُهَجٍ تَنَاهَتْ إِلَيْهَا غُرَّةُ الْحُسْنَيْنِ
لَئِنْ سِرْتِ فِي الْأَرْضِينَ بَيْضَاءَ
طَلْعَةٍ سَمَتْ بِكِ أَنْوَارٌ بِغَيْرِ عَنَانِ
كَأَنَّكِ حُلْمٌ فَاضَ فَوْقَ مَشَاعِرِي
أَشْوَاقًا بِأَبْهَى خَيَالٍ نَاضِرِ الْأَلْوَانِ
زَهَتْ بِكِ أَرْضُ الْعِشْقِ حَتَّى تَخَيَّلَتْ
وُرُودُ الدُّنَا عِطْرًا مِنَ الرَّيْحَانِ
سَقَيْتِ فُؤَادِي مِنْ رُضَابِ ابْتِسَامَةٍ
فَصَارَ كَمِثْلِ الْغَيْثِ فَوْقَ جِنَانِ
وَأَنْعَشْتِ رُوحِي حِينَ لَاحَ وِصَالُكِ
سِحْرًا فَأَزْهَرَتِ الْآمَالُ بَعْدَ هَوَانِ
رَعَى اللَّهُ خَدًّا فِيهِ مِسْكُ الْمَوَدَّةِ
وَعَيْنًا كَسِحْرِ الْمُزْنِ فِي الْأِيوانِ
كَأَنَّكِ مِنْ نُورِ الْفَجْرِ طَلْعَةٌ
لِجَمَالٍ تَدَاعَتْ بِهَا أَحْلَامُ كُلِّ فَنَّانِ
فَإِنْ غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَذِكْرُكِ حَاضِرٌ
يُحَاكِي صَدَى أَنْغَامِ كُلِّ أَغَانِ
وَإِنْ هَمَسَ النَّسِيمُ بِاسْمِكِ رَدَدْتُهُ
دُعَاءً يُضِيءُ الدَّهْرَ بِالْإِيمَانِ
وَمَا ضَلَّ قَلْبٌ قَدْ رَأَى سَارَةَ الْهَوَى
وَلَا ذَلَّ إِلَّا فِي هَوَاكِ الْجَبَانِ
فَأَنْتِ الَّتِي تُحْيِي الْقُلُوبَ بِنَظْرَةٍ
وَتَبْعَثُ رُوحَ الْحُبِّ فِي الْعِيدَانِ
سَلَامٌ عَلَيْكِ الْغَيْثُ يَهْطِلُ حَوْلَكِ
بِأَرْضِ سَلَامٍ أَمَانٍ غَامِرِ التِّيجَانِ
وَيَا سَارَةَ الْقَلْبِ الْمُفَدَّى تَأَمَّلِي
فُؤَادًا غَدَا مِحْرَابَ عَاشِقِ شَانِ
أُقِيمُ صَلَاتِي فِي هَوَاكِ وَأَرْتَجِي
قَبُولًا وَإِيمَانًا سَاجِدًا بِغَيْرِ تَوَانِ
أَحِنُّ إِلَيْكِ الْحُسْنُ وَهْجُ مَشَاعِرِي
وَتَبْكِيكِ أَنْفَاسِي مَدَى الْأَزْمَانِ
فَلَا اللَّيْلُ يُنْسِينِي طُيُوفَكِ لَحْظَةً
وَلَا الصُّبْحُ يَمْحُو نُورَكِ الْفَتَّانِ
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْكِ الضِّيَاءَ مُجَسَّدًا
وَكَأَنَّهُمَا صُبْحَانِ مُشْتَبِكَانِ
أَيَا سَارَةَ الْآمَالِ طَابَ لَنَا الْهَوَى
وَزَانَ لَنَا وَجْهُ الْمَدَى بِأَمَانِ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ تُقَاسَ شُعَاعُهُ
لَطَالَعَ أَقْمَارًا سَرَّتْ بِلَا نُقْصَانِ
وَإِنْ غَابَ وَجْهُ الْبَدْرِ عَنِّي فَإِنَّنِي
أَرَاكِ بَدِيلَ الْبَدْرِ فِي الْحِرْمَانِ
بَعَثْتُ إِلَيْكِ الشَّوْقَ يَرْكُضُ ضَاحِكًا
فَآبَ عَلِيلَ النَّفْسِ وَالْأَشْجَانِ
كَأَنَّكِ نَجْمٌ صَامِتٌ فِي سَمَائِنَا
تُضِيئِينَ أَرْوَاحًا بِغَيْرِ لِسَانِ
تَبَسُّمُكِ الْوَلْهَانُ يَسْبِي فُؤَادَنَا
وَيُسْكِرُ وِجْدَانًا بِغَيْرِ أَلْحَانِ
وَكَمْ قُلْتُ لِلرِّيحِ الْخَفِيَّةِ إِنْ مَضَتْ
أَلَا فَاحْمِلِي شَوْقِي إِلَى الرَّيْحَانِ
فَقَالَتْ: أَطَاعَتْنِي الْوُرُودُ بِشَوْقِهَا
وَذَابَتْ حَنِينًا فَوْقَ كَفِّ الْبَانِ
فَيَا طَيْفَ سَارَةَ فِي اللَّيَالِي مَرُودُهُ
رَفِيقِي إِلَى الْأَمَلِ الْمُصَفَّى دَانِ
أَمُرُّ عَلَى الْأَطْلَالِ أَبْكِي تُرَابَهَا
وَأَطْبَعُ فَوْقَ الرَّمْلِ أَلْفَ حَنَانِ
لَعَلَّ نَسِيمَ الصُّبْحِ يَحْمِلُ هَمْسَتِي
إِلَيْكِ، وَيُهْدِيهَا إِلَى الْأُذُنَانِ
فَصَبْرًا جَمِيلًا إِنَّ فِي الصَّبْرِ مُنْجَحًا
وَإِنَّ الْهَوَى يُدْمِي فُؤَادَ الْأَمَانِ
وَلَوْ أَنَّنِي أَمْلِكُ لِلدَّهْرِ حِيلَةً
لَقُلْتُ لَهُ: ارْفُقْ بِالْهَوَى الْوَلْهَانِ
وَلَكِنَّمَا الْأَيَّامُ تَمْضِي صَمِيمَةً
كَمَا الرِّيحُ تَمْضِي غَيْرَ مَا تَهْوَانِي
سَأَبْقَى عَلَى عَهْدِي وَإِنْ طَالَ
بُعْدُنَا وَأَبْقَى أَسِيرَ الْوُدِّ وَالْوِجْدَانِ
أُخَبِّئُ فِي قَلْبِي هَوَاكِ وَأَرْتَجِي
لِقَاءً يُعِيدُ الرُّوحَ لِقَلْبٍ بَعْدَ فَنَانِ
فَإِنْ تَقْطَعِ الْأَيَّامُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ
فَفِي الْقَلْبِ مَوْصُولٌ مِنَ الْوُدِّ بَانِ
وَهَذِي رُبُوعُ الْعَهْدِ تَبْكِيكِ شَوْقَهَا
وَتَنْثُرُ دَمْعَ الْعَاشِقِ الْحَرَّانِ
أَلَا يَا نَسِيمَ الصُّبْحِ بَلِّغْ تَحِيَّتِي
إِلَى سَارَةَ الْحَسْنَاءِ ذَاتِ الْجَنَانِ
وَقُلْ: إِنَّ حُبِّي ثَابِتٌ لَا تُغَيِّرُهُ
لَيَالِي الْأَسَى أَوْ صَوْلَةُ الْحَدَثَانِ
وَمَا زِلْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ الْهَوَى
وَيَشْرَحَ بِاللُّقْيَا فُؤَادَ الْجَفَانِ
فَتَزْهُو لَيَالِي الْعُمْرِ بَعْدَ كَآبَتِي
وَتَحْلُو لِيَ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَكَانِ
374
قصيدة