عدد الابيات : 60
طباعةخُذْ فِي الْقَرِيضِ بُحُورَ الشِّعْرِ تَفِيضُ
عَلَّ الْقَوَافِي لِسِحْرِ الْعَيْنِ تُنْجِضُ
يَا سَاحِرَةَ الْأَلْبَابِ، يَا مُلْهِمَتِي
بِكِ اسْتَدَارَتْ كَوَاكِبُ الشِّعْرِ تُومِضُ
عَيْنَاكِ أُفْقٌ لِلسِّحْرِ سَرْمَدِيٌّ غَائِرٌ
بِهِ الْجَمَالُ وَأَسْرَارُ الْهَوَى تَتَخَلَّضُ
يَا مَنْ بَدَتْ فِي مُقْلَتَيْهَا مَمْلَكَةٌ
تَسْبِي الْقُلُوبَ وَحُكْمُ الْحُبِّ مُفْرِضُ
أَعْيُنٌ كَأَنَّ اللَّيْلَ فِيهَا مُؤْتَمِرٌ
يَنْسَابُ صَمْتًا وَكَأَنَّ الْفَجْرَ يَنْهَضُ
أَمْ مَاءُ وِرْدٍ صَافِحٍ فِي كَأْسِهِ
يَحْكِي صُبَاحًا فِي ظِلَالِهِ يُفَيَّضُ
مَا قِيلَ فِي عَيْنَيْكِ يَبْقَى قَاصِرًا
فَالْبَحْرُ إِنْ يُعْطَ بَيَانًا يَرْتَعِضُ
وَفِي جَبِينِكِ مَطْلَعُ الشَّمْسِ انْحَنَى
يُلْقِي الشُّعَاعَ عَلَى حَدِيثٍ يُرْفَضُ
مَنْ ذَا يُنَاظِرُنِي إِذَا ذَكَرْتُ سِحْرَهَا
فَالشِّعْرُ فِيهَا عَاجِزٌ وَمُعَرَّضُ
قُلْتُ الْمَدِيحَ فَلَمْ يُكَافِئْ حُسْنَهَا
بَلْ زَادَ فِي نَقْصٍ وَالْوَصْفُ مُحْبِضُ
مَا شِئْتِ، سَارَةُ، فَالْحَيَاةُ بَهِيَّةٌ
فِي مُقْلَتَيْكِ، وَكُلُّ حُزْنٍ مُغْرَضُ
أَزْهَرَتِ الدُّنْيَا لِمُرْآكِ فَغَدَتْ
تَشْكُو مَفَاتِنَهَا وَثَغْرُكِ مُلْفَضُ
لَوْ كَانَ لِلشِّعْرِ السَّمَاءُ كِنَايَةً
لَسَمَتْ جِبَاهُ الْعَاشِقِينَ تُمَرَّضُ
عَيْنَاكِ جِسْرٌ بَيْنَ نَهْرَيْ جَنَّةٍ
إِذْ يَسْتَقِي مِنْهُ الْفُؤَادُ وَيَرْتَضِي
وَكَأَنَّ سِحْرَ الْكَوْنِ أَلْقَى زَهْرَهُ
فِيهَا، وَشِعْرَ الْعَالَمِينَ تَنَمَّضُ
دَعْنِي أُبَارِزْ فِيكِ طَرْفَةَ خَائِضًا
بَحْرَ الْقَصِيدِ، وَفِي هَوَاكِ أُعَمَّضُ
يَا مَنْ تُضِيءُ اللَّيْلَ مِنْ عَيْنَيْهَا
وَكَأَنَّمَا نُورُ السَّمَاوَاتِ يُمْخَضُ
يَا سِحْرَةَ الدُّنْيَا وَأَحْلَامِ الْمُنَى
يَا عَيْنَ شَمْسٍ أُفْقُهَا لَا يُخَفَّضُ
يَا مَنْ كَأَنَّ الْبَدْرَ فِي كَفَّيْكِ أَلَقًا
نَصَّابُ نَجْمٍ وَالسَّمَاوَاتُ تُرَصَّضُ
لَوْ رُمْتُ فِي وَصْفِ الْعُيُونِ شِهَابَهَا
لَجَرَتْ نُجُومُ الْحُسْنِ فِيهَا تُقَوِّضُ
سَارَةُ، يَا نَجْمَةَ الْقَلْبِ الَّتِي
بِضِيَائِهَا كُلُّ النُّجُومِ تُفْرَضُ
أَطْلِقْ جَمَالَكِ كَاللَّهِيبِ عَلَى الدُّنَا
وَانْشُرْ مَفَاتِنَكِ، فَمَا الشِّعْرُ يَرْكُضُ
أَمِنَ السَّمَاوَاتِ اسْتَمَدَّتْ سِحْرَهَا
أَمْ مِنْ نُجُومِ اللَّيْلِ؟ أَمْ هُوَ أَغْرَضُ؟
مَا أَجْمَلَ التِّيهَ فِي عُيُونِكِ سُكْرَةً
يَا مَنْ بِهِ أَحْلَامُ الْعُشَّاقِ تُغَيَّضُ
قُلْتُ الْمَدِيحَ، وَلَوْ جَمَعْتُ مَدَامِعِي
لَبَدَا الْقَصِيدُ حُزْنُهُ يَتَنَفَّضُ
لَوْ أَنَّ كُلَّ مَعَاجِزِ الشِّعْرِ اجْتَمَعَتْ
لَمَا تَسَاوَى كُلُّ نَظْمٍ يُسَبَّضُ
أَنْتِ الَّتِي مَلَكَتْ قَوَافِي الْعَاشِقِينَ
وَسَرَتْ بِوَصْفِكِ فِي النَّوَاحِي تُمَرَّضُ
سَارَةُ، يَا حُسْنَ الرُّوحِ إِنْ نَفَذْتِ
كُلُّ الْمَدِيحِ صَاغَ قَلْبًا يُقَوَّضُ
فَأَنْتِ قُبْلَةُ الْحُسْنِ يَا فَاتِنَةَ السَّمَا
يَا شَمْسَ هَذَا الْعَالَمِ الْمُتَنَفَّضُ
لَوْ أَنَّ كُلَّ الشُّعَرَاءِ جَمَعُوا نَظْمَهُمْ
لَمْ يُبْلِغُوا سِرَّ الْجَمَالِ الْأَبْيَضُ
عَيْنَاكِ كَالْبَحْرِ الَّذِي لَا سَاحِلٌ
يُدْنِي طُمُوحَ الْعَاشِقِينَ وَيُعْرِضُ
تُلْقِي عَلَى شُطْآنِ قَلْبِي زَهْرَهَا
وَكَأَنَّمَا الْقَلْبُ الْبَهِيُّ يُجَنَّضُ
يَا بَدْرَ لَيْلٍ فِي خُصُوصِ جَمَالِهِ
بَدْرٌ يُؤَرِّخُ لِلْجَمَالِ وَيُفْرَضُ
مَنْ ذَا يُسَامِرُ سِحْرَكِ إِنْ جَرَى
وَمْضُ الْكَوَاكِبِ فِيهِ ضَوْءًا يُرْبَضُ
فَالشِّعْرُ عَبْدٌ فِي مُحِيطِكِ هَائِمٌ
يَرْجُو الْمَرَاسِيَ فِي الْوَصُوفِ وَيَنْبِضُ
لَوْلَاكِ مَا قِيلَ الْغَرَامُ قَصِيدَةً
وَلَمَا اهْتَدَى شِعْرٌ إِلَى سِحْرٍ يُفْضَضُ
يَا مَنْ أَضَاءَتْ فِي الظَّلَامِ مَلَامِحٌ
وَكَأَنَّمَا النُّورُ السَّرِيُّ يُخَفَّضُ
يَا مَنْ جَمَعْتِ الْحُسْنَ كَأْسًا صَافِيًا
فِيهَا الْجَمَالُ سِحْرُهُ لَا يُغْضَضُ
قَدْ أَوْرَثَتْكِ الْكَوْنَ آيَةَ حُسْنِهِ
فَغَدَوْتِ شِعْرًا بِالْبَيَانِ يُرَابِضُ
يَا سَارَةَ الْعَيْنَيْنِ مَمْلَكَةُ الْهَوَى
وَمَنَارَةُ الْعُشَّاقِ إِذْ يَتَهَفَّضُ
فِي لَحْظِكِ الْغَزَّالُ يَأْوِي خَجِلًا
وَكَأَنَّمَا جَفْنُ الْبُرُوقِ يُرْفَضُ
أَسَرَتْ قُلُوبَ الْخَلْقِ رَمْزَ قُدَاسَةٍ
فَالْقَلْبُ بَيْنَ هَوَاكِ دَوْمًا يُقْبَضُ
يَا مَنْ نَسَجْتِ الْحُسْنَ عِقْدًا رَائِعًا
يَرْوِي الْمَفَاتِنَ وَالسَّنَا فِيهِ يُرْبَضُ
أَنَا الْعَلِيلُ بِسِحْرِ عَيْنَيْكِ الَّذِي
لَمْ يُشْفَ مِنْهُ الْعَاشِقُونَ وَيُشْفَضُ
يَا نَجْمَةً ضَاءَتْ طَرِيقَ تَغَزُّلِي
وَكَأَنَّمَا السِّحْرُ الْمَكِينُ يُخَفَّضُ
قُلْتُ الْقَوَافِي ثُمَّ سِرْتُ بِهَا إِلَى
رَوْضِ الْجَمَالِ الْمُفْتَدَى لَا يُقْفَضُ
مَنْ ذَا يُجَارِي سِحْرَكِ؟ فَالشِّعْرُ ارْتَقَى
إِذْ طَارَ يَحْكِي فَضْلَ عَيْنِكِ يُعَارِضُ
لَوْ كَانَ لِلْحُسْنِ الْمَدَى رَمْزًا فَلَا
شَيْءَ سِوَى عَيْنَيْكِ فِيهِ يُشْفَضُ
يَا سِحْرَةَ الْعُمْرِ الَّتِي فِي لَحْظِهَا
تَكْشِفُ أَسْرَارًا وَقَلْبًا يُنْفَضُ
يَا نَجْمَةَ الشُّعَرَاءِ، طَيْفُكِ حَاضِرٌ
فِي كُلِّ صَدْرٍ وَالْقَوَافِي تُنَضَّضُ
فِي لَيْلِ عِشْقِكِ كُلُّ قَافِيَةٍ وَلَّتْ
حَيْرَى تُبَاهِي نَجْمَةً تَتَمَرَّضُ
يَا مَنْ طَوَيْتِ الْوَقْتَ فِي إِيمَائِهِ
فَاسْتَوْقَفَتْ سَاعَاتُهُ إِذْ تُغَلَّضُ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى الْفُؤَادِ وَأَنْتِ لِي
رَمْزٌ يُنِيرُ الدَّرْبَ لَا يَتَعَرَّضُ
أَنْظُرُ إِلَيْكِ فَأَنْظُمُ الدُّنْيَا أَنَا
وَكَأَنَّمَا الشِّعْرُ السَّمَاوِيُّ يَنْفَضُ
وَشَمَّرَتِ الْأَكْوَانُ حَرْفًا يُنْبِضُ
فَالْحُسْنُ يَنْشُرُ نُورَهُ لَا يُعْتَضُّ
هِيَ قَلْبُ كَوْنٍ لَا يُقَالُ شَبَهُهُ
تَغْتَالُ صَبْرَ الْعَاشِقِينَ وَتُمْضَضُ
قُلْ لِي: أَتَفْهَمُ كَيْفَ صِرْتُ مُتَيَّمًا
رَوْضُ الْجَمَالِ بِحُسْنِهَا يَتَخَيَّضُ
كُلُّ الْمَعَانِي تَنْحَنِي إِنْ أَقْبَلَتْ
أَوْ سَافَرَتْ فِي صَمْتِهَا إِذْ تُغَيَّضُ
هِيَ السَّرَابُ إِذَا دَنَا الْحَرْفُ اكْتَوَى
وَهِيَ الْمَعِينُ إِذَا الْجُرُوحُ تُضَيَّضُ
أَكْتُبُهَا وَأُعِيدُ نَظْمَ الْقَلْبِ فِي
دَمْعٍ يُعَرِّبُ عِشْقَهُ إِذْ يُفَضَّضُ
374
قصيدة