عدد الابيات : 25
أَيَا سَارَةُ، وَالشَّوْقُ الْمُدَمَّى
يُنَادِي فِي دُجَى اللَّيْلِ الْمُعَلَّلِ
وَذِكْرَاكِ الَّتِي نُسِجَتْ بِرُوحِي
تُسَائِلُنِي: أَمَا زِلْتَ الْمُهَلِّلِ؟
أَمَا زِلْتَ الْمُتَيَّمَ فِي هَوَاهَا
وَتَحْيَا فِي الْجَوَى صَبْرًا مُكَمَّلِ؟
وَكَيْفَ الْعَيْشُ مِنْ دُونِ الْمَرَايَا
الَّتِي فِي وَجْهِكِ السَّاجِي مَنْجَلِ؟
أَتَتْنِي فِي اللَّيَالِي طَيْفَ حُلْمٍ
يُعَانِقُنِي بِشَوْقٍ مُسْتَهَلِّلِ
وَفِي قَلْبِي وَفَاءٌ لَا يُضَاهَى
كَمَا الْمَوْجُ الْوَافِيُّ لِلرَّمْلِ
حَمَلْتُ هَوَاكِ رُوحًا فَوْقَ رُوحٍ
وَحُبًّا لَا يُقَاسُ بِهِ الْمَثَلِ
أَعِيشُ بِهِ وَإِنْ شَحَّتْ أَيَّامِي
وَكَانَ الْعُمْرُ فِي أَطْرَافِهِ اللَّيْلِ
وَحِينَ يُقَالُ: مَاتَ الْعَاشِقُ الْأَوَّلُ
سَتُزْهِرُ فِيكِ الْأَحْلَامُ وَالْوَجْدُ وَصْلِ
وَإِنْ زَارَ التُّرَابُ جَسَدَ الْمُعَنَّى
فَرُوحِي فِيكِ تَسْرِي، وَلَا تَهِنْ وَتَتَوَلِّ
أَحِنُّ إِلَيْكِ حَتَّى فِي رِحَابِي
وَإِنْ دَنَتِ السُّنُونُ بِالْغِيَابِ
أَرَى عَيْنَيْكِ فِي الدُّنْيَا أَمَامِي
كَأَنَّ الضَّوْءَ مِنْ بَحْرِ السَّحَابِ
إِذَا مَا غَابَ بَدْرٌ فِي الْأَعَالِي
فَفِي عَيْنَيْكِ بَدْرٌ لَا يُغَابُ
وَإِنْ مَرَّتْ رِيَاحُ الشَّوْقِ بَيْنَا
تَحِنُّ إِلَيْكِ نَبْضُ أَمْوَاجِ الْقُلُوبِ
بَكَيْتُ هَوَاكِ حَتَّى صِرْتُ بَحْرًا
وَأَدْمُعِي السَّحَابُ الْمُسْتَجِيبُ
أَيَا لَيْلَ الْفِرَاقِ، كَيْفَ جَنَيْتَ؟
وَكَيْفَ سَلَبْتَ أَنْوَارَ الْوُجُودِ؟
إِذَا مَا نُوِّحَتِ الْأَطْيَارُ حُزْنًا
ذَكَرْتُكِ بِالدُّجَى، دَمْعٌ شُهُودِي
وَأَبْكِي حِينَ لَا تَبْكِي السَّمَاءُ
كَأَنَّ اللَّيْلَ أُخْفِي فِي سُجُودِي
وَهَلْ أَبْكِيكِ أَمْ أَبْكِي شَبَابِي؟
وَهَلْ أَشْكُو لَكِ وَجْدِي وَقُيُودِي؟
سَأَبْكِي لَا يَجِفُّ الدَّمْعُ يَوْمًا
إِلَى أَنْ تَحْضُنِينِي فِي الْهَوَى اللُّحُودِ
وَآمُلُ فِي لِقَاءٍ غَيْرَ هَذَا
فَفِي الْجَنَّاتِ مَوْعُودُ الْمُرِيدِ
سَأَلْقَاكِ يَوْمًا فِي رِيَاضٍ
تُسَافِرُ بِي إِلَى بُرْجٍ سَعِيدِ
وَسَوْفَ أَرَاكِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً
كَمَا الْمُزْنُ الْمُبَارَكُ بِهَا الصُّعُدِ
أُطِيرُ إِلَيْكِ رُوحًا مِنْ شُعَاعٍ
وَأَحْيَا فِي لِقَاكِ بَعْدَ جُهْدِ
فَإِنْ سَأَلُوكِ عَنِّي يَوْمًا، قُولِي:
"هُوَ الْعَاشِقُ، الْمُتَفَانِي، الشَّهِيدِ"
385
قصيدة