عدد الابيات : 29
كَأَنِّي إِذْ بَدَا رَمَضَانُ يَزْهُو
بَدَا الْبَدْرُ الْمُنِيرُ عَلَى الْأَكَامِ
وَأَشْرَقَ مِنْ نُجُومِ اللَّيْلِ نُورٌ
يُضِيءُ كَمَا تُضِيءُ لَهُ الضِّرَامِ
فَيَا شَهْرَ التُّقَى وَالْبِرِّ جِئْتَ
كَسَيْلٍ لِسِحْرِ جَمِيلَاتِ الْغَمَامِ
تُهَلِّلُ بِالنَّدَى وَالْعِطْرِ أَرْضٌ
كَمَا أَزْهَرْتَ بِالْقَلْبِ كُلَّ الْكَلَامِ
وَأَنْتَ لَنَا كَنُورِ الصُّبْحِ يَهْدِي
قُلُوبًا قَدْ تَعَامَتْ فِي الظَّلَامِ
يَسِيرُ النَّاسُ فِيكَ عَلَى سَنَاهُ
كَمَا يَسْرِي الْحَدِيثُ لِلْفِهَامِ
وَفِيكَ الصَّوْمُ عِزٌّ لَا يُضَاهَى
وَفِيكَ الْعَفْوُ مِسْكٌ بِالْخِتَامِ
فَيَا رَمَضَانُ أَنْتَ الْعِيدُ حَقًّا
وَأَنْتَ السِّرُّ فِي عِتْقِ الْآثَامِ
وَأَنْتَ النُّورُ فِي دَرْبِ التَّقَانَا
وَأَنْتَ السَّيْلُ مِنْ خَيْرِ الْوِئَامِ
وَأَنْتَ الْحُبُّ فِي قَلْبٍ نَقِيٍّ
وَأَنْتَ الطُّهْرُ فِي دَمْعِ الْأَرَامِ
تَغَرْغَرَ بِالصَّلَاةِ فِيكَ قَلْبِي
كَمَا يُهْدِي الْهَوَى وَرْدًا خِطَامِ
وَجُدْتُ بِالدُّعَاءِ فِيكَ رُوحِي
كَمَا وَجَدَ الْعَطِشُ بِهِ الزُّلَامِ
فَطُوبَى لِلنُّفُوسِ بِكَ الْتَقَتْنَا
كَمَا تَجْرِي السَّحَائِبُ بِالسَّوَامِ
وَسَعْدًا لِلْمُحِبِّ إِذَا تَفَانَى
وَإِنْ يَقْنُتْ فَمَا أَجْلَى الْقِيَامِ
فَيَا شَهْرَ الْهُدَى وَالْحُبِّ مَهْلًا
فَإِنَّكَ ضَيْفُنَا الْبَدْرُ التَّمَامِ
وَفِيكَ الْبِرُّ يَهْطُلُ كَالسَّحَابِ
وَيَسْرِي فِي الضَّمَائِرِ كَالْخِتَامِ
وَنُورُ الصَّالِحِينَ بِكَ اسْتَجْلَى
كَضَوْءِ الصُّبْحِ فِي ظُلَمِ الْأَيَّامِ
وَيَا شَهْرَ الْمَعَارِجِ لِلتَّقَانَا
كَأَنَّكَ أُفُقُ الْأَرْوَاحِ الْكِرَامِ
فِدَاكَ الصَّائِمُونَ وَكُلُّ نَفْسٍ
تَهَجَّدَتِ الدُّجَى بَيْنَ الْأَنَامِ
وَأَنْتَ فِي الْبِلَادِ صَدًى عَطُوفٌ
كَنَبْضِ الرُّوحِ فِي جَسَدِ السَّلَامِ
تُذَكِّرُ كُلَّ ذِي قَلْبٍ نَقِيٍّ أَبْيَضٍ
بِأَيَّامِ التُّقَى وَبِهِ جُلَّ النِّعَامِ
فَمَا أَحْلَى قِيَامَ اللَّيْلِ فِيكَ
وَمَا أَغْلَى الدُّمُوعَ عَلَى اللِّثَامِ
وَمَا أَنْقَى الْمُنَاجَاةَ الَّتِي سَرَتْ
كَنَسْمَاتِ الرَّجَاءِ بِلَا سِهَامِ
وَفِيكَ لِلْجِفَانِ يَدٌ تُسَامِي
جُدُودَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الدَّوَامِ
وَيَجْلُو الْمُفْطِرُونَ جَوًى وَعَطْشًا
كَمَا يَجْلُو السَّنَا وَجْهَ الظَّلَامِ
وَيَا شَهْرَ الْكَرَامَةِ كُنْ سَنَانًا
نُجَاهِدُ بِالصَّبَاحِ وَبِالْعَتَامِ
فَأَنْتَ النُّورُ إِذْ يَخْشَى ضَيَاعًا
وَأَنْتَ الْحُبُّ فِي عُمْقِ الْهُيَامِ
وَيَا شَهْرَ النَّبِيِّ لَكَ أَرْوَاحُنَا
تُقَبِّلُ كُلَّ الذِّكْرِ بِحُبٍّ وَاحْتِرَامِ
فَطُوبَى لِلَّذِينَ بِكَ مَالُوا وَاهْتَدَوْا
وَعُوجِلَ فِيهِمُ نُورُ الْهُدَى بَرَامِ
385
قصيدة