عدد الابيات : 27
أَبْكِيكِ شَوْقًا، وَلَيْلُ الْبُعْدِ يُضْنِينِي
كَأَنَّمَا الدَّهْرُ فِي هَجْرِي يُعَادِينِي
أَبِيتُ أُنْشِدُ عَنْ عَيْنَيْكِ أُغْنِيَتِي
وَالْمَوْجُ يَصْرُخُ لِهَمْسِي وَيَشْكِينِي
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ كَفًّا حِينَ لَامَسَنِي
كَأَنَّهُ الْعُمْرُ، بَلْ رُوحِي وَتَكْوِينِي
أَهِيمُ بِطَيْفِكِ الْمَسْجُونِ لِخُلْدِي
وَكُلُّ نَبْضِيَ الْمِحْرَابُ لِتَدْوِينِي
عَهْدِي إِلَيْكِ وَإِنْ هَبَّتْ صَوَاعِقُهُ
أَنِّي سَأَبْقَى، فَلَا جَوْرٌ، وَلَا اللِّينِ
وَعْدِي إِلَيْكِ بِأَنْ تَبْقَى مَحَبَّتُنَا
كَالْأُفُقِ صَافٍ، وَمَا غَيْمٌ سَيُطْغِينِي
فَإِنْ بَدَا الدَّهْرُ لِلْآمَالِ مُغْتَصِبًا
فَحُبُّنَا الْوَعْدُ، وَالتَّارِيخُ يُغْنِينِي
إِنِّي أُنَاجِيكِ، وَالْأَيَّامُ عَاصِفَةٌ
لَكِنَّ صَدْرِيَ لَا يَهْوَى رِيَاحًا تُدْنِينِي
يَا مَنْ غَزَلْتِ مِنَ الْأَشْوَاقِ أُغْنِيَتِي
لَا تُنْكِرِي فِي الْهَوَى عَهْدًا يُوَاسِينِي
إِنِّي تَرَكْتُ فُؤَادِي فِي يَدَيْكِ نَدًى
فَهَلْ يُعِيدُ النَّدَى قَلْبًا يُنَادِينِي؟
يَا غَائِبَةً وَحُضُورُ الطَّيْفِ يُغْوِينِي
قَدْ ضَاقَ اللَّيْلُ، هَلْ يَأْوِيكِ حُضَيْنِي؟
إِنِّي أَرَاكِ كَسِحْرِ حُلْمٍ لَا أُفَارِقُهُ
تَمْشِي إِلَيَّ، فَتَبْكِي الْعَيْنُ تَشْكِينِي
مَا زَالَ صَوْتُكِ فِي سَمْعِي يُوَاسِينِي
كَالْمَاءِ يَهْمِسُ لِلْأَزْهَارِ رَيَاحِينِ
وَمَا بَرِحْتُ أُنَاجِي فِيكِ أُمْنِيَتِي
يَا مَنْبَعَ النُّورِ، يَا عُمْرِي وَتَلْوِينِي
يَا كُلَّ مَعْنًى جَمِيلٍ فِي تَأَمُّلِي
وَكُلُّ دَرْبٍ إِلَى لُقْيَاكِ يَهْدِينِي
إِنْ كُنْتُ فِي الْبُعْدِ مُشْتَاقًا أُرَدِّدُهُ
فَالشَّوْقُ بِالصَّدْرِ، لَمْ يُسْجَنْ، وَيُهِينِي
عَهْدِي إِلَيْكِ، وَإِنْ طَالَ النَّوَى، قَسَمٌ
أَنْ لَا تَمِيلَ عَنِ الْعِشْقِ الشَّرَايِينِ
وَعْدِي إِلَيْكِ، وَهَذَا الدَّهْرُ يَسْأَلُنِي
أَنْ لَا أُبَدِّلَ حُبًّا أَنْتِ شِعْرُ تَدْوِينِي
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، لَا تَهْنِي بِأَزْمِنَتِي
فَالْعُمْرُ أَنْتِ، وَالنَّبْضُ، وَالدِّينِ
نَامِي عَلَى كَفِّيَ الْعَطْشَى، فَمَا نَضَبَتْ
إِلَّا لِتَحْمِلَ مِنْكِ الْوُدَّ فَضُمِّينِي
إِنِّي بِذِكْرِكِ أَنْسَى الْأَرْضَ أَجْمَعَهَا
وَأُودِعُ الشَّوْقَ لِعَيْنَيْكِ، فَاسْتَبِينِي
هَلْ تَذْكُرِينَ لَيَالِينَا وَالْعِشْقُ فِيهَا
أَفْيَاءَ وَجْدٍ، بِهَا الْآمَالُ تَعْلِينِي؟
يَا سَاكِنَةَ الْقَلْبِ، مَا زَالَ الْهَوَى قَمَرًا
وَمَا زِلْتِ فِي يَدَيْكِ الرُّوحُ تَسْقِينِي
إِنْ كَانَ فِي الْعِشْقِ آيَاتٌ مُعَلَّقَةٌ
فَحُبُّنَا الْآيَةُ الْكُبْرَى لِعَنَاوِينِي
لَا تَسْأَلِي الصُّبْحَ عَنِّي، إِنَّنِي سَهَرٌ
أَبِيتُ فِي لَيْلِ ذِكْرَى بَيْنَ تَسْكِينِ
إِنِّي أُحِبُّكِ حُبًّا لَا مِثَالَ لَهُ بِالْهَوَى
فَابْقَيْ، عَهْدُ الْهَوَى أَسْمَى مَيَادِينِ
ابْقَيْ، فَأَنْتِ لِأَيَّامِي جُلُّ مَوَاسِمُهَا
وَكُلُّ مَا كُنْتُ أَخْشَاهُ.. أَنْ تَبِينِي
385
قصيدة