عدد الابيات : 19
سَرَى طَيْفُ سَارَةَ لَيْلَةً فَأَرَاقَنِي
وَفَاضَتْ بِشَوْقٍ أَضْلُعِي وَمَدَامِعِي
وَدَاعًا لَهَا إِنْ كَانَ بُعْدٌ مُصِيبُنَا
وَإِلَّا فَسَيْرُ الدَّهْرِ غَيْرُ مُلَازِعِ
جَمَالٌ يُضِيءُ النَّفْسَ عَطْفًا وَرِقَّةً
كَنَجْمٍ يُزَيِّنُ كَوْنَهُ بِالطَّوَالِعِ
إِذَا أَقْبَلَتْ كَالظَّبْيِ مَرَّتْ بِلَحْظِهَا
فَسُبْحَانَ مَنْ صَاغَ الْجَمَالَ الصَّنَائِعِ
لَهَا وَجْهُ بَدْرٍ أَشْرَقَ اللَّيْلُ نُورُهُ
وَفِي وَجْنَتَيْهَا الْوَرْدُ طَيِّبٌ يَانِعِ
وَعَيْنَانِ كَالْأَغْصَانِ زُرًّا وَمَقْلَةٌ
يَسِيلُ سِحْرُ الْعَيْنِ مِنْهُ بِدَامِعِ
لَهَا ثَغْرُ دُرٍّ نَاصِعٌ فِي بَسْمِهِ
كَضَوْءِ الصَّبَاحِ الْغَضِّ غَيْرِ الْمُضَارِعِ
إِذَا نَطَقَتْ فَالْمِسْكُ يَشْدُو بِصَوْتِهَا
كَزَهْرٍ عَلَى أَغْصَانِهِ غَضٌّ مُتَوَالِعِ
فَيَا لَيْتَ كَفَّ الدَّهْرِ تَجْمَعُ شَمْلَنَا
وَلَا تُفَرِّقُ الْأَيَّامُ بَيْنَ الصَّدِّ الْمُرَافِعِ
فَإِنْ تَبْعُدِ الْأَجْسَادُ فَالرُّوحُ قُرْبُهَا
يُدَاعِبُهَا وُدٌّ كَرِيحٍ مُتَرَايِعِ
وَإِنْ خَانَنَا دَهْرٌ فَسَارَةُ فِي الْحَشَى
تَسِيلُ بِهَا الْأَشْوَاقُ سَيْلَ الْمَدَامِعِ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ عَلِمَتْ عِبَادُهُ هَوًى
لَصَارُوا لِهَذَا الْعِشْقِ أَهْلَ الْمَنَابِعِ
وَإِنْ كَتَمَتْ شَوْقِي فَحَرْفِي يُذِيعُهُ
وَإِنْ نَطَقَتْ لَاقَتْ فُؤَادِي السَّوَاجِعِ
أَلَا فَاسْأَلُوا اللَّيْلَ الطَّوِيلَ وَدَمْعَهُ
أَيُخْفِي الْهَوَى وَالْقَلْبُ مُسْتَوْدَعٌ وَاجِعِ
هُيَامٌ يَطِيرُ بِالْفُؤَادِ وَالْقَلْبُ كَأَنَّهُ
جَنَاحٌ عَلَى الْأَنْسَامِ غَيْرُ الْمُنَازِعِ
وَإِنْ كَانَ فِي الْعُمْرِ الْقَضَاءُ بِفُرْقَةٍ
فَحَسْبُ الْهَوَى ذِكْرَى تُعِيدُ الْمَطَالِعِ
فَيَا نَسَمَاتِ اللَّيْلِ حُمِّي سَلَامَهَا
إِلَى حُسْنِهَا وَالسِّحْرِ غَيْرِ الْمُدَافِعِ
وَقُولِي لَهَا إِنَّ الْفُؤَادَ مُعَذَّبٌ
وَإِنَّ الْهَوَى سَيْفٌ بِلَيْلِ الْمَوَاقِعِ
وَإِنْ كُنْتُ فِي دَهْرٍ يُرِيدُ تَنَافُرًا
فَحُبُّكِ فِي قَلْبِي حَيَاةُ الشَّوَاجِعِ
395
قصيدة