عدد الابيات : 50
هَلْ لِلْحَبِيبِ عَلَى الْفُؤَادِ ذِمَامُ؟
أَمْ هَلْ لِصَبٍّ فِي الْغَرَامِ مَقَامُ؟
يَا مَنْبَعَ النُّورِ الَّذِي أَهْوَى سَنَاهُ
فِي مُقْلَتَيْكِ نَارُ تَأَلُّقٍ وَإِلْهَامُ
يَا وَرْدَةً فِي رَوْضِ قَلْبِي أَزْهَرَتْ
وَتَفَتَّحَتْ فِي رُوحِهِ الْأَحْلَامُ
جَسَّدْتِ فِي دُنْيَا الْغَرَامِ رِوَايَةً
سَكِرَتْ بِهَا الْأَوْهَامُ وَالْأَيَّامُ
مَا كُنْتُ أُؤْمِنُ بِالْهَوَى لَوْلَاكِ
حَتَّى هَوَى بِصَبَابَتِي الْإِلْمَامُ
عَلَّمْتِ قَلْبِي كَيْفَ يَعْشَقُ صَادِقًا
وَغَرَسْتِ فِي عَيْنَيْهِ كَيْفَ يُرَامُ
بِاللَّهِ، كُفِّي عَنْ دَلَالِكِ لَحْظَةً
فَالْقَلْبُ صَارَ مُتَيَّمًا وَهُيَامُ
يَا نَاعِمَ الْأَلْحَاظِ، مَا أَبْقَيْتِ لِي
غَيْرَ الْأَنِينِ يُحَاوِرُهُ الْإِبْهَامُ
فَالْعَيْنُ تَشْكُو وَالسُّهَادُ يُعَذِّبُ الْـ
ـجَفْنَ الْمُعَنَّى وَالْهَوَى إِسْقَامُ
يَا طَلْعَةً فِي حُسْنِهَا مُتَفَرِّدَةٌ
كَالشَّمْسِ حِينَ يَزُفُّهَا الْإِقْدَامُ
مَا زَالَ طَيْفُكِ فِي الْخَيَالِ مُؤَرِّقًا
حَتَّى غَدَا فِي مُهْجَتِي الْإِلْهَامُ
فَلَئِنْ جَفَتْنِي فِي الْغَرَامِ جُفُونُهَا
أَوَ يُرْتَجَى وَصْلٌ لِمَنْ لَا يُرَامُ؟
يَا مَنْ سَقَتْنِي كَأْسَ حُبٍّ صَافِيًا
أَتُرَاكِ تَذْكُرُ عَهْدَنَا وَتُضَامُ؟
عَيْنَاكِ بَحْرٌ لَا يُحَدُّ غَزَارَةً
وَشِفَاهُكِ الْعَذْبُ الْمُنَى وَأَنْغَامُ
قَدْ غِبْتِ عَنِّي لَكِنْ رُوحِي لَمْ تَزَلْ
فِي حُبِّكِ الْمَسْحُورِ، لَا تَسْتَامُ
هَلْ تَعْلَمِينَ بِأَنَّنِي مُتَحَسِّرٌ؟
فِي غَيْبَتِكِ الْأَيَّامُ وَهِيَ ظَلَامُ
قَسَمًا بِرَبِّ الْعَرْشِ إِنِّي عَاشِقٌ
كَالْمَوْجِ يَهْتَاجُ الدُّجَى وَيُقَامُ
أَنْتِ الْمُنَى، وَالْعُمْرُ بَعْدَكِ خَاوِيٌ
لَا طِيبَ فِيهِ وَلَا لَهُ إِكْرَامُ
فَمَتَى يَجِيءُ الْبَدْرُ يُزْهِرُ نُورُهُ؟
وَمَتَى يَعُودُ الْوَصْلُ وَالْأَنْسَامُ؟
لَوْ كَانَ لِلْحُبِّ الْجَمِيلِ رِسَالَةٌ
لَكُتِبْتِ فِيهَا الْمَجْدُ وَالْإِعْظَامُ
أَنْفَاسُكِ الشَّذَرِيَّةُ الْمُتَأَلِّقَةُ
عِطْرٌ يُفِيضُ وَسِحْرُهُ يَجْتَامُ
فَحَدِيثُكِ النَّغَمِيُّ لَحْنٌ سَاحِرٌ
يُشْفِي الْقُلُوبَ إِذَا عَلَاهُ سَقَامُ
كَمْ صَابَرَتْ عَيْنَايَ حُزْنَ فِرَاقِكِ
وَتَضَرَّعَتْ لِلنُّجْمِ وَهُوَ يُضَامُ
مَا زَالَ وَعْدُكِ فِي فُؤَادِي سَائِرًا
أَمْ أَنْتِ فِي الْعُشَّاقِ طَيْفٌ هَامُ؟
قَدْ زُرْتِ أَحْلَامِي فَهَلْ أَنْتِ الَّتِي
نَادَتْ بِصَوْتِ السِّحْرِ يَا مَلْهَامُ؟
يَا وَحْيَ شِعْرِي، لَا يُشَبِّهُ حُسْنُكِ الْـ
ـغِيدَ الْحِسَانَ وَلَا تُجَارِي الْهُيَامُ
عُودِي لِيَكْمُلَ فِي الْعُيُونِ بَهَاؤُهَا
وَيَهِيمَ فِي أُفْقِ الْجَمَالِ غَرَامُ
لَا شَيْءَ يُرْضِي الْمُسْتَهَامَ سِوَى
الَّتِي قَدْ غَابَ عَنْهَا كُلُّهُ وَاسْتَامُ
فَالْعَيْشُ بَعْدَكِ مَا يُطَاقُ لِمُغْرَمٍ
إِنْ لَمْ تَكُنْ أَنْتِ الْحَيَاةَ تَمَامُ
فَالْعُمْرُ كَالشَّمْسِ الَّتِي تَغْرُبُ إِذَا
غَابَتْ عُيُونُكِ، وَالْمَكَانُ ظَلَامُ
هَلْ تَذْكُرِينَ الْعَهْدَ أَمْ أَنْتِ الَّتِي
نَسِيَتْ، وَرَاحَ الْمَوْعِدُ الْمَرْسَامُ؟
مَا كَانَ يَحْسَبُ عَاشِقٌ أَنَّ النَّوَى
يُرْدِي فُؤَادًا بَعْدَ مَا يُسْتَامُ
عُودِي فَإِنِّي فِي الْغَرَامِ مُعَذَّبٌ
وَالْقَلْبُ فِي نَارِ الْهَوَى مُسْتَهَامُ
شَمْسُ الْجَمَالِ، وَأَنْتِ أَجْمَلُ مِنْ ضُحًى
سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الَّذِي لَا يُضَامُ
أَنْتِ الرَّبِيعُ لِكُلِّ أَرْضٍ يَغْمُرُ الْـ
ـأَكْوَانَ طِيبٌ حُبُّهُ عِشْقٌ لَا يُلَامُ
مَنْ مِثْلُكِ الْحُسْنُ الْبَدِيعُ وَصَفْوُهُ؟
جَلَّتْ صِفَاتُكِ، وَالْبَهَاءُ كِرَامُ
لَا يَرْتَوِي عَطَشُ الْفُؤَادِ وَدُونَهُ
كَأْسٌ لَدَيْكِ وَسِحْرُهُ يَجْتَامُ
فِيكِ اجْتَمَعْنَ فِتُونُ كُلِّ خَمِيلَةٍ
وَتَجَمَّلَتْ فِي وَجْهِكِ الْأَيَّامُ
أَنْتِ اللَّطِيفُ بِأَرْضِ هَذَا الْعُمْرِ لِي
وَسِوَاكِ فِي سُبُلِ الْغَرَامِ حُطَامُ
بِاللَّهِ يَا ذَاتَ الدَّلَالِ وَفِتْنَةِ الْـ
ـأَحْلَامِ، أَيْنَ النُّورُ؟ أَيْنَ الْوِئَامُ؟
عُودِي إِلَيَّ، فَإِنَّ بُعْدَكِ قَاتِلِي
وَالْحُبُّ بَعْدَكِ ضَائِعٌ وَأَلَامُ
كَمْ أَشْتَكِي وَاللَّيْلُ يَعْرِفُ وِجْدَتِي
فَيَرِقُّ حَتَّى يَكْتَسِيهُ الظَّلَامُ
لَوْ كَانَ يَدْرِي الطَّيْفُ كَمْ أَهْوَى
لَمَا غَابَ الْحَبِيبُ، وَلَا أَتَتِ الْآلَامُ
لَكِنَّهُ دَهْرٌ يُرَاوِغُ لَظَى عَاشِقًا
وَيُذِيقُهُ الشَّوْقَ الَّذِي لَا يُضَامُ
فِيكِ السَّلَامُ، وَفِيكِ نُورُ قُلُوبِنَا
عُودِي، فَهَذَا الْعَيْشُ فِيكِ مُدَامُ
يَا أُمْنِيَّاتِي، وَاللِّقَاءُ مُرْتَجَى
وِصْلُ الْحَبِيبِ لِمُغْرَمٍ مِقْدَامُ
فَأَنَا الَّذِي هَامَ الْفُؤَادُ بِحُبِّهِ
وَعَلَى هَوَاهُ تَتَرَنَّمُ الْأَنْسَامُ
سَأَظَلُّ فِي ذِكْرَاكِ أَرْوِي سِيرَتِي
فَالْحُبُّ ذِكْرَى وَالْهَوَى إِلْهَامُ
مَا أَجْمَلَ الْحُبَّ الَّذِي قَدْ زِيدَ فِي
وَجْدِ الْعَشِيقِ، وَوَصْلُهُ مِقْدَامُ
يَا مَنْ سَبَتْ قَلْبِي، فَهَلَّا رُدَّ لِي؟
عُودِي، فَفِيكِ الرُّوحُ وَالْإِكْرَامُ
395
قصيدة