عدد الابيات : 22
إِذَا رَفَعَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ بِالتُّقَى
تُبَارِكُهُ أَيْدٍ مِنَ النُّورِ شَائِقِ
وَكَمْ مِنْ فَتًى غَرَّهُ الزَّهْوُ فَانْتَفَى
فَأَلْقَى عَلَيْهِ الْوَهْمُ شَرْكًا مُلَائِقِ
وَلَكِنْ غَلَبْتَ النَّاسَ أَنْ تَتْبَعَ الْهَوَى
فَصِرْتَ بِذَا فِي كُلِّ حُلْمٍ مُفَارِقِ
إِذَا سَادَ فِعْلُ الْعُجْبِ فِي كُلِّ جَانِحٍ
يُذِلُّهُ فَخْرٌ فِيهِ يَبْقَى مُحَارِقِ
تَرَاهُ يَسِيرُ الدَّرْبَ كَالْكِبْرِ مُنْتَفِشًا
يُبَاهِي وَيَنْسَى طُهْرَ قَلْبٍ مُعَانِقِ
فَمَنْ أَخْفَضَ الرَّأْسَ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ
تُعَانِقُهُ الْأَيْدِي بِعِزٍّ مُلَائِقِ
وَمَنْ رَفَعَ النَّفْسَ بِالْعُجْبِ فِي الْعُلَا
تُبَادِرُهُ الْأَوْجَاعُ فِي كُلِّ طَارِقِ
تَوَاضَعْ لِخَلْقِ اللَّهِ يَسْمُو فُؤَادُكَ
وَتَمْحُو ذُنُوبَ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ لَائِقِ
فَإِنَّ التَّعَالِي لَا يَزِيدُ سِوَى غَوَى
وَكُلُّ مُتَكَبِّرٍ إِلَى الْهَوْلِ سَائِقِ
تَرَاهُ يَعِيشُ الْوَهْمَ فِي كُلِّ جَانِبٍ
يُغَطِّيهِ كِبْرٌ كَالسَّرَابِ الْمُنَافِقِ
وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْعِزَّ يَأْتِي بِمَظْهَرٍ
فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ وَأَلْقَى بِالْفَائِقِ
فَالْعِزُّ فِي التَّقْوَى وَفِي صَفْوِ قَلْبِهِ
يُضِيءُ كَنَجْمٍ فِي السَّمَاءِ الْعَوَائِقِ
فَكُنْ كَالشَّجَرِ الْوَارِفِ الظِّلِّ فِي النَّدَى
يُحَبُّ بِرِفْقٍ فِي الْحَيَاةِ وَيَانِقِ
وَلَا تَغْرُرَنَّ النَّفْسَ فِي كُلِّ مَطْلَعٍ
فَإِنَّ الْكِبْرَ يَجْرِي كَنَهْرٍ غَوَارِقِ
تَعَلَّمْ أَنَّ الْحِلْمَ زَخْرٌ لِصَاحِبٍ
يُبَاهِي بِهِ قَلْبًا سَمَتْ فِيهِ فَوَائِقِ
فَمَنْ عَاشَ بَيْنَ النَّاسِ خَيْرًا وَحِكْمَةً
سَتَحْمَدُهُ الْأَجْيَالُ فِي كُلِّ طَارِقِ
وَمَنْ مَلَأَ الْكِبْرَ فِي نَفْسٍ وَعِيشَةٍ
سَتَخْذُلُهُ الْأَيَّامُ فِي كُلِّ لَاحِقِ
فَكُنْ لِلتَّوَاضُعِ طَرِيقًا إِلَى الْعُلَى
تُسَبِّحُكَ النَّفْسُ فِي كُلِّ خَالِقِ
وَدَعْ كُلَّ فَخْرٍ زَائِلٍ لَا بَقَاءَ لَهُ
فَإِنَّ التَّرَفُّعَ يَجْعَلُ الْحَظَّ زَائِقِ
وَأَدْرَكْتَ مَنْ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ عَامِلًا
بِضِعْفَيْنِ مِمَّا قَدْ جَبَى غَيْرَ رَاهِقِ
فَمَا نَفْعُ مَجْدٍ مِنْ غُرُورٍ مُزَيَّفٍ؟
وَمَا فَازَ إِلَّا مَنْ تَوَاضَعَ لِرَائِقِ
فَسِرْ فِي الْحَيَاةِ بِالْحِكْمَةِ مُقْتَدِرًا
وَدَعْ كُلَّ كِبْرٍ، كُلَّ زَهْوٍ زُهَائِقِ
374
قصيدة