عدد الابيات : 34
سَأَبْنِي مِنَ الشِّعْرِ الْمُنِيفِ صُرُوحَا
وَأَجْلُو بَدِيعَ اللَّفْظِ فِيهِ وُضُوحَا
فَإِنْ كُنْتَ تَدْعُو لِلسِّبَاقِ قَصَائِدِي
فَسَيْفُ بَلَاغَاتِي يَصُولُ جَمُوحَا
رَضِيتُ بِأَنَّ الدَّهْرَ لَا يُنْصِفُ الْفَتَى
وَأَنَّ اللَّيَالِي قَدْ تَبِيتُ فَرُوحَا
أُرِيدُ وَفَاءً مِنْ زَمَانِي وَإِنَّمَا
طِبَاعُ اللَّيَالِي لَا تَزَالُ شَحُوحَا
حَسِبْتُ الْهَوَى سُلَّمًا فَلَمْ أَدْرِ أَنَّهُ
إِذَا مَا بَدَا لِلْمَرْءِ صَارَ جُرُوحَا
رَمَتْنِي سِهَامُ الْعِشْقِ وَهِيَ مُرَنَّحَةٌ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّهُنَّ رُمُوحَا
وَكَمْ خِلْتُ أَنَّ الدَّهْرَ يَبْقَى مَوَدَّةً
فَأَلْفَيْتُ أَنَّ الْغَدْرَ كَانَ شَبُوحَا
يُخَادِعُنِي مَرْأَى اللَّيَالِي وَحُسْنُهَا
وَيَسْرِقُنِي حَتَّى أَرَاهُ نُورًا صَبُوحَا
أَيَا قَلْبُ، هَلْ بِالْحُبِّ رُشْدٌ لِمَنْ مَشَى؟
فَكُلُّ طَرِيقِ الْعِشْقِ كَانَ مَفْضُوحَا
فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَبْتَلِ الْقَلْبَ بِالْهَوَى
وَلَا قَدْ رَضِيتُ الْعَيْشَ فِيهِ مَجْرُوحَا
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا فَارِسٌ غَيْرُ رَاحِمٍ
إِذَا شَاءَ قَتْلَ الْعَاشِقِينَ بِطَوْحَا
يَسُوقُ جُنُودَ الْحُسْنِ نَحْوِي بِأَسْهُمٍ
فَتَجْرِي سِهَامُ اللَّحْظِ فِيَّ قُرُوحَا
وَكَمْ مِنْ فُؤَادٍ كَانَ صَلْدًا كَحَجَرٍ
فَأَضْحَى رَمَادًا إِذْ غَدَا مَسْفُوحَا
وَمَا ضَرَّهُ لَوْ كَانَ يَلْقَى سَكِينَةً؟
وَلَكِنَّهُ فِي الْعِشْقِ صَارَ مَذْبُوحَا
تَجَاهَلْتُ مَا أَلْقَى وَقُلْتُ لَعَلَّنِي
سَأَحْيَا وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيَّ نَطُوحَا
فَمَا زِلْتُ أَجْرِي خَلْفَ وَهْمٍ وَسَكْرَةٍ
إِلَى أَنْ رَأَيْتُ الْعُمْرَ بَاتَ طَرُوحَا
وَأَبْصَرْتُ أَحْلَامَ الْفُؤَادِ تَهَاوَتْ
كَطَوْدٍ عَظِيمٍ قَدْ غَدَا مَلُوحَا
فَإِنْ كُنْتَ ذَا عَقْلٍ رَشِيدٍ فَلَا تَكُنْ
كَسُولًا وَتَدَعُ الْعِشْقَ يَسْعَى طَمُوحَا
وَكَمْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَعِيشَ مُنَعَّمًا
فَأَمْسَيْتُ لَا أَدْرِي لِمَنْ سَأَبُوحَا
فَهَلْ لِي صَدِيقٌ يُرْتَجَى فِي زَمَانِنَا؟
فَأَكْثَرُ مَنْ أَلْقَاهُ مَنْ كَانَ جَمُوحَا
تَصُدُّ اللَّيَالِي عَنْ رَجَائِي كَأَنَّنِي
أُرِيدُ وُجُودًا فِي الْفَنَاءِ فَسُوحَا
وَمَا كُلُّ خِلٍّ صَادِقٌ فِي وِدَادِهِ
وَلَا كُلُّ مَنْ يُبْدِي الْوِصَالَ صَرِيحَا
وَأُبْصِرُ أَقْدَامَ اللِّئَامِ تَعَلَّتْ
وَأَحْلَامَ أَهْلِ الْفَضْلِ بَاتَتْ جُرُوحَا
فَمَنْ لِي بِمَجْدٍ لَا تَذِلُّ رِكَابُهُ
وَلَا يَنْثَنِي عَنْ مَطْلَبٍ صَبُوحَا
أَلَا إِنَّنِي لَا أَرْتَضِي الْعَيْشَ خَامِلًا
وَلَا أَنْ أُلَاقِي فِي الْحَيَاةِ قُرُوحَا
فَإِنْ كُنْتَ ذَا نَفْسٍ تَأْنَفُ ذِلَّةً
فَسَيْفُكَ إِنْ هَزَّ الْمَهَانَةَ رَوَّحَا
وَإِنْ عِشْتَ لَا تَرْضَى الْهَوَانَ فَإِنَّمَا
تَرَى الْمَوْتَ بِالْإِذْعَانِ أَمْرًا رَبُوحَا
فَهَلْ يَتَّقِي السَّيْفَ الرِّقَابُ بِعِزَّةٍ؟
أَمِ الْعِزُّ فِي الْأَجْسَادِ كَانَ جَمُوحَا؟
تَدَاعَى الذَّلِيلُ لِلْقُيُودِ كَأَنَّهُ
يُؤَمِّلُ فِي الْأَسْرِ الْحَيَاةَ صَدُوحَا
فَإِنِّي امْرُؤٌ لَا أَرْتَضِي الدَّهْرَ ظَالِمًا
وَإِنْ رَامَ لِي قَيْدًا أَكُونُ بِهِ مُتَرَوِّحَا
وَلَوْ أَنَّنِي فِي الدَّهْرِ كُنْتُ مُحَاصَرًا
لَمَا كَانَ إِلَّا عَزْمِيَ الصُّلْبُ الْمَفْلُوحَا
فَمَنْ عَافَ أَنْ يَحْيَا عَزِيزًا فَلْيَمُتْ
فَإِنَّ الرَّدَى أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنُوحَا
وَيَا دَهْرُ، إِنْ كُنْتَ تَرْجُو خُضُوعَنَا
فَإِنَّا جِبَالٌ لَا تَخْضَعُ وَتَلِينُ صُرُوحَا
سَأَمْضِي عَلَى دَرْبٍ لِلْمَجْدِ وَاضِحٍ
وَأَبْنِي لِأَيَّامِي بَهْجَتَهَا أَشَدَّ وُضُوحَا
385
قصيدة