عدد الابيات : 21
عَفَتِ الدِّيَارُ وَمَا تَزَالُ كِرَامُهَا
تَرْنُو إِلَيَّ كَأَنَّهَا عَظِيمُ أَحْلَامُهَا
سَلْقِينُ يَا وَطَنَ الفُؤَادِ وَوَحْيَهُ
وَالوَادِيَ المُغْفَى يَنْثُرُ إِلْهَامُهَا
مَرَّتْ سَرَاةُ الحَيِّ غَدْوًا وَغَادِيًا
وَبَقِيتُ أَرْقُبُ فَيْنَةً وَمَقَامُهَا
لَمَّا تَنَاءَتْ وَاسْتَبَانَ حُسْنُ مَحَلِّهَا
وَتَقَطَّعَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهَا خِيَامُهَا
سَارَتْ فَأَجَّجَ فِي الضُّلُوعِ لَهِيبُهَا
وَالوَجْدُ يَلْهَجُ بالفُؤَادِ وَضَامُهَا
يَا لَوْعَةَ التَّوْدِيعِ كَمْ شَكَتِ الدُّنَا
مِنْ حُزْنِ مُشْتَاقٍ تَشَقَّقَ أَعْوَامُهَا
هَلْ يَرْجِعُ الزَّمَانُ يَوْمًا حَافِلًا
بِنَدَى اللِّقَاءِ وَيُؤْذِنُ إِكْرَامُهَا
يَا سَارَةَ الحُسْنِ المُضِيءِ بِنُورِهِ
هَلْ يَنْجَلِي سَدَفُ النَّوَى وَظَلَامُهَا
أَمْ كُلُّ مَا أَحْلَمْتُ لَيْلًا زَائِلٌ
وَتُفَرِّقُ الأَحْدَاثُ بَيْنَ وِئَامُهَا
لَكِنَّنِي لَا أَسْلُو وَإِنْ غَابَ بِي النَّوَى
فَالقَلْبُ يَنْبُضُ وَالهَوَى إِقْدَامُهَا
وَسَأَظَلُّ أَذْكُرُ فِي الطُّلُولِ مَحَبَّةً
حَتَّى يُجَدِّدَ لِلْقُلُوبِ وِصَامُهَا
أَبْكِي وَأَعْلَمُ أَنَّ دَمْعِي مُوجِعٌ
لِلصَّبْرِ، لَكِنْ مَا لِقَلْبِي حِزَامُهَا
تَفْنَى السُّنُونُ وَلَا أَزَالُ مُسَهَّدًا
يَخْبُو النَّهَارُ وَيَشْتَعِلْ إِظْلَامُهَا
يَا طَيْفَ سَارَةَ إِنْ مَرَرْتَ بِرَبْعِهَا
فَاسْأَلْ تُرَابَ الأَرْضِ كَيْفَ غَرَامُهَا
هَلْ لَا زَالَتْ فِي الحَيِّ تَذْكُرُ عَاشِقًا
ضَاعَتْ بِهِ الأَيَّامُ وَانْهَدَّ عَامُهَا
وَهَلْ تَرَاهَا إِنْ سَأَلْتُ تُجِيبُنِي
أَمْ أَنَّ صَوْتَ العَهْدِ ضَاعَ كَلَامُهَا
إِنِّي وَإِنْ نَأَتِ الدِّيَارُ مُحِبُّهَا
وَالذِّكْرُ فِي صَدْرِي يُنِيرُ ظَلَامُهَا
مَا نَفْعُ عَيْشٍ لَا تَزُفُّ رِيَاحُهُ
مُهْجَةَ وَصْلٍ يُحْتَفَى بِتَمَامُهَا
هَيْهَاتَ لَسْتُ أُطِيقُ عَيْشًا خَامِدًا
لَا يُنْطِقُ الأَيَّامَ إِلَّا رُكَامُهَا
سَلْقِينُ يَا وَطَنَ العُيُونِ وَمَهْبِطَ الـ
أَحْبَابِ، يَا مَنْبَعَ الهَوَى وَخِتَامُهَا
إِنِّي وَإِنْ سَافَرْتُ شَوْقًا، سَوْفَ لَا
أَنْسَى رُبًى غَنَّتْ بِهَا أَنْغَامُهَا
385
قصيدة