عدد الابيات : 31
لَقَدْ أَشْرَقَتْ سَارَاءُ نُورًا يُبَاهِرُهَا
كَأَنَّ السَّنَا مِنْ وَجْهِهَا وَقْدُ عُودِهَا
وَسَالَتْ عُيُونِي شَوْقَ وَجْدٍ مُبَكِّرٍ
كَمَا سَالَ بِالرَّوْضِ النَّدَى مِنْ خُدُودِهَا
وَإِنِّي لَأَلْقَى الْوَجْدَ يَغْلِي بِأَضْلُعِي
كَمَا غَلَتِ النَّارُ الْجِبَالَ بِوَقُودِهَا
فَيَا سَارَةُ الْعَيْنَيْنِ فِي قَلْبِيَ الْهَوَى
يُعِدُّ صِبَايَ كَيْ يَمُدَّ لِلْقُلُوبِ عُهُودَهَا
وَإِنِّي إِذَا مَا زُرْتُ سَارَةَ فِي الدَّيَاجِي
رَأَيْتُ الدُّنْيَا أَضَاءَتْ بِنُورِ وُجُودِهَا
وَكُنْتُ إِذَا أَبْصَرْتُهَا فِي عِزِّ صِبَاهَا
أَرَى الْوَرْدَ مِنْ أَنْفَاسِهَا وَرُعُودِهَا
وَكَمْ بُحْتُ لِلْقَلْبِ الْمُتَيَّمِ بِالْحُبِّ سِرَّهُ
فَضَاعَ بِأَذْنِ الرِّيحِ لَحْنُ أُنْشُودِهَا
وَكَمْ طَالَتِ اللَّيَالِي وَالْجَفْنُ سَاهِرٌ
وَفِي النَّفْسِ نَارٌ لَا تَخِفُّ مُرُودُهَا
أَتَتْنِي كَمَا يَأْتِي الْمُسَافِرُ نَسْمَةً
فَفَاحَ الْهَوَى مِنْ نَفْحَةٍ فِي بُرُودِهَا
فَإِنْ هِيَ نَادَتْنِي أَجَبْتُ مُسَارِعًا
وَإِنْ هِيَ أَعْرَضَتْ طَالَتْ عَلَيَّ عُقُودُهَا
فَيَا مَنْ لِقَلْبٍ قَدْ أُذِيبَ بِشَوْقِهَا
فَإِنَّ الْهَوَى مِنْ ذَوَاتِهِ فِي فُقُودِهَا
وَكَمْ قُلْتُ يَا نَفْسِي تَصَبَّرْ فَإِنَّهَا
إِذَا قَرُبَتْ أَحْيَتْ لِفُؤَادِكِ عُيُودَهَا
وَلَكِنَّمَا صَبْرِي عَلَى بُعَادِهَا مُعَذِّبٌ
كَمَا قَطَّعَتْ حَبْلَ الْوَفَاءِ وُعُودُهَا
فَأَصْبَحْتُ فِي الْحُبِّ أُقَلِّبُ مُهْجَتِي
وَكُلُّ الْوَرَى تَحْكِي عَلَيْنَا بِعُودِهَا
وَأَصْبَحْتُ لَا يَأْسٌ يُرِيحُ فُؤَادِي
وَلَا وَصْلٌ يُرْجَى فِي الْمَدَى مِنْ يَدُودِهَا
وَأَحْسَبُ أَنَّ الزَّمَانَ يُدَانِي مَسِيرَهَا
فَيَا لَيْتَهُ يَشْفِي الْفُؤَادَ صُدُودَهَا
فَلَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَقِيتُ فِي عِشْقِهَا
فَإِنَّ الْأَسَى كَأْسُ مُرٍّ عَلَى مَنْ يُرِيدُهَا
وَإِنِّي لَأَرْجُو فِي اللِّقَاءِ سَعَادَةً
وَإِنْ طَالَ فِي الْبُعْدِ لِلْمَنَى جُهُودُهَا
سَأَسْتَمْهِلُ الْأَيَّامَ حَتَّى تُؤُوبَنِي
إِلَى دَارِهَا يَشْفِي الْفُؤَادَ وُجُودُهَا
وَأَحْسَبُ بِأَنَّ الدَّهْرَ يَرْحَمُ وَجْدَنَا
وَيُحْيِي بِالْأَشْوَاقِ أَحْلَامَنَا وَمُدُودَهَا
وَأَطْوِي بِيَدِي الطَّرِيقَ وَالنَّجْمُ شَاهِدٌ
كَأَنَّ الْمَدَى يَسْعَى لِلْقَلْبِ بِصُعُودِهَا
وَأَقِفُ فِي أَطْلَالِ دَارٍ لَقَدْ كَانَ حُبُّهَا
يُجَدِّدُ فِي الرُّوحِ الْحَيَاةَ وَنُشُودَهَا
فَأَسْأَلُهَا: هَلْ يَسْتَحِقُّ قَلْبِيَ الْمُتَيَّمُ
جَزَاءً سِوَى وَصْلٍ وَحُسْنِ رُدُودِهَا
وَأَمْسَحُ دَمْعِي وَالْهَوَى بِيَ مُلْزِمٌ
كَأَنَّ الْجَوَارِي أَشْفَقَتْ مِنْ جُيُودِهَا
فَيَا دَارَ سَارَةَ قَدْ مَلَأْتِ جَوَانِحِي
فَمَا لِي أَرَى الدَّهْرَ الْعَدُوَّ يُبِيدُهَا
وَهَلْ تَذْكُرِينَ الْوَصْلَ يَوْمًا كَمَا أَرَى
وَيَشْفِي هَوَانَا كَيْفَ كَانَ مَجُودُهَا
أَمَا كَانَ يَكْفِينَا مِنَ الدَّهْرِ فِرْقَةٌ
وَإِنْ كَانَ بَاقٍ فِي الْقُلُوبِ صُمُودُهَا
فَإِنْ طَالَ صَدٌّ فِي الْفُؤَادِ فَإِنَّنِي
عَلَى الْأَمَلِ الْمَرْجُوِّ يَحْيَا رُفُودُهَا
سَأَحْفَظُ عَهْدًا كَانَ بِالرُّوحِ نَافِذًا
وَإِنْ شَاءَتِ الْأَقْدَارُ تَرْدِي قُعُودَهَا
وَسَارَةُ إِنْ غَابَتْ فَذِكْرَاهَا مَعِي
وَإِنْ جَاءَنِي طَيْفٌ أَرَاهُ سُعُودُهَا
فَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَمَلًا وَحُلْمًا مُبَشِّرًا
فَحَسْبِي بِذِكْرَاهَا وَحُلْمِ وُرُودِهَا
378
قصيدة