الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » قوافي السحر في سارة

عدد الابيات : 113

طباعة

بَدَأْتُ بِذِكْرِكِ وَالرُّؤَى مُنْجَمَاتٌ

تَلُوحُ بِوَجْدِي مِثْلَ نَجْمِ الدُّرَاءُ

وَشَقَّ الْحَنِينُ بَيَاضَ صَمْتِي

وَأَشْعَلَ فِي الْقَلْبِ جَمْرَ الْخَطَرَاءُ

تَهَيَّجَ شِعْرِي وَمِنْ لَوْعَةٍ

تَنَفَّسَ فِي نَبْضِ حُلْمِي الْأَثَرَاءُ

أَتَيْتُ أُغَنِّي بَوْحَ الرُّؤَى

وَأَسْكُبُ وَجْدِي بِنَايِ الْوَتَرَاءُ

يَا سَائِلِي عَنْ فُتُوحِي فِي مَمَالِكِهَا

هَذِي الْقَوَافِي، وَهَذَا السِّحْرُ إِنْشَاءُ

شِعْرِي نِزَالٌ، وَسَيْفُ الْحَرْفِ مِشْرَعَةٌ

وَالْفِكْرُ جَيْشٌ، وَذَا الْمَيْدَانُ أَرْجَاءُ

أَنَا الَّذِي إِنْ بَغَى وَزْنٌ عَلَى فَمِهِ

قَامَتْ لَهُ مِنْ قَوَافِي الْحُسْنِ جَنْدَاءُ

هَلْ زِينَةُ الظَّبْيِ أَمْ تِلْكَ السَّنَا السَّمْحَاءُ

فِي وَجْهِهَا الْبَدْرُ أَمْ فِي الثَّغْرِ بَيْضَاءُ؟

أَمْ نَغْمَةٌ مِنْ رِيَاحِ الْبَانِ فِي شَفَةٍ

سَالَتْ لَهَا النَّفْسُ لَحْنًا فِيهِ إِغْرَاءُ؟

كَأَنَّهَا الزَّهْرُ إِنْ هَبَّتْ نَسَائِمُهُ

تَسْقِي الْقُلُوبَ، وَتُحْيِي الْهَجْرَ سَرَّاءُ

يَا مَنْ لَهَا فِي فُؤَادِ الْعِشْقِ مَمْلَكَةٌ

كَأَنَّهَا الْمُلْكُ، وَالْإِشْرَاقُ إِمْرَاءُ

كُنْتِ الضِّيَاءَ لِظِلِّي، لَمْ أَكُنْ خَفِرًا

لَوْلَاكِ مَا فَاحَ فِي الْأَرْوَاحِ إِيمَاءُ

هَاتِ الْوُجُودَ، وَقُصِّي الْحُبَّ مِنْ دَمِي

إِنِّي سَقِيمٌ، وَهَذِي النَّبْضُ شَكْوَاءُ

مَا شِئْتِ مِنِّي فَإِنِّي فِي هَوَاكِ قَضَى

قَدْرِي، وَمَا فَاتَ فِي التَّأْرِيخِ إِغْفَاءُ

أَنْتِ الْجَنَاحُ الَّذِي إِنْ طَالَ مُنْكَمِشٌ

يُبْسِمُ لَهُ الزَّهْرُ، وَالْعَيْنَانِ نَجْلَاءُ

مَا خُطَّ سِرٌّ عَلَى الْمِسْكِ الْعَطِرْتُهُ

إِلَّا وَكَانَ بِهِ لِلشَّوْقِ صَهْبَّاءُ

يَا مَنْ حَمَلْتِ إِلَى الْأَرْوَاحِ نُورَكِ

فِي نَفْحٍ كَأَنَّ بِهِ الْأَرْوَاحَ أَنْسَاءُ

أَمْ أَنَّهَا الْآهُ تَشْتَدِّي رُوحَهَا جَذَلًا

فِيهَا يَخِرُّ الْمَدَى، وَيَخْضَعُ الشَّهْبَاءُ

وَتَسْكُنُ اللُّجُّ فِي عَيْنَيْكِ إِنْ هَمَسَتْ

كَأَنَّ فِيهَا لِخَوْفِ اللَّيْلِ إِسْرَاءُ

فَهْمُ الْجَمَالِ بِمِثْلِكِ كَيْفَ يُدْرِكُهُ

مَنْ لَا يُقَبِّلُ إِنْ رَآكِ الضَّيْءَ ضِيَاءُ؟

لِلَّهِ جَيْشُكِ، إِنْ صُوَرُ الْجَمَالِ مَضَتْ

فَأَنْتِ أَوَّلُهُنَّ سَفْحٌ وَاسْتِغَاثَاءُ

عَيْنَاكِ تُغْرِيَانِ الْحَرْفَ أَنْ يُبْصِرَهُ

فَيُورِقُ السِّرُّ، وَتَهْتَزُّ الْأَنَاءُ

صَوْتُكِ يَشْفِي جُرُوحَ الْكَوْنِ إِنْ سَكَنَتْ

وَالرُّوحُ تُبْعَثُ إِنْ بَسَمْتِ بُكَاءُ

وَفَاحَ مِنْكِ صَدَى الْإِحْسَاسِ يُبْهِجُهُ

أَنْفَاسُهَا نَغَمٌ، وَخَفْقَتُهُ دُعَاءُ

مَا كَانَ قَلْبِي لِيَشْتَاقَ الْفَنَاءَ بِكُمْ

لَوْلَا بِذِكْرِكُمُ الرَّوْحُ ابْتِهَاءُ

إِنِّي أُقَاتِلُ بِالْأَشْوَاقِ زَلْزَلَةً فِي

الْعِشْقِ حَيْثُ السُّرَى بَأْسٌ وَمَضَاءُ

مَا ضَاعَ سِرٌّ بِدَرْبِ الْبَوْحِ إِنْ ذَكَرُوا

وَجْهَ الْحَبِيبِ، فَقَدْ سَكَنَتْهُ سَمَاءُ

لَوْ أَنَّ طَيْفَكِ فِي الْأَرْوَاحِ يَسْكُنُنِي

لَمَا دَنَتْ مِنِّيَ الْآهَاتُ وَالشَّكْوَاءُ

أَمْشِي وَفِي خُلْدِي وَجْهٌ يُنَادِمُنِي

كَأَنَّهُ فِي دُجَى الْأَحْلَامِ شَعْلَاءُ

هَذِي الدُّرُوبُ إِذَا مَا صُبْتُ أَجْتَازُهَا

يَشْدُو لِيَ الصَّخْرُ فِيهَا وَالبَرْقَاءُ

حَتَّى الصَّبَابَةُ فِي قَلْبِي تُهَلِّلُهَا

إِنْ جَاءَ طَيْفُكِ، خَرَّتْ فِيهِ عَلياءُ

فَارْفَعْ جَبِينَكِ، هَذِي الْأَرْضُ مُبْتَهِجَةٌ

وَالسَّمْرَةُ الْبِكْرُ فِي وَجْنَاتِكِ جَوْزَاءُ

كُنْتِ الْمُنَادَى إِذَا مَا الْغَيْمُ أَرْعَدَنِي

فَانْهَلَّ مِنْ نَظَرِي نَسْكٌ وَأَنْدَاءُ

يَا مَنْ إِلَيْكِ حَنِينُ الْقَوْمِ قَدْ سَكَنُوا

وَانْشَقَّ مِنْهُمْ لِذِكْرَاكِ الْإِخَاءُ

يَا مَنْ تُمَشِّطُ فِي الْأَرْوَاحِ ذَاكِرَةً

وَتَسْقُطُ الدَّمْعَ مِنْهَا وَالْهَوَاءُ

تَسْقِينِي الْحُبَّ صَبًّا، لَا يُقَابِلُهُ

إِلَّا نُضَارُ النُّهَى وَالْعِطْرُ وَالدَّهَاءُ

كَأَنَّنِي قَبْلَكِ الْمَوْتُ احْتَضَنْتُهُ فَـ

لَمَّا أَتَيْتِ تَنَفَّسَتْنِي الْبَطْحَاءُ

هَذِي يَدَاكِ فَفِي الْإِيمَاءِ قُبْلَتُهَا

تَسْقِي الْكَلَامَ وَفِي أَصْلَاتِهِ مَاءُ

فَاقْرَأْ عَلَى نَفْسِي سِرًّا يُطَهِّرُهَا

فَإِنَّهَا بِسِوَى ذِكْرَاكِ أَنْدَّاءُ

نَفْسِي عَلَيْكِ بِأَسْرَارِ الْمَدَى عَطَشٌ

وَفِي تَمَنِّيهِ إِنْ ضَاعَتْ لَهُ الرَّجَاءُ

إِنِّي وَإِنْ بَاتَ حَظِّي فِيكِ مُرْتَهَنًا

فَالْحُبُّ مِيثَاقُهُ وَالصَّبْرُ إِبْقَاءُ

لَوْ كَانَ شِعْرِي إِلَيْكِ الْيَوْمَ يُهْدِفُنِي

لَصَارَ كُلُّ حُرُوفِي فِيهِ خُضَرَاءُ

قَدْ جِئْتُ أَشْهَدُ أَنَّ الْعِشْقَ فِي فَمِكِ

يَسْكُنُ، وَأَنَّ هَوَاكِ الْمِسْكُ وَالسَنَّاءُ

وَأَنْتِ فَوْقَ لُغَاتِ الْوَصْفِ إِنْ ذُكِرَتْ

فِي حُسْنِكِ الشِّعْرُ، وَالْإِعْجَازُ وَالنِّدَاءُ

مَنْ كَانَ يَسْأَلُنِي عَنْ سِرِّ مُلْهِمَتِي

قُلْتُ: الْجَمَالُ الَّذِي يَجْرِي وَيَغْفَاءُ

إِنِّي وَإِيَّاكِ فِي نَفْسِي مُجَاوَرَةٌ

مَا بَيْنَنَا الْبُعْدُ إِلَّا وَهْوَ إِبْرَّاءُ

وَإِنْ سَأَلْتِ الْهَوَى عَنِّي يُجِبْ طَرَبًا

قَدْ كَانَ فِيكِ وَمَا فِيكِ انْطِفَاءُ

مَا فَاضَ حُبٌّ عَلَى خَدِّي سِوَى لَهَبٍ

يَسْرِي وَفِي خَلَفِ النَّبْضَاتِ أَدْقَاءُ

يَا سَاكِنَةَ النَّفْسِ، مَا فِي الصَّمْتِ مِنْ كَلِمٍ

إِلَّا وَفِيكِ لِتَفْسِيرِ الْهَوَى الدَاءُ

كُلُّ الْجَمَالِ الَّذِي فِي الْأَرْضِ قَدْ نَزَلَتْ

فِيهِ الْمَعَانِي وَكُنْتِ الْأُفُقَ وَالسَّمْحَاءُ

إِنِّي وَمِنْ سِرِّكِ الْمَخْفِيِّ مُنْذُ نَمَا

وَعْيِي، أُرَتِّلُهُ وَالدَّمْعُ إِفْشَاءُ

مَا رَقَّ وَجْهُ الْمَدَى إِلَّا وَفِي طَرَفٍ

مِنْهُ لَكِ الذِّكْرُ، فَالْأَوْرَاقُ بُكْمَاءُ

وَالسُّنْبُلُ الذَّهَبِيُّ الْيَوْمَ يَنْثُرُهُ

ذِكْرَاكِ، حَتَّى غَدَتْ فِي الْأُفُقِ صَفْرَاءُ

أَمْطَرْتِ فِي الْعُمْقِ وَالْأَشْجَانُ نَافِرَةٌ

فَانْهَالَ مِنْ حُزْنِهَا الْوَجْدُ وَالْأَسْوَاءُ

كُنْتِ الْأَغَارِيدَ فِي وَجْدِي وَمِقْمَعَةً

إِنْ زَلَّ شِعْرِي فَفِيكِ الْيَوْمَ إِغْرَاءُ

وَإِنْ شَهِدْتُ جِرَاحَ الصَّبْرِ فِي مِحَنِي

قُلْتُ: الْهَوَى فِيكِ، وَالذِّكْرَى هِيَ الْبَأْسَاءُ

مَا زِلْتُ أَجْمَعُ مِنْ أَجْفَانِكِ اللُّغَةَ

فَإِنَّهَا بِسِوَى عَيْنَيْكِ صَحْرَاءُ

قَوْلِي عَلَيْكِ، وَقَوْلُ الْعِشْقِ فِي فَمِي

فِيكِ اتَّقَى نَارَهُ الشَّاعِرُ وَالخَّفَاءُ

حَتَّى جُمُوعُ الْوَرَى لَمَّا رَأَوْكِ بَكَتْ

فَالْعَيْنُ خَشْعَاءُ، وَالْأَرْوَاحُ بَيْضَاءُ

كَيْفَ السُّكُونُ إِذَا مَا الْهَجْرُ يُؤْذِنُنِي

وَفِيكِ أَسْرَارُ هَذَا الْعُمْرِ جَذْلَاءُ

أَمْسَيْتُ فِي شَفَقِ الذِّكْرَى وَمِنْ قَلَقٍ

يَجْرِي بِوَجْهِي نَدًى وَالشَّوْقُ وَرْقَاءُ

تَسْقُطُ عَلَيَّ ظِلَالُ الْحُبِّ فِي نَظَرٍ

حَتَّى يُظَنَّ بِأَنِّي فِيكِ عَذْرَاءُ

مَا خَطَّ بَحْرُ الْقَوَافِي بَيْنَ أَصْدَائِهِ

إِلَّا وَفِيكِ لَهُ سِرٌّ لِلسِحْرِ وَوَفْيَاءُ

وَالشِّعْرُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكِ اشْتِعَالُ هَوًى

فَأَنْتِ سِرُّ الْجُنُونِ الْحُلْوِ وَالْإِغْفَاءُ

يَا مَنْ لَهَا الطِّيبُ مِنْ رُوحِي وَمِنْ نَفَسِي

هَلْ تَسْكُنِينَ بِمَا فِينَا وَتَرْضَاءُ؟

أَمْ صَارَ صَمْتُكِ وَالْآهَاتُ نَغْمَتَهُ

تَجْرِي بِفِكْرِي وَفِي دَرْبِي أَنَاءُ؟

كُلُّ الْقَصَائِدِ لَمْ تَسْتَطِعْ مَعْنًى لِصُورَتِكِ

فَالْجَمْرُ فِيكِ، وَفِيكِ الْعِشْقُ يَحْيَاءُ

فَكَمْ رَوْعَةٍ تَسْرِي بِوَجْدٍ وَنَشْوَةٍ

إِذَا الْعَيْنُ مِنْ سِرِّ الْجَمَالِ رَأَتْ مَاءُ

وَكَمْ سَكَبَتْ نَفْسِي حَنِينًا مُبَجَّلًا

عَلَى خَدِّهَا لَمَّا تَفَتَّحَ إِيمَاءُ

يُطَالِعُنِي مِنْهَا الْهُدُوءُ كَأَنَّهُ

مَلَائِكُ تُتْلَى فِي الْخَيَالِ وَإِقْرَاءُ

تَنَفَّسَ فَجْرُ الْحُسْنِ فِي وَجْهِهَا سَنًا

وَأَوْرَقَ مِنْ نُطْقِ الْعُيُونِ سَنَاءُ

فَهَلْ بَعْدَ ذَاكَ الْحُبِّ يُنْسَى تَوَقُّدٌ؟

وَهَلْ يَفْنَى أَشْوَاقَ الْقَلِيبِ فَنَاءُ؟

وَيَخْفِقُ فِي عَيْنَيْكِ شِعْرٌ مُوَقَّعٌ

عَلَى نَبْضِ وَجْدٍ خَطَّهُ الْأَنْبِيَاءُ

وَيَذْكُرُنِي طَيْفُكِ بِكُلِّ تَأَلُّقٍ

فَأَهْتِفُ: هَذَا الْعِشْقُ، هَذَا شَعْيَّاءُ

وَيُبْصِرُنِي ظِلُّ الْأَمَانِي خُشُوعَهُ

كَمَا يُبْصِرُ الْعَاشِقُ وَجْهَ السَّمَاءِ

وَتَسْقُطُ مِنْ كَفِّ الْجَمَالِ قَبَائِلٌ

مِنَ الشِّعْرِ يَحْمِلْنَ النُّهَى وَالْوَفَاءُ

إِذَا انْهَارَ صَمْتِي قَامَ فِيكِ تَهَجُّدٌ

وَسُبْحَانُ مَنْ فِي خَلْقِكِ ابْتَدَعَ النَّاءُ

وَيَنْسَابُ مِنْ حَاءِ الْحَنِينِ تَصَوُّفٌ

يُجَلِّي دُجَاكِ الْفِكْرُ وَهْوَ الدُّعَاءُ

وَيَصْعَدُ مِسْكُ الذِّكْرِ مِنْ نَفَسِ الصَّفَا

فَتَسْكُنُ فِي أَضْلَاعِنَا الْأَنْبِيَاءُ

وَيَشْرُدُ قَلْبِي فِيكِ حَتَّى تَخَالَهُ

رُقًى قَدْ نَسَاهَا سِحْرُهَا وَالْبَهَاءُ

وَإِنِّي وَإِنْ أَخْفَيْتُ شَوْقِي تَظَاهَرَتْ

عُيُونِي، وَجَارَ الصَّبْرُ وَاسْتَعْذَبَ الْبَاءُ

فَهَذِي زُهُورُ الْوَجْدِ تَفْتَحُ لِلنَّدَى

وَيَسْقِيهِنَّ الْفَجْرُ وَهْوَ الْحَيَاءُ

وَيَخْرُجُ مِنْ أَعْمَاقِنَا ضَوْءُ نَخْوَةٍ

تُرَتِّلُ فِي صَمْتِ الْمَسَاءِ إِبَاءُ

وَيَرْتَجِفُ التَّارِيخُ فِي صَفْحَةِ الْمُنَى

إِذَا مَا دَنَا مِنْ خَافِقِي وَالْوَلَاءُ

تُرَابُكِ فَوْقَ الرَّوْحِ إِكْلِيلُ قُدْسِهَا

وَيُسْكِرُنِي فِي النَّفْسِ هَذَا الرَّجَاءُ

وَفِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْكِ يَسْكُنُ نَابِضٌ

تَعَمَّدَ فِي وَدِّ الْمُحِبِّ وَسْمَّاءُ

فَسَلْ سَلْقِينَ الْعِزَّ كَيْفَ تَصَوَّنَتْ

وَكَيْفَ عَلَى جَبْهَاتِهَا الْكِبْرِيَاءُ

وَيَحْنُو عَلَى الْأُفُقِ الْبَعِيدِ تَخَيُّلٌ

كَأَنَّ بِرَوْضِ الشَّوْقِ تَهْتَزُّ جَاءُ

وَيَسْكُنُنِي طَيْفُ الطُّفُولَةِ نَابِضٌ

يُسَافِرُ فِي عَيْنَيَّ وَهْوَ نِدَاءُ

وَيَهْطِلُ فِي جَفْنِي كَسَرْجٍ مُوَرَّدٍ

تُغَازِلُهُ الْأَحْلَامُ وَهْوَ المَّنْاءُ

وَيَأْتِي خَرِيفُ الدَّهْرِ فِي حُلُمِ الرُّؤَى

فَتُومِضُ فِي عَيْنِ الْحَنِينِ سَمَاءُ

فَسَلْ نَبْضَ قَلْبِي كَيْفَ ضَاعَتْ مَلَامِحٌ

تُنَادِمُهَا الذِّكْرَى وَهْيَ عَذَاءُ

أَمَا قُلْتُ إِنِّي لِلْجَمَالِ عَبِيرُهُ

وَإِنِّي إِذَا مَا قِيلَ شِعْرٌ جَزَاءُ

وَيَسْكُبُ فِي رُوحِي الْأَسَى وَهْجُ نَفْسِهِ

كَأَنَّ بِأَحْشَائِي يَبِيضُّ فَنَاءُ

وَيَبْكِي غُصُونَ الْعُمْرِ لَحْنٌ تَشَظَّتْ

وَأَوْرَاقُهَا سُودٌ عَلَيْهَا رِثَاءُ

وَفِي كُلِّ دَرْبٍ مَرَّ طَيْفُكِ لَحْظَةً

تَنَاثَرَ فِي ظِلِّي عَلَيْهِ الرَغْبَاءُ

وَكُنْتُ إِذَا مَا جَاءَنِي وَجْدُ نَايِكِ

أُجَاوِرُهُ صَبْرًا وَفِيهِ ابْتِلَاءُ

أَمَا وَاللَّيَالِي فِي جُفُونِكِ غَائِرٌ

فَكَيْفَ يُرَاعِي النُّورَ فِينَا الْفَنَاءُ؟

وَأَنْتِ نُجُومُ السَّكْرِ فِي كَفِّ لَيْلَةٍ

تُرَتِّلُهَا الْأَشْوَاقُ وَهْوَ غِنَاءُ

وَيَهْمِسُ صَوْتُ الْيَائِسِينَ بِقُرْحِهِمْ

فَيَرْتَعِشُ الْأُفُقُ الْبَعِيدُ دُعَاءُ

وَيَكْتُبُنِي نَسْمُ الْخَرِيفِ بِوَجْدِهِ

عَلَى وَرَقِ الْأَشْجَانِ وَهْوَ شِقَاءُ

وَتَسْقُطُ مِنْ عَيْنِ الْغِيَابِ قَصِيدَةٌ

تَنَاثَرَ فِي أَحْرُفِهَا الَجْدُ الْإِبَاءُ

وَفِي "سَلْقِينَ" كُلُّ زَاوِيَةٍ لَهَا

حَكَى الزَّمَنُ الْمَذْهُولُ فِيهَا الْفَضْلاءُ

وَتَحْمِلُنِي الذِّكْرَى إِلَيْكِ كَأَنَّنِي

رَمَادُ وُجُودٍ حَارَ فِيهِ السَّمَاءُ

وَأَجْنِحَةُ الْأَيَّامِ فِي فَلَكِ الْأَسَى

تُدَاوِلُنِي وَالصَّبْرُ فِيهِ انْطِفَاءُ

تَعَالَيْ نَخْتَصُّ السُّكُونَ بِلَحْظَةٍ

يَفُوحُ عَلَيْهَا أَلْفُ نَبْضٍ رَجَاءُ

وَيَصْعَدُ مِنْ فِينَا الْحَنِينُ مُبَجَّلًا

كَأَنَّ بِنَا وَجْهَ الزَّمَانِ إِزْهَاءُ

هُنَا كَانَ حُبِّي، وَهْنُكِ الْمُسْتَقَرُّ لِي

وَمِحْرَابُ أَشْوَاقِي عَلَيْكِ رِثَاءُ

وَخَاتِمَةُ الْوَجْدِ الَّذِي عَاشَ فِي دَمِي

بِسَلْقِينَ يُخْتَامُ الْهَوَى وَالْبُكَاءُ

خَتَمْتُ الْكَلَامَ بِمِسْكِ الْبُكَا

وَأَطْفَأْتُ فِي الرُّوحِ نَارَ السَّهَرَاءُ

وَسِرْتُ إِلَى صَفْحَاتِ الرُّؤَى

كَأَنِّي مَلَكْتُ مَفَاتِيحَ الْقَدَرَاءُ

تَجَلَّتْ قَوَافِيَّ لَمَّا اسْتَنْهَضَتْ

جِرَاحَ الزَّمَانِ وَفَيْضَ الْعِبَرَاءُ

فَإِنْ كَانَ هَذَا شِعْرِي الْبَهِيَّ

فَمِنْ أَيِّ حُزْنٍ وُلِدْتَ يَا شَقْرَاءُ؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

376

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة