عدد الابيات : 23
أَيْنَ الْوَفَاءُ إِذَا مَا ضَاعَ صَاحِبُهُ؟
وَأَيْنَ مَنْ كَانَ بِالْمَعْرُوفِ يَلْتَزِمُ؟
قَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَنْبِضُ بِالْإِخْلَاصِ
وَالطُّهْرِ، إِذَا مَا مَرَّ فِينَا الْعَالَمُ
يَا صَاحِبَ الْقَلْبِ، كَمْ بَاتَتْ تَذْكُرُكُمْ
رُوحٌ نَقِيَّةٌ لِلْإِحْسَانِ تَحْتَرِمُ
لَكِنْ نَكَثْتُمْ عُهُودَ الْمَوْتِ وَافْتَرَقَتْ
قُلُوبُكُمْ بَيْنَ ظُلْمٍ فِيهِمُ وَهَمُ
نَادَيْتُمُ النَّاسَ بِالْأَوْصَافِ زَاهِيَةً
وَنَسِيتُمُ الْفَضْلَ، قَدْ بَاتُوا يَسْتَلِمُوا
أَيْنَ الْوَفَاءُ لِذِي الْمَعْرُوفِ؟ مَا تَرَكُوا
فِي السُّبُلِ سِوَى وَعْدٍ بِهِ نَدَمُ
قَدْ سَارَ فِينَا الزَّمَانُ يَسْرِقُ الْحِسَّ
مِنَّا، وَيَنْسَى بِكُلِّ حِينٍ مَنْ عَلِمُوا
إِذَا بَذَلْتَ لَهُمْ يَوْمًا النَّفِيسَ
رَدُّوكَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ تَرْتَسِمُ
أَيْنَ الشُّكُورُ لِذِي الْإِحْسَانِ فِي زَمَنٍ
تَذْهَبُ الْأَفْضَالُ، إِذَا جَاءَتْ لَهَا النِّعَمُ
وَكَانَ فِي قَلْبِيَ الْحُبُّ الَّذِي لَبِثَتْ
آيَاتُهُ تُشْرِقُ، لَكِنْ كَمْ يُغَشِّي الظُّلَمُ
هَذَا جَزَاءُ الْمُحِبِّينَ الَّذِينَ بَذَلُوا
وَفَاءَهُمْ لِذَوِي الْمَعْرُوفِ، إِذْ كَتَمُوا
مَا كَانَتِ الدُّنْيَا تُعْطِيكَ صَادِقَةً
وَلَا الْجَمْعُ الَّتِي فِي الطَّيِّبِ تَلْتَئِمُ
وَكَمْ أَذَلَّتْ لَهُمْ يَوْمًا رَوْعُ الْجَزَلِ
لَكِنْ رَحَلْتَ فَأَيْنَ الْمَجْدُ إِنْ سَئِمُوا
إِذَا أَتَيْتَ بِقَلْبٍ صَافٍ تَصُونُهُ
وَزُرْتَ مَوْكِبَ أَهْلِ الْجُودِ، مَا رَسَمُوا
فِي الْغَدْرِ بَارِعُ الْخُطَى، كَيْفَ تَرْتَضِي
يَا صَاحِبَ الْقَلْبِ، أَنْ يَغْفُوَ مَنِ احْتَسَمُوا؟
لَا يَعْرِفُوا مَعَ الْإِحْسَانِ مَغْفِرَةً
وَلَا يَرَوْنَ بِمَا جَاءُوا مَا اقْتَسَمُوا
قَدْ مَاتَ ذِكْرُ النَّدَى فِي قَلْبِهِمْ، فَذُبِحَتْ
آيَاتُهُ، وَمَضَتْ أَحْلَامُ مَنْ نَعِمُوا
مَا زَالَ فِي النَّاسِ صَوْتٌ يَنْبِضُ بِالْأَمَلِ
وَلَكِنْ قَلَّ فِي الزَّمَانِ مَنْ عَلِمُوا
نَادَيْتُ يَوْمًا وَفِي قَلْبِي لَهُمْ أَمَلٌ
بَاتَتْ الْفَضِيلَةُ، إِنْ شَاءُوا لَهَا الْكَرَمُ
فَاقْرَأْ لَهُمْ ذِكْرًا، وَانْظُرْ كَيْفَ يَبْتَسِمُوا
إِذَا تَوَارَتْ قُلُوبُ النَّاسِ فِي الظُّلَمِ
قَدْ أَقْبَلَ الْعَصْرُ، وَالْحُبُّ الَّذِي بَقِيَتْ
آثَارُهُ لَمْ تَزَلْ فِي الْأَرْضِ تَلْتَئِمُ
فِي الْوَفَاءِ تَعِيشُ الْأَرْوَاحُ زَاهِيَةً
وَالْمَعْرُوفُ مَا زَالَ نَبْعًا لِمَنْ رَحِمُوا
إِذَا أَتَيْتَ بِجُودٍ بَاقٍ عَلَى زَمَنٍ
فَاقْرَأْ لَهُمْ ذِكْرَ مَنْ قَدْ خَفَتَ الْعَدَمُ
385
قصيدة