عدد الابيات : 120
طباعةقِفُوا نَسْأَلِ الدَّهْرَ الْعَتِيَّ الْأُلَى
بَنَوْا مَجْدَ فَوْقَ السَّحَابِ الْمُؤَهَّلِ
كِرَامٌ لَهُمْ فِي كُلِّ فَجٍّ بَصْمَةٌ
تُضِيءُ ظَلَامَ الْجَهْلِ نُورًا مُشْعَلِ
ذَرَارِي قُرَيْشٍ، سَادَةٌ فَوْقَ ذِرْوَةٍ
سَمَتْ بِهِمُ الْأَنْسَابُ أَكْرَمَ مَنْزِلِ
إِذَا ذَكَرُوا الْمَجْدَ التَّلِيدَ تَحَفَّزَتْ
رُؤُوسُ الْمَعَالِي مِنْ عَلَا تُطَاوِلِ
فَبَدْرٌ لَهُمْ شَاهِدٌ يَوْمَ وَقْعَتِهِ
وَأُحُدٌ رَوَى عَنْهُمْ صَهِيلَ الْمُعَوَّلِ
لَهُمْ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ عَزْمٌ مُؤَيَّدٌ
كَأَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ سَيْلٌ مُهَدِّلِ
إِذَا عُدَّ أَحْفَادُ الْأَكَارِمِ فَالْوَرَى
لَهُمْ يَنْبُتُ تَارِيخُ زَهْرَ السَّنَابِلِ
نَمَاهُمْ لِلْمَجْدِ الصَّرِيحِ تَسَلْسُلٌ
كَرِيمٌ مَاءُ الْغَيْثِ بِالْعُشْبِ يَنْهَلِ
وَمَا كَانَ يَوْمًا مُلْكُهُمْ عَنْ كِبْرِيَاءٍ
وَلَكِنَّهُ عَدْلٌ كَرِيمٌ وَمَفْصَلِ
أَقَامُوا لِدِينِ اللَّهِ أَرْكَانَ نَهْضَةٍ
تُشَادُ عَلَى أَكْتَافِ صَخْرٍ مُكَمَّلِ
فَفِي "الشَّامِ" الْمَجْدُ أَوَّلَ وَاحَةٍ
وَفِيهَا بَنَوْا لِلْحَقِّ عَرْشًا وَمَعْقَلِ
وَمِنْ "دِمَشْقَ" دَارَ مُلْكٍ شَعَّ ضِيَاؤُهُ
عَلَى الشَّرْقِ وَصَارَ فَجْرًا مُشْعَلِ
وَامْتَطَى الْإِسْلَامُ صَهْوَةَ عِزِّهِمُ
تَجَلَّى سَنَا الْحَقِّ الرَّفِيعِ مُظَلِّلِ
بَنِي أُمَيَّةَ، أَنْتُمُ سَيْفٌ فِي الْوَغَى
وَأَنْتُمْ دُرُوعُ الْعَدْلِ عِنْدَ التَّجَدُّلِ
فَإِنْ تَسْأَلُوا التَّارِيخَ يَزِدْكُمُ
ثَنَاءً كَمَاءِ الْمُزْنِ بِجَدْبٍ مُهْطِلِ
وَإِنْ تُذْكَرُوا فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمَوْقِفٍ
تَعُودُ لَكُمْ كَفُّ الزَّمَانِ بِمِغْزَلِ
لِذَاكَ نَشِيدُ الْحَقِّ فِيكُمْ مُخَلَّدٌ
وَأَحْرُفُكُمْ فِي اللَّوْحِ أَبَدًا تُسَطَّلِ
فَأَنْتُمْ نُجُومُ الْأَرْضِ تُهْدِي الْوَرَى
وَأَنْتُمْ لَهِيبُ الْحَرْبِ فِي كُلِّ مَسْجَلِ
أَمَا الْحَقُّ فَاحْكُمْ فِي يَدِ الْعَدْلِ
بِنَهْجِ الرَّبِّ تَجْرِي صَوْلَةُ الرِّجَالِ
بَنُو أُمَيَّةَ أَقْمَارُ السَّمَاءِ إِذَا
أَظَلَّ لَيْلٌ طَوِيلٌ كَالْحِ الظِّلَالِ
قَادُوا الشُّعُوبَ بِأَحْكَامٍ مُحْكَمَةٍ
تُحْيِي النُّفُوسَ وَتُفْنِي كُلَّ مُخْتَالِ
جَادَتْ يَدَاهُمْ الدُّنْيَا بِعَاطِفَةٍ
مِنَ الْمَكَارِمِ تُجْرِي دَمْعَ الْآمَالِ
إِنْ قِيلَ عَنْهُمْ عَظِيمُ الْفَضْلِ قُلْتُ
تَاجُ الْقِيَادَةِ يُهْدَى لِلْمُفَاضِلِ
مَضَوْا لِلْعَدْلِ دَرْبًا لَيْسَ يَقْطَعُهُ
سِوَى بِالْكَرِيمِ الْمُعَلَّى كَلَائِلِ
تَظَلُّ فِي حُكْمِهِمْ أَرْكَانُ أُمَّتِنَا
كَجِبَالٍ عَلَى الْأَشْرَافِ لَا تُزَالِ
هَذِي الْقِيَادَةُ فِي عِزٍّ وَمَكْرَمَةٍ
قَامَ الْحَقُّ بَيْنَ الْعُرْبِ وَالنُّزَالِ
فَاشْهَدْ إِذَا قِيلَ عَنْ أَفْعَالِهِمُ
أَنَّ الْحَيَاةَ بِالْعَدْلِ لَا الْقِتَالِ
يَا سَاكِنَ التُّرْبِ هَلْ تَسْمُو الْأَمَلُ
أَمْ قَدْ دَفَنْتَ مَعَ الْأَحْلَامِ مَا خَلَلِي؟
لِلَّهِ دَرُّكَ كَمْ أَشْجَى الْفِرَاقُ بِنَا
وَكَمْ تَرَكْتَ جِرَاحَ الْقَلْبِ فِي وَجَلِ
يَا مَنْ زَرَعْتَ لَنَا حُبًّا وَمَكْرُمَةً
وَنُورَ عِلْمٍ بَدَا فِي مَوْطِنِ الْعَمَلِ
ذِكْرَاكَ نَبْضٌ سَرَى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ
تُضِيءُ دَرْبَ الْمَدَى بِالْخَيْرِ وَالْأَمَلِ
عَلَى عَرْشِ عِزٍّ قَدْ سَمَتْ أُمَوِيَّةٌ
فَأَضْحَتْ نُجُومَ الْمَجْدِ فِي الْأَجْيَالِ
وَفَتْ بِالْعُهُودِ الْغُرِّ، وَامْتَدَّ ظِلُّهَا
إِلَى كُلِّ أَرْضٍ تَحْتَ نَجْمِ شَمَالِ
وَقَدَّتْ سِهَامَ النُّورِ صَوْبَ ظَلَامِهَا
فَأَشْرَقَتِ الدُّنْيَا بِأَطْهَرِ حَالِ
وَخَطَّتْ خُطَاهَا فِي الْفُتُوحَاتِ عِزَّةً
تُضِيءُ مَعَانِي الدِّينِ فِي الْأَفْعَالِ
لِلْأَنْدَلُسِ الشَّمَّاءِ سَارَتِ الرُّبَى
تُنَاجِي بُطُولَاتِ سُيُوفِ الْعَوَالِي
وَجَاءَ "طَرِيفٌ" فَاتِحًا يَسْبِقُ الرُّؤَى
كَأَنَّ خُطَاهُ فِي الْمَدَى كَالْخَيَالِ
وَ"طَارِقٌ" لَيْثُ الْحَرْبِ زَلْزَلَ سَاحَهَا
بِجَيْشٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فِي الْإِقْبَالِ
وَفِي "وَادِي لَكَّةٍ" انْتِصَارَاتُهُمْ بَنَتْ
قِلَاعَ الْمَعَالِي فِي مَدَى الْأَجْيَالِ
وَفِي السِّنْدِ ضَجَّتْ شُعُوبٌ بِنُورِهِمُ
وَسَالَتْ سُهُولُ الْهِنْدِ بِالْأَقْوَالِ
إِلَى "قُتَيْبَةَ" يَمْتَدُّ الْمَجْدُ سَاطِعًا
بِجَيْشٍ تَهَادَى كَالشِّهَابِ الْغَوَالِي
فَأَسْلَمَتِ الدُّنْيَا أَمَامَ سُيُوفِهِمُ
وَآمَنَتِ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُبَالِ
وَآسِيَا الْوُسْطَى لَهُمْ كَانَ صَوْلَةٌ
كَأَنَّ السَّمَاءَ اصْطَفَّتِ الْأَبْطَالِ
فَتَحْنَا بِلَادَ اللَّهِ شَرْقًا وَمَغْرِبًا
وَأَصْبَحَ لِلْإِسْلَامِ خَيْرُ مِثَالِ
وَكُلُّ طَرِيقٍ فِي الْفُتُوحِ رِوَايَةٌ
تُخَلِّدُهَا الْأَزْمَانُ بَعْدَ زَوَالِ
مَنْ غَيْرُهُمْ شَادَ الْحَضَارَاتِ رِفْعَةً؟
وَمَنْ غَيْرُهُمْ زَاحَ دُجَى الضَّلَالِ؟
أَضَاءُوا بِفَتْحِ اللَّهِ كُلَّ مَدِينَةٍ
فَبَاتَتْ تُنَادِيهِمْ بِكُلِّ جَمَالِ
وَمَا كَانَ فَتْحُ الْأَرْضِ إِلَّا رِسَالَةً
لِتَوْحِيدِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي التَّرْحَالِ
سَنَمْضِي إِلَى فَصْلٍ جَدِيدٍ بِحِكْمَةٍ
لِنَسْبُرَ أَغْوَارَ الْعُلَى وَالْخِصَالِ
إِذَا الْمَجْدُ فِي كَفِّ الْأُمَوِيِّ تَلَأْلَأَتْ
مَفَاتِيحُ عِلْمٍ فِي عُلَاهُ تَلَالِي
سَقَوْا غَرْسَ فِكْرٍ بِالْمَعَارِفِ وَالْهُدَى
فَأَيْنَعَ فِي الْأَكْوَانِ خَيْرَ مِثَالِ
رَعَوْا الْعِلْمَ حَتَّى صَارَ سَيْفًا مَاضِيًا
يُبَدِّدُ دَاجِي الْجَهْلِ فِي الْأَجْيَالِ
وَأَسَّسَ "عَبْدُ الْمَلِكِ" دَارَ حِكْمَةٍ
تُؤَرِّخُ لِلْعُلَمَاءِ فِي الْأَعْمَالِ
وَجَاءَ "الْوَلِيدُ" ابْنُ الْهُدَى مُتَحَفِّزًا
فَمَدَّ ذُرَى الْعُمْرَانِ لِلْأَجْيَالِ
بَنَى الْمُسْتَشْفَيَاتِ الَّتِي قَدَّمَتْ لَنَا
عُلُومَ الطِّبَاعِ النَّافِعَاتِ الْعَوَالِ
وَفِي ظِلِّهِمْ، قَدْ سَطَّرَتْ كُلُّ أُمَّةٍ
عُلُومًا تَنَاهَتْ فِي عُلُوِّ مَجَالِ
تَرْجَمَتِ الْأَفْكَارَ عَنْ كُلِّ حِكْمَةٍ
لِتَجْمَعَ كَنْزَ الْفِكْرِ فِي الْأَوْصَالِ
وَجَاءَتْ كُتُبُ الْهِنْدِ مِنْ أَرْضِ حِكْمَةٍ
فَكَانَتْ دَلِيلًا لِلْعُقُولِ الْعَوَالِي
وَأَبْدَعَ "الْحَجَّاجُ" فِي نَشْرِ عِلْمِهِ
وَبَثَّ بِحَزْمٍ حِكْمَةَ الْأَقْوَالِ
عَلَى كُلِّ أَرْضٍ، زُرِعُوا فِي حَنَايَاهَا
بُذُورًا تَفِيضُ الْعِلْمَ فِي الْآمَالِ
وَقَدْ أَنْصَفُوا الْعُلَمَاءَ حَقَّ مَكَانِهِمُ
فَصَارُوا نُجُومًا فِي دُجَى الْأَحْوَالِ
وَمِنْهُمُ "ابْنُ شِهَابٍ" عَالِمٌ بِحَدِيثِهِ
وَأَمْسَى إِمَامًا لِلْهُدَى فِي الْمَقَالِ
وَ"الْحَسَنُ" بَحْرُ الْفِقْهِ نَالَ مَكَانَةً
تُجِلُّ بِهَا الْأَيَّامُ سِرَّ الْجَمَالِ
وَأَرْسَوْا كَيَانَ الْعِلْمِ فَوْقَ حَضَارَةٍ
تُحَاكِي رُبَا الْأَزْمَانِ فِي الْإِقْبَالِ
وَكَانُوا مِثَالَ الْعَدْلِ فِي كُلِّ فِكْرَةٍ
يُقِيمُونَ بِالْمِيزَانِ صَرْحَ الْمَعَالِي
تَأَلَّقَتِ الْأَمْجَادُ فِيهِمْ كَأَنَّهَا
نُجُومٌ تَسَامَتْ فِي سُدًى مُتَعَالِي
وَسَنَخْتِمُ بِالْفَخْرِ فِي فَصْلٍ جَدِيدٍ
لِرُؤْيَةِ عَرْشِ الْمَجْدِ فِي اسْتِكْمَالِ
إِنْ شِئْتَ نَظْمَ السِّيَاسَةِ فَانْظُرُوا
إِلَى عَهْدِهِمْ فِي الْعَدْلِ وَالْإِفْضَالِ
رَعَوْا حِمَى الْأَمْصَارِ بِالْحَقِّ هُدًى
وَسَاسُوا بِمِيزَانٍ إِنْصَافٍ عَالِي
أَقَامُوا لِدِينِ اللَّهِ صَرْحًا مُمَرَّدًا
يُطِلُّ عَلَى الْأَمْجَادِ بِالْأَفْعَالِ
وَوَحَّدُوا الْأَقْطَارَ تَحْتَ لِوَائِهِمُ
فَصَارَتْ كَيَانًا ثَابِتًا كَالْجِبَالِ
بَنَى "مُعَاوِيَةُ" أُسُسَ الْحُكْمِ رَاسِخًا
فَكَانَ بِهَا قُدْوَةً لِكُلِّ مِثَالِ
وَحَصَّنَهَا "عَبْدُ الْمَلِكِ" بِذَكَائِهِ
فَقَامَتْ كَحِصْنٍ صَامِدٍ لَا يُوَالِي
وَسَكَّ الدَّرَاهِمَ مِنْ نَقَاءِ عَدَالَةٍ
فَصَارَتْ شِعَارًا لِلْعُلَا وَالرِّجَالِ
وَخَطَّ الدَّوَاوِينَ الَّتِي بَاتَ حِفْظُهَا
كِتَابًا لِقَوْمٍ فِي صُرُوفِ النِّضَالِ
وَأَحْيَا بَرِيدَ الْأَرْضِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
لِيَجْمَعَ أَطْرَافَ الْبِلَادِ الْخَوَالِي
وَحِينَ دَعَاهُمْ "الْحَجَّاجُ" لِعَزْمِهِ
نَهَضْنَ كَجُنْدٍ لَا يَهَابُ الْقِتَالِ
رَعَوْا الْأَمْنَ فِي الْأَكْنَافِ غَدَتْ
بِلَادُ الْعُلَا جَنَّاتِ عِزٍّ حَلَالِ
وَأَجْرَوْا أَهْلَ الْبِلَادِ حُقُوقَهُمْ
بِلَا ظُلْمِ قُوَّادٍ وَلَا بَاغِي ضَلَالِ
وَإِذَا قَامَتْ قَضَايَا شُعُوبِهِمْ
يُقِيمُونَهَا بِالْحَقِّ دُونَ جِدَالِ
قُضَاتُهُمُ الْأَبْرَارُ شُهِدَتْ عَدَالَةٌ
كَشَمْسٍ تُنِيرُ الدَّرْبَ دُونَ مَلَالِ
وَحِينَ دَنَا اللَّيْلُ الْمَهِيبُ، رَأَيْتَهُمْ
سِرَاجًا يُضِيءُ الْعَدْلَ فِي الْأَجْيَالِ
وَكَانَتْ لَهُمْ رَايَاتُ حُكْمٍ مُسَدَّدٍ
تُظِلُّ الْأَنَامَ بِعِزِّهِمُ وَالْوِصَالِ
وَالسِّيَاسَةُ قَدْ أَتَتْ فِي سَنَاهُمُ
تُرَاثًا نَقِيًّا لِلْهُدَى وَالْكَمَالِ
فَنَمْضِي إِلَى فَصْلٍ أَخِيرٍ مُتَمِّمٍ
لِمَا كَانَ مِنْ مَاضٍ عَظِيمِ الْمَآلِ
يَنْتَهِي الْقَوْلُ إِلَى ذِكْرِ إِرْثِهِمُ
كَأُفُقٍ تَجَلَّى بِالضِّيَا وَالْجَمَالِ
تَرَكْنَ الْعُلَا إِرْثًا يَفِيضُ مَهَابَةً
يُحَاكِي سَمَاءً عَانَقَتْ بِالظِّلَالِ
وَدَوَاوِينُ مَا زَالَ يَصْدَحُ صَوْتُهَا
يُذَكِّرُنَا بِالْمَجْدِ رَغْمَ الزَّوَالِ
وَمَسْجِدُهُمُ الْأُمَوِيُّ شَامِخُ عِزَّةٍ
يُحَدِّثُ عَنْ فَخْرِ الْعُلَا فِي الْمَآلِ
وَآثَارُهُمْ فِي الْأَنْدَلُسِ مَنَارَةٌ
تُضِيءُ دُرُوبَ الْعِلْمِ وَالْإِجْلَالِ
هَلْ نَسِينَا كَيْفَ شَادُوا حَضَارَةً
بَنَتْ مَجْدَ أُمَّةٍ بِلَا كَلَالِ؟
كَأَنَّ الدُّنَا خَضَعَتْ لِسِرِّ عُقُولِهِمُ
فَعَادَ الزَّمَانُ طَوْعَ أَمْرِ الرِّجَالِ
حَكِيمٌ بَنَى صَرْحًا، وَشَهْمٌ دِمَاؤُهُ
تَرْوِي حَكَايَا النَّصْرِ فِي كُلِّ حَالِ
وَفِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْ بَنِيهِمْ بَصِيرَةٌ
تُزِيحُ ظَلَامَ الْجَهْلِ مِثْلَ الْهِلَالِ
وَجَاءَهُمْ خَصْمٌ، تَسَامَوْا بِفَضْلِهِمُ
كَأَنَّ السَّمَاحَ زِينَةُ الْأَبْطَالِ
تَرَى الْأَجْيَالَ الْيَوْمَ تَحْكِي سَنَاهُمُ
وَتُبْقِي خُيُوطَ الْعِزِّ فِي اسْتِرْسَالِ
فَكَمْ مِنْ خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِيهِمْ مُجَدَّدٌ
أَعَادَ شُمُوخَ الدِّينِ فَوْقَ الْجِبَالِ
أَلَا فَاذْكُرُوا "عَبْدَ الْعَزِيزِ" بِعِزِّهِ
وَأَفْعَالَ مَنْ دَانُوا بِعَهْدٍ مِثَالِي
وَفِي "عُمَرَ الثَّانِي" مِثَالٌ نَقِيٌّ
لِعَدْلٍ يُضِيءُ الْأَرْضَ دُونَ مَحَالِ
تُسَائِلُنَا الْأَيَّامُ عَنْ ذِكْرِ فَضْلِهِمُ
فَنَرْوِي الْحَكَايَا دُونَ أَيِّ جِدَالِ
وَهَا نَحْنُ نَطْوِي ذِكْرَ عَهْدٍ مُخَلَّدٍ
تَظَلُّ رُؤَاهُ نَبْضَ كُلِّ الرِّجَالِ
فَبِاسْمِ بَنِي أُمَيَّةَ قَدْ تَشَكَّلَتْ
مَلَاحِمُ عِزٍّ خَالِدَةٍ كَالْجِبَالِ
إِلَى خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ عَادَ حَدِيثُنَا
وَعَنْ نَسَبٍ طَابَتْ بِهِ كُلُّ آلِ
أَلَمْ تَرَوا أَنَّ "الْأُمَوِيَّةَ" سُرْوَةٌ
تُؤَاخِي "قُرَيْشًا" وَصِحَافَ النَّوَالِ
وَأَجْدَادُهُمْ "عَبْدُ مَنَافٍ" سِيَادَةٌ
وَ"أُمَيَّةُ" فَخْرٌ فِي عُلَى كُلِّ حَالِ
وَ"حَرْبٌ" وَ"صَفْوَانٌ" أُسُودُ بَأْسِهِمُ
أَضَاءُوا ظَلَامَ الْجَهْلِ رَغْمَ الضَّلَالِ
وَعَمُّ النَّبِيِّ "أَبُو سُفْيَانَ" قَائِدٌ
حَمَى الدِّينَ بَعْدَ الْكُفْرِ بِالْقِتَالِ
فَفِي "حُنَيْنٍ" كَانَ لِلْإِسْلَامِ نُصْرَتُهُ
وَأَعْلَنَ إِيمَانًا بِحُسْنِ الْمَآلِ
وَجَاءَ يَزِيدُ وَالِدُ "مُعَاوِيَةَ" الَّذِي
بَنَى دَوْلَةَ الْإِسْلَامِ دُونَ زَوَالِ
"مُعَاوِيَةُ" الْحَكِيمُ صَاغَ نِظَامَهُ
وَأَرْسَى بُنْيَانًا عَلَى خَيْرِ حَالِ
وَمِنْ بَعْدِهِ "يَزِيدُ" قَادَ مَسِيرَةً
رَغْمَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَحْوَالِ
وَفِي "عَبْدِ مَلِكٍ" ارْتَقَتْ دُوَلُ الْعُلَا
إِلَى مَجْدِهَا، فَوْقَ السَّحَابِ الْعَالِي
وَأَبْنَاءُ "مَرْوَانٍ" كَأَنَّهُمْ بُدُورٌ
يُضِيئُونَ دَرْبَ الْعَدْلِ بَعْدَ اللَّيَالِي
وَ"هِشَامٌ" وَ"وَلِيدٌ" ذَكَاءُ سِيَاسَةٍ
كَأَنَّهُمَا لِلشَّمْسِ رَمْزُ كَمَالِ
وَ"أُمُّ حَبِيبَةَ" زَوْجَةُ الْمُصْطَفَى
رُقِيَّةُ فَضْلٍ بَيْنَ آلِ الرِّجَالِ
وَكَانُوا لِنُورِ الدِّينِ أَوْسَعَ نَاصِرٍ
وَكُلُّ قَرِيبٍ كَانَ أَهْلَ وِصَالِ
وَهَا هُوَ "عُتْبَةٌ" كَانَ أَصْدَقَ مُؤْمِنٍ
وَقَدْ عَانَقَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْجِدَالِ
النَّسَبُ الشَّرِيفُ لَهُمْ مَقَامٌ رَاسِخٌ
وَفِي الْحِلْمِ كَانَتْ دُرَّةُ الْأَقْوَالِ
فَبِاسْمِ النَّبِيِّ طَابَتِ الذِّكْرَى لَهُمْ
وَخَلَّدَتِ الْأَيَّامُ كُلَّ مِثَالِ
هُمُ الشَّجَرُ الْعَالِي بِأَصْلٍ مُبَارَكٍ
كَأَنَّ السَّمَا مِنْهُمْ تَرَى كُلَّ عَالِ
380
قصيدة